المقالات

66 عاما على اغتصاب فلسطين

66 عاما على اغتصاب فلسطين

اسم الكاتب : د. فايز رشيد

تاريخ إدراج المقال : 2014-05-15

إسرائيل ليست دولة مثل باقي دول العالم أي أنها لم تنشأ وفق السياق التاريخي وتطور الدول . جرى إنشاؤها قسرا نتيجة التحالف بين الحركة الصهيونية والأستعمار . جرى إنشاؤها على أنقاض الوطن الفلسطيني واقتلاع شعبه وتهجيره من أرضه وترحيله إلى دول الجوار. 66عاما مضت على اغتصاب فلسطين وانشاء الكيان الصهيوني .ما نراه بعد هذه المدة بعد تجارب عديدة في المفاوضات التي كان آخرها مفاوضات التسعة أشهر, نرى : أن العدو الصهيوني يزداد تعنتا وصلفا وعنجهية واجراما. ذكرى النكبة لهذا العام تتميز في جملة من الحقائق الإسرائيلية على صعيد السياستين الداخلية والخارجية, المستندة إلى خلفية أيديولوجية توراتية. هذه الحقائق لو أدركها الساسة الفلسطينيون والعرب لما طرحوا مبادرات سلام مع إسرائيل،ولصاغوا استراتيجية وتكتيك سياسي جديدين متوائمين مع هذه الحقائق من حيث مجابهتها, ولعل من أبرزها يتخلص فيما يلي:

أن المشروع الصهيوني للمنطقة العربية وبفعل مستجدات واكبت تطور الصراع فيها،وبحكم حقيقة تتمثل في فشل إسرائيل في إقناع غالبية يهود العالم في الهجرة إليها, فإن مشروع إسرائيل في بناء دولتها من الفرات إلى النيل وإن غاب عن أذهان الساسة (حاليا) باستبداله من الاحتلال الجغرافي إلى السيطرة الاقتصادية وبالتالي السياسية ,لكنه يتعمق في أذهان اليمين الإسرائيلي المرشح لازدياد قاعدة وهرم تأثيره في الحياة السياسية الإسرائيلية.

أن التحولات الجارية في داخل إسرائيل مذهلة في استطلاعاتها وكلها تشي بارتفاع نسبة الأصوليين بين اليهود إلى مستويات قياسية عالية،فقد قال بحث أجرته جامعة حيفا ونشرت نتائجه التي تقول:أنه وفي العام 2025 ستكون نسبة المتدينين اليهود ما يزيد عن 50% من نسبة السكان اليهود وستتراوح بين 62-65% وهذا سيعد انقلاباً هائلاً في الحياة المدنية الإسرائيلية, ليس من حيث تأثيراته في الحياة الاجتماعية ولكن بالضرورة أيضاً بانعكاسهعلى التداعيات التأثيرية على السياستين الداخلية والخارجية وتحديداً الصراع الفلسطيني العربي-الصهيوني.

إن المتتبع لمسيرة الداخل الإسرائيلي يلحظ وبلا أدنى شك:أن إسرائيل تتفنن تماماً في المزاوجة بين القوننة والسياسة بما معناه:أدلجة السياسة الخارجية بقوانين فيما يتعلق بالصراع مع أعدائها،وأدلجة السياسة الداخلية بقوانين تعمل على تحصين إسرائيل من تأثيرات العرب بداخلها من جهة،ومن جهة أخرى تعبّد الأرضية لبقاء هيمنة يهودية في محاولة استباقية للتغلب على إمكانية قيام أغلبية عربية في إسرائيل(مثلما تشير بعض الاستطلاعات التي تتنبأ حصول ذلك في العام 2025).بالتالي هي تفرض مجموعة من القوانين العنصرية(بقراءاتها الثلاث في الكنيست)،وكانت الأعوام من 2012 -2014 مميزة في فرض القوانين(منع العرب من الاحتفال بذكرى النكبة،إمكانية سحب الجنسية منهم…الخ) إضافة إلى خلق واقع اقتصادي-اجتماعي في إسرائيل يصبح استمرار العربي في العيش في بلده مستحيلاً وبالتالي فليس أمامه سوى الهجرة.

تحقيق الاعتراف الدولي بـــ(يهودية دولة إسرائيل) .الولايات المتحدة اعترفت بذلك،والعديد من الدول الأوروبية مهيأة لهذا الاعتراف ومنها من اعترف.

فيما يتعلق بسقف التسوية مع الفلسطينيين والعرب،جاء الشرط الإسرائيلي الجديد على الجانب الفلسطيني من أجل الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل كشرط مقابل الاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية العتيدة،هذا في الوقت الذي تدرك فيه إسرائيل بالمعنيين النظري والعملي أن هذه الدولة(أو لو جرى تسميتها الإمبراطورية) ليست أكثر من حكم ذاتي على القضايا الحياتية لسكانها بعيداً عن أي مظهر من مظاهر السيادة.دولة كانتونات مقطعة الأوصال بلا قدس وبلا عودة للاجئين حتى إليها.أما بالنسبة للعرب أقرت إسرائيل مبدأ : السلام مقابل السلام وليس السلام مقابل الأرض . معروف أن إسرائيل سبق وأن رفضت ما يسمى ” بمبادرة السلام العربية ” التي اطلقتها قمة بيروت في عام 2002. آخر خطوات نتنياهو أنه سيقونن ” يهودية الدولة ” بقرار اساس في الكنيست .

ثبت بالملموس أن إسرائيل ترفض في صميم الأمر حل الدولتين،فهي ترى في وجود الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة(على شاكلة الدول كافة) نقيضاً لوجودها.من جانب آخر فإن تحقيق شعار يهودية الدولة يقطع الطريق على كافة الحلول المطروحة الأخرى:الدولة الديموقراطية العلمانية الواحدة،الدولة ثنائية القومية،وحتى حل الدولة لكل مواطنيها.

في الذكرى 66 للنكبة يمكن القول إن عودة الحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية من إسرائيل لن تتحقق ضمن الاعتراف الإسرائيلي بها وإنما تصبح واقعاً عندما يجري فرضها على هذه الدولة الصهيونية المشبعة بالتعاليم التوراتية فرضاً! وهذا لن يتأتى الا بانتهاج خيار استراتيجي يعتمد عل القوة من قبل الفلسطينيين والعرب, فلقد ثبت بالشكل القاطع: أن إسرائيل لا تستجيب للغة التفاهم والحوار والمفاوضات, وغنما فقط للغة القوة .

مقالات ذات صلة