شؤون فلسطينية

حواتمة – تشكيل ناتو عربي تقوده إسرائيل كلام بلا رصيد

■ موقف الجبهة الديمقراطية من زيارة الرئيس ترامب للأراضي الفلسطينية؟ ومن استئناف المفاوضات الثنائية بين السلطة والحكومة الاسرائيلية دون الحديث عن شروط ومرجعية دولية أو سقف زمني؟!

■■ بدايةً عليك أن تتريث قليلاً، قبل السؤال عن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مدينة بيت لحم، وقبلها إلى ما أطلق عليه «القمة العربية الاسلامية الأمريكية» التي انعقدت في الرياض في 20-21 من شهر أيار/مايو، لأننا في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يهمنا – قبل وبعد كارثة 5 حزيران/يونيو 1967، ومنذ انطلاقة الجبهة-، مسار وحاضر ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، وأن تبقى قضيته في صدارة الاهتمام الدولي وقلب نصه، لا إلى الهوامش، باعتباره لا يجوز التفريط به وبثوابته، في رهاننا الدائم على الخروج من المأزق الذاتي الفلسطيني ممثلاً بالانقسام (كوارث الإحتكار والاقصاء والصَوملة الجارية بين فريقي الإنقسام)، نحو دروب الوحدة والقوة الجامعة، والتخلص من حالة التفرد والانفراد والشرذمة، ربطاً بين المشروع الوطني الفلسطيني ومستقبله، باعتباره عند تحقيقه سيكون بوصلةً عربية – قومية للخروج من حالة الوهن والضعف العربي.

منذ ما قبل زيارة الرئيس ترامب، لم نتحفظ أبداً من توقع النتائج، من موقع القراءة لمجموع العوامل الذاتية والموضوعية، وقرعنا ببرامجنا أجراس الإنذار إزاء ما يتهدد القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، لأن عدم استعادة المشروع الوطني الفلسطيني الموحَّد والموحِّد إلى رحاب الوحدة الوطنية على أسس ديمقراطية، سيؤدي إلى هاوية الضياع، ليس أقلها محاولات تبدو سانحة لاختطافه برمته، والانحراف به عن خط أهدافه، حين لا تعود «إسرائيل» الكيان الاحتلالي، وأن اسناد النضال الفلسطيني هو واجب قومي، باعتباره خط الدفاع الأول، وأن الاحتلال ينبغي أن يكون حالة عابرة ينبغي مقاومته موحدين، وبشتى وسائل النضال وتجميع الطاقات العربية والدولية، وهذا موضوع لا يقبل المساومة، أو التلهي بالأوهام.

لقد كان على السلطة الفلسطينية أن تمعن النظر بما يدور تحت الطاولة، مع أن ما يجري هو على رؤوس الأشهاد والإعلام، وقد سمعت السلطة الفلسطينية وقرأت كثيراً تصريحات بنيامين نتنياهو، وأقطاب حكومته العنصرية المتطرفة، بأن القضية ستحل دونما حاجة إليها- يقصد السلطة ذاتها-، للأسف بدأ هذا الوهم بعد أن هاتفهم ترامب، فقدم صانعو الأوهام والتسريبات التضليلية ما يحلو لهم على الواقع الفعلي، أما بشأن زيارته فهي ليست أكثر من ضغوط وشروط مسبقة تحت عنوان”المؤتمر الإقليمي” و” تطبيع العلاقات العربية مع اسرائيل”، وفي سياق ما تندرج عليه كلمتيّ – علاقات عامة -، بعد أن صرح الأخ محمود عباس عن استعداده للعودة للمفاوضات، ومستنقعها الآسن ورمالها المتحركة القاتلة، إن التعلق بالأوهام متواصل، فالمفاوضات بدون محددات، حيث لم يطلقها الرئيس ترامب، ولم يدلي بها، بأي تصريح حول الأسس التي ستقوم عليها، منسجماً

مع موقف نتنياهو: «بدون شروط مسبقة، مع الاعتراف بيهودية الدولة» – التي رفضها عباس -، فمن مارس الضغوط وعلى مَن؟!

