المقالات

نشاز حمامي، ام ازمة حماس

تريث في الكتابة، ولم ارد ان اخوض في ردود على سفهاء، يشبهون الفطريات على جذوع الاشجار، ليحيوا على هامشها، لكني رأيت ما يشبه الاستنفار في حركة فتح من القاعدة حتى المركزية في حملة الردود على السفيه ابراهيم حمامي.

واقدر ان الرد ليس على شخص حمامي نفسه،لانه لا يستحق عناء الرد كشخص، بل هي كانت حملة وفاء واخلاص للرمز القائد الشهيد ياسر عرفات، ايقونة فلسطين، وصاحب كوفيتها العالية. هذا العملاق الاستثناء في الزمن الاستثناء، الذي حاز تقدير الاعداء قبل الاصدقاء، وكان رجل الحرب والسلم، فهو من وقع وبصم على معارك خالدة من الكرامة الى صمود بيروت الى حصار المقاطعة، وما بينهم. وهو الحاصل على جائزة نوبل للسلام. وصانع سلام الشجعان بقوة الحضور والموقف، ومن صان وحدد اطار الثوابت الوطنية التي لا يمكن لاحد من مدرسته ان يتنازل عنها.

لكن ابراهيم حمامي، لم يكن ولم ولن يشكل موقفا على مستواه الشخصي، وهو ليس اكثر من صندوق بريد، يقوم بتوزيع الرسائل بالوكالة عن من يسمون اسياده، سواء على المستوى التنظيمي او العربي او الدولي. راجع نشأته فانه لا يفقه سوى ان يكون مخبرا لا اكثر ولا اقل.

وكم عتبت على عضو اللجنة المركزية توفيق الطيراوي من موقعه القيادي والتمثيلي والتاريخي، ان يتنازل للرد على هذا البوق الذي يزمر بنفخة غيره. ليطلق نشازا يزعج ولكن لا يقتل، وهذه جوهر وظيفته.

اما لماذا دفع الصعلوك ابراهيم حمامي للنطق، في هذا التوقيت، ومن على منبر الخنزيرة؟؟. فهنا بيت القصيد والسؤال.

اولا الرئيس الفلسطيني ابو مازن زار قطر مؤخرا، ومعروف ان القطريين لديهم بنكا من العروض التنازلية لصالح اصدقائهم الاسرائيليين، وربيبهم حركة حماس. ومن المؤكد انه عرض على الرئيس شيئا ما، تم رفضه لانه لا يتوافق والرؤية الفلسطينية. وفي قراءة ما بين سطور تصريحات الرئيس نقرأ ما يؤشر الى ذلك. حين يقول ان المفاوضات لن تجلب جديدا، والافاق محدودة لها، وايضا ان طريق المصالحة ركيزتها الانتخابات الفلسطينية على كل مستوياتها.

احسان الجمل

من المؤكد ان هذا كان رد الرئيس، ما اثار غضب القطريين، فأوعزوا الى جزيرتهم بان تقوم باحدى اعصاراتها، وليس هناك افضل من ناعق وبوم يجيد الدور اكثر من ابراهيم حمامي، فكان ما كان، من تطاول يستفز الفتحاويين، لانه يدرك مكانة الزعيم ياسر عرفات، ليجرهم الى مربع ردود الفعل، ليعمم الفعل الاجرامي الحمساوي على المستوى الوطني.

ثانيا العلاقة الحمساوية مع مصر وتداعياتها السلبية، التي اثرت على تحركات حركة حماس الامنية والاقتصادية، على ضوء الدور السلبي الذي اتخذته حماس من التطورات المستجدة في مصر، ووقوفها الى جانب تنظيم الاخوان، وحسب المصادر المصرية فهي لديها تفاصيل مملة ومؤكدة حسب قولها، وتحاول حماس ان تعمم الموقف من قبل مصر تجاه حماس، بأنه موقف ضد العموم الفلسطيني، يضاف الى ذلك ما خسرته حماس بسسب وقوفها الى جانب الاخوان في سوريا، وفقدان التحالف والدعم من ايران وسوريا وحزب الله، مما جعل حركة حماس مقيدة الحركة على خط قطر – تركيا ذهابا وايابا، وغياب قادتها عن المشهد السياسي، باستثناء تصريحات التحريض المحلية او التبريرية. التي تعكس طبيعة الوضع المأزوم لديهم.

ثالثا انعكاس ما سبق على وضع قطاع غزة الداخلي، حيث الثقل والقرار الحمساوي، حيث شح التمويل والتهريب، اضافة الى تداعيات الحملة الامنية المصرية على حدود قطاع غزة، فأصبحت التكلفة كبيرة، تفوق قدرة حماس على تحمل الاعباء، وهذا افرز لديهم مشكلة داخلية كبيرة، تجلت في التصريحات المتناقضة لقادتها، وتحميل احدهم الاخر مسؤولية ما آلت اليه اوضاع حماس، بسبب القرارت السياسية من قيادة الخارج. فأليس غريبا بعد سنوات عامرة من الحكم المستبد ورفض الاخر ان تدعوا حماس الفصائل الاخرى للمشاركة في الحكم، وهي دعوة في الحقيقة الى المشاركة في ادارة الازمة التي تتفاقم يوميا، وتريد حماس تصديرها الى العموم الفلسطيني، وللاسف وقع البعض ضحية هذا المقلب السياسي، فانساق الى الانقسام وقسم قدميه قدم في سلطة رام الله وقدم في حكم غزة.

العامل الاخير هو ما يحكى عن حركة تمرد في 11/11 ذكرى رحيل الرمز ياسر عرفات، وبغض النظر من موقف البعض من خطوة التمرد، إلا انها دبت الرعب في صفوف حركة حماس، خاصة مع اتساع رقعة التأييد لها، والتحضير للانطلاق بقوة. مقابل زيادة في الاجراءات التعسفية ومن اعتقالات لكوادر حركة فتح، والتهديد المسبق من قبل حماس، وهذا دليل عجز من قبلها، لانها لو كانت فعلا من النسيج الوطني، فهناك مدة زمنية طويلة امام تحرك حركة تمرد، بأمكان حماس ان تعيد النظر بكل سياستها والعودة الى البيت الفلسطيني الحضن الدافئ لكل الفلسطينيين، واولى لها بدل ان تقول ان موقفها في سوريا نابع من تأييدها لحق الشعب السوري في حريته واختياراته، ان تحترم حق اهل غزة في حريتهم وخيارهم، وان تذهب الى انتخابات لتقف على رأي اهل غزة وخيارهم.

لذلك ليس مفاجئا، ان نسمع نشازا مثل صوت حمامي، واذا لم تتفهم حركة حماس طبيعة التغيرات في المنطقة، سوف نسمع من قيادات اعلى وارقى من حمامي في حركة حماس مزيدا من اصوات النشاز.

احسان الجمل

مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان

مقالات ذات صلة