المقالات

وائل زعيتر اول شهيد فلسطيني في ايطاليا

وائل زعيتر اول شهيد فلسطيني في ايطاليا

بسام صالح

عندما وصلت افواج الطلاب الفلسطينيين الى ايطاليا في نهاية الستينات ومنتصف السبعينات الى ايطاليا، بهدف الدراسة، كنا في ذروة الشباب والثورة ، خاصة بعد احداث ايلول الاسود، افواج الطلبة منحت دفعة ودم جديد للاتحاد العام لطلبة فلسطين في ايطاليا، فكان شباب الاتحاد ووحداته المنتشرة في غالبية المدن الايطالية يعملون كخلية نحل بلا كلل او ملل بل باندفاع والتزام بقضية كانت مجهولة للراي العام الايطالي، فكان طلابنا فعلا كما اسماهم الشهيد الرمز الخالد ابو عمار هم رسل الثورة في اماكن تواجدهم. كنا نعمل باطمئنان ونتمتع بديموقراطية البلد الذي يسمح لنا بحرية الرأي والعمل السياسي وضمن القوانين السارية المفعول في ايطاليا.

كان الاكثر والاكبر سنا يعلمون الاصغر من صياغة المنشور السياسي الى القاء المحاضرة الى عمل معرض للصور لا يحاكي خيام اللجؤ بل معسكرات الثورة والعودة ، نمتلك الرؤيا ونتحدث عن نضالات شعبنا بافتخار واعتزاز، كما كنا نشارك في مسيرات الدعم والتضامن مع نضال الشعب الفيتنامي او ضد حكم الطغمة العسكرية في اليونان او في تشيلي او في ايران.

فجاْة وبعد عملية ميونخ بدات تظهر كتابات تحرض ضد العرب وضد الفلسطينين وما زالت عالقة في ذهني صورة لمجموعة من الشباب الفلسطيني تم التقاطها من الاعلى وهم يجلسون على احد المقاهي، وبالخط العريض كتب الارهاب ينبع من هنا. كانت اياما صعبة تميزت ايضا بالتضييق على الشباب العرب والفلسطينيين بموضوع الاقامة.

لم يكن هناك من يتوقع ان تتحول ايطاليا الى ساحة مفتوحة لعملاء الموساد، الا بعد ان وصل خبر اغتيال وائل زعيتر، قلائل كانوا يعرفونه فلم يكن يتردد على الاماكن التي يتردد عليها الطلاب، وربما قلائل باستثناء الرفاق الايطاليين الذين كانوا يعملون معه انه وائل زعيتر كان يمثل العلاقات الخارجية لحركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح وبهذه الصفة كان معتمدا للحركة في ايطاليا.

وائل زعيتر ابن فلسطين كان يعمل في الترجمة وكان حلمه ان يترجم الف ليلة وليلة الى اللغة الايطالية، كان مغرما بالاوبرا خلافا عما معروف عن العرب، وكان مغرما بالثقافة العالمية ومثقفيها وكتابها كان صديقا للكاتب الايطالي الشهر البيرتو مورافيا، كما كان صديقا للصحفيين ورجال الاعلام، كان وائل ينسج بهدوء شبكة العلاقات الفلسطينية مع القوى السياسية والاجتماعية والادبية في ايطاليا، وتمكن بالتعاون مع العديد منهم من اصدار الاعداد الاولى من مطبوعة دورية تحمل شعار العاصفة واسم الثورة الفلسطينية تصدر عن او لجنة تضامن ودعم للثورة الفلسطينية في نهاية الستينات واوائل السبعينات.

يد الغدر والقتل امتدت وبقرار من رئيسة وزراء الكيان الصهيوني جولدا مائير، فوضعت قائمة لنشطاء فتح وممثلي منظمة التحرير الفلسطينية على ما اسمته القائمة السوداء دون اي احترام لقوانين البلدان التي يعيشون فيها، واطلقت مجرميها في اوروبا لتمارس ارهاب الدولة بحق ابناء الشعب الفلسطيني، كان وائل زعيتر على راس القائمة فسقط شهيدا على ارض روما ، تاركا لنا ولفلسطين شبكة من العلاقات السياسية شكلت قاعدة عمل لنشطاء الاتحاد العام لطلبة فلسطين ولممثلي منظمة التحرير في ايطاليا.

كنا نتمنى ان يكون وائل هو اول واخر شهيد لفلسطين في ايطاليا، ولكن تمنياتنا بقيت تمنيات، فالجريمة مستمرة ما دام المجرم طليقا، ويمارس اجرامه فلم تمضي سوى تسع سنوات على اغتيال وائل 1972 ليتمكن عملاء الموساد من القائد والمفكر والكاتب ماجد ابو شرار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول الاعلام المركزي في منظمة التحرير وذلك في شهر اكتوبر عام 1981 ، ليصبح شهيدنا الثاني في ايطاليا. وخلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان وخلال اقل من 24 ساعة عملاء الموساد برصاصهم الغادر قاموا باغتيال الصحفي نزيه مطر فجر يوم 17/6/1982 نزيه مطر ابن فلسطين البار من مواليد الطيرة، وبعدها بساعات كانت عبوة غادرة حارقة تنفجر بسيارة امين سر حركة فتح في ايطاليا كمال حسين يوسف نائب مدير مكتب المنظمة في روما ، اربعة شهداء لفلسطين في روما، هم اربعة كواكب تضئ لنا الطريق الى فلسطين، الى جانب شهداء فلسطين في باقي الدول الاوروبية نذكرهم جميعا ونذكر لمن لا يتذكر ان قضية استشهادهم مازالت مفتوحة وان كان القضاء في بعض الدول قد اعتبرها تهمة جريمة ضد مجهول اننا لم نعد نكتفي بان المجهول هو الموساد، بل هناك من نفذ تلك الجرائم ويجب محاسبته.

مقالات ذات صلة