كما كان من المواقف الفلسطينية «وضع سقف زمني» للمفاوضات، وأن تكون قرارات الشرعية الدولية هي المرجعية لها، وأن يوافق الجانب الاسرائيلي على قبول قيام دولة فلسطينية في حدود 4 حزيران عام 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها، فعن ماذا ستسفر المفاوضات الجديدة؟!، وقد أصبح الرئيس ترامب عند حسن ظن السلطة الفلسطينية، مع إدراكي أنهم يفهمون هذا الواقع، لكنهم يعيقون البديل الوطني الفلسطيني، وعشر سنوات عجاف إنقسام وصوملة، احتكار وأقصاء متبادل على جانبي الانقسام، بينما غزو استعمار الاستيطان ونهب الأرض لا يتوقف في القدس والضفة والحصار على قطاع غزة.

لقد سبق وأن تلاعبت «إسرائيل» لربع قرن بموضوع المفاوضات، في خسارة صافية للقضية الفلسطينية، أمام إدارات أمريكية عديدة متعاقبة، والمطلوب وقف التلاعب الجديد لأن الخاسر به هو فلسطين.

رؤية الرئيس ترامب انكشفت مع أول زيارة لمبعوثه الشخصي جيسون غرينيبلات وتصريحه الواضح، وشروطه التسعة على السلطة الفلسطينية، بدءاً من «أمن إسرائيل وتفوقها» الذي تكفله الولايات المتحدة، بل أيضاً عبر عملية «السلام في المنطقة» من خلال الدورين الفلسطيني والعربي، بل لقد طالب ترامب نفسه في لقائه مع الأخ محمود عباس بوقف التحريض، ووقف إمداد عائلات شهداء فلسطين «المخربون والارهابيون» بمخصصات لأسرهم.

يمتاز الرئيس ترامب بـ«عقيدة الصفقات» وبعد انجاز الصفقة فإن لكل حادث حديث، وإذا ما كان سيدير «الصفقة» كرجل أعمال يدير شركة، أم كرجل أعمال يدير دولة كبيرة كالولايات المتحدة؟!

ثمة مؤشرات على التطورات العجيبة الغريبة في سياسة «الصفقات»، منها أن إدارته حاولت حظر مواطني سبعة دول عربية ومسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة، كذلك اتهام سلفه أوباما بالتجسس على فريقه الانتخابي، خلال الحملة الانتخابية، ثم اتهام روسيا بذلك، اتهامات عديدة بلا أدلة، أدت سريعاً إلى عدد غير مسبوق من أزمات داخلية واعتراضات شعبية في الولايات المتحدة، وكذلك لأزمات خارجية، كما يؤخذ عليه تعيينه في إدارته أصحاب المليارات من بنوك وول ستريت – مركز المال والأعمال في نيويورك -، وكذلك صناعة السلاح والبترول، واقتراحه تخفيض ميزانيات البرامج الاجتماعية وميزانية وزارة الخارجية، وفشل في إقصاء «الأمن الصحي» المعروف بـ«أوباما كير» وذلك من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أما تعيينه لسكوت بروت الذي ينكر حقيقة التغّير المناخي رئيساً لوكالة “حماية البيئة”، فقد كانت سبباً للمظاهرات الشعبية التي انطلقت ضده من الصعب التكهن والتنبؤ بما ستؤول له مؤسسة الرئاسة، وترامب يتناوله الإعلام الأمريكي والدولي ويراكم نقده.

هنا يهمنا الأساس «المشروع الوطني الفلسطيني» في حاضره ومستقبله، بالعمل على إسقاط الرهان على الأوهام، وإنهاء الإنقسام الفلسطيني والصَوملة الجارية المدمرة، ومواصلة العمل لعقد المجلس الوطني الفلسطيني المنتخب التوحيدي الجديد، بقانون التمثيل النسبي الكامل، وفقاً للبرنامج الوطني الإئتلافي، وتكريس شعار «شركاء في الدم… شركاء في القرار».

