شؤون فلسطينية

بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول هبة القدس

يا جماهير شعبنا العظيم..

للأسبوع الثاني على التوالي تتواصل هبة القدس الباسلة رداً على مواصلة العدو الصهيوني إغلاق المسجد الأقصى في وجه المصلين، ومحاولاته إجبار المواطنين الدخول إليه من البوابات الإلكترونية، تحت حجج أمنية واهية لا تعدو عن كونها غطاء لتكريس واقع سياسي يضاف لسلسة متواصلة ومستمرة من السياسات والإجراءات التي يتبعها الاحتلال بشكلٍ يومي، وتهدف إلى تهويد مدينة القدس، وتغيير طابعها الديمغرافي، وتزوير تاريخها العربي والإسلامي، والتضييق على سكانها لحملهم على الهجرة منها، كجزء من سياسة الترانسفير التي تتخذ أشكالاً عدة، بالإضافة إلى كل أشكال القمع والاعتقال والترهيب التي تمارس ضد الفلسطينيين في المدينة المقدسة.

لقد استطاع العدو الصهيوني تنفيذ الكثير من سياساته تلك، كما إجراءاته الأخيرة في القدس، مستفيداً من الواقع العربي المثخن بحروبه وصراعاته الداخلية وحروبه الأهلية، وضعف وتآكل نظامه السياسي، وخضوع معظمه لإرادة القوى الإمبريالية، إلى جانب عجز المجتمع الدولي ومؤسساته عن إلزام دولة الكيان بالانصياع للقرارات والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تُجرّم إجراءاته تجاه الشعب الفلسطيني، وهذا ما يفسر عدم اكتراث حكومة العدو بكل التدخلات والمطالبات الدولية والعربية، التي طالبتها بالتراجع عن إجراءاتها، والسماح للمواطنين من الوصول والصلاة في المسجد الأقصى.

وعلى الرغم من هذا الواقع العربي المأزوم والمهزوم، ومن الواقع الدولي العاجز، أثبتت الجماهير الفلسطينية في القدس والضفة الغربية والمحتل من فلسطين عام 48 وقطاع غزة، من خلال هبة القدس والتي سقط خلالها عدد من الشهداء ومئات من الجرحى، قدرتها على مواجهة السياسات الاحتلالية وأهدافها التهويدية، وكرست وحدة وطنية ميدانية مشهود لها، تجاوزت فيها حالة الانقسام، والخلفيات الفكرية والدينية والسياسية، وهتفت بصوت واحد نصرة للقدس وحماية لها وللمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها.

إننا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ونحن نقف بفخر واعتزاز أمام هذه الهبة الجماهيرية، والتلاحم الوطني الذي تعزز خلالها، ونحيي بكل شموخ وكبرياء شهدائها وجرحاها، فإننا ندعو إلى ضرورة الاستثمار لها والبناء الإيجابي عليها وتنظيم إدارتها من خلال البدء الفوري في تشكيل قيادة ميدانية موحدة، لقيادة وتوجيه هذه الهبة، نحو الأهداف الوطنية المرجوة منها، والعمل الجدي على تعزيز صمود أهلنا ومؤسساتهم الوطنية في مدينة القدس، وتوفير كل المقومات المادية والمعنوية، التي من شأنها رفع وتيرة التصدي للسياسات والإجراءات الاحتلالية التهويدية والتوسعية في المدينة، وبما يحافظ على طابعها العربي والإسلامي، ويديم بقاء أهلها ومؤسساتهم الوطنية، كرهان رئيسي للتصدي ولإفشال تلك السياسات وأهدافها.

يا أبناء شعبنا المقدام..

