الشتات الفلسطيني

سميرة تروي معاناتها من اليرموك إلى جزيرة ساموس : الموت يسكنني !

لا أطلب الكثير من العالم، وكلّ ما أريده هو أن أسترد حريتي يوماً ما، بهذه العبارة بدأت

سميرة 50 عاماً، ومن سكان مخيم اليرموك قرب دمشق ، تروي رحلة معاناتها المضنية والمحفوفة بالمخاطر من اليرموك إلى جزيرة ساموس اليونانية، فقالت: أنا متزوجة ولدي أربعة أولاد ولكنّ الحرب فرقت عائلتي، حيث يعيش أحد أولادي وبناتي في السويد، ويعيش ولدي الآخر في ألمانيا، بينما ما يزال زوجي وابنتي يعيشان في دمشق.

وأوضحت: لم يكن من المفترض أن تصبح الأمور هكذا، أو أن تتشتّت عائلتنا. أنا عالقة وحدي في جزيرة ساموس منذ أربعة أشهر، ولا أعرف كم ستطول إقامتي هنا، وكلّ ما أريده هو أن يسمحوا لي بمغادرة الجزيرة والانضمام إلى ابني في ألمانيا.

وأضافت:فرّت عائلتي من فلسطين عام 1948 إلى لبنان، وولدت في مخيم للاجئين في بيروت حيث نشأت في الفقر. ثمّ أجبرت على النزوح عام 1982 بسبب الحرب في لبنان.

وتابعت:هربت إلى مخيم اليرموك حيث تزوجت، وكانت الحياة جيدة إلى أن اندلعت الحرب في سوريا وتعرّض المخيم للحصار، حيث كدنا نموت من الجوع ونقص الرعاية الصحية، حيث كنا نقتات على الأعشاب ونبات الصبّار الشوكي، وكنّا نغلي التوابل للحصول على مزيج يشبه الحساء.

وأشارت إلى أنها رأت أشخاصاً يموتون من الجوع، ولم يكن قد بقي من أجسامهم سوى الجلد والعظام عندما دفنوا.

وقالت سميرة:هربت وحدي من مخيم اليرموك قبل خمسة أشهر، وقمت برحلة شديدة الخطورة إلى القامشلي شمال سوريا، وحاولت عبور الحدود السورية التركية أربع مرّات بشكلٍ غير شرعي، حيث يمنع على الفلسطينيين السوريين دخول تركيا دون تأشيرة وجواز سفر صالح، وهو ما يتعذر على أغلبنا الحصول عليه.

وأكدت سميرة أن الشرطة التركية أطلقت النار عليها على الحدود، وكانت خائفةً جداً. وأخبرنها المهرّب في نهاية الأمر أنّ العملية شديدة الخطورة، لذلك ذهبت إلى العراق، ثم كردستان حيث استطعت العبور إلى تركيا من هناك.

واعتبرت أن الأمر لم يكن سهلاً في كردستان، حيث تعين علي الانتظار قرابة ثلاثة أسابيع حتّى استطعت دخول البلاد.

وأضافت:استغرقني الوصول إلى أزمير خمسة أيام بعد دخول تركيا. وبعد خمسة محاولات، ركبت القارب المطاطي في منتصف الليل ووصلت إلى جزيرة ساموس بعد ساعات على الهرب من خفر السواحل التركي. ظننت أنني سأموت في البحر، حيث ثقب القارب وخضنا صراعاً مريراً لتجنّب الغرق. لقد كانت رحلة صعبةً ومرعبة، وصلت إلى جزيرة ساموس في 10 تشرين الأول، وعشت وحدي في خيمة دون أي دعمٍ أو إرشاد، ولا أعرف متى سألتقي بأولادي وزوجي مرة أخرى، ما نزال نعيش حالة انتظار مفتوح، ولا أعرف لماذا يمنعون الناس من الوصول إلى وجهتهم.

وقالت: طاردني الموت طيلة حياتي، من لبنان إلى مخيم اليرموك ثم القارب في البحر. وأنا الآن حيّة على جزيرة ساموس لكن الموت يسكنني، آتي إلى هنا للمشي على الشاطئ ولكنني لا أشعر بشيء، فأنا أمضي أيامي هنا كالآلة التي تعمل على البطارية دون أي هدف.

وأعربت سميرة عن حزنها الشديد لما حصل لها ولعائلتها:أبكي كلّ يومٍ في خيمتي ولا أحد يسمعني، ولا أعرف متى ستنتهي هذه المأساة، فحياتي تبدو وكأنها سلسلةٌ من المآسي التي لا يبدو أنّ لها نهاية.

المصدر: أطباء بلا حدود

مقالات ذات صلة