المقالات

موبقات ترتكب .. واعتبروني مجرما!

في ساحتينا الفلسطينية والعربية, تحوّل النضال الوطني والقومي إلى مكاسب شخصية, ومناصب وامتيازات للكثيرين, وتآمر واستهداف مقصود للمناضلين وللكفاءات الحرّة, في محاولة لإثبات عجز الذات عن الفعل والتأثير! وهذا أيضا يتم تحت شعار الوطنية والقومية, وحرث مخيمات اللاجئين من قبل من أشك, أنهم معروفون حتى من قبل عائلاتهم!

نحن في الساحتين الفلسطينية والعربية، ومثلما يقول المثل العربي “يعرف ويحرف!”. نشخص بدقة, لكننا نبتعد لسبب أو لآخر عن الحلول الصحيحة الشافية والوافية. إن أكبر هديّة يمكن تقديمها لمعركة أسرانا في قضيتهم الوطنية ومطالبهم العادلة ضد الجلادين الفاشيين الصهاينة, تتمثل في مجموعة من الخطوات الفلسطينية: وقف الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية, الانسحاب نهائيا من نهج المفاوضات العبثي مع العدو الصهيوني. إلغاء اتفاقيات أوسلو وتداعياتها الكارثية, العودة إلى تأكيد الشعار الأول, بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني, إلغاء أي هدنة مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان! إلغاء مبدأ حل الدولتين, ما دام هذا الحل فقد الأساس المادي لتطبيقه من خلال الاستيطان. ثم, التعامل مع العالم العربي, دولا وشعوبا من خلال مدى انسجام موقف كل دولة وحزب وجماعة مع المنطلقات الاستراتيجية القديمة/ الجديدة التي حددناها. التركيز على البعد القومي العربي لقضيتنا, وحتى لو انسحب النظام الرسمي العربي من قضيتنا, فأقسم أن هذا لن يحمي الدول العربية كبيرها وصغيرها من وصول الخطر الصهيوني إليها, والهادف أبدًا تقسيمها إلى دويلات إثنية وطائفية ومذهبية متقاتلة.

فايز رشيد
فايز رشيد

أدرك, أن كثيرين من سياسيينا الأشاوس وكتّاب آخر زمن, سيتهمون صاحب هذه السطور, بالعدمية والسباحة في الوهم والخيال! ولكن أسألكم: ماذا فعلت بنا موضوعيتكم وواقعيتكم؟ غير أنها أرجعتنا عشرات السنين الوراء! وفتحت شهية العدو الحاقد إلى مصادرة المزيد من الأرض الفلسطينية, والمزيد من التنازلات الرسمية الفلسطينية, كما أدخلتنا إلى نفق مظلم جديد هو عبارة عن متاهة ولجة بحرية في عاصفة هوجاء! أقسم, أننا إذا استمررنا في هذا الطريق, فبعد ثلاثين عاما من الآن سنكون في وضعٍ أسوأ من الوضع الحالي, الذي نعاني عثراته وموبقاته وإشكالاته. البديل واضح: عدو يصرح قادته عن الأسرى ومطالبهم بمضمون الآتي: (“هناك اكتظاظ في السجون, وإن مات أسرى ففي التربة متسع لهم”! و”لن نتفاوض معهم حتى لو ماتوا جميعًا” وعلى ذلك قس), عدو يغض الطرف عن غلاة المستوطنين المتوحشين, الذين ينظمون حفلات لشواء اللحم أمام نوافذ سجن عوفر للإمعان في تعذيب الفلسطينيين! عدو ينكل بالقائدين الكبيرين أحمد سعدات ومروان البرغوثي, عدو يتراجع عن كل المكتسبات التي جرى انتزاعها من بين براثنه الشيطانية وأنيابه المتوحشة, بنضالات سابقة للأسرى منذ عام 1967 وحتى الآن! أسأل بربكم: هل تراهنون على إقامة سلام مع هؤلاء الوحوش؟ اعرفوا عدوكم, اقرأوه جيدًا!.

لقد خاطبوا النبي موسى من قبل قائلين: “اذهب أنت وربّك وقاتلا, إنا ههنا قاعدون!”. دلوني على اسم نبي كريم لم يتآمروا عليه ولم يعذبوه ولم يسيئوا إليه, سوى إلههم الذي اخترعه حاخاماتهم “يهوه”؟ أتتصورون أن هؤلاء سيوافقون على إعطائنا دولة؟ (أرجوكم اقرأوا مقالتي بعنوان “المخفي والمستور في التاريخ اليهودي” عن دماء المسلمين والمسيحيين اللازمة لتصنيع الفطائر بمناسبة الأعياد اليهودية, التي كتبتها بعد اللجوء إلى مصادر تاريخية قديمة وعديدة). لقد صلبوا المسيح, وعذبوا رسولنا الكريم ونبينا الأمين, وقاموا ويقومون بارتكاب المذابح المتواصلة ضد شعبنا وأمتنا, هل تعتقدونهم, سيجنحون يوما للسلام؟

الغريب, أن اتفاقيات أوسلو, كما الاتفاقيات الأخرى العربية مع العدو, مثلما نسج العلاقات والتطبيع معه, تتم بدعوى الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من الأرض الفلسطينية, والحقوق الوطنية الفلسطينية. كثيرون من “أشاوسنا” بعد إقامة السلطة, اعتقدوا أن السلام حلّ بيننا وبين العدو, فأخذوا يذهبون إلى مواخير تل أبيب ونتانيا والسهر مع ضباط المخابرات الصهيونية. وحتى اللحظة لا يزال التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني قائمًا! وهذا يتم أيضا من باب الحفاظ على المصالح الأمنية الفلسطينية. تماما مثل من يطبعون من العدو, ويستقبلون قياداته ووفوده في عواصم بلدانهم, ويشترون قصورا في نتانيا!, ومن أجل ذرّ الرماد في العيون, يتبرعون للفلسطينيين ببعض فتات أموالهم, ويطرحون مشاريع مصالحة, وهم يمارسون تكريسها, باعتبارها طريقهم الوحيد للنفاذ واستمرار التآمر على الحقوق الفلسطينية وعلى كل الأمة العربية. وهذا أيضا يتم باسم الحفاظ على الحقوق الفلسطينية والعربية.

في ساحتينا الفلسطينية والعربية, تحوّل النضال الوطني والقومي إلى مكاسب شخصية, ومناصب وامتيازات للكثيرين, وتآمر واستهداف مقصود للمناضلين وللكفاءات الحرّة, في محاولة لإثبات عجز الذات عن الفعل والتأثير! وهذا أيضا يتم تحت شعار الوطنية والقومية, وحرث مخيمات اللاجئين من قبل من أشك, أنهم معروفون حتى من قبل عائلاتهم! قلتُ في مقالة ماضية على صفحات العزيزة “الوطن” إن البوح في ظل تقدم العمر يكتسب أهميته المضاعفة, فالصدق مع النفس ومع الآخرين هو الطريق الأكمل والمتمثل في الوضوح، الذي أصبح في زمننا, وفقا لنبي الشعر محمود درويش, جريمة. أرجوكم, سأظلّ واضحًا, قويًّا في الجهر بآرائي ومحاربة الانتهازيين المارقين, الطارئين على النضال الوطني والقومي. وإن كان هذا إجراما, فأرجوكم, اعتبروني مجرمًا!

مقالات ذات صلة