في سياق هبة القدس، جاء خطاب الرئيس محمود عباس، وعلى الرغم من كل ما جاء فيه، فإننا نرى أنه يتضمن أفكاراً يمكن البناء عليها ترتبط بالخطوة المطلوبة فعلياً وعملياً وبشكلٍ مباشر نحو تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية باعتبارها الركيزة التي لا غنى عنها الآن في توحيد طاقات شعبنا، بالاستناد إلى إتفاقات المصالحة، وفي مقدمتها وثيقة الوفاق الوطني واتفاق القاهرة أيار – مايو عام 2011، بما يضمن الوصول إلى تحقيق وحدة وطنية تعددية، باتت تنظر إليها جماهير شعبنا بأمل كبير، تستطيع من خلالها تجاوز المخاطر الجدية التي تتعرض إليها قضيتنا الوطنية. وبالتالي فإن استمرار وضع العراقيل كالإجراءات الجائرة التي اتخذتها السلطة بحق قطاع غزة والتي يجب أن تتوقف فوراً، إلى جانب حل اللجنة الإدارية من قبل حركة حماس، وأي تباطؤ أو تأخير في التقاط اللحظة الراهنة لتنفيذ اتفاقات المصالحة بآليات وطنية سيضع حركتي فتح وحماس أمام مسؤولية تاريخية ووطنية كبيرة.

وفي هذا السياق، فإننا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، نرى بأن المطلوب ليس تجميد الاتصالات مع العدو فحسب، كما جاء في خطاب الرئيس، وإنما تنفيذ قرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشأن العلاقة الأمنية والاقتصادية وغيرها مع العدو، وصولاً إلى القطع الكامل مع نهج التسوية وما ترتب عنه من اتفاقات، استغلها العدو في تكريس احتلاله بكل أشكال السيطرة والاستيطان والعدوان والتهويد للأرض والمقدسات.

إن الجبهة الشعبية، وهي تؤكد على أهمية الدعوة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، فإنها تؤكد أيضاً أن هذا يتطلب أولاً دعوة اللجنة التحضيرية لاستكمال ما سبق التوصل إليه من توافقات وقرارات في إجتماعها المنعقد في بيروت والبناء على ذلك وصولاً إلى عقد مجلس وطني توحيدي يعقد في الخارج، وبعضوية جديدة تكون حصيلة انتخابات ديمقراطية أو بالتوافق حيث لا يمكن ذلك، وهذا هو الذي من شأنه أن يعيد الاعتبار للمنظمة ودورها وتمثيلها وبرنامجها على أسس وطنية وديمقراطية واضحة.

إن إعادة الاعتبار للمنظمة وهيئاتها ودورها وتمثيلها وبرنامجها في العودة والدولة وتقرير المصير، باتت مسألة ملحة لا تحتمل التأجيل أو التسويف أو استمرار توظيف المنظمة لخدمة البرامج الخاصة لهذا التنظيم أو ذاك، واستمرار التفرد والهيمنة والاحتكار لقراراتها ومؤسساتها ودوائرها، بما يبقيها أسيرة العجز والتهميش والإقصاء.

أبناء شعبنا المقاوم وجماهيرنا الوفية ..

إننا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نصبو إلى تحقيق وحدة شعبنا عبر نظام سياسي وطني وديمقراطي يكرس وحدة مؤسساته، وتماسك أداته الكفاحية، وتعزيز صموده وتصعيد مقاومته، وتجاوز كل المخاطر التي تعترض وتتهدد قضيته وحقوقه الوطنية والتاريخية في أرض وطنه .. وهذا لا يتأتى إلا بالنضال الشعبي الديمقراطي، ضد كل الأطراف التي تعيق تحقيق ذلك، جنباً إلى جنب مع تصعيد النضال والمقاومة ضد العدو الصهيوني وكل أشكال وجوده على أرضنا العربية.

عاش كفاح ونضال شعبنا الوطني على طريق حريته وعودته واستقلاله

عاشت القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المستقلة الناجزة

الدعم كل الدعم لهبة القدس الباسلة

المجد للشهداء .. والشفاء للجرحى.. والحرية للأسرى.. والنصر لشعبنا

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

دائرة الإعلام المركزي

23/7/2017

مقالات ذات صلة