لأن الجديد مع ترامب على الحال الفلسطيني، وهو ما أشارت له الصحف الإسرائيلية عن لقائه – ترامب – ونتنياهو، حين عبر عن تأييده لخيار المفاوضات الثنائية بين «إسرائيل والفلسطينيين»، مع «عدم فرض أية حلول على الطرفين»، كما أنه «لا يتمسك بحل الدولتين»، وإن كان عدم القبول به سيؤدي إلى الدولة العنصرية الإسرائيلية الواحدة لأن دولة المساواة في المواطنة والديمقراطية مرفوضة من حكومة اسرائيل واليمين الإسرائيلي، والموقف غير واضح من قضية الاستيطان، رغم تصريحه بعد أن أصبح رئيساً بأن «الإستيطان لا يعيق الحل»، ثم لاحقاً تحديده المقصود «هو التوسع في الإستيطان الجديد»، أي توسيع المستوطنات الموجودة أصلاً لا يعيق الحل»، بشأن «حل الدولتين» لأن هذا الحل «يعيق الإستيطان»، ويؤدي إلى عدم معارضته، وهو الأمر الذي دفع الرئيس أوباما إلى عدم معارضة القرار الأممي في مجلس الأمن (2334)، الذي يدين الإستيطان الإحتلالي للأراضي الفلسطينية، بيد أن إدارة ترامب تسقط أي دور للأمم المتحدة إزاء هذه القضية التي تشكل فيها الأرض جوهر القضية الفلسطينية، وكذلك عدم ربطه «السلام العربي والتطبيع مع إسرائيل» مقرونة بخطوات «إسرائيل» إزاء ما ينجز مع الطرف الفلسطيني من حل، بل يستبق ويحفز الخطوات العربية والإقليمية، في إقامة شكل من أشكال التحالف المؤتمر الإقليمي.

■ رؤيتكم للمحاولات الحثيثة لدمج «إسرائيل» في الإقليم العربي والفضاء الإسلامي كدولة طبيعية في إطار ما يسمى بالسلام الإقليمي المبني أصلاً على المبادرة العربية؟!

■■ بصراحة ومسبقاً إجيبكم، نقصد الكلام الذي يدور في الإعلام المروج الدولي، عن «حلف عربي سنيّ رأس حربته «إسرائيل»، أختزل الإجابة هذا الكلام بلا رصيد، وغير قابل للصرف، بمختلف تسمياته حلف ناتو تقوده إسرائيل)، لن يكون له أساس على أرض الواقع لأن ما صدر عن زيارة ترامب، لم يخضع له البيان الختامي للنقاش، لأن محاولات اللعب بالملل والنحل والمذاهب الاسلامية لن تجدِ، ثمة تباينات كبيرة في داخل ما جرت تسميته بالحلف العربي، على سبيل المثال أظهرت مصر تمايزاً واضحاً في مقاربتها للإرهاب «وحواضن الإرهاب» التي أودت إلى خلاف داخل التحالف، ومنه قطري – تركي، أما موضوعة تشكيل قوة قوامها 34 ألف عنصر.. أين سيكون مسرح عملياته؟ السؤال هنا: من سيشكل وسيموّل هذا الجيش، وكذلك من سيقوده، وفي سياق دول «مجلس التعاون الخليجي» هناك تباينات، بين الرؤية في دول الخليج، وصولاً إلى عُمان، فضلاً عن الخلافات العربية – العربية، كما أن هذا الحلف يقف خارجه العراق وسوريا والجزائر، والذين يتمسكون «بإتفاقية الدفاع المشترك» الموقعة في ستينيات القرن الماضي.

كما أن التعويل على الجيش الباكستاني، وهو جيش كبير ومؤهل تقنياً وقوي، فإنه لا يمكن لإسلام آباد أن توافق عليه، لأن إثارة شعوبية المذهب، لبلد يتواجد به بكثافة ثنائية الإسلام السني والشيعي، (مع بالغ أسفي لإنحدار المصطلحات التفتيتية والتحتية) سيؤدي به إلى الهلاك والهاوية الذاتية، وعلى إفتراض موافقته، وهي مستبعدة تماماً، أما إندونيسيا، فإن الدولة هناك ترفض ذلك، وعلى ذات الأمر السنغال والعديد من الدول.

