المقالات

الفيدرالية الكردية ومخطط تقسيم سوريا

الفيديرالية الكردية ومخطط تقسيم سوريا

د. فايز رشيد

أعلنت أحزاب سورية كردية قبل أيام اعتمادها النظام الفدرالي في شمال سورية، في خطوة تمس بوحدة الأراضي السورية وتعتبر مقدمة لتقسيم البلاد.وكما اكد القادة الأكراد فإن هذه الخطوة تشكل مقدمة لطرح نظام فيدرالفي كامل الأراضي السورية، باعتباره “الحل الأمثل” لمستقبل سوريا كما يتصورون.وتم الإعلان خلال اجتماع شارك فيه أكثر من 150 شخصية من شمال سورية بينهم أكراد وعرب وسريان وآشوريون وتركمان وأرمن، في رميلان بمحافظة الحسكة. المناطق المعنية بالإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاثة، كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى تلك المناطق, التي سيطرت عليها قوات سورية الديمقراطية (تحالف من فصائل كردية وعربية مقاتلة على رأسها وحدات حماية الشعب الكردية) مؤخرا , خصوصا في محافظتي الحسكة وحلب! بحيث تبدأ حدود الإقليم الكردي، حسب الخريطة التي أعدها مركز “ياسا” الكردي للدراسات والاستشارات القانونية، من قرية “عين ديوار” التابعة لمدينة “ديريك” في محافظة الحسكة : من قرية “عين ديوار” في أقصى شمال شرقي سوريا، وتمتد بمحاذاة الحدود التركية لتصل إلى أقصى الشمال الغربي عند لواء إسكندرون”.

د. فايز رشيد
د.فايز رشيد

الخطوة لاقت رفضا تاما من كل من النظام السوري والمعارضة على حد سواء, وحذرت الحكومة السورية “أي طرف تسول له نفسه النيل من وحدة أرض سورية”، مؤكدة أن “طرح موضوع الاتحاد أو الفيدرالية سيشكل مساسا بوحدة الأراضي السورية ولا قيمة قانونية له”.وبدوره، أكد “الائتلاف الوطني لقوى المعارضة” السورية، أن “لا مكان لأي مشاريع استباقية تصادر إرادة الشعب السوري”، محذرا “من أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات تصادر إرادة الشعب السوري”.

كما ويثير هذا الأمر قلقا في دول الجوار أيضا, وخاصة تركيا التي تخشى من تنامي النزعة الانفصالية للأقلية الكردية على أراضيها. من جهتها قالت وزارة الخارجية الأمريكية ردا على المحاولة الكردية: إنها لن تعترف بمناطق للحكم الذاتي داخل سوريا, وأنها تعمل من أجل دولة موحدة غير طائفية تحت قيادة مختلفة. وقال المتحدث باسم الوزارة جون كيربي “لا نؤيد قيام مناطق ذات حكم ذاتي أو شبه مستقلة داخل سوريا”. مستطردا :”ما نريده هو سوريا موحدة بكاملها تستجيب (لتطلعات) الشعب السوري, سوريا كاملة موحدة غير طائفية.. هذا هو الهدف”, وأشار إلى أن دولا أخرى تؤيد أيضا هذا الطرح.

تاتي هذه الخطوة في خضم الصراع الدائر في البلد العربي ,وإبان عقد مؤتمر “جنيف 3” لإيجاد تسوية سياسية في سوريا, بما يعني : أن الخطوة هي انتهازية سياسية بامتياز في أقل وصف لها ,واستغلال لظرف صعب تمر به سوريا ,وفي ظل هجمة كبيرة تتعرض لها من أطراف محلية, ومناطقية وإقليمية ودولية تسعى لتفتيت وحدة البلد العربي ,تماما كما جرى في السودان بفصل الجنوب عنه ! وكما جرى ويجري في العراق,الذي أعلن مسعود البرزاني شماله, حكما ذاتيا “إقليم كردستان” ثم أخذ وفي خطوة تالية: في التخطيط للانفصال بالاقليم ,وأراضي أخرى عن جسد الدولة العراقية ,من خلال دعوته برلمان إقليمه , لتنظيم استفتاء حول مستقبل الإقليم. هذا فضلاً عن التصريحات العلنية الأخرى(وما أكثرها)التي تكشف عن نوايا انفصالية عن العراق.معروف:أن الجيش الكردي استغل ما جرى ويجري في العراق لتعزيز سيطرته على مدينة كركوك الغنية بالنفط،وعلى كافة المواقع المُختلف عليها مع الحكومة المركزية في بغداد.هذه المواقع ينادي الأكراد بإضافتها إلى مدينة كركوك ومن ثم ضمها إلى إقليم كردستان.لقد أعلن مسعود البرازاني مراراً:بأن المادة 140 من الدستور العراقي سقطت(وهي التي تنص على:إجراء استفتاء شعبي في المدينة – المقصود كركوك – لتخيير سكانها بين الانضمام لإقليم كردستان أو البقاء مع الحكومة المركزية في بغداد ومع العراق .كان مقرراً للاستفتاء أن يجري في العام 2007 لكن ظروفاً عديدة حالت دون ذلك) .إسقاط هذه المادة يعني:عدم إجراء هذا الاستفتاء! رغم أن البرازاني يعرف تمان المعرفة:أن غالبية سكان هذه المدينة هم من العرب, إضافة إلى بعض الإقليات التركمانية والكردية والأصول الإثنية الأخرى. بالتالي تحن أمام مخطط جديد في سوريا يعيد سيناريو شبيه في العراق. للعلم, إقليم كردستان العراقي ودولة جنوب السودان أصبحا مجالا حيويا لتنفيذ المخططات الصهيونية لتفتيت الدولتين العربيتين.

معروف أيضا : أن العلاقات الكردية-الصهيونية تمتد إلى ستينيات القرن الماضي,عندما زار الملاّ مصطفى البرازاني(والد مسعود وأول من طرح انفصال إقليم كردستان عن العراق)الكيان,ة في إبريل عام 1968،واجتمع مع القادة الصهاينة آنذاك ,وبخاصة مع القيادات العسكرية والامنية الصهيونية, وقدموا له النصائح “بالانفصال وتأسيس دول مستقلة”.الزيارة بقيت سرية إلى أن تطرقت لها كتب كثيرة, لعل من أبرزها:كتاب اليعازر تسافرير, الذي تولى رئاسة الموساد في شمال العراق أوائل السبعينيات, وكتاب الصحفي الإسرائيلي شلومو نكديمون بعنوان”الموساد في العراق ودول الجوار”.

نحن مع إعطاء كامل الحقوق للاقليات الإثتية في الوطن العربي, بما يضمن المساواة والعدالة لكافة المواطنين, بغض النظر عن الديانة , الجنس الإثنية أواللون, ومع المحافظة على الخصوصيات الثقافية والتاريخ الحصاري وعادات وتقاليد كافة مكونات المجتمع في مطلق دولة عربية , ولكن على أرضية وحدة أراضي هذه الدولة ,كخطوة اولى لتوحيد أقطار الوطن العربي في دولة الوحدة.

مقالات ذات صلة