شؤون فلسطينية

بيان صادر عن اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

عقدت اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اجتماعاً دورياً لها، دورة الشهيدين عمر النايف وفريال نصر الله، وقفت خلاله أمام مجمل التطورات الجارية فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وناقشت باستفاضة وعمق مختلف العناوين التي طرحت على جدول أعمالها، الذي تزامن مع المواجهة البطولية التي خاضها الشهيد المثقف الثوري باسل الأعرج، مع قوات العدو الصهيوني، حيث أكد من خلالها أن جذوة الانتفاضة الحالية التي بشَّر ودعا لها ستبقى مستمرة، وتلد ثواراً نجباء يشكلون امتداداً لسليل الشهداء والثوار الذين تقدموا صفوف النضال الوطني الفلسطيني منذ بدايات الصراع مع الغزوة الصهيونية لبلادنا. كما تزامن اجتماع اللجنة المركزية، مع مرور تسعة وأربعين عاماً على معركة الكرامة، التي انتصرت فيها إرادة الفدائي الفلسطيني والجندي العربي الأردني على قوة الجيش الصهيوني المدجج بأعتى أنواع الأسلحة وأكثرها تطوراً، حيث أكدت تلك المعركة أن إمكانية تحقيق الانتصار على هذا العدو، إمكانية واقعية وقابلة للتحقق إذا ما توفرت شروطه ومقدماته الذاتية والموضوعية. وبهذه المناسبات تقف اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بكل اعتزاز وشموخ وإجلال أمام تضحيات شعبنا المستمرة، وشهدائه الأبطال، ومعاناة وعذابات أسراه وأسيراته في سجون العدو، موجهين تحيات العز والفخار لهم ولذويهم وأسرهم ومؤكدين على عهد الوفاء والاستمرار على دربهم، درب تحقيق أهداف شعبنا الوطنية في الحرية والعودة والاستقلال.

أبناء شعبنا الصامد:

إن وقوفنا أمام التطورات والمستجدات السياسية، وقراءتنا المتعمقة لها، تضعنا أمام متغيرات وتحولات متسارعة تؤكد في جوهرها حقيقة أهداف المشروع الصهيوني في فلسطين وعموم المنطقة للسيطرة والهيمنة عليها وتجزئتها وتفتيتها ونهب ثرواتها وحجز تقدمها وإدامة تخلفها، وفي التوسع والاستيطان والفصل العنصري والتطهير العرقي وتجاوز حق شعبنا في الحرية والاستقلال، بما يفرض وقائع ترسيم ما يسمى “بالدولة اليهودية” على الأرض الفلسطينية، كل ما سبق، يجري في إطار التحالف الاستراتيجي مع الإدارة الأمريكية ودورها الإمبريالي في المنطقة، مستفيداً هذا التحالف الصهيوني- الأمريكي من استمرار حالة الصراع والانقسام والتشرذم عربياً وفلسطينياً، وموظفاً لها، بما يُبقي الوضع العربي والفلسطيني منه في أضعف حالاته، ليضعنا أمام العديد من المخاطر والتحديات الكبرى، التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال طرح حلول تتجاوز الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتضعها في إطار الطروحات والتصورات للوضع الإقليمي المشتعل في أكثر من جبهة، وبما يوفر للاحتلال الصهيوني أكبر فرصة للنفاذ أكثر للتطبيع مع الأنظمة العربية، وتقديم أولويات ما يدعى بالصراع المذهبي والطائفي على أولوية ومركزية القضية الفلسطينية، وهذا ما يضع أمامنا مسؤوليات ومهام كبيرة، أبرزها ما يلي:

