اخبار الوطن العربي

كسر الجمود أم بيع الحقوق ؟ اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل

“كسر الجمود” أم بيع الحقوق؟

اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل تدين بشدة مبادرة التطبيع الاقتصادي الجديدة وكل من يساهم فيها .

فلسطين المحتلة، 29 أيار 2013 – في خضم تصاعد حملات مقاطعة إسرائيل وعزلها عالمياً على المستوى الشعبي، تسجل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة اختراقاً تطبيعياً هاماً من خلال مبادرة “كسر الجمود” الصادرة عن رأسماليين فلسطينيين وإسرائيليين كبار، وبمباركة رسمية فلسطينية وإسرائيلية وأمريكية، والتي تدعو للاستثمار في الأراضي الفلسطينية المحتلة لتشجيع “الطرفين” للوصول إلى اتفاق سياسي تدعي أنه يكرّس “حل الدولتين، دولة فلسطين ودولة إسرائيل، اللتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وكرامة وأمن واحترام متبادل”. وبالطبع، لا مرجعية لحق شعبنا في تقرير المصير ولا لحق العودة ولا للقانون الدولي أو مبادئ حقوق الإنسان أو التخلص من نظام الأبارتهايد—فقط وعود من الإدارة الأمريكية، الراعي الرسمي للجرائم الإسرائيلية ضد شعبنا وأمتنا.

تدين اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، وهي أوسع تحالف شعبي في المجتمع الفلسطيني، هذه المبادرة التطبيعية الجديدة وتدين كل من يشارك فيها ويدعمها. كما تدعو شعبنا للتصدي لهذه المحاولة الجديدة للتفريط بحقوقنا غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها العودة وتقرير المصير، مقابل مليارات موعودة من الدولارات، سيكون المستفيد الأكبر منها دولة الاحتلال، التي تسيطر على اقتصادنا وتجارتنا وفي المقام الثاني تستفيد منها حفنة صغيرة من الرأسماليين الفلسطينيين الذين يضعون أرباحهم فوق كل اعتبار وطني وأخلاقي ويقبلون بالتبعية للاقتصاد الإسرائيلي.

في الوقت الذي يستجيب العالِم الفذ ستيفن هوكنغ لندائنا ويقاطع مؤتمراً إسرائيلياً برعاية مجرم الحرب شمعون بيريس، كان السيد منيب المصري، رئيس مجلس إدارة شركة “باديكو”، من أبرز الأسماء المشاركة فيه حسب الموقع الإلكتروني للمؤتمر، وفي الوقت الذي تمتد فيه حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل لتشمل قطاعات واسعة من الطلبة والمثقفين والنقابات العمالية والفنانين والكتاب وحركات اجتماعية مؤثرة، تعي إسرائيل ومجموعات اللوبي الصهيوني أن حربهم ضد حركة المقاطعة BDS بدأت تذوي وأن لا حل لعزلة إسرائيل الدولية المتفاقمة سوى من خلال استغلال وتوظيف أوراق التوت الفلسطينية والعربية عامة، للتغطية على جرائمها بحق شعوبنا العربية وإعطاء انطباع زائف للعالم وكأن هناك مسيرة “سلام” وإشكاليات بسيطة مع الفلسطينيين لا تستوجب المقاطعة.

ورغم أن التطبيع الاقتصادي، الذي توّج مؤخراً بهذا التحالف الاقتصادي الإسرائيلي-الفلسطيني، وهو كـ”تحالف” السيد وعبده، هو من أخطر أشكال التطبيع، إلا إنه ليس الوحيد. ففي الأشهر الماضية، وفي تزامن لا يمكن تجاهله مع نمو حركة المقاطعة لإسرائيل دولياً، عادت مشاريع التطبيع الأكاديمي والرياضي والشبابي والبيئي والمهني والنسوي وفي مجال تكنولوجيا المعلومات وغيرها لتطل برأسها من جديد، مع تجدّد سيل التمويل المشبوه والتخريبي. وإن كان التطبيع قد استمر تحت الرادار لفترة طويلة، فها هو يعود إلى العلن في تحدً صارخ للغالبية السحقة من شعبنا التي ترفض التطبيع وتصر على حقوقنا غير القابلة للتصرف.

