المقالات

مشعل كمثال

مشعل كمثال

شيلو روزنبرغ

سأل رئيس الوزراء، بالانجليزية الفاخرة، أسئلة عسيرة عن موقف منظمة الامم المتحدة من تصريحات العداء والاشمئزاز لخالد مشعل في غزة. غير أن مهمة رئيس الوزراء سهلة. فخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، الكاره اللدود لاسرائيل، الرجل الذي عاد من عالم كله خير الى هذا العالم في أعقاب خلل خطير للموساد في الاردن، محرض لم يكن له مثيل، دخل الى غزة وخرج منها حيا وفي جعبته نصر اعلامي هائل.

لقد احتفلت حماس بـ 25 سنة على تأسيسها، وكما تستحق مثل هذه المناسبة المثيرة للانفعال، رافق مشعل مسؤولون كبار آخرون من حماس، بمن فيهم رئيس وزراء حماس في غزة، هنية. وكان هذا حدثا اعلاميا مخططا له جيدا، مغطى اغلاميا بنية موجهة كجزء من دعاية حماس في صالح الكفاح المسلح ضد اسرائيل وضد كل حوار مع اليهود. وهكذا قال كبير القتلة عند دخوله غزة عبر معبر رفح: ‘حلمت بهذه اللحظة التاريخية كل حياتي، أن ازور غزة’، قال مشعل. ‘وأطلب الى الله أن اقضي شهيدا على هذه الارض’. وبدلا من أن تحقق اسرائيل طلبه من الله، شاهدت الاحداث على شرفه وكأنه كان مبعوث السلام المطلق. واذا لم تكن الترهات أعلاه مقنعة، فأقرأوا أقوال مشعل ‘المعتدلة’ عن حملة ‘عمود السحاب’: ‘قصف تل أبيب هو انجاز نفخر به. والان نحتاج الى مزيد من السلاح. وأنا أدعو العالم: اذا كان لديكم سبيل آخر لاستعادة فلسطين والقدس واللاجئين، فاعرضوه علينا. حاولنا على مدى 64 سنة وفقط طريق المقاومة هو الذي أثبت نفسه’.

يخيل أنه لا حاجة الى التفسير. مرة اخرى، يطرح السؤال لماذا نال ‘خلقة مشعل، تماما هكذا، ان يزور غزة؟ أين كانت اسرائيل؟ كل من له عينان في رأسه رأى استعراض الوحدة هذا، فرحة مئات الالاف. وحتى ابو مازن رحب بالزيارة التاريخية. وبعد كل هذا جاء رئيس الوزراء، نتنياهو، ليشكو أمام كل العالم. فأين كنت حين سمعت هذا الرجل الملتوي يوشك على الزيارة هنا. لماذا لم تفعل كل ما في وسعك كي تمنع هذه الزيارة الهاذية؟ اين كل الامنيين، الخبراء في السياسة الخارجية، فناني الاعلام ومحافل الامن الذين كان يفترض أن يصروا على الا يزور مشعل غزة، واذا كان سيزورها، فان حلمه سيتحقق. غير مفهوم على الاطلاق.

أبو مازن لا يعتبر من الاولياء. اضافة الى ذلك، يخيل أن كل شخص معقول يفهم بانه يوجد مع ذلك فارق بين من يتحدث عن دولتين للشعبين وبين من يتحدث عن تصفية اسرائيل. مثير للاهتمام أن نعرف ماذا كان التفكير خلف غض النظر هذا عن الانجاز الاعلامي الهائل لحماس مقابل الهزيمة الاخرى لابو مازن. اذا كان رئيس الوزراء يعتقد بان ابو مازن ليس افضل من مشعل، فليكن هذا على رؤوس الاشهاد. والا فليست مفهومة على الاطلاق خطوة دخول مشعل الى القطاع بهذه السهولة الكبرى.

في ضوء السلوك المخجل لحكومة اسرائيل في قضية مشعل والتي الحقت اضرارا اعلامية وسياسية باسرائيل بمقدار لا يمكن قياسه بعد، واجب طرح سؤال آخر عليها: في المنظور التاريخي، أفلا تغطي ‘قضية مرمرة’ على زيارة مشعل في غزة؟ على أفضل ما أرى فانه نعم. وحتى لو كان نشطاء ‘السلام’ على مرمرة دخلوا غزة، لكانت الاضرار الاعلامية والسياسية طفيفة مقارنة بالاضرار التي ألحقتها زيارة مشعل الى غزة. يجدر بزعماء اسرائيل، في الحاضر وفي المستقبل (وأغلب الظن ذات الاشخاص) ان يتعلموا درسا والا يعملوا انطلاقا من البطن. يجدر بالعقل أيضا أن يجتهد قليلا.

معاريف 16/12/2012

القدس العربي، لندن، 17/12/2012

مقالات ذات صلة