المقالات

انتفاضة ثالثة.. تخوف إسرائيلي وتردد فلسطيني

انتفاضة ثالثة.. تخوف إسرائيلي وتردد فلسطيني

ماجد أبو دياك

الاسرائيليون هذه الأيام متخوفون من انتفاضة فلسطينية ثالثة، ويقولون إنهم استعدوا أمنيا لهذا الاحتمال. صحيح أن هناك تصريحات تدخل في سياق التهديد من إعادة انتخاب نتنياهو الذي سيجر الكارثة على الكيان الصهيوني حسب قولهم، إلا أن تصريحات من مسؤولين عسكريين وأمنيين حذرت من هذه الانتفاضة، مستدلة بتراجع مكانة السلطة الفلسطينية أمام حماس، والإحباط واليأس الذي يسود بين الفلسطينيين؛ نتيجة عدم إحراز أي تقدم في العملية السلمية.

وفي هذا السياق، جاءت تصريحات القائد العسكري العقيد يانيف الآلوف أمام جنوده قائلا: «لم نعد على شفا انتفاضة ثالثة، إنها قائمة بالفعل، نتوقع الكثير من الاشتباكات من الآن فصاعدا».

كما جاءت تصريحات رئيس سابق جهاز المخابرات الداخلية الاسرائيلية (شين بيت) يعقوب بيري، الذي قال إن «إسرائيل» تواجه شبح انتفاضة فلسطينية جديدة؛ بسبب الاحباط من الجمود في صنع السلام، معتبرا أن انتفاضة فلسطينية أخرى ليس بالضرورة ان تكون عنيفة، لكنها قد تتطور إلى حركة احتجاجية ضخمة.

كما صدرت تصريحات مماثلة لكل من بيريز وبنيامين بن أليعزر ورئيسة حزب «الحركة» تسيبي ليفني وغيرهم من المسؤولين السياسيين.

والمتتبع للتحركات الأمنية الإسرائيلية يجد تصاعدا في وتيرة الاعتقالات في الضفة، ومساندة من أجهزة الأمن الفلسطينية هناك في اعتقال الناشطين، في محاولة للحيلولة دون وقوع انتفاضة جديدة، أو للسيطرة عليها في بدايات تباشيرها التي ظهرت باستعادة حماس وجودها الجماهيري في أثناء العدوان العسكري الإسرائيلي الأخير على غزة.

ويحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحيلولة دون وقوع الانتفاضة التي ستضعضع من سلطته بالضفة؛ عبر التسريع بإنجاز إنجاز المصالحة مع حماس، وإشراكها في العمل السياسي في الضفة لتخفيف حالة الاحتقان بها.

إلا أن هذا التحرك قد لا يمنع من تململ الشارع الفلسطيني واستثمار أجواء الوفاق الفلسطيني –إن حصل ذلك- لإطلاق انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية تشارك فيها كل أطياف الشعب الفلسطيني.

ويتوفر للفلسطينيين عامل تحفيز خارجي لإطلاق انتفاضة جديدة ضد «إسرائيل»، يتمثل في الربيع العربي وصعود الإسلاميين للحكم في مصر، وتأمينهم الغطاء اللازم للشعب الفلسطيني في مواجهة «إسرائيل».

قد تجنح الانتفاضة في البداية للطرق السلمية، ولكن بطش الاحتلال قد يدفعها إلى استخدام السلاح، وكل ذلك منوط برغبة الفصائل الفلسطينية وميلها نحو دعم انتفاضة جديدة وتحمل أعبائها، أو تفضيلها الانشغال بترتيب البيت الفلسطيني الداخلي الذي قد يسفر عن نتائج أو يبوء بالفشل.

وفي نظرنا أن أهم ما يمكن أن يجمع الفلسطينيين ويوحدهم هو تفعيل المواجهة مع الاحتلال، ففضلا عن أن ذلك يعيد تحريك القضية بعد فشل كل الجهود السلمية، فإنه سيوحد الجميع في الميدان، ويؤسس لقاعدة جديدة للمصالحة تقوم على مقاومة المحتل بكل السبل، بدلا من استمرا التعويل على مصالحة لا ترتكز على برنامج سياسي توافقي.

ولكن العارفين بواقع القضية يرون أن الفصائل إما غير راغبة أو مترددة أو عاجزة عن خيار المقاومة ومنشغلة إما ببرنامج التسوية أو ترتيب البيت الداخلي ما لم تدفعها الأحداث إلى الاندماج في انتفاضة جديدة ضد العدو.

السبيل، عمّان، 17/1/2013

مقالات ذات صلة