اخبار الوطن العربي

مصادر في تل أبيب: مصر قد تعلن السفير الإسرائيلي شخصية غير مرغوب فيها وحركة تمرد خطيرة جدا

لناصرة ـ ‘القدس العربي’ من زهير أندراوس: باتت الاشتباكات الحالية ببن الجيش المصري، ومتظاهرين من أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، تؤجج الضغط داخل الولايات المتحدة الأمريكية لوقف المساعدات العسكرية المقدمة لمصر.

وفي هذا السياق، قالت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إن الاقتصاد المصري في حالة يرثى لها، وهو أمر حيوي لاستقرار البلاد، والاستقرار في مصر هو مصلحة إسرائيل المركزية.

ولفتت إلى أنه يتحتم على مصر إعادة توجيه التكتيك الاقتصادي الوطني من ثقافة المساعدات إلى ثقافة التكامل الاقتصادي الإقليمي والعالمي، مؤكدةً على أن قروض صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمعونة العسكرية الأمريكية هي العوامل الحاسمة في أرض الكنانة، وبالتالي الدولة العبرية ملزمةً، بسبب مصلحتها في ضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي في مصر، مواصلة العمل على أمام حلفائها في أوروبا وأمريكا من أجل إقناعهم بمواصلة تزويد مصر بالمساعدات الخارجية.

وأكدت الدراسة على أن استقرار الاقتصاد المصري مصلحة إستراتيجية عليا لإسرائيل وعلى الأخيرة إقناع حلفائها بالغرب بزيادة المساعدات للقاهرة لأن ذلك يجلب الاستقرار الأمني. كما لفتت الدراسة إلى أقوال السيناتور جون ماكين: لا يمكن أن تكون أمريكا متواطئة في ذبح جماعي للمدنيين، مشيرًا إلى أن القوانين الأمريكية تنص بوضوح على وجوب قطع المساعدات إنِْ كنا أمام انقلاب عسكري، على حد تعبيره.

علاوة على ذلك، قالت إن يصل الرئيس باراك أوباما لم يصل إلى هذا الموقف بعد، فالمساعدات الأمريكية التي تقدم لمصر سنوياً تبلغ 1.3 مليار دولار وتشمل معدات ثقيلة مثل دبابات’M1A1′ ومقاتلات ‘F16′ والدعم التقني والصيانة إضافة للتدريب العسكري، حيث أن قطع المساعدات إلى مصر قد يؤدي إلى الإضرار بالشركات المرتبطة بعقود مع وزارة الدفاع الأمريكية، وفي شرح بسيط للعملية، تقرر مصر نوعية المعدات التي تريد شرائها ومن ثم تدفع الولايات المتحدة الأموال للشركات المتعاقدة، والتي توفر العديد من الوظائف للأمريكيين، مثل مصنع الدبابات في ليما بولاية أوهايو وكذلك مصنع طائرات الـ ‘F16′ في تكساس. وأضحت الدراسة أن الدولة العبرية تبدو متخوفة من أن قطع المساعدات عن مصر قد يضر بأمنها بل بالمنطقة بأسرها، فمصر هي الدولة العربية الوحيدة، إلى جانب الأردن، التي وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل في عام 1979، حيث تنظر الدولة العبرية إلى الجيش المصري كقوة مستقرة وقادرة على حفظ البلاد من الفوضى والتطرف. وبرأي مُعد الدراسة فإنه من الآثار المحتملة أيضًا لخفض المساعدات العسكرية إضعاف الأمن في قناة السويس التي تعتبر ممرًا بحريًا مهمًا، حيث يمر منها أكثر من أربعة في المائة من إمدادات النفط في العالم، وثمانية في المائة من التجارة العالمية، على حد قوله.

في السياق ذاته، كشف محلل الشؤون العسكرية في صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’، أليكس فيشمان، الأحد النقاب عن أن الدولة العبرية تعيش في مأزق دبلوماسي طارئ لعدم وجود وزير خارجية، ووزارة خارجية فاعلة، إذ تخوض تل أبيب في اليومين الأخيرين صراعا دبلوماسيا شبه يائس مع إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بهدف إقناعها بعدم وقف المعونات الأمريكية لمصر، لافتًا إلى أن كبار المسؤولين في تل أبيب، وفي مقدمتهم نتنياهو يقومون في هذه الأيام ببذل جهود كبيرة مع البيت الأبيض، ووزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين في محاولة لتهدئة ما أسماها بالهجمة الأمريكية على الحكم العسكري في مصر، معبرا عن قناعته بأن الدولة العبرية تخوض حربا خاسرة في هذا السياق، على حد تعبيره.

