الشتات الفلسطيني

هل من أمر عمليات لإنهاء حالة عين الحلوة ؟

ما أن أنجلت غبار جولة مخيم عين الحلوة القتالية حتى بدأت تتكشف خيوط المتورطين في ما جرى والأسباب التي أدت إلى حصول الإشتباكات. روايات كثيرة حيكت عن الأسباب منها ما هو واقعي والكثير منها هو تحليلات مغلوطة لا تستند على وقائع دامغة أو إلى الواقع بشيء منها ما له علاقة بموضوع وجود نوايا لقطع طريق الجنوب أو العبور نحو المناطق المحيطة بالمخيم، وهي أمور تحولها عقابات كثيرة أهمها عدم وجود قدرات لوجستية للمجموعات المسلحة على تحقيق هذا الهدف.

بعيداً عن الفرضيات التحليلية المثيرة، فإن الواقع في المخيم يؤكد أن جانباً كبيراً من ما حصل هو نتاج صراع داخلي فلسطيني – فلسطيني دخلت على خطه المجموعات الإسلامية تكفيرية الطابع بقوة، ولا شك أن العميد اللينو واللواء منير المقدح شكلا في ما جرى حالة توريط للمخيم بدل تحييده من خلال إمطار وسائل الإعلام بمعلومات مغلوطة عن السياق والأسباب التي بدأت فيها المعارك ومن يقف خلفها وإيهام الناس أن هناك مخطط تكفيري كبير يحضر ما يظهر أنها هناك إختلاف جذري في قراءة المشهد بين الجانبين.

مصادر أمنية لبنانية تشير لـ”ليبانون ديبايت” أن هناك تضخيماً كبيراً في ما جرى التطرق إليه مؤكدةً أن الأجهزة الأمنية خاصة تلك التي تقع على تماس مباشر مع المخيم، لا تمتلك معلومات حول حصول خرق كبير أو حصول أمر خطير يصل حد التعدي على جواره كما أنها لم ترصد أي نشاط غير طبيعي أو مألوف يقتضي المتابعة، بل أن سياق الإشتباكات بحسب القراءة الأمنية اللبنانية أتى بنتيجة الإحتقان الذي ساد قبل زيارة الرئيس محمود عباس والذي إنفجر مع زيارة جليلة دحلان وأبنها إلى المخيم وحمايتهما من قبل اللينو.

على المقلب الداخلي، فإن المصادر لا تخفي أن الضالعون في الإشتباكات الأخيرة كثر، لكن العوامل والدور الأساسي يرمى على عاتق مجموعتين محددتين هما مجموعة بلال بدر المنبثقة عن جند الشام والمبايعة لجبهة النصرة، وحليفه “ابو جمرة الشريدي” الذي يأمر مجموعة مؤلفة من نحو 50 مقاتلاً، ووفق المعطيات، فهما كانا محور المعارك التي حصلت وشاركت فيها مجموعتهما بفاعلية بالإضافة إلى مؤازرة من بعض المجموعات التي تدور بفلك داعش، وهنا يفتح قوس أمام حالة توازن وتعاون قائمة بين الجانبين على الرغم من حالة العداء العقائدي الموجودة بينهما في الوضع العام.

كان لافتاً محاولة إقحام الجيش اللبناني في المسألة الداخلية في المخيم وتصوير أن هناك نوايا أو إتفاق كي يدخل الجيش ويعمل على تنظيم عين الحلوة بمؤازرة فلسطينية، أمر تعتبره المصادر الخاصة بـ”ليبانون ديبايت” محاولة إدخال الجيش في تجاذبات خاصة لا تغدو أكثر من تحليلات صحافية!

وتكشف المصادر، أنه وفي آخر إجتماع حصل في مقر مخابرات الجنوب في صيدا بين ممثلين عن الفصائل الفلسطينية والعميد خضر حمود رفض الأخير إدخال الجيش اللبناني في متاهة الصراعات الفلسطينية طالباً من القوى في عين الحلوة التي كانت لديها ورقة قوة أمنية وأسقطتها خلافاتها، حسم الأمر بالتنسق مع الجيش، وبالتالي إستبعدت المصادر أن يكون الجيش يحضر في الوقت الحالي لعملية عسكرية في المخيم، مكتفيةً بالقول أن “الأمر يقتصر على الدور الإستخباراتي الذي أثبت نجاعته وأمكن الجيش من تحقيق اهداف كثيرة في مرمى التنظيمات الارهابية بدرجة خسائر صفر”.

ولا شك أن الحل في المخيم مرتبط بالجو العام ومدى التوافق الفلسطيني الداخلي، لكن ما يلفت هو القدرات على مستوى حركة فتح والتي ظهرت في إشتباكات الثلاثة أيام الماضية والتي تبيّن أن منظمة التحرير ممكسة بقوة بورقة اللعبة الامنية، وهذا يحتم بالتالي ترجمته من خلال أخذ الحركة للمبادرة، وإذا حزمت أمرها فبإستطاعتها حسم الوضع أمنياً بعملية سريعة معدة سلفاً.

إمكانية العملية تحاول مصادر فلسطينية إبعادها في الوقت الحالي متذرعةً بعدم وجود سلاح كافٍ أو دعم لوجستي مطلوب، ملمحةً إلى رفض الجانب اللبناني دخول تعزيزات من فتح من المخيمات الاخرى إلى المخيم لتغطية أي تحرك عسكري كما حصل في الاشتباكات الاخيرة حيث أقفال الجيش مداخل المخيم.

وإذ تعتبر أن مثل هذه العملية في حال توفر الدعم والاسناد لها ستكون ناجعة ولكنها بحاجة إلى تفاهم لبناني – فلسطيني يكون بمثابة الغطاء لها، لكن ما يعرقلها على المستوى اللبناني ليس القرار الأمني بل وجود حالة معارضة من قبل قوى صيدوانية وازنة ترفض الحسم العسكري وتفضل الحلي السياسي وفي مقدمة هؤلاء الجماعة الإسلامية التي تطرح نفسها كوسيط.

ليبانون ديبايت – المحرّر الأمني

2017 – آذار – 03

مقالات ذات صلة