والأهم هو أن «الأحلاف العسكرية» لا تقام ببيان بين ليلة وضحاها، دون حسابات دقيقة للدول وواقعها الذاتي والموضوعي المحيط، هنا لن يجدِ التأييد الأميركي، ونقصد هنا الأمور بخواتيمها وبتقييم النتائج، إن معادلة مصر الناصرية في الستينيات من القرن الماضي، كانت ترى بأن «مال العرب للعرب.. ونفط العرب للعرب» قد

انقلبت رأساً على عقب، علماً بأن التأثير هو على الشباب العربي، مع الادراك أن ثلث العرب هو من الشباب تحت سن الثلاثين، هو ذاته الذي دفع بالانتفاضات والثورات العربية في البلدان العربية منذ 2011 حتى يومنا، ولم يعد يحتمل أية «هيكلة» جديدة للاقتصاد وفي أوطانه.. وهنا أيضاً لن يجدِ التعويل على واشنطن وحمايتها..

يعود البعض الرسمي من خلال الترويج للقمة الأميركية الاسلامية، على موقف أميركي أشد ضراوة ضد بلدان عربية واقليمية، وجاء تصريح الرئيس ترامب يحمل الأمر الوحيد الواضح، وهو أن «الولايات المتحدة لن تخوض حرباً على إيران»، أي أنها لن تخوض حرباً بالنيابة عن الآخرين من دول المنطقة.

نتساءل هنا بشأن سياسة «الصفقات»، وهذا المبدأ «الترامبي» مدرج بالتأكيد في الملف الإيراني، حيث ينبغي الإفراج عن الأموال الإيرانية في البنوك الأميركية، فإن حجم الأرقام ومبالغها مع حساب مراكمات أرباحها، إذا ما توصلت إيران إفتراضياً على التنازل عن مراكمات أرباحها إلى 20 بالمئة فقط منها لواشنطن على سبيل الافتراض – والمثال، ماذا سيكون موقف الرئيس ترامب؟!

هذا في الوقت الذي تنفتح به أوروبا الغربية على إيران، وتتسابق مشاريعها ورؤوس أموالها، على سبيل المثال الصفقة الإيرانية مع شركة مارسيدس بكل صنوف انتاجها، لتنتج في إيران لصالح السوق الآسيوية، كذلك ما اتخذه «إتحاد الجامعات الأوروبية» من «قرار توثيق عرى العلاقة مع الجامعات الإيرانية» في المثال الأول فإن حجم «الصفقة» سيكون أكبر من نصف تريليون دولار التي قدمها العرب في القمة المذكورة في الرياض.

نذكر هذا فقط لبيان موضوعة «سياسة الصفقات» بدون رؤية محددة واضحة لموضوعة المال في السياسة.. الخ، بل إن المشهد يبدو سوريالياً تماماً، سوى أن الرئيس ترامب عاد إلى بلاده وهو يحمل توقيع صفقات قيمتها تقارب نصف تريليون دولار للسنوات القادمة، منها إتفاقية تسليح المملكة العربية السعودية بقيمة 110 مليار دولار.

من الغرابة أيضاً، هو أن «إسرائيل» التي تلهث للتطبيع مع الدول العربية، وإقامة التحالف معها، يعرب وزير حربها افيغدور ليبرمان: «إسرائيل تعرب عن قلقها إزاء بيع أسلحة أميركية للسعودية» كما جاء يوم 24 أيار/مايو المنصرم (وكالة أ.ف.ب – وكالة الأنباء الفرنسية -) من القدس، فقد وصفها بأنها «سباق تسلح إقليمي مجنون»، والمقصود عقود 110 مليارات دولار، مؤكداً أنه أجرى مؤخراً محادثات مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال هربت ديموند ماكماستر، معبراً عن قلقه حيال الصفقة، وأنه «قلق حيالها» ــــ مؤكداً «نحن نتابع التطورات من كثب، ولدينا وسائل للتعامل معها»، أما المتحدث باسم البيت الأبيض فقد وضح: «إن صفقة الأسلحة هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة»، معلناً باسم البيت الأبيض: «وأن ترامب خلال لقائه نتنياهو في القدس أكد إلتزام الولايات المتحدة أمن (إسرائيل)، بما في ذلك الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لها».

