اخبار الوطن العربي

الحريري يُعيد إعمار “سوريا الأسد”

هناك التماس لتغيرات أجريت على خطاب الرئيس الحريري نحو سوريا

مقرّب من الرئيس الحريري زار دمشق مؤخراً

تسري أحاديث حول إمكانيّة أن يكون الحريري مهتمّاً بـ”إعادة إعمار سوريا”

“ليبانون ديبايت”

سطع نجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري عند بلوغ الحرب اللّبنانيّة المأساوية نهاياتها، فعمد الرجل القادم من عالم المال والأعمال في السعوديّة، ورجل “الإنماء والإعمار” في لبنان، إلى تأسيس شركتين، الأولى حملت اسم “سوليدر” التي تكفّلت ببناء الوسط التجاري المدمّر في بيروت، وثانية “أليسار” التي لم تشأ الظروف السياسية ولادتها الميمونة، وبينهما، كان هناك “مجلس الإنماء والإعمار” الذي كان وصيّاً على مدِّ جسور وطرقات التواصل المقطوعة بين اللّبنانيين.

بعد استشهاد الرئيس الأب، ورث نجله الملفّ السياسي، ودون أدنى شكّ، لم يكن الملف الاقتصادي بعيداً عن منال “الرجل اليافع” الذي “بعزق” الأموال يميناً ويساراً. شاءت الظروف أنّ تأتي الحرب السورية في “ذروة شبابه” ودخوله المُعترك السياسيّ وحالة الإفلاس الاقتصادي، فاتت كـ”الجن الأزرق” لتفتح له أفقاً يعيد ما ذهب. لا يخفي عليمون أنّ الحرب السوريّة باتت في امتارها الأخيرة، أي أنّ عجلة إعادة إعمار البلد الذي أنهكته الحرب ستأتي عاجلاً أم آجلاً، فلماذا لا يكون للحريري الذي ورث “المال والأعمال” إلى جانب السياسيّة دوراً فيها؟

يقف كُثر أمام عداء الرئيس الحريري لنظام الرئيس بشار الأسد الذي سيكون حائلاً أمام تطوّر العلاقات إلى مستوى المشاركة في “حفلة” إعادة الإعمار، لكن مهلاً، هل هناك عداوة دائمة أو صداقة دائمة في السياسة؟ قطعاً لا، فالمؤشر السياسي يحسب المصالح والفوائد قبل أي شيء آخر، والرئيس الحريري “المديون والعالق في الأزمات”، قطعاً لن يُفوّت فرصة المشاركة في إعادة إعمار سوريا، حتّى ولو على حساب التنازل عن مواقفه التي بَرِعَ فيها بالفترة الماضية.

يقول قائل باستحالة حصول ذلك كون النظام السوري قطع على نفسه عهداً بردِّ العداء للحريري، لكن من يقول أنّ الحريري سيشارك شخصيّاً أو بشكلٍ مباشر في إعادة الإعمار، وهل أنّ الحريري عارياً من الشخصيّات التي تدور في فلكه والتي تختصّ في مجال الأعمال؟ قطعاً لا أيضاً، فالرجل لديه من الإمكانات ما لديه، وسوريا هي الأخرى بحاجة لكلّ خبرة في إعادة إعمار بلدها، طالما أنّ نظامها باقٍ في الحكم!

ربّما الذي يقرأ الآن، يحلّل أنّ ما كُتِبَ هنا ضرب من ضروب الخيال، لكن كيف يفسّر القارئ نفسه، انخفاض مستوى الخطاب التحريضي الذي كان الحريري يقوده قبل مدّةٍ قصيرة ضد آل الأسد؟ يمكن الالتفات هنا إلى دعوات الإفطار التي شارك فيها الحريري في رمضان المنصرم، ليرصد المتابع أنّ هناك تغييراً حادّاً في الخطاب نحو النظام السوري، على الرغم من “أنغام فريقه” التي تسمع هنا وهناك. مثلاً، في آخر زيارة قام بها الرئيس الحريري إلى عكّار مطلع الشهر الماضي، لم يخجل من التسويق أمام مناصريه عن “الفرصة الكبيرة التي ستؤمنها إعادة إعمار سوريا للبنانيين من القاطنين في عكار”. ربّما مرّ الأمر ملتبساً على المتابعين الذين لم يصرفوا عناء التفكير: “كيف سيشارك أنصار المستقبل في إعمار سوريا الأسد يا ترى؟؟”

ببساطة، يمكن الوصول إلى إجابات موضوعيّة من خلال تحليل وجوه قوى الثامن من آذار القريبة من سوريا، والتي يظهر أنّها في الفترة القليلة الماضية، ذهبت نحو تعويم اسم الرئيس الحريري كخيارٍ أفضل من غيره “سنياً” لا بل المحاضرة بأهميّة التحالف معه، دون أن يسقط من بالنا أنّ بعضهم ذهب سعيداً في خيار التحالف الانتخابيّ معه، وهذا يمكن التماسه من خلال نوعيّة ما يُصدر عن رئيس تيّار التوحيد العربي وئام وهاب، وابتعاد حزب الله عن انتقاد الحريري، لا بل مجاراته في خيارات عدّة.. هل أتى كلّ ذلك من لا شيء؟؟ قطعاً لا ثالثة!

أمّا الجديد الذي يُسرّب ويمكن الاعتماد عليه في فهم ما يجري خلف الكواليس، هو حِراكٌ يقوم به أحد رجال الأعمال المقربين من الرئيس الحريري، والذي انكبّ على زيارة “دمشق” مؤخّراً، ولقاء أحد الأذرع الاقتصاديّة الأساسيّة في سوريا، دون أن يسقط من البال ما يجري التداول به حول “حياكة مبادرة إعادة ترميم” ما انكسر بين قصر المهاجرين وبين الوسط. لماذا يلتقي هذا المقرّب بقريب الرئيس السوري الذي يستلم الملف الاقتصادي في بلاده؟ ولماذا يصرّح الرئيس الحريري مؤخراً بضرورة إعادة إعمار سوريا؟ سؤال يقود إلى أنّ الحريري يفضّل أن يدير المقربين منه شركة لـ”إعادة الإعمار” تُذرّ الأموال عليه وتعوّض عليه الحد الأدنى وربّما الأقصى من الذي خسره.. وهذا ليس حرام في السياسة.

لكن استدارة الحريري لن تمر على سوريا التي لن تقبل بها إلا وفق أجندة ما، يردّد وعلى ذمّة المصادر، أنّ إرهاصاتها بدأت تتشكّل في الفترة الماضية. وأمام هذا الجو، يرصد متابعون أن خلف اشتباك جنبلاط – الحريري، استشعار بيك المختارة بخطوة “الشيخ سعد” نحو دمشق والتي ربّما سينافس فيها “البيك” على “الإسمنت” المصدّر نحو سوريا!

ليبانون ديبايت

2017 – تموز – 06

مقالات ذات صلة