المقالات

العدوان الأمريكي.. والمتصهينون

بالفعل,التاريخ يكرر نفسه, ولكن على شكل مهزلة هذه المرّة !حاولوا تسويغ احتلال العراق واختلاق امتلاكه  لأسلحة الدمار الشامل فيما بعد, ليتبين كذب هذا الإدعاء كما جاء على لسان كولن باول بعد عشرسنين . ذات السيناريو يتكررالآن في سوريا, بمسرحية الأسلحة الكيماوية التي(يجري الادّعاء) بأن النظام استعملها ضد خان شيخون قبل التحقيق في الأمر , تماما بتكرار أسطوانة استعمالها في الغوطة عام 2013, هذا رغم  تأكيد  منظمة حظر الأسلحة   في 24 حزيران عام 2014  على انتهاء نقل الترسانة الكيميائية السورية خارج حدودها ,وترحيب بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة آنذاك بهذا الأمر!. المرحوم القذافي قام بتسليم ما سميّ بـ (مخزونه) من المواد النووية ,رغم ذلك, قاموا بقصف ليبيا!  أمريكا تريد تحويل  انتصارات الجيش السوري مؤخرا إلى هزائم , لفك الحصار عن الإرهابيين, وقد باتوا يعيشون مرحلتهم الأخيرة, وهذا ما يٌغضب واشنطن وحلفائها, والكيان الصهيوني على رأسهم , والبعض العربي , مع العلم أن الأطراف الثلاثة تلعب  دورا أساسيا في إطالة عمر الإرهابيين!, الذين يعالجون  جرحاهم في مسنشفيات الكيان الصهيوني, وهو الذي اعترف مرارا بعلاقته معهم! هؤلاء ما زال يصرون على تمزيق سوريا وتدميرها . الغريب أنهم أيدوا العدوان الأمريكي على سوريا, وقصفَ  من مفترض, أنهم إخوانهم, !. قلناها مرارا على صفحات العزيزة “الوطن” أنه , منذ عام 1948 ,فإن بن غوريون  وكيانه الفاشي وضعا أمامهما هدف تدمير أقوى ثلاثة جيوش عربية في مصر والعراق وسوريا.

د. فايز رشيد
د.فايز رشيد

رامبو ليس شخصية هوليودية مجردّة, إنه التجسيد الحي للعقلية العدوانية الأمريكية ور}يتها للآخرين , واعتقادها الراسخ بأنها الشرطي العالمي, والقانوني العالمي , الذي  يضع المعاييرالحقوقية, وهي المفسّر الوحيد لحقوق الإنسان على الأرض, وهي المكان الذي يتوجب اتجاه الأنظار إليه لكسب رضاها وانتظار تعاليمها اليومية! فإن أطاعات الدول, رضيت عنها أمريكا, وإن عصت فالعصا بانتظارها!. هذا النموذج هو ما مثلته أمريكا منذ ما يزيد عن العقدين!. هو صورة المارينز في العالم الافتراضي والمشهدي. صورة مستقرة في المخابرات المركزية الأمريكية والبنتاغون. رامبو يقصف يسارا ويمينا باسم مكافحة الإرهاب. عدد الضحايا وفق المنظمات الحقوقية الغربية من المدنيين,هو ثلاثة أضعاف عدد القتلى من الإرهابيين, وفي الشهر الأخير, قتلت الطائرات  الأمريكية وطائرات حليفاتها في سوريا 204 مدنيا بينهم 32 طفلا و34 امرأة وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. هذا إذا تحدثنا عن سوريا ولم نتعرض للمجزرة التي ارتكبت في الموصل بقصف أمريكي.