نذكر هذا ليفهم البعض ماذا تريد “إسرائيل” من التطبيع، ومن النظرة لمفهومها الذي يعني «الإستسلام» بالكامل، لدورها في المنطقة..

من هنا لا يمكن دمج «إسرائيل» كيان الأبارتهيد العنصري الذي ينتهك كل عرف إنساني ومجموع القانون الدولي، كما أن العالم برمته، بما فيه الإدارات الأميركية تعرف حقيقة موقف «إسرائيل» من أية تسوية مع الفلسطينيين، وقد باتت تشكل إحراجاً حتى لحلفائها في هذا العالم، والمطلوب موقف رسمي وطني فلسطيني ـــ

بالذهاب إلى الأمم المتحدة، من أجل تدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، بدلاً من المفاوضات العقيمة المهلكة للقضية الفلسطينية ذاتها..

■ هل تجدون أن الرئيس ترامب لديه رؤية واضحة لتحقيق تسوية في الشرق الأوسط؟ وتعقيبكم على وصف ترامب لحركة حماس بـ«الإرهاب»؟!

■■ الشق الأول من السؤال سبق وأن أجبنا عليه فيما سبق، كما يمكن أن نضيف أن ليس هناك من جديد لما سميت بـ«القمة الأمريكية العربية الاسلامية» مرةً أخرى لقد كان الرئيس ترامب واضحاً في القمة، بأن الولايات المتحدة لن تخوض حرباً بالنيابة عن أي دولة في المنطقة، تصريح ترامب واضح وجليّ لمن ينتظر أو ما زال.. حزماً أميركياً في مجابهة مباشرة مع دولة ما في المنطقة.

دون أن نغفل أن ترامب ذاته، هو تحت المراقبة السياسية والقانونية من قبل أجهزة الدولة الأمريكية العميقة. كما في أبرز وجوه الاعلام المهيمنة والاعلام الموازي، ولم يتجاوز بعد خطر العزل أو المساءلة. حيث لا يمكن محاكمته إلا إذا ثبت خرقه للقانون بشكلٍ متعمد، أو في أحسن الأحوال يتنحى أو يجري عزله، منها ما يمكن تلمسه في مظاهر التردد والارتباك في تراجعه عن أوامر تنفيذية ، لم تنصاع لها المؤسسات الدستورية. هنا يمكن أن نشاهد ازدواجية واضحة، تتمه للكيل بمكيالين..

الحملة الانتقادية تتصاعد للخارج، على سبيل المثال، أوردت صحيفة «الغارديان» البريطانية في (25 أيار/مايو) تحت عنوان:«ترامب غير مؤهل للقيادة» وذلك في مقالة افتتاحية موجزها عن زيارة ترامب للشرق الأوسط، يرى بها أنه “أثبت أنه غير مؤهل للقيادة”، وأضافت أنه استغل زيارته للشرق الأوسط والصور التي نشرت عنها في التغطية على مشكلاته في بلاده، ومن بينها تصاعد التساؤلات بشأن علاقة حملته الانتخابية بروسيا، والثانية في الميزانية التي وضعها، وما فيها من إجراءات قاسية على الفقراء، وتصف «الغارديان» أن ترامب تجنب الوقوع في أخطاء جسيمة لأنه ألغى المؤتمرات الصحفية، لكنه أطلق تصريحاً غريباً في زيارته لنصب المحرقة في (إسرائيل) عندما وصفه بأنه رائع.

في السعودية «استبدل الأوصاف الشنيعة التي أطلقها على الإسلام، ومن بينها أنه دين الكراهية، بعبارة أنه أحد أعظم الأديان السماوية».

