اخبار الوطن العربي

دراسة إسرائيلية: استقرار الأردن يتعلق بالتغييرات التي يتحتم على الملك إجراءها

دراسة إسرائيلية: استقرار الأردن يتعلق بالتغييرات التي يتحتم على الملك إجراءها

الناصرة ـ زهير أندراوس: يواصل أقطاب دولة الاحتلال من المستويين الأمني والسياسي، إضافة إلى مراكز ومعاهد الأبحاث في الدولة العبرية متابعة المستجدات على الساحة الأردنية، وهناك إجماع شبه كامل بأن الأحداث الجارية في سورية تُلقي بظلالها السلبية على النظام الحاكم في المملكة الهاشمية، وتُشجع القوى الإسلامية تحديدا على رفع سقف مطالبها الإصلاحية إلى درجة عالية لا يتمكن العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، من تلبيتها، حتى لو اتخذ قرارا بذلك، لأن هذه القوى في حال حصولها على قوة أكثر،

تقول دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، ستُطالب بالمزيد من الإصلاحات، ومن غير المستبعد أن تُطالب بتحويل المملكة إلى مملكة دستورية، أيْ الانتقاص من صلاحيات العاهل الأردني.

وقالت الدراسة أيضًا إن الملك الأردني وبهدف تقريب القلوب في المملكة بين القوى المتخاصمة استعمل وبشكل ممتاز شبكات التواصل الاجتماعي على مختلف أنواعها، هذه الشبكات التي تمنح الجيل الصاعد والشباب الفرصة النادرة للتعبير عن آرائهم والوصول لصناع القرار، وخصوصا الشباب اللبراليين منهم، الذين يرغبون في إحلال التغيير، ولكن بالمقابل يشددون على رؤيتهم القاضية بالحفاظ على المملكة واستقرارها.

وزادت الدراسة قائلةً إنه بالنظر إلى نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت في المملكة، فإن الملك الأردني يعرف جيدا أن مجال المرونة لديه في وضع إصلاحات بعيدة المدى في المملكة بات محدودا جدا، ذلك أن القاعدة الأساسية التي يرتكز عليه حكمه موجودة لدى قادة وزعماء ووجهاء العشائر والقبائل، بالإضافة إلى أصحاب المصالح العشائرية والمناطقية.

وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن جيل الشباب في الأردن سيُواصل تأييده للملك فقط في حالة واحدة وهي تتلخص في مواصلته بتنفيذ الإصلاحات الهادفة لإضعاف القوى التقليدية والإسلامية، كما يعمل على إيجاد حوار سياسي حر، ويفتح المجال أمام الجيل الشاب للانخراط في القيادة، وبالتالي، تابعت الدراسة، إذا انتهج الملك هذه السياسة، فإنه خلال عدة سنوات ستنمو طبقة شباب قيادية جديدة في المملكة، تكون عصرية ومدنية، هذه الطبقة النخبوية، شددت الدراسة، من شأنها أنْ تكون القاعدة القوية والواسعة لتكون بديلاً لتغيير القيادات التقليدية التي يرتكز عليها الملك في هذه الفترة.

وبرأي معد الدراسة، فإن الجيل الشاب في الأردن يقوم بتطبيق ما يُطلق عليه اسم الربيع العربي، ولكن بشكل مخفف وبدون سفك دماء، ولكن هذه الطبقة غير معنية بالثورة على النظام الملكي، إذ أنهم يطمحون إلى إحداث تغييرات تدريجية ولكنهم يرفضون تحطيم الهرم الاجتماعي ـ الاقتصادي ـ السياسي، لأن من شأن ذلك أنْ يُوصل الشعب الأردني إلى سفك الدماء وإلى حالة من الفوضى العارمة، وشددت الدراسة على أن التخوف الجماعي من انحلال المملكة الهاشمية يُجمع كل القوى التي تُطالب الملك بإدخال الإصلاحات وإحداث التغييرات حوله وليس ضده، على حد تعبير الدراسة.

وتتوقع الدراسة أن يقوى الحكم الملكي في الأردن إذا عرف الملك كيفية استغلال التغيير في التوجهات بواسطة عمليات عصرية وديمقراطية، وإيجاد المناخ الملائم لنشوء قيادة شبابية، ومع ذلك، كما تبين من نتائج الانتخابات الأخيرة، فإن القوى التقليدية التي يعتمد عليها الحكم الملكي اليوم لن تتنازل بسهولة عن تأثريها على الأجندة السياسية في الأردن، وبالتالي، أضافت الدراسة قائلةً إن النجاح الذي حققه قادة العشائر والمحافظون والمؤيدون للنظام في الانتخابات الأخيرة أكدت لجيل الشباب أن شيئًا لم يتغير، وأنء القوى التي تُعارض إجراء أي تغيير في المملكة هي نفس القوى التي حققت الانتصار في الانتخابات الأخيرة، وبالتالي، فإن مواكبة ردود فعل الشباب في شبكات التواصل الاجتماعي بينت على أنهم تأكدوا مرة أخرى أن الملك يجب المبادرة مستغلاً صلاحياته لإحداث التغييرات.

وأوضحت الدراسة أيضا أن السؤال الذي سيبقى مطروحا وبدون إجابة يكمن في التالي: هل التغييرات الحاصلة لدى جيل الشباب في الأردن وخريطة الطريق التي وضعها الملك، قادرتان على الحفاظ على استقرار المملكة أمْ لا؟ وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد وضع خارطة طريق لإصلاحات سياسية شاملة، تلتزم بمبدأ التدرج، بينما أعلن أنه سيبدأ التشاور مع مجلس النواب والكتل النيابية من أجل اختيار رئيس الوزراء الذي سيكلف بتشكيل الحكومة المقبلة.

علاوة على ما ذُكر أنفًا، ذكرت الدراسة الإسرائيلية أنه على الرغم من افتقاره إلى النفوذ الاقتصادي، إلا أن الأردن مهم للغرب، فالمملكة كانت دائمًا مؤيدة للغرب، وهي واحدة من اثنتين فقط من الدول العربية وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل، وتقع في قلب منطقة متقلبة، وفي الماضي سمحت بهدوء للجيوش الأمريكية والبريطانية باستخدام أراضيها ومرافقها كنقطة انطلاق. وما يقرب من نصف سكان الأردن هم من أصول فلسطينية، والنظام الملكي عمل بجد لضمان الهدوء بينهم وبين القبائل المختلفة التي تعيش في البلاد. كما أنه جغرافيا أجبر الأردن، الواقع بين إسرائيل وسورية والسعودية والعراق، النظام على اتخاذ خيارات صعبة، وأحيانا مستحيلة، فالوضع الحالي في الأردن، لا يحتمل وجود نحو 200 ألف لاجئ سوري على الأراضي الأردنية، وموقف الملك عبد الله كان حذرا تجاه الأحداث في سورية، فبلاده تساعد بهدوء المعارضة السورية، لكنها بموازاة ذلك، أبقت على سفيرها في دمشق، على حد قول الدراسة.

القدس العربي، لندن، 13/2/2013

مقالات ذات صلة