فعلى سبيل المثال، بعد اتخاذ مجلس جامعة القدس قراراً في بداية 2009 إثر العدوان الإسرائيلي الإجرامي على قطاع غزة بوقف التطبيع مع الجامعات الإسرائيلية، استمرت إدارة الجامعة ورموز التطبيع فيها في مشاريع تطبيعية، كان آخرها مشروع علمي تطبيعي مع معهد “تخنيون” ، وهو أكثر الجامعات الإسرائيلية تورطاً في تطوير أسلحة يستخدمها الجيش الإسرائيلي في ارتكاب جرائم ضد شعبنا وبالتالي أكثرها عرضة للمقاطعة العالمية. ويأتي هذا المشروع التطبيعي في ذات الوقت الذي تبنى فيه اتحاد المعلمين في إيرلندة (يضم أساتذة الجامعات ومعلمي الثانويات) المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، كما فعلت جمعية الدراسات الآسيوية الأمريكية، التي أصبحت أول جمعية أكاديمية في الغرب تتبنى المقاطعة. كما يأتي في الوقت الذي تبنى فيه اتحاد الطلبة الناطقين بالفرنسية في بلجيكا (يمثل 100,000 من الطلبة) مقاطعة كل الجامعات الإسرائيلية ، وفي الوقت الذي تبنت فيه مجالس طلبة في جامعات كندية وأمريكية عديدة سحب الاستثمارات من الشركات المتورطة في الاحتلال الإسرائيلي.

واستمر مسلسل التطبيع الرياضي مع مشروع نادي برشلونة لمباراة كرة قدم “ودية” بين فريق فلسطيني وآخر إسرائيلي من أجل مد جسور “السلام” و”الحوار”، ومع مباريات في كرة السلة بين فرق فلسطينية وإسرائيلية. كما تستمر المؤسسة التطبيعية “One Voice”، تحت مسميات مختلفة، بتوريط شباب فلسطينيين، ومؤخراً في قطاع غزة المحاصر، في مشاريعها التطبيعية، كما تواظب مؤسسة “بذور السلام” على جذب شباب فلسطينيين للمشاركة في مخيماتها التطبيعية. من الجدير بالذكر أن جميع الأطر الطلابية الوطنية والإسلامية الفلسطينية وجميع مجالس الطلبة المنتخبة في الجامعات الفلسطينية كانت قد أصدرت نداءً موحداً أدانت فيه التطبيع الأكاديمي والشبابي وتبنت تعريف التطبيع المقر في المؤتمر الوطني الأول لمقاطعة إسرائيل، الذي عقد في مدينة البيرة في 2007.

ووزير الصحة في السلطة الفلسطينية والسفير الفلسطيني في أستراليا يرعيان مشروعاً تطبيعياً صحياً مع مؤسسة هداسا (ومشفاها)، المنظمة الصهيونية النسائية التي تدعم الصندوق القومي اليهودي وغيره من أخطر المؤسسات الصهيونية التي تشارك في التطهير العرقي التدريجي لشعبنا وفي إدامة نظام الأبارتهايد والاحتلال الإسرائيلي.

وفي خطوة متقدمة في التطبيع في مجال المعلوماتية قامت إحدى عشر شركة فلسطينية مؤخراً بالتحالف مع شركات إسرائيلية في مؤتمر عقد في تل أبيب تحت عنوان “Business Without Borders”، وكأن الاحتلال وحواجزه وجدرانه غير موجودين.

إن اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل تدعو شعبنا في كل أماكن تواجده وقواه الحية وجميع مؤسساته الوطنية إلى استنهاض الهمم والتصدي — بحزم وبشكل حضاري وسلمي يليق بوعي شعبنا لحل التناقضات الداخلية — لكل أشكال التطبيع والضغط على رموز التطبيع لوقفه فوراً. لنُسقِط مبادرة “كسر الجمود”، الوجه الجديد من مشروعَ نتنياهو للسلام الاقتصادي، ولنعزز حركة المقاطعة العالمية التي باتت إسرائيل تنظر إليها كـ”خطر استراتيجي” على كل نظامها الاستعماري والعنصري، من أجل استعادة حقوقنا، كلّ حقوقنا.

تتشكل اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BNC) من تحالف عريض لمعظم القوى والنقابات والمؤسسات في المجتمع المدني الفلسطيني وهي: القوى الوطنية والإسلامية في فلسطين، الاتحاد العام لعمال فلسطين، الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، الهيئة الوطنية للمؤسسات الأهلية الفلسطينية، اتحاد النقابات المستقلة، الائتلاف الفلسطيني العالمي لحق العودة، الإئتلاف النقابي لمقاطعة إسرائيل، مبادرة الدفاع عن فلسطين وهضبة الجولان السورية المحتلتين، الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، الإتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، الإتحاد العام للكتاب الفلسطينيين، اللجنة التنسيقية للمقاومة الشعبية، اتحاد نقابات أساتذة وموظفي الجامعات الفلسطينية، اتحاد المزارعين الفلسطينيين، الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، اللجنة الوطنية للمقاومة الشعبية، الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، الائتلاف من أجل القدس، نقابة الوظيفة العمومية، الإتحاد العام للفلاحين والتعاونيين الزراعيين، اتحاد الجمعيات الخيرية الفلسطينية، الراصد الاقتصادي الفلسطيني، اتحاد مراكز الشباب في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، النقابات المهنية في فلسطين.

مقالات ذات صلة