وأن «التصفيق الذي حظى به ليس دليلاً على نجاح الزيارة»، ودون أن يطلب من رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو أي تنازل»، هذا فضلاً عن قناة BBC بالترويج للافتتاحية ذاتها.

في الشق الثاني من السؤال، خاصةً في موضوعة الوصف والدمغ بالإرهاب، وربما ترامب لا يدرك أن الإرهاب هو الإرهاب، وأنه ليس هناك إرهاب جيد وإرهاب رديء. وأن أعتى أشكال الإرهاب هو الاحتلال، وهذا لا يلغي حقيقة سقوطه مجدداً في عمى التعريف، ومنها المجموعات التي أسستها الولايات المتحدة لخوض الحروب والفوضى بالنيابة عنها، أو التي توفر لها المدد اللوجستي والفكري والمادي والبشري، الذي تستخدمه في حروب التدمير والقتل، ونموذجها في العراق وسوريا ومصر في مذابح الأقباط، وفي سيناء وليبيا واليمن، وهو لا يملك أية رؤية أو حلول بديلة.

في دولة الاحتلال «اسرائيل» يلاحظ أن هناك شبه اجماع على أن خطاب ترامب في زيارته لها «كان صهيونياً بإمتياز، وكأنه كتب بأيدي إسرائيلية، ولاحظت صحيفة «معاريف»(25/5) «بأن اسرائيل حظيت بالدعم التام من رئيس الولايات المتحدة، دعماً لم تره منذ سنين، وهي الحرب على الارهاب ومنع إيران من الحصول على السلاح النووي، مترافقاً مع تعزيز نسيج العلاقات بين البلدين (الولايات المتحدة واسرائيل)، وخلصت الصحيفة إلى «أنه على امتداد رحلته حدد الرئيس الأمريكي محور الشر، بأن حاضنته ايران وحزب الله وداعش والقاعدة وحماس». نحن نرفض ما يطرحه ترامب، ونؤكد أن ارهاب دولة الاحتلال واستعمار الاستيطان التوسعي الإسرائيلي هو مركز الشر في فلسطين والشرق الأوسط.

وزير (اسرائيلي) وصفته الصحيفة رفيع المستوى أعلن: «لقد عاد الفلسطينيون 100 عام إلى الوراء» مشيداً بالنهج الأمريكي الجديد، وقال: «إنه لأول مرة منذ عدة سنوات لا يكون لدى السلطة الفلسطينية أي دعوة مسبقة حول نتائج المفاوضات مع (إسرائيل)».

إن الاحتلال والاستيطان والقتل والاعتقالات والاغتيالات وحصار قطاع غزة هو أعنف أشكال الإرهاب، وفي الكيان العنصري الممنهج، فإن العقاب الجماعي هو جريمة حرب، ومجمل الممارسات التي تحظرها اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 بشأن حماية المدنيين تحت الاحتلال وخصوصاً المواد 31 و32 و33 التي تنص صراحةً على ذلك، هنا كان من الأجدى أن تظهر «إنسانية» ترامب، لأوضاع الأسرى الفلسطينيين والمعتقلين الإداريين الذين يتضورون جوعاً، وكانوا يخوضون إضراباً عن الطعام منذ 41 يوماً. أما اتهام حركات المقاومة بالإرهاب، هي في سياق «الكيل بمكيالين» الأمريكي الشهير، وأن إيران هي حاضنة الارهاب ممثلاً بحزب الله وحماس، وهي حركات وطنية تدافع عن أوطانها، ضد عنف الاحتلال وتهديداته الارهابية.

وفي ذات السياق جاءت ملاحظتة للسلطة الفلسطينية «بوقف التحريض ضد إسرائيل» وعدم «دفع الأموال الشهرية (الرواتب) لعائلات شهداء فلسطين، ووصفهم بالارهاب، بقوله: «مكافأة الارهابيين وعائلاتهم»، وهم على امتداد الصراع مئات الآف الشهداء الذين استشهدوا دفاعاً عن وطنهم.

