المقالات

وسائل الاعلام الاجنبية || السعي الى الاستقامة

(المضمون: تتعامل اسرائيل بقفازات من حرير مع المراسلين الاجانب. في الوقت الذي تقوم فيه دول كثيرة، منها دول ديمقراطية، باتخاذ اجراءات صارمة تشمل مصادرة بطاقات الصحافة ومنع وسائل الاعلام من الوصول الى اماكن الصراع).

في الآونة الاخيرة تم استدعاء ممثلو وسائل اعلام اجنبية لنقاش في اللجنة التابعة للجنة الخارجية والامن في الكنيست من قبل ممثلي المعارضة. التغطية الاعلامية المشوهة لاسرائيل في وسائل الاعلام الدولية تعتبر مشكلة تتعلق بكثير من الاسرائيليين من جميع الاطياف السياسية. لذلك هذه الخطوة ليست غريبة. ويزداد الشعور أن قسم من وسائل الاعلام الاجنبية انتقل من مجرد التغطية التي لا تؤيد اسرائيل الى العمل ضدها بفعالية. الحديث هنا لا يقتصر فقط على “اقوال الطرف الثاني الفلسطيني”، بل تشويه الواقع ايضا.

الامثلة على ذلك كثيرة: عدم ذكر اسباب القصف الاسرائيلي لغزة. وعدم ذكر اطلاق الصواريخ من حماس واستخدام السكان كدروع بشرية. للماذا يطلق الجيش النار على الفلسطينيين الذين جاءوا لتنفيذ العمليات وتجاهل التحريض في وسائل الاعلام الرسمية للسلطة الفلسطينية ودعم الارهاب أو استخدام اموال الدعم الاوروبية والامريكية لدعم عائلات الارهابيين. كل ذلك هو عبارة عن تشويه للواقع واستخفاف بالحقيقة واخلاقيات الصحافة.

إن تصوير الطرف الفلسطيني على أنه ضحية تبحث عن العدل وحق تقرير المصير، هو التشويه الذي يحدث. بالنسبة لاغلبية وسائل الاعلام الاجنبية، التقسيم واضح: اسرائيل هي الطرف السيء والفلسطينيون هم الطرف الجيد. والأنباء التي لا تدعم هذا التقسيم لا تتحول الى مواضيع صحفية، كما أشار مؤخرا محررا في الـ إي.بي الذي “خرج من الخزانة”.

وسائل الاعلام الاجنبية حصلت على معاداتها باستقامة. المراسلون الاجانب الذين يوجدون في اسرائيل يحظون بجميع الاتجاهات. إنهم يعيشون في دولة غربية ويمكنهم السفر 20 دقيقة الى داخل يهودا والسامرة واحضار تقرير حول حدث عنيف أو حول قرية فلسطينية تعاني من “بشاعة الاحتلال” والعودة الى النادي الليلي في المساء في القدس. في معظم الدول التي توجد فيها صراعات عنيفة، هذا أمر غير ممكن. اضافة الى ذلك، تشويه الواقع في وسائل الاعلام الاجنبية لم يواجه برد اسرائيلي، بل استمرت اسرائيل بالتعاون مع المراسلين الاجانب حتى بعد أن تبين أن التغطية منحازة. يصعب القول إن هؤلاء المراسلين لم يستغلوا حرية العمل المطلقة التي منحت لهم.

في افتتاحية صحيفة “هآرتس” تم الحديث عن استدعاء هؤلاء المراسلين الى الكنيست كأمر استثنائي. لكن البحث الذي أجريناه من اجل فحص الخطوات التي تتخذها الدول لمواجهة التغطية الاشكالية، أظهر أنه مقارنة مع هذه الدول فان اسرائيل تتعامل بقفازات حريرية مع المراسلين الاجانب. كثير من الدول ومنها دول ديمقراطية تهدد وترفع الدعاوى ضد المراسلين الاجانب في المحاكم، وتمنعهم من الوصول الى اماكن الصراع وتصادر بطاقاتهم الصحفية. الادعاء الذي ورد في افتتاحية الصحيفة والذي يقول إن للتغطية تأثير بسيط على فهم الواقع، أخطأ الحقيقة. وسائل الاعلام هي القناة الوحيدة بالنسبة للكثيرين في العالم من اجل معرفة ما يحدث في الصراع. وقد أظهر الكثير من الابحاث أنه عند وجود تعلق كهذا، فان الجمهور يتبنى التفسيرات التي تقدمها وسائل الاعلام. في المقابل، تم الاثبات مرة تلو الاخرى أن حجم التغطية للصراع الاسرائيلي العربي مقارنة مع صراعات اخرى، فقد منذ زمن اطاره الصحيح.

الخطوة التي اتخذتها اللجنة تظهر أن اسرائيل استيقظت وفهمت أنه يجب إحداث التغيير في العلاقة مع وسائل الاعلام الاجنبية. لكن نقاشات كهذه لا تغير الواقع بشكل كبير. تماما كما حدث في النقاشات التي أجريت مؤخرا في الكنيست حول انماط مواجهة اسرائيل لدعوات المقاطعة ضدها، تتوجه الجهات الحكومية الى هذه النقاشات دون التفكير الاستراتيجي ودون استخدام المعلومات الاكاديمية والبحثية التي توجد بهذا الامر، أو التجربة المتراكمة في دول اخرى. هذه النقاشات تشكل مجالا للتفريغ، وكل شيء يعود الى وضعه بعد النقاش.

من اجل تغيير بنية العلاقات، على اسرائيل اقامة جهة مستقلة تتابع بشكل دائم التغطية من قبل وسائل الاعلام الاجنبية والمقارنة بين انماط التغطية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني وبين صراعات غير متناظرة اخرى والاعتماد على البحث الدولي الذي يهتم بوسائل الاعلام ويتعاون مع المجتمع المدني. ومن الافضل فعل ذلك بشكل مبكر .

اسرائيل اليوم – البروفيسور ايلي ابراهام:23/2

مقالات ذات صلة