الشتات الفلسطيني

رحلة العذاب.. عاشتها الفلسطينية نور من اليرموك إلى اليونان

أمامك خياران إما الموت أو البحث عن مستقبل أفضل، بهذه العبارة وصفت الفلسطينية نور شحادة (22 عاما) مشاعرها قبل السفر في رحلة العذاب التي عاشتها عند لجوئها من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق الى اليونان، هربا من جحيم الحرب الدائرة في سوريا منذ ست سنوات.

رحلة لا تزيد مدتها في العادة عن 4 ساعات جوا من سوريا الى اليونان، لكنها تحولت إلى رحلة عذاب استمرت لـ 19 يوما، نجت خلالها من الموت بأعجوبة عندما تعرضت للموت في أكثر من موقف.

شحادة لم تحتمل الوضع المعيشي الصعب في مخيم اليرموك واختارت البحث عن مستقبل مشرق تاركة حلماً لم يكتمل بدراسة الصناعات الكيميائية والدوائية في جامعة دمشق، وكالة معا التقت شحادة عبر الهاتف وسردت لنا تفاصيل رحلتها المليئة بالمعاناة والقهر.

تقول شحادة: اضطرت عائلتي لمغادرة سوريا إلى لبنان مع احتدام الحرب في سوريا وتحديداً في مخيم اليرموك الذي بدأ يشهد اشتباكات عنيفة بين الجماعات المتصارعة تاركين خلفنا كل ما نملك من منزل وذكريات، استقرت عائلتي في لبنان لكن بعد عامين ونصف قررت أنا ووالدي السفر إلى اليونان من أجل البحث عن فرص عمل لتوفير لقمة العيش لإفراد العائلة.

15 محاولة على الحدود

عدنا الى سوريا يوم 28 شباط عام 2017، وتوجهنا الى مطار دمشق، من أجل السفر الى مدينة القامشلي الواقعة في جهة الشمال الشرقي على الحدود مع تركيا، ثم ذهبنا الى منطقة رأس العين، للدخول بشكل غير قانوني إلى تركيا لعدم امتلاكنا وثائق رسمية من جواز سفر وغيرها.

وخروج شحادة عبر الحدود لم يكن مفروشا بالورود، مضيفة: نجحنا باجتياز الحدود بعد 15 محاولة، كنا في كل مرة نحاول فيها نتعرض للقصف الشديد، سقط خلاله العشرات من القتلى.

وكانت شحادة تحمل من الصور والذكريات والأموال لكنها فقدتها مع جهازها الجوال اثناء محاولتها الهروب عبر الحدود.

وتضيف: بعد دخولنا تركيا التي مكثنا فيها أربعة أيام تنقلنا خلالها في أكثر من مدينة، وصلنا خلالها الى تجار البشر المسؤولين عن سفرنا عبر القوارب الى اليونان.

دفعنا نحو 800 دولار من أجل السفر في قوارب تفتقد لمقومات السلامة وتكتظ باللاجئن، لم يكن ذلك إلا لوصولنا لمرحلة تصبح فيها الحياة بدون قيمة.

وتضيف: بشكل سريع صعدنا الى القوارب خوفاً من القبض علينا من قبل الأمن التركي، كان مقرراً أن تجلس النساء والأطفال وسط القارب والرجال على أطرافه لكن بسبب ضغط الوقت اختلط كل شيء، كنت أول الصاعدين على متن القارب الذي كان يحمل نحو 40 شخصاً من أطفال ورجال ونساء.

وتضيف: انطلق القارب وكانت حينها عاصفة شديدة تضرب تركيا والأمطار الغزيرة تتساقط من كل مكان، بدأ شريط ذكرياتي يعود إلى عائلتي التي تركتها أمي وشقيقي الذين بقوا في لبنان، وشقيقي الآخر الذي غادر إلى ألمانيا، ومنزلي في مخيم اليرموك وحارتي وجيراني.

الموت أو الحياة

رغم أن الهدوء كان يسيطر على الموقف إلا إنه كان مرعباً، تشاهد الخوف في وجوه الناس الذين لا يعرفون ما هو مصيرهم على متن القارب هل سنصل أحياء أو أموات؟، لا خيار أمامنا سوى الاستمرار أو الموت، وتقول: الحمد لله نجح قاربنا في أول مرة بالوصول إلى اليونان، وكان الجميع سالمين، على عكس المئات الذين ماتوا غرقاً في البحر.

تتابع: وصلنا اليونان في 19 آذار وانضممت الى زملائي في فريق جفرا، حيث كنت متطوعة معهم في مؤسسة جفرا للإغاثة والتنمية الشبابية في سوريا ولبنان.

وشحادة مسؤولة حالياً عن ملجأ خاص بالسيدات، تم تأسيسه من قبل فريق جفرا وهو عبارة عن عمارة صغيرة تعيش فيها نحو 15 سيدة من فلسطين وجنسيات عربية مختلفة، لجان الى اليونان نتيجة الحروب الدائرة.

ويقدم الملجأ الحماية والرعاية للسيدات لحين توفير ظروف معيشية أفضل لهن، كما ويقدم المساعدة للسيدات للحصول على الإقامة أو الانتقال إلى دول أوربية أخرى، إضافة إلى الطعام والرعاية الصحية.

وتطمح نور شحادة باكمال دراستها الجامعية التي تركتها في سوريا والعمل في مجال تخصصها وتوفير متطلبات العيش بحياة كريمة، إضافة الى تقديم الخدمات للاجئين بشكل أكبر.

نقلاً عن موقع معا

مقالات ذات صلة