■ كيف تقيمون التفاعل الرسمي والشعبي على اضراب الحرية والكرامة؟

■■ معركة الأسرى هي معركة الكل الفلسطيني، في مواجهة السجان الصهيوني العنصري، لإجباره على الاعتراف بحقوقهم الإنسانية والعادلة، الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية وفي عموم أماكن الشتات والمهاجر يعتبرها معركته، وكذلك الفعاليات الشعبية الواسعة، في المدن والبلدات والقرى والمخيمات، كما النقابات ومنظمات المجتمع المدني، والجامعات والمدارس، هم جميعاً في مواجهة مع قوات الاحتلال، وفي فضح الممارسات العنصرية العدوانية مع الأسرى، نضالاتهم تشكل نمط حياة، في أكاديمية النضال والمواجهة في الخط الأول لأسرى فلسطين، لقد خاض الشعب الفلسطيني هذه التجربة معززاً صمود أبنائه الأسرى الأبطال، الشعب الفلسطيني وهو يدرك حجم التهاوي الرسمي العربي.

هنا أتوجه بالتحية لأشقائنا ورفاقنا في تونس والجزائر، في المغرب/الرباط، المهرجان الجماهيري الكبير، تحت رايات «الحرية والكرامة الانسانية لأسرى الحرية، وشاركت به أحزاب ونقابات المغرب الأقصى: حزب الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب العدالة والتنمية حزب التقدم والاشتراكية، ممثلو البرلمان، وعموم

الفعاليات النسائية والشبابية، نتوجه لهم بالتحية الرفاقية والأخوية الحارة، في مواقفهم المشهودة برفض التطبيع والمطبعين في المغرب والبلاد العربية، كذلك إخواننا ورفاقنا في الجزائر وتونس، مصر والأردن، وفي العديد من العواصم العربية، الجهود الكبيرة في دعم صمود أسرى فلسطين، حتى تحقيق مطالبهم العادلة، وأن انتصارهم اليوم هي مناسبة لتصعيد النضال الوطني نحو الانتفاضة الشاملة، ومن أجل تحرير كافة الأسيرات والأسرى الأطفال والأسرى دون أي شرط.

■ الاجراءات الأخيرة من قبل الرئيس عباس ضد غزة في ملف الرواتب والكهرباء، ماذا تقولون في هذا الشأن وانعكاساته على ملف المصالحة..؟

■■ سبق وأن أعلنا رفضها جملةً وتفصيلاً، وطالبنا بالدعم الكامل لقطاع غزة في وجه الحصار الجائر والدمار الهائل، لا انتفاصاً لحقوقه..

ونحن لم نخفِ الحقائق عن شعبنا في تحملنا المسؤولية الوطنية، وقلنا إن الطرفين فتح وحماس يتحملان المسؤولية الوطنية عن الإنقسام، يتحملان المسؤولية الوطنية عن تعطيل الإتفاقات العديدة لأجل إنهاء الإنقسام، وأخرجنا قرارات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني في بيروت (10-11 كانون الثاني/يناير 2017) قرار تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة لتفكيك وإنهاء الانقسام والصوملة المدمرة، وبالتوازي قرار مواصلة اللجنة التحضيرية تجهيز قانون وآليات الذهاب للانتخابات البرلمانية والرئاسية لكل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بالتمثيل النسبي الكامل، ضماناً للشراكة الوطنية والبرنامج الوطني الفلسطيني الموحَّد.

