اخبار الوطن العربي

رد من منيب المصري إلى سلمان أبو ستة

رد من منيب المصري إلى سلمان أبو ستة

تحية طيبة،،،

شكرا على رسالتكم الموجة إلي والمتعلقة برأيكم وموقفكم من مبادرة كسر الجمود التي تم الإعلان عنها في البحر الميت، مع احترامي لهذا الرأي الذي يعبر عن ضمير مجموعة من الفلسطينيين، كما يعبر رأيي وموقفي عن رأي وضمير مجموعة أخرى منهم، فلا أحد يمتلك الحقيقة كاملة، وأنتم وأنا متفقون على مجموعة من القضايا والتي من أبرزها الحق التاريخي لنا في فلسطين، وضرورة عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها وتعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم طيلة هذه السنوات.

وقد نختلف بعدها في تفاصيل كثيرة أو قليله ولكنها بمجملها تعكس حجم الجدل الدائر بين الفلسطينيين حول كيفية الوصول إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس، وهنا أسجل أنني اعتبر ما جاء في وثيقة الاستقلال للعام 1988 ، هي ثوابتي وحدي الأدنى، وهو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، والذي أقر بحل الدولتين الذي أسعى وسأظل أعمل من أجل تحقيقه وفاء للشهداء والجرحى والأسرى وعلى رأسهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، وهذا هو كما قلت حدي الأدنى الذي علينا تثبيته كحقيقة واقعة على الأرض قبل ضياع البقية، وبعدها لندع التاريخ يقرر من هو على صواب ومن هو على خطأ، ولندع الاجيال القادمة تقرر صحة هذا الحل من عدمه وتكمل بعدها بالطريق التي تؤمن هي به ضمن معطيات ووقائع قد تكون أفضل مما هو موجود الآن.

فلا يعقل أن ندع المستوطنات تسرق ما تبقى من الأرض في الضفة الفلسطينية ونقف مكتوفي الأيدي، نعم إن المستوطنات الإسرائيلية هي السرطان الذي يقضم ليس حل الدولتين بل أيضا حل الدولة الواحدة الذي يطرحه البعض، فالاستيطان اذا استمر على هذه الوتيرة ولم نعمل على وقفه لن يبقى لنا سوى معازل نعيش داخلها تحت رحمة جندي احتلالي يفتح ويغلق الباب لنا في الوقت الذي هو يريد. نعم أخي الدكتور سلمان أنا مؤمن بأنه يجب انقاذ حل الدولتين ويجب تثبيت الحق الفلسطيني على 22 % من فلسطين التاريخية هذا الحل المؤلم هو المتاح حاليا، ولن أقبل، وهنا أتحدث باسمي الشخصي، أن يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى حين رفضنا قرار التقسيم وجنينا بعدها كل الآلام التي المت بنا.

هذا ليس خطاب عاطفي بل هو تعامل مع واقع قائم وعلينا التعامل معه دون التفريط بالثوابت التي قلتها في خطابي الذي القيته في البحر الميت حين قلت “…. وهناك خطوط عريضة وواضحة لإنهاء الصراع وهي الشرعة الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخارطة الطريق، وجميعها تؤكد بأن الحل قائم على أساس حدود الرابع من حزيران للعام 1967 ، والقدس عاصمة للدولتين، وحل عادل لمشكلة اللاجئين على أساس القرار رقم 194 ، وعدم شرعية الاستيطان، واطلاق سراح كافة الاسرى من سجون الاحتلال”، ولا اعتقد بأن هذا تفريطا أو تنازلا على الأقل من وجهة نظر الاجماع الوطني.

وأود التأكيد ايضا بأنه واذا ما ارتأينا بأن جهودنا لن تفض الى حل وفق ما طرحته في خطابي فلن نكمل الطريق، وأنا كلي أسف للبيانات والتصريحات التي تصدر وتتهمني مباشرة بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مستخدمة النداء الذي صدر عن المبادرة كأساس لهذا الهجوم، علما بأن النداء الذي تلاه مدير المنتدى الاقتصادي العالمي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا هو ورقة أولية سيتم العمل عليها وتطويرها لتكون متجانسة تماما مع المطلب الفلسطينية الشعبي والرسمي، وغير ذلك فنحن لسنا بحاجة إلى أية تسويات أو نداءات أو مبادرات لا تحقق آمالنا وتطلعاتنا الوطنية.

