اخبار الوطن العربي

عريقات لـ”فورين بوليسي”: لا نرى سوى حل الدولتين لكن “إسرائيل” تأخذنا إلى واقع دولة واحدة

عريقات لـ”فورين بوليسي”: لا نرى سوى حل الدولتين لكن “إسرائيل” تأخذنا إلى واقع دولة واحدة

واشنطن: نشر الموقع الاليكتروني لمجلة “فورين بوليسي” الأميركية مقابلة أجراها المفاوض الأميركي السابق في عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية ارون ديفيد ميلر مع كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات الذي يقول ميلر انه قابله للمرة الأولى في ثمانينات القرن الماضي. ويقول ميلر إن عريقات أغاظ وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر في مؤتمر مدريد للسلام في 1991 عندما وضع الكوفية الفلسطينية على كتفيه. وبعد أن يشير ميلر إلى مؤهلات عريقات العلمية وإجادته اللغة الانكليزية وقدرته على التحليل يسأله أولا: “ما هي أفضل وأسوأ لحظاتك في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وماذا كانت أعظم فرصة ضائعة؟”. وهنا رد عريقات:

– مع أنني لم أكن كبير المفاوضين آنذاك، فقد كانت الصلة بين (رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك اسحق) رابين والرئيس (ياسر) عرفات تشعر جميع من هم حولهما، بما في ذلك أنا، أن السلام ممكن. كان هناك تقدم كبير على جميع المسارات إلى حين اغتيال رابين على يد إرهابي إسرائيلي – وبعد أن قتل، لم يملك أي زعيم إسرائيلي البصيرة لفهم أن نافذة الفرصة أمام حل قائم على أساس دولتين ستغلق عما قريب بينما يواصلون سياساتهم الاستعمارية (الاستيطانية).

الفرصة الضائعة هي بالتأكيد إلقاء إسرائيل جانباً مبادرة السلام العربية التي تعرض علاقات عادية لإسرائيل مع 57 دولة مقابل انسحاب إسرائيلي إلى حدود 1967. لقد رموا بها جانباً بقصفهم غزة، وبتشديدهم حالات العقاب الجماعي، وبزيادة البناء الاستيطاني في كل أنحاء الضفة الغربية، خصوصاً في القدس الشرقية وحولها.

* العام 2013 هو الذكرى الـ20 لمفاوضات أوسلو. ما هو اكبر نجاح لـ(عملية) أوسلو، واكبر فشل لها؟

– إن حقيقة أننا مازلنا، بعد مرور عقدين من الزمن على أوسلو، شعباً تحت الاحتلال تبين أن الحكومات الإسرائيلية قد حرفتها عن سكتها. والاتفاقيات الموقتة لم يكن من المفروض أن تستمر لـ20 سنة وإنما لخمس فقط. وبعد ذلك كنا سنتمتع بالحرية والسيادة.

ولكن إسرائيل زادت من توسيع مستوطناتها. والواقع أن عدد المستوطنين تضاعف خلال 20 سنة، ثلاث مرات. وقوضت جهود الحكومة الفلسطينية لبناء مؤسسات تقويضاً تاماً بسبب انعدام الحرية. الحال لا يمكن أن يستمر. لقد نجحت (اتفاقيات) أوسلو في إعادة 250 ألف فلسطيني من الشتات وفي تعزيز قدرتنا على بناء دولتنا. غير أن المجتمع الدولي اخفق بمنحه إسرائيل ثقافة غير مسبوقة للنجاة من العقاب سمحت لهم (الإسرائيليين) باستخدام المفاوضات وكوسيلة للاستمرار في (النشاطات) الاستعمارية بدلاً من وقفها.

* ما أهم شيء لا يفهمه الإسرائيليون بشأن الفلسطينيين؟

– إننا لسنا ذاهبين إلى أي مكان. نحن لن نختفي لمجرد أن حكومتهم تبني جدار ضم حولنا.