  1. ضرورة القطع مع نهج أوسلو وإفرازاته السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، وترجماتها على الأرض، وهذا يتطلب وقف الرهانات الخاسرة على استمرار استجداء حقوق وأهداف شعبنا الوطنية من خلال خيار المفاوضات العبثية، أو التعلق بوهم أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية أي دور نزيه فيها، خاصة وأن الإدارة الأمريكية الجديدة أكدت ولأول مرة بأن حل الدولتين لم يعد هو الحل الوحيد المطروح، ذلك الحل الذي تسعى إليه القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، وتعتبره الحل للصراع، وأعلنت تلك الإدارة بسفور لا لبس فيه، عن استمرار دعمها للسياسات والإجراءات الإسرائيلية في الاستيطان وضم أغلب مناطق الضفة والقدس، ودعمها مالياً وعسكرياً بما يضمن تفوق دولة الاحتلال الصهيوني ويحفظ أمنها واستقرارها. وبالتالي فإن استمرار هذا الرهان والإمعان فيه من قبل القيادة المتنفذة، لن يكون سوى ازدياد للمخاطر التي تواجه قضيتنا وحقوقنا، والسير في ركاب المخططات والرؤى الهادفة لتصفيتها وتجاوزها، كما أن أي تعاطٍ مع أفكار ومشاريع تتناول فكرة الفيدرالية أو مشروع دولة غزة – سيناء، يصب في ذات النهج ونتائجه الكارثية.
  2. مواصلة الجهود الوطنية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وهذا يتطلب الالتزام بكافة الاتفاقات الوطنية التي جرى الاتفاق عليها وبالأخص منها، وثيقة الوفاق الوطني، واتفاقات القاهرة، ومخرجات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني، التي صدرت عن اجتماعاتها التي عُقدت بتاريخ 10-11 كانون ثاني 2017 في بيروت، والعمل الجدي على متابعة تنفيذها، بما يهيئ الأجواء لعقد مجلس وطني توحيدي في الخارج، يضمن مشاركة الكل الوطني، على أساس الانتخابات وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، أينما أمكن، وبالتوافق حيث لا يمكن ذلك، والتأسيس لمراجعة وطنية شاملة، تضع قواعد الاتفاق على استراتيجية وطنية موحدة، تضمن حشد كل طاقات الشعب الفلسطيني، وتوحد جهوده وقدراته في المواجهة المصيرية مع عدونا الرئيسي، وعليه فإننا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نؤكد رفضنا لكل الصيغ التي من شأنها أن تكرس وتعمق الانقسام، بما في ذلك اللجنة التي شكلتها حركة حماس مؤخراً لإدارة قطاع غزة، حيث نرى أن الأجدى هو العمل التزاماً بما تم الاتفاق والتوافق عليه وطنياً.
  3. تؤكد اللجنة المركزية على موقف الجبهة الشعبية الثابت من منظمة التحرير الفلسطينية، الداعي إلى ضرورة إعادة بناء مؤسساتها، وإعادة الاعتبار لميثاقها وبرنامجها الوطني، ودورها ووظيفتها الوطنية والكفاحية، وضمان تمثيلها للكل الفلسطيني، وإنهاء حالة التفرد والهيمنة القائمة. وتوسيع المشاركة الشعبية وفق خصوصيات الشعب الفلسطيني في الوطن ومواقع اللجوء، وبما يحشد طاقاته في مواجهة المشروع الصهيوني وأهدافه التصفوية للقضية والوجود الفلسطيني، حيث ننطلق في موقفنا هذا من رؤيتنا للمنظمة تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، وما مثلته من منجز وطني كبير، لا يجوز التفريط به أو تجاوز أهميتها وكيانيتها ورمزية وقانونية وشرعية تمثيلها أو محاولة خلق بدائل لها، وعليه فإننا نحذر من الدور التوظيفي لبعض المؤتمرات التي تعقد برعاية إقليمية وتهدف في أجندتها كما خلفيتها، إلى طرح تصورات وبدائل جديدة للمنظمة لن تكون سوى تأكيد لحالة التشتت والتشرذم الفلسطيني.
  4. استمرار التحرك الجماهيري المدافع عن قضايا وحقوق وحريات أبناء شعبنا، بالعيش الكريم والعمل وفي الكهرباء ووقف سياسة تكميم الأفواه والاعتقالات السياسية ومطاردة المقاومين والترهيب والقمع، وفي ذات السياق فإننا نعبر عن استنكارنا وإدانتنا لإقدام أجهزة السلطة على قمع المسيرة الرافضة لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج ورفاقه المعتقلين لدى الاحتلال الصهيوني، والاعتداء على والده، معتبرين ما جرى وصمة عار في جبين السلطة وأجهزتها. وتأكيداً على موقف الجبهة الشعبية الملتحم مع أبناء شعبنا وعائلة الشهيد باسل، والرافض لمنهج السلطة وممارساتها القمعية، أعلنا موقفنا الرافض للمشاركة في الانتخابات المحلية التي ستجري في الضفة الغربية خلال شهر مايو القادم. ونؤكد على ضرورة إجراء هذه الانتخابات بالتزامن في الضفة وغزة، وعليه نطالب كل من حركتي فتح وحماس، بضرورة تهيئة الأجواء الصحية لإجرائها بما يضمن تجديد الهيئات المحلية، والقيام بواجبها الوطني والمجتمعي المطلوب.
  5. ضرورة استنهاض الحالة الجماهيرية الفلسطينية، من خلال إعادة صياغة أساليب التعامل معها، على قاعدة الاحترام وحفظ دورها الوطني الرئيسي، انطلاقاً من طبيعة المواجهة وشموليتها مع العدو الصهيوني، بما يجعل من الضروري أن تأخذ هذه المواجهة طابعاً ودوراً مجتمعياً شاملاً، يذود عن كل قطعة أرض مهددة بالمصادرة والاستيطان، وكل بئر ماء، وكل قطعة تراث، وصولاً إلى كل عناوين الصراع المختلفة.
  6. الدفاع عن قضايا اللاجئين والمخيمات وحق العودة إلى درياهم وممتلكاتهم التي هجروا منها، وما تتعرض له تجمعات ومخيمات شعبنا من تدمير ونزوح وتهجير، واستمرار وكالة الغوث في تقليص خدماتها المقدمة للاجئين ومحاولات إلغائها، كما إلغاء دورها ومسؤوليتها القانونية والإنسانية إزائهم وإزاء قضيتهم، والذي قد ينذر بخطر الإقدام فيما بعد على شطب القرار الأممي 194.