عندما جرت انتخابات المجلس التشريعي الثاني (2006) دعونا إلى قانون إنتخابات بالتمثيل النسبي الكامل، يقوم على مبدأ الشراكة الوطنية، ويقطع الطريق أمام القوانين الاحتكارية والإقصائية وانقسام الصوملة المدمر بين فريقي الانقسام، وذات النتائج الإستبدادية والانقسام والفساد الفئوي الفردي. لكن طرفي الإنقسام توافقاً معاً، آنذاك على رفض التمثيل النسبي، ولولا صمودنا في حوار القاهرة (2005)، لما توصلنا إلى حل وسط، لقانون يجمع بين الدائرة الفردية والتمثيل النسبي. وقد أثبتت تجربة الإنتخابات أن قانون الدائرة الفردية، هو الذي أنتج حالة الإستقطاب المدمر الثنائي بين فتح وحماس الذي يتناقض مع قوانين حركات التحرر الوطني وتجارب الثورات والمقاومة لإنجاز حقوق شعبنا بتقرير المصير والدولة المستقلة وعودة اللاجئين، بينما قانون التمثيل النسبي هو الذي فتح الباب لمعظم القوى لدخول المجلس التشريعي. ومنذ ذلك الوقت والعلاقات الثنائية بين الطرفين تشهد صراعات انقسامية غير مبدئية على «السلطة والمال والنفوذ»، على الوظائف والمصالح والمغانم والنفوذ في السلطة، بينما جرى تنحية الخلافات السياسية جانباً، وتؤكد الحوارات الثنائية بينها أن القضية السياسية لم تكن تشكل يوماً ما قضية خلافية، فالطرفان على إستعداد للمساومة سياسياً، مقابل التشدد والتصلب في عملية إقتسام المؤسسة والمصالح الفئوية، كالوزارات والوظائف والإدارات العامة والنفوذ في الأجهزة الأمنية وسواها.

لقد دعونا منذ الأيام الأولى للإنقسام في 14/6/2007 إلى إنهائه، والعودة إلى الوحدة الوطنية الداخلية. ومبادراتنا في هذا السياق عديدة، كلها تهدف إلى إعادة الخلاف إلى إطاره السياسي ووضع حد للصراع الدموي وسياسة الإعتقالات والمطاردات والإعتقالات المضادة والمطاردات المضادة.

ندعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة كل الفصائل وشخصيات وطنية مستقلة (عملاً بما جاء في بيان اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني) تشرف على إجراء انتخابات شاملة، رئاسية، لتجديد شرعية رئيس السلطة،

وتشريعية (المجلس الوطني الفلسطيني) وللبلديات والمجالس المحلية، الجامعات والنقابات، تكون كلها وفق قانون التمثيل النسبي الكامل، باللائحة النسبية المغلقة لانتخاب برامج وقوى تحمل هذه البرامج، لإنجاز مهمات الثورة والمقاومة والشراكة الوطنية في هذه المرحلة.. مرحلة التحرر الوطني والاستقلال، وتتولى المؤسسات الجديدة، المنتخبة ديمقراطياً، وبشكلٍ حر ونزيه، إعادة توحيد الحالة الوطنية الفلسطينية. مع العلم أن التوظيف الزبائني والمال السياسي الانتخابي والاعلامي تمس سلبياً حرية ونزاهية الانتخابات.

المجلس الوطني المنتخب الجديد ينتج حكومة جديدة، تعكس خارطة القوى البرلمانية وتشكل عنوناً للوحدة الوطنية، تكون معنية بإعادة توحيد المؤسسات بين الضفة والقطاع، وتعيد النظر بالسياسات المعتمدة، لصالح إستراتيجية وطنية جديدة وبديلة، توفر لشعبنا عوامل الصمود في مواجهة الاحتلال والإستيطان، وحلول اقتصادية واجتماعية جديدة للتنمية ومحاربة البطالة والفقر والمرض.

المجلس الوطني الجديد ينتخب لجنة تنفيذية جديدة، تنتخب بدورها رئيسها، كما ينتخب مجلساً مركزياً وإدارة مستقلة للصندوق القومي، تكون معنية بتطبيق قرارات المجلس خارج سياسات التفرد والزبائنية المالية والسياسات الكيدية.

المجلس الوطني يكون معنياً بإعادة صياغة الإستراتجية الوطنية الفلسطينية، وطيّ ملف أوسلو وإتفاقاته المذلة، لصالح إستعادة البرنامج الوطني الفلسطيني الموحَد والموحِّد.

وكالة قدس نت للأنباء

مقالات ذات صلة