يجب أن يغمضوا أعينهم ويتصوروا كيف ستكون دولتهم في غضون عشر سنوات. ماذا يرون؟ إذا واصلوا سياساتهم، فسيتبنون رسمياً شكل نظام تفرقة عنصرية (ابارتايد)، وهو ما اعتقد انه ليس ما يريده كثير من الإسرائيليين.

* ما أهم شيء تعلمه الفلسطينيون عن الإسرائيليين؟

– الإسرائيليون لن يركبوا السفن التي جلبتهم إلى هنا ليغادروا إلى مكان آخر. يجب أن نفهم أن علينا أن نعيش جبناً إلى جنب. ولكن قواعد العلاقة لا يمكن أن تكون التفرقة العنصرية، وإنما الحرية.

* ما الذي تتوقعه من الحكومة المقبلة بشأن عملية السلام؟

– لا اعتقد أن ثمة مجالاً للتفاؤل، ولكن موقفنا لم يتغير. إننا لا نرى أي حل آخر سوى حل الدولتين. إن أي حكومة إسرائيلية تدرك هذه الحقيقة وتحترم ما وافقت عليه الحكومات السابقة يجب أن تصبح شريكاً في السلام.

* هل الوحدة بين “حماس” و”فتح” ممكنة، وماذا سيكون تأثيرها على مستقبل المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية؟

-نتوقع أن نحقق تقدماً في المستقبل القريب، بعد سماح “حماس” للجنة الانتخابات بتسجيل الناخبين الجدد في غزة. اعتقد أن هناك اتفاقا سياسيا – والواقع أن ثمة اتفاقاً موقعاً. نتوقع أن تجرى انتخابات في اقرب وقت ممكن، وهذه هي الطريقة الصحيحة لحل خلافاتنا: فليقرر شعبنا، من منهم في فلسطين وكذلك أبناء شعبنا في الشتات.

لقد اعترفت “حماس” بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تفويضها التفاوض على اتفاق على الوضع النهائي مع إسرائيل. وبمجرد أن يتحقق ذلك، نتوقع أن نجري استفتاءً وطنياً.

* كيف تصف دور مصر في عملية السلام الآن؟ وما الذي تتوقعونه من إدارة الرئيس باراك أوباما في ما يتعلق بعملية السلام؟

– لقد لعبت مصر دوراً مركزياً، وهي تواصل عمل ذلك. نحن نثق بان مصر تحت قيادة الرئيس محمد مرسي ستستمر في القيام بدور قوي لان لفلسطين ومصر مصلحة مشتركة في تحقيق السلام.

الرئيس أوباما قال انه ملتزم شخصياً بإحلال السلام في الشرق الأوسط. ونحن، والمصريون، وبقية العالم العربي نقول له إننا جاهزون للسلام. لدينا مبادرة السلام العربية. وهذا يتماشى مع المصلحة القومية للولايات المتحدة. إن عدم قول واشنطن صراحةً أن إسرائيل تتحمل اللوم لاختيارها الاستيطان بدلاً من السلام ساهم في ثقافة اللاعقاب الإسرائيلية.

* هل يمكن أن تكون أميركا وسيطاً فعالاً في المفاوضات؟

– إذا قررت الولايات المتحدة أن تكون وسيطاً نزيهاً فان بوسعها ليس فقط أن تكون فعالة، وإنما تستطيع جلب سلام حقيقي إلى المنطقة، سلام عادل ودائم. إن على الولايات المتحدة التزاماً أخلاقيا نحو الشعب الفلسطيني الموجود تحت الاحتلال ويعيش في المنفى منذ عقود من الزمن.

*هل ما زال حل على أساس دولتين ممكناً؟

نعم، ولكن فقط إذا كانت هناك إرادة سياسية. حتى الآن إرادة إسرائيل مرتبطة بالاستعمار، والمجتمع الدولي اخفق في وضع نهاية لعقود من المعايير المزدوجة بمعاملته إسرائيل كدولة فوق القانون. نحن لا نرى أي حل آخر سوى حل الدولتين، مع أن إسرائيل تأخذنا إلى واقع دولة واحدة”.

القدس، القدس، 7/2/2013

مقالات ذات صلة