المقالات

ملايين المحتفلين بالفصائل وعشرات المتضامنين مع الأسرى

ملايين المحتفلين بالفصائل وعشرات المتضامنين مع الأسرى

*نضال حمد

شاهدت مؤخرا على شاشات الفضائيات الحشد الذي قدر بأكثر من مليون فلسطيني تجمعوا في ساحة السرايا بقطاع غزة لإحياء ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية وحركة فتح. كذلك قرأت كما غيري من الفلسطينيين والعرب في وسائل الإعلام المكتوبة وفي مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة الالكترونية عن الاحتفال الضخم ، الذي يحصل لأول مرة منذ منعت حركة حماس التي استولت على قطاع غزة بالقوة سنة 2007 ، أنصار فتح من الاحتفال بذكرى انطلاقتهم ، عملا بمقولة السن بالسن والعين بالعين. وهذه هي المرة الأولى التي نرى فيها جماهير فتح وغير فتح من أبناء القطاع المطالبين بالوحدة الوطنية ، أو من المستاءين نتيجة لاستمرار حالة الانقسام وكذلك من السياسات الانقسامية والقمعية للطرفين المختلفين، رأيناهم يحتفلون بذكرى فتح. وبحسب أصدقاء لنا شاركوا في تلك الاحتفالية الضخمة فإن المحتفلين من أبناء القطاع جاءوا كي يؤكدوا على الوحدة وعودة فتح الى الثورة لا على الانقسام واستمرار عملية السلام الفاشلة والمكلفة فلسطينيا. لكن مع احترامنا للأصدقاء فإن فتح السلطة وعملية السلام استغلت ذلك وسوف تستغله إعلاميا للبقاء في مسيرة سلام الشجعان الذي فاقم من المعاناة الفلسطينية ، وعزز من الاستيطان وزاد أعداد الأسرى وعزز كذلك قوة الاحتلال ، كما وقسم الشعب الفلسطيني والحركة الوطنية الفلسطينية.

قبل احتفالات فتح كانت هناك أيضا احتفالات لحركة حماس وللجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورأينا فيها أيضا مئات آلاف من الفلسطينيين يشاركون ويلوحون بأعلام فصائلهم وتنظيماتهم وكذلك بأعلام فلسطين. كما تطرق المتحدثون كلهم الى موضوع الساعة وهو الأسرى الفلسطينيين المعتقلون في سجون الاحتلال الصهيوني ، والى الأسرى المضربين عن الطعام منذ شهور وأسابيع عديدة. ومع الأسف الشديد فإن الآلاف التي خرجت لإحياء ذكرى تأسيس وانطلاقة الفصائل الفلسطينية لم نشاهد لها مثيلا ولو مرة واحدة في فعاليات التضامن مع الأسرى. ولا حتى في أي فعالية تضامنية مع مخيمات سورية التي يحتلها الإرهابيون ويقامرون بمصيرها ومصير سكانها.

فهل انطلاقة الفصائل كانت لأجل الاحتفالات أم لأجل الفلسطينيين والفلسطينيات ولأجل الأرض والتحرير والعودة والمخيمات؟

وهل هذه الجموع المليونية التي جاءت لإحياء ذكرى انطلاقة فتح وقبلها حماس والشعبية كانت ومازالت عاجزة عن تنظيم مليونية الأسرى أو مليونية مخيم اليرموك؟

لا يمكن الموافقة مع من يقولون ان الشعب الفلسطيني صار شعبا ميتا ولا يمكن أن تحييه أي قوة ، بل نقول ان الشعب الفلسطيني شعب حي لا يموت ، شعب قوي ومعطاء ومضحي لكن تنقصه القيادة الأمينة والشريفة والمعطاءة والمقدامة والمضحية. فبمثل رئيس السلطة الفلسطينية والمنظمة وفتح محمود عباس الذي رفض استقبال والدة الأسير المقدسي سامر العيساوي، المضرب عن الطعام منذ 5 شهور ، والتي سافرت من القدس الى رام الله للاجتماع به على أمل سماع اي شيء يخفف عنها ماساتها. لن يكون هناك ائتمان ولا أمان بالنسبة للقضية الوطنية. رئيس السلطة محمود عباس رفض اللقاء بأم البطل الأسير سامر العيساوي ، الذي بإضرابه عن الطعام منذ 5 شهور متعاقبة احرج الاحتلال عالميا ومحليا اكثر مما احرجه سلام الشجعان الذي عمره الآن اقل من عشرين سنة. والأبشع في قضية أم الأسير هو مطالبة أتباع رئيس السلطة لها في مقر المقاطعة بان تقول لابنها الأسير أن يفك إضرابه عن الطعام ، يعني نفس مطلب الكيان الصهيوني.

إذا كان رئيس كل شيء في دولة فلسطين “الورقية” الدولة المحتلة ، يرفض لقاء أم أسير اصبح ومازال رمزا لمعاناة الأسرى ومعركة الأمعاء الخاوية ، فما نفع هذا الرئيس لفلسطين ، وما الذي يجمعه بشعبها وبأهالي مناضليها والمضحين من اجل تحريرها. وأكثر من ذلك نقول للمليون و” شوية ” بحسب مصادر فتح في غزة ، الذين خرجوا للاحتفال بذكرى انطلاقة الثورة وفتح. ما هي فائدتكم إذا كنتم فعلا بايعتم عباس؟ وما هي فائدة المليون الفلسطيني الذين احتفلوا مؤخرا بانطلاقة فتح إذ نسوا الأسرى واليرموك. وما هي الفائدة منكم مادام عباس الذي اعتبر الاحتفال في غزة مبايعة له ولرئاسته، و مادام هذا الرئيس – رئيسكم أو رئيس بعضكم- لا يستقبل أم الأسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ 5 شهور … شيء مخجل ان يكون لشعب فلسطين مثل هذا الرئيس.. والمخجل أكثر أن نجد من يسير وراءه ويدافع عن سياساته. ويبرر له مواقفه وأفعاله. تماما كما هو مخجل قيام الذين هربوا وتركوا مخيم اليرموك ومخيمات سورية تعاني و تستباح ، هؤلاء الذين تآمروا على مخيم اليرموك مع محتليه من العصابات المسلحة.. هؤلاء الذين يدعون الآن الحرص على المخيم وسكانه كما ويقومون بالبكاء لأجله.

قضية الأسرى الفلسطينيين أهم من فتح و عباس ومن مشعل و حماس ومن كل الفصائل الفلسطينية وقياداتها مجتمعة من الكبيرة الى الصغيرة. لأنها ثابتة مقدسة من ثوابتنا الوطنية الفلسطينية ومن البعض الذي قام و يقوم مؤخرا التجارة او العبث بها.. ومن منا ينسى الأسرى يكون كمن نسي فلسطين الممتدة من رفح حتى الناقورة. ومن لا يعمل على إطلاق سراح الأسرى ولا على تحرك شعبي حقيقي وقانوني دولي لأجلهم، ولا يفكر بمليونية فلسطينية تحيي وتشعل قضيتهم لا يحق له ان يتكلم باسم فلسطين سواء في رام الله او غزة او في الشتات.

* مدير موقع الصفصاف

مقالات ذات صلة