كما أكدت اللجنة المركزية للجبهة، رفضها القاطع لكل المشاريع والحلول والمبادرات الدولية والعربية، التي تحاول أن تتجاوز قضية اللاجئين وحقهم في العودة، وتقدم مقترحات تتساوق والرؤية الإسرائيلية لهذه القضية الجوهرية.

  1. مساندة نضال أسرانا وأسيراتنا وكفاحهم الوطني والإنساني في سجون العدو الصهيوني، بالفعل الميداني والشعبي والسياسي والحقوقي في كل الميادين والمحافل والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، مع التأكيد على أن كل وسائل المقاومة مشرَّعة للعمل على إطلاق سراحهم ونيل حريتهم.
  2. استمرار العمل من أجل توحيد القوى الديمقراطية في الساحة الفلسطينية، كضرورة وطنية ومجتمعية، بما يرتقي بدورها على أسس العمل الوطني والديمقراطي المشترك.
  3. تعزيز حركة المقاطعة السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية (BDS) لدولة الاحتلال الصهيوني، بما يفتح الأبواب أمام مشاركة أوسع في برامجها وأنشطتها، ويوقف التطبيع مع نظام الأبارتيد العنصري والتطهير العرقي، الذي أكده التقرير الذي صدر عن منظمة “الأسكوا” مؤخراً، ومارست دولة الاحتلال الصهيوني وحلفائها ضغوطاً لسحبه، وعليه أدانت اللجنة المركزية رضوخ الأمين العام للأمم المتحدة، واستجابته لإملاءات الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الصهيوني، واعتبرته استمراراً لتغول الدول الكبرى على المؤسسة الدولية وإجهاض لدورها في حفظ الأمن والسلم الدوليين ومنح الشعوب حقها في تقرير مصيرها بنفسها. كما توجه تحيتها وتقديرها للموقف الشجاع للسيدة ريما خلف المديرة التنفيذية لمنظمة الإسكوا التي قدمت استقالتها رفضاً لقرار سحب التقرير.
  4. تقوية العلاقات والتحالفات مع القوى والأحزاب الوطنية والقومية والديمقراطية العربية، والارتقاء في مستويات العلاقة معها بما يخدم أهداف شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية في التحرر والانعتاق والتقدم والوحدة.
  5. توسيع حركة ومناصرة الرأي العام العالمي لعدالة قضيتنا، من خلال تمتين أواصر العلاقة مع الدول والقوى والأحزاب التقدمية التي تنشد الحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها والعدالة الإنسانية.

عاش كفاح شعبنا الوطني على طريق حريته وعودته واستقلاله الحتمي

المجد للشهداء.. والحرية للأسرى.. والوفاء لشعبنا وأهدافه وأمانيه وتطلعاته

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

آذار 2017

مقالات ذات صلة