المقالات

جدار في مخيم عين الحلوة .. ثم ماذا ؟

جدار في مخيم عين الحلوة .. ثم ماذا ؟

فتحي كليب / باحث فلسطيني، لبنان

تفاجأ الشعب الفلسطيني في لبنان وفصائله بخطوة السلطات اللبنانية بناء جدار اسمنتي يطوق مخيم عين الحلوة، في وقت تشهد فيه العلاقات الفلسطينية اللبنانية تحسنا ملحوظا تترجمه عمليات التعاون والتنسيق بين المخيمات والاجهزة اللبنانية المعنية وايضا الاجراءات الفلسطينية التي اتخذت سابقا للنأي بالحالة الفلسطينية بعيدا عن الصراعات المحلية والاقليمية.

لعل التساؤل المنطقي الذي يتردد على السنة جميع الفلسطينيين في لبنان هو لماذا الجدار وما هي اسبابه، وهل سدت جميع الحلول كي تصل الاجهزة الامنية اللبنانية الى استنتاج بان لا حل الا بجدار؟

مصدر عسكري رفيع المستوى يجيب لـصحيفة “النهار” اللبنانية بأن “هناك مجموعات ارهابية في الداخل، (المقصود داخل المخيمات) والابراج ستعيق تحرك هذه المجموعات وتسهل امكانية قنص افرادها”.

لا يبدو ان هذا التبرير كافيا، بنظر الفلسطينيين، الذين لديهم الكثير من المآخذ حول طريقة تعاطي الاجهزة الامنية معهم، ففي مخيم عين الحلوة اجراءات امنية مشددة على الحواجز، وفي مخيمات صور خاصة مخيم الرشيدية يمنع على الفلسطينيين ادخال مواد بناء مهما كانت اسبابها . رغم ذلك فان الاحاديث عن وجود مجموعات ارهابية داخل المخيم لا تاخذ بالاعتبار الحيثيات والملابسات التي رافقت عملية تشكل بعض المجموعات خلال فترة ما قبل العام 2005 حيث تم رسم واقع امني وعسكري ظل موجودا لفترة طويلة، بحيث لم نجد أن الدولة اللبنانية امتلكت معياراً موحداً للتعامل مع المخيمات، بل بنت معاييرها متأثرة بعلاقاتها والتزاماتها الإقليمية، لذلك لا يمكن الحديث عن واقع امني وعسكري معين داخل المخيمات دون الحديث عن المرحلة الزمنية التي عاشها لبنان والمخيمات في فترات زمنية انتهت لكن لم تنته مفاعيلها وتداعياتها بعد ..

ان الوضع الفلسطيني في لبنان بشكل عام وفي مزخيم عين الحلوة بشكل خاص لا يمكن حصره بالجانب الامني فقط، بل ان النظرة الامنية والعسكرية يجب ان يتم تناولها ربطا بالتطورات السياسية المتلاحقة وبالاسباب الفعلية لنشوء حالات امنية قد تكون شاذة عن محيطها، خاصة وان الفلسطينيين، وكما اكدت التجارب، ليس لديهم اي مشروع سياسي في لبنان خارج اطار المشروع الوطني الذي يناضلون من اجل تحقيقه. وما يطالب به فلسطينيو لبنان هو تطبيق العدالة والقانون بشقيهما على قاعدة الحقوق والواجبات المتبادلة، وهو الذي يضمن بيئة صالحة تمكّن من ايجاد حلول لمختلف الاشكالات القائمة ومعالجة الملف الفلسطيني في لبنان بشكل كلي بعيدا عن الانتقائية.

ما يريده الفلسطينيون في لبنان ليس بناء جدران اسمنتية تضع حدودا فاصلة بين شعب وشعب في عصر بات العالم كله متداخل مع بعضه البعض، فهذه الجدران لا تعكس حقيقة العلاقات القائمة بين ابناء مخيم عين الحلوة وجواره اللبناني، وهي علاقات عمرها من عمر النكبة. ان ما يحتاجه الطرفين هو تشييد جسور محبة تنقل صورة المعاناة الفلسطينية الى الخارج ليعمل الجميع على حلها ومعالجتها وليس اقفال المخيمات على بؤسها ومشاكلها، جسور تنقل حالة المخيمات باعتبارها بيئة نضالية وان عكرت صفوها بعض الاعمال المخلة بالامن والتي هي جزء من سياسة مدروسة تهدف الى تجريد المخيمات من خصوصيتها الوطنية..

ان الجميع يعلم طبيعة المجتمع الفلسطيني التعددي المعروف بانفتاحه على المحيط اللبناني، ومن شأن اي خطوة غير مدروسة وغير محسوبة النتائج ان تعقد الامور، خاصة وان خطوة الجدار لم يسبق ان بحثت مع القيادة السياسية الفلسطينية، وكأن هناك من يحاول العبث بالعلاقة الايجابية التي تربط الشعبين اللبناني والفلسطيني في ظل موقف كل الحالة الفلسطينية في لبنان

على صيانة الامن والاستقرار في لبنان وفي المخيمات وايضا الحفاظ على افضل العلاقات مع كل

مقالات ذات صلة