من ناحية أخرى, لا يحق للولايات المتحدة الأمريكية, الدفاع عن الفضيلة والأخلاق وحقوق الإنسان , فجرائمها ومذابحها في فيتنام ومناطق مختلفة من العالم, أشهر من أن تغيب عن الذاكرة البشرية, وبخاصة عن جيلنا الذي عايش معظم هذه القبائح, إنها جرائمارتكبت في الفلبين, حيث قُتل ما يقرب من مليون ونصف مليون مدني.أما في الحرب العالمية الثانية ,فحدّث ولا حرج! حيث استخدمت أمريكا وحلفاؤها القصف الجوي على المدن والمدنيين كطريقة رئيسية  للانتصار في الحرب. مما خلف حوالي 2.5 مليون قتيل مدني,  ذهبوا ضحية القصف الجوي الأمريكي ,مثلا قصف دريسدن وبرلين, كما هيروشيما وناغازاكي,اللتين قُصفتا بالقنابل النووية . الولايات المتحدة قتلت أسرى الحرب في المجزرتين  التي اصطلح على تسميتهما بـ “كانيكاتي”  و “بيسكاري” في إيطاليا, ومثلهما مجازر أخرى, مثل مجزرة “داتشاوي” في ألمانيا, مجزرتا “ساحل أوماها” و “أودوفيل لا هوبيرت” في فرنسا, كما أن هناك العديد من جرائم الحرب في قتل الأسرى وقعت في اليابان, ولم يتم التحقق فيها, وقد أكدها باحثون في كتب عديدة مشهورة مترجمة إلى العربية ,مثل “يوم المعركة” لريك أتكينسون, وكتاب “معركة نورماندي” لأنتوني بيفر, وغيرهما.

هناك وثائق تاريخية تؤكد اغتصاب الجنود الأمريكيين للنساء بعد معركة أوكيناوا  في اليابان سنة 1945 . وهناك 3361 حالة اغتصاب تم التبليغ عنها في العشرة أيام الأولى لاحتلال ولاية” كاناجاوا” بعد استسلام اليابانيين فيها. قتلت أمريكا 400 مدني مسالم في الأيام ما بين 26 إلى 29 يوليو 1950, أغلبهم نساء وأطفال وشيوخ في قرية نوجن- ري بكوريا الجنوبية,ولم يتم التعرف على أغلب القتلى والمفقودين حتى اليوم.من ضمن جرائم الحرب الأمريكية في فيتنام, اقنراف العديد من المجازر المعروفة , التي يذكرها جيلنا مثل مجزرة “ماي لاي” وغيرها , كما استخدمت  الأسلحة الكيماوية لتدمير وحرق وإتلاف البشر والحقول والقرى ,مثل  عملية “رانش هاند” التي وقعت سنة 1962 واستمر تأثيرها حتى 1971.أمريكا ودول حلف الناتو قصفت المدن اليوغوسلافية عام 1999حيث خلّف القصف 5000 قتيلا مدنيا.لقد ظهرت العديد من جرائم الحرب على يد القوات الأمريكية بحق المدنيين في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن, وليبيا والصومال وغيرها ,ظهر ذلك في العديد من صور القصف الجوي لمدنيين عُزّل, وجرى اغتصاب النساء والرجال و قتل لأسرى الحرب, أو تعذيبهم وانتهاك آدميتهم, أو ممارسة الإبادة الجماعية بحقهم , أو استخدام أسلحة محرمة دولياضدهم. أما عن جرائم الولايات المتحدة ضد دول أمريكا اللاتينية (التي اعتبرتها حديقتها الخلفية) ومناطق أخرى في العالم, فهي بحاجة إلى مجلد لتعدادها, ناهيك عن العنصرية الأمريكية تجاه سكانها السود, رغم قوانين المساواة , وإلغاء الفصل العنصري, التي تدّعيها.

على الولايات المتحدة التي فاجأت العالم بعمليتها العسكرية, التي  اسمتها “ضربة”على قاعدة الشعيرات الجوية السورية, ان تستوعب ردود الفعل المعادية او الرافضة لخطوتها الاستعراضية, التي دأبت على استخدامها في مسعى مكشوف لفرض رؤيتها السياسية على من يُعارضها او يَرفض القبول بمواقفها من قضايا وأزمات خِلافية اقليمية او دولية, وبخاصة اذا كانت هذه خارج اطار القانون الدولي, او بدت وكأنها استخدام مُفرِط للقوة, يهدف الى إخضاع واسقاط الأنظمة, بعيداً عن الشرعية الدولية التي غالباً ما تزدريها واشنطن.

الغريب , هذه الأاصوات العربية النشاز التي  انتشت بالضربة الاميركية ,وراحت تنسج الاكاذيب والترّهات , التي لا علاقة لها بالسياسة او التحليل السياسي, لتزعم بان موسكو معنِيّة بمصالحها وليس مصالح النظام السوري أو النفوذ الايراني, وغيرها مما يُمنّون انفسهم.. بحدوثه, الاّ ان القراءة الهادئة البعيدة عن الانفعال والعواطف والرغبات, تشي بأن ردّ موسكو (كما حلفاء دمشق في الإقليم) لن يتأخر.

*   *   *

مقالات ذات صلة