ورأى المحلل الإسرائيلي، المرتبط جدا بالمؤسسة الأمنية-العسكرية في تل أبيب إن إدارة الرئيس أوباما تقوم بارتكاب ما نعتها بالأخطاء التاريخية في ما يتعلق بمصر فمن ناحية يُهدد الكونغرس بوقف المساعدات الاقتصادية لمصر، وبالمقابل، تقوم الإدارة الأمريكية بتجميد التدريبات والتعاون الأمني مع مصر، وسيؤدي الدمج بين هذين العاملين إلى انفجار الغضب المصري ضد إسرائيل، على حد تعبيره.

وبحسب المحلل الإسرائيلي فإن العداء للولايات المتحدة الأمريكية يُوحد الطرفين المتنازعين في مصر، حيث يقوم كل فريق منهما بالعمل على المس بكل ما يرمز إلى أمريكا وفي مقدمة ذلك إسرائيل، مشددا على أنه من شأن تردي العلاقات الأمريكية المصرية، التي كانت الدرع الواقي لاتفاقية (كامب ديفيد)، أن تتحول إلى عبء، مشيرا إلى أن حركة (تمرد) تهدد بجمع 20 مليون توقيع ضد قبول المعونة الأمريكية، وبالإضافة إلى ذلك، تنادي بإلغاء معاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب. وبرأي المحلل الإسرائيلي، فإنه من الخطأ التقليل بهذا التهديد، مؤكدًا على أن حركة (تمرد) جمعت 17 مليون توقيع ضد الرئيس المعزول محمد مرسي. وتطرق أيضًا للمقارنة بين مصر وسورية، حيث قال إن مصر تقترب من نقطة درعا التي أدت في سورية، بفعل عدم حكمة النظام بالتعامل مع المتظاهرين السوريين إلى دحرجة الأوضاع في بلاد الشام نحو حرب أهلية، على حد وصفه.

ولكن لمنع الالتباس، فإن المحلل فيشمان لا يتباكى على المعونات، ولا على الوضع التي آلت إليه مصر من منطلقات إنسانية، بل أن ما يقض مضاجعه، هو التأثير المنتظر على العلاقات الإسرائيلية المصرية في حال تنفيذ الكونغرس تهديده بوقف المعونات، حيث يقول في تحليله إن للجيش المصري دور في تدهور الأوضاع، فالصور التي تبث من مصر لمئات الجثث، وحرق أكثر من 40 كنيسة، مقابل جيش مصمم على استخدام قبضته تُوجه رسالة فظيعة للعالم، لكنه يُشدد على أن هذه الأضرار تتجمد حيال الضرر الذي سببته الإدارة الأمريكية التي تواصل تخريب كل ما يمكن تخريبه، وإسرائيل هي التي ستدفع الثمن، على حد تعبيره.

وبحسبه، فإن الثمن الأولي الذي يُمكن أنْ تدفعه إسرائيل سيتمثل في الإعلان عن سفير تل أبيب في القاهرة بأنه شخصية غير مرغوب فيها، وذلك رضوخًا لمطالب الشارع المصري، الذي بات لاعبًا مهمًا جدًا، خلافًا للماضي، ومن المحتمل جدًا أنْ يلجأ النظام الانتقالي إلى خطوة غير مسبوقة من هذا القبيل، لتهدئة الشارع الغاضب، في محاولة لاحتواء الغضب العارم.

على صلة بما سلف، أفادت صحيفة ‘يسرائيل هيوم’ العبرية، المقربة جدًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد أن الأخير أصدر تعليماته لجميع الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين بعدم الإدلاء بأي تصريح حول الأحداث الدائرة في مصر، لافتةً إلى أن القرار اتخذ قبل يومين في جلسة خاصة عقدها نتنياهو مع عدد من الوزراء المقربين له.

مقالات ذات صلة