وهذا يقودني إلى قولكم بأن الصراع بدأ قبل 65 سنه، نعم هذه حقيقة، وهذا ما قلته أيضا في خطابي “لقد عاصرت كل آلام شعبي بدءاً بالنكبة عام 1948، والنكسة عام 1967، والانتفاضة عام 1987، والانتفاضة التي تلتها عام 2000، مرورا برحيل الثورة من بيروت الى تونس، والانقسام الداخلي وصولا إلى جهود المصالحة، وعايشت هذه العذابات الذي يشعر بها كل فلسطيني”، فلست أنا الذي انسى النكبات التي حلت بشعبي وأنكر المذابح التي قامت بها العصابات الصهيونية ولا زالت، وكما تعلم فإن هذا الخطاب قد القي امام (1000) شخصية عالمية وبحضور الرئيس محمود عباس والامير فيصل ابن الحسين، وشمعون بيريس، وجون كيري، وتوني بلير، وعدد غير قليل من الدبلوماسيين العرب والاجانب، وهذا الخطاب فقط للعلم لم يعجب الكثير من غير الفلسطينيين، ولكن قلته لأنه يعبر عن قناعاتي الشخصية ولن اتنازل عن هذه القناعات التي تجسد الثوابت والحقوق الفلسطينية للكثير من الفلسطينيين، كما اعتقد ايضا بأن هذا الاجتماع حقق هدف مهم وهو اعادة طرح القضية الوطنية على أولويات اجندة المجتمع الدولي.

وحول مبادرة السلام العربية فانتم تعلمون بأن 57 دولة عربية واسلامية اعتمدتها كأساس لحل الصراع العربي- الإسرائيلي، وهي الحل الوحيد الممكن ضمن المعطيات الحالية، فإن كانت هذه المبادرة تقودنا إلى تحصيل الجزء الأكبر الممكن من الحقوق الفلسطينية قبل أن تضيع البقية فلماذا لا نتعامل معها على الأقل مرحليا. وهنا لا أريد الدخول في جدل قانوني فما اعيه تماما بأن القانون هو جزء مساعد لتثبيت الحقوق وليس انتزاعها بالمفهوم العملي، وهنا أقول وبكل صدق وتجرد إذا كان لديكم أو لدى الآخرين استراتيجية واضحة لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر فسأكون أول المؤيدين والداعمين لها، وهذا اقوله ليس من باب المزايدة بل من أجل البحث عن طرق قد تكون أفضل من الطريق التي اسلكها للوصول إلى حق شعبي في دولة مستقلة وكاملة السيادة وفق ما جاء في وثيقة الاستقلال للعام 1988.

وفيما يتعلق بما أوردتم في البند الأول من رسالتكم، فالسيد يوسي فاردي هو ليس شريكي سوى في مبادرة كسر الجمود، فإنا طيلة فترة حياتي العملية لم يكن لي شريك إسرائيلي ولن يكون، وسوف اقوم بفحص المعلومة التي اوردتها حول رئيس شركة انتيل، ولن اتعامل معه في هذه المبادرة اطلاقا أو مع امثاله في حال أن كان هذا صحيحا. واؤكد بأنني ضد أي تطبيع اقتصادي وهذا أيضا قلته في خطابي “… نحن نرفض الوضع الحالي القائم، ولا يمكن لنا في ظل استمرار الاحتلال ومن منطلق وطني وأخلاقي أن نطبع معه، ولا نقبل الحديث عن “سلام اقتصادي” في ظل غياب حل سياسي ينهي الاحتلال، فنحن لن نقبل أي شرا كات اقتصادية أو تجارية من شأنها أن تطيل أمد الاحتلال أو تضفي الشرعية عليه”.

وقبل ان انهي اقول لك أخي الدكتور سلمان أنا وبعد هذا العمر لا ابحث عن منصب أو جاه أو مال، وقد عدت إلى أرض الوطن في العام 1994 ، لكي اساهم في وضع الأسس للدولة الفلسطينية العتيدة، واخترت أن اعيش على جزء من أرض وطني ليس من باب الترف بل من أجل مشاركة شعبي همومه وأفراحه، وأساهم بقدر استطاعتي بتعزيز صموده ومقاومته، قد نتفق على الهدف وقد نختلف في الاسلوب أو الطريقة.

أؤكد لك اخي الدكتور سلمان بأن الواقع على الأرض يحتم علينا أن ننقذ حل الدولتين لان الأرض تضيع والقدس تهود والانقسام يزيد الطين بل هو والسرطان الثاني الذي ينهش الجسم الفلسطيني، دعنا نضع القاعدة لينطلق منها ابناءنا وأحفادنا إلى الفضاء الارحب وأنا موافق معك تماما بأنه حان الوقت ليتولى الجيل الجديد زمام الأمور ويحمل أعباء الوطن وهمومه نعم ما ضاع حق وراءه مطالب.

اخيرا وبحكم أن رسالتكم التي وجهتموها الي كانت عبارة عن رسالة مفتوحة تم توزيعها من قبلكم على نطاق واسع، فإني آمل

ومن منطلق سماع الرأي والرأي الآخر أن تقوموا مشكورين بنشر هذا النص كما فعلتم برسالتكم.

مع الاحترام والتقدير

أخوكم منيب رشيد المصري

نابلس – فلسطين 3/6/2013

3/6/2013

مقالات ذات صلة