اخبار الوطن العربي

ذكرى ميلاد حكيم الثورة جورج حبش

02 آب / أغسطس 2016

غزة _ بوابة الهدف

يصادف اليوم الثلاثاء، الثاني من شهر أغسطس الجاري، ذكرى ميلاد مؤسس حركة القوميين العرب، والأمين العام السابق للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، الحكيم جورج حبش، حيث ولد في مدينة اللد عام 1926، وتعرض للتهجير والترحيل في حرب 1948 من فلسطين، وكان يدرس الطب في تلك الفترة في كليّة الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت.

الحكيم جورج حبش، هو مناضل فلسطيني، ويعتبر مؤسس الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وأحد أبرز الشخصيّات الوطنيّة الفلسطينيّة، وشغل منصب الأمين العام للجبهة حتى عام 2000.

بعد النكبة، عاش جورج حبش صراعاً نفسيّاً حاداً بين إكمال الدراسة، أو التوقف عنها، وانتهى بإكمال الدراسة بناءً على إلحاح والدته بشكل خاص، التي كانت تحلم أن تراه طبيباً.

الحياة السياسيّة والنضاليّة

ترك احتلال القسم الأكبر من فلسطين آثاراً عميقة في تفكير جورج حبش، وكانت مشاعره تتأجج بالغضب والتحدي، وضرورة الرد على ما حصل.

كانت جمعيّة العروة الوثقى في الجامعة الأمريكيّة في بيروت عام 1949، منتدى يهتم باللغة والآداب، حولته مجموعة من الشباب، من ضمنهم جورج حبش إلى منتدى للنشاط السياسي والفكري، ومن خلال بعض النشاطات، حاول الشباب العربي الإجابة على أسئلة تفسر ما حصل في فلسطين.. وكيف حصل؟ وما هو الرد؟

يذكر جورج حبش أنه تم تنظيم سلسلة من الندوات، تحدث بها كبار المتحدثين، ويتذكر منهم الشاعر العربي الكبير عمر أبو ريشة.

كانت مشاعر جورج حبش وقناعاته، تتبلور باتجاه أن القوّة هي الطريق الوحيد لاسترداد الحق، ومن هنا كان تحركه مع مجموعة صغيرة من الشباب العرب، المتواجدين في سوريا ولبنان والمشرق العربي لتشكيل “كتائب الفداء العربي”.

قامت كتائب الفداء العربي ببعض العمليّات في ذلك الوقت، وضرب بعض المؤسسات الصهيونيّة في الوطن العربي.

انكشف تشكيل “كتائب الفداء العربي”، بعدها بدأت تتبلور لدى جورج حبش فكرة وأهميّة العمل من خلال الجماهير، وبين صفوفها، وهذا ما قاد إلى بدايّة التفكير بتأسيس “حركة القوميين العرب”.

تخرج من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1951 متخصصاً في طب الأطفال، بقى في الجامعة الأمريكيّة معيداً، وفي أحد الأيام تم التخطيط لعمل مظاهرة، فأحيطت الجامعة بالإجراءات الأمنيّة، وأغلقت أبوابها لمنع المظاهرة، وكانت الطريقة الوحيدة للتحدي والنجاح في نزول جورج حبش والشهيد وديع حداد، وغيرهم ويغلقوا الباب بالقوة.

عرفت إدارة الجامعة أن أحد أساتذتها يحرض الطلاب على التظاهر ويخلع باب الجامعة، فبادر جورج حبش وقدم استقالته. بعد الاستقالة، تم الاتفاق أن يغادر جورج حبش إلى عمان لافتتاح عيادة 1952، وبعد فترة يلحق به وديع حداد.

في عمان افتتح جورج حبش عيادة طبية، لتصبح الأردن هي المركز الذي يشرف من خلاله، جورج حبش، على حركة القوميين العرب، التي بدأت تتشكل في لبنان وسوريا والخليج والعراق.

في الأردن تم التفكير بضرورة شق مجرى للعمل بين الجماهير، من خلال بعض الوسائل وأهمها “العيادة المجانية، العمل في أحد نوادي الشباب، مدرسة لمكافحة الأميّة، إصدار مجلة أطلق عليها اسم مجلة الرأي”.

تابع جورج حبش، هذه النشاطات في الأردن مع نخب من سياسيّة وثقافيّه كمقبل مومني وسالم النحاس وغيرهم، بنفس الوقت الذي أشرف فيه على النشاطات الأخرى في لبنان والكويت وسوريا والعراق.

انتقل جورج حبش إلى دمشق ثم غادر إلى الأردن، وبعد عودته جرت انتخابات نيابيّة، شارك فيها جورج حبش ومجموعة من أعضاء الحركة وأصدقائها بهدف الاتصال مع حركة الجماهير، وحصل جورج حبش على أصوات أكثر مما كان يتوقع، رغم أنه لم ينجح في الانتخابات.

عمل على تأسيس حركة القوميين العرب التي كان لها دور في نشوء حركات أخرى في الوطن العربي، ففي عام 1956، عقد المؤتمر التأسيسي الأول في الأردن، وتم اختيار اسم حركة القوميين العرب، وحضر المؤتمر مندوبين عن “لبنان، العراق، سوريا، الأردن، الكويت، وفلسطين”.

بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا وتصاعد المد الناصري والتفاف الجماهير العربيّة حول قيادة عبد الناصر، طرح بعض مسؤولي الحركة سؤالاً حول مبرر استمرار وجود الحركة.

جورج حبش مثل وجهة نظر، أكدت على ضرورة وأهميّة تنظيم حركة الجماهير عبر إطار سياسي، وأن عبد الناصر يمثل القيادة الرسميّة للجماهير العربيّة، والحركة واجبها تنظيم وتعبئة هذه الجماهير للنضال من أجل تحقيق الشعارات التي رفعها عبد الناصر.

ظل يعمل في مجال دراسته حتى عام 1957، خرج بعدها من الأردن إلى العاصمة السورية دمشق وصدرت بحقه عدّة أحكام بين الأعوام 1958 و1963، وانتقل بعدها من دمشق إلى بيروت.

في صيف 1959 تم تأسيس أنوية لحركة القوميين العرب في ليبيا والسودان واليمن بشطريه الشمالي والجنوبي، ومناطق أخرى من الخليج العربي.

وفي العام 1961 تزوج من فتاة مقدسيّة هي هيلدا حبش، وأنجبