اخبار الوطن العربي

قرارٌ سعودي بإنهاء جبهة النصرة” في عرسال!

يستغرب قارئون في فنجان السياسة، كيف أنّ الرئيس سعد الحريري تجاوز مستوى انتقاداته السابقة التي كانت تُوجَّه لحزبِ الله عند كلّ دخولٍ له في عمليّةٍ عسكريّةٍ داخل سوريا، فكيف لهذا الصمت أن يُسجّل في ذروة دخوله إلى ميدانٍ لبنانيّ؛ عاملاً على تطهير جردٍ “طويلٍ عريض” من الإرهابيين، يسأل هؤلاء.

تزدحم الإجابات عند محاولة تفسير هذه الخطوة. فبينما يُردّد البعض أنّ من شأن هذا الصمت مصلحة في تحصين الحكم والائتلاف السياسيّ القائم داخل البلاد الذي يشكّل حزب الله ضلعاً أساسياً فيه، يُشير آخرون أنّ خلف هذا الصمت مصلحة إقليميّة في إنهاء حالةٍ مسلّحة تأتي من ضمن قرارٍ يقضي باجتثاث أدوار وأيادِ وقواعد قطر في المنطقة.. من هنا يُقرأ الكوب المُمتلئ من الفنجان.

عندما يقول الرئيس سعد الحريري إنّ الحكومة فوّضت الجيش اللّبنانيّ القيام بعمليّةٍ مدروسةٍ في جرود عرسال، فهذا يعني ضمناً اعترافه باحتواء هذه البقعة على إرهابيين لطالما كان هو أوّل من نفى هذه الحقيقة، أي إنّه انقلب على مواقفه السابقة رأساً على عقب. وعندما يُعلِن رئيس الوزراء ذلك يكون ضمناً قد أعطى غطاءً لحزب الله الذي يعمل ضمن قائمة الأهداف ذاتها لتنفيذ أجندةِ التطهير، ولو أنّ هذا الغطاء غير معلنٍ، وهو العارف جيّداً أنّ التنسيق بين الجيش اللّبنانيّ وحزب الله بما خصّ هذا الملف تحديداً عالٍ جداً.

يتساءل متابعون، من أين أتى الحريري بكلّ هذه الشجاعة ليُعلن تفويضاً للجيش اللّبنانيّ كان يعتبره البعض حتّى الأمس القريب ضرباً من ضروبِ الخيال، كون المؤسّسة السياسة ما كانت في أيّامها إلّا حجرة عثرة يقف في طريق الجيش وبحصة في خاصرته، امّا الشواهد على ذلك فهي كثيرة من الضنية وحتّى عرسال 2014.

الجواب يمكن الاستحصال عليه بسهولةٍ إنْ قُرِأ فنجان الأزمة القطريّة – السعوديّة جيّداً والتفويض الأميركيّ المُعطى للأخيرة والذي حوّلها إلى شرطي يحاول مدّ نفوذه في أرجاء الإقليم. تُشكّل جبهة عرسال إحدى أهم القِلاع القطرية التي رُبِّيت على علاقة الإمارة بجبهة النصرة. مثّلت عرسال حتّى الأمس القريب بوّابةً لقطر عبر جبهة النصرة منذُ انّ سمح لها باللّعب على أوراق العديد من ملفّات القوّة ولعلّ أهمها مسائل التبادل والتفاوض التي أظهرت مدى القوّة وتأثير القطريين على جماعة الجولاني. ومع تعاظم الحرب على قطر، كان لا بدّ من إنهاء هذه الحالة من ضمن البرنامج الرامي إلى قطع اليد القطريّة من مُجمل الملفّ السوريّ، والذي تُعتبر الجرود احدى اهمّ اوراقه.

وبناءً على أنّ المصلحة العليا السعودية تقضي قطع أيادِ قطر، فلا مُشكلة في غضّ النظر عن الدور الذي يقوم أو سيقوم به حزب الله في عرسال وجرود القلمون مرحليّاً كونه يُحقّق المصلحة السعودية بشكلٍ مباشر ودون وجود أيّ تواصلٍ مباشر أو غير مباشر مع حزب الله او الجيش السوري، من هنا يقرأ معنيون أنّ حزب الله وعلى الرغم من كلّ الكلام الذي يُقال، استفاد من جوٍّ إقليميٍّ معيّن على الرغم من أنّه لا يعوّل لا على الإقليم ولا على إفرازاته.

يقول قارئ، إنّه لا يمكن فصل عمليّة تطهير جرود القلمون ومن خلفها عرسال عن الحرب المُعلَنة التي يخوضها “جيش الإسلام” (المدعوم سعوديّاً) على جبهة النصرة في ريف دمشق انطلاقاً من كون منطقة القلمون متّصلةً جغرافيا من حديقتها الخلفية من غوطة دمشق الشرقيّة، إذاً فإنّ المصالح مشتركة.. وعليه، يُقرأ سبب صمت الحريري وعدم اتّخاذه المواقف ذات مستوى القساوة السابقة نفسها.

عبدالله قمح | ليبانون ديبايت
2017 – تموز – 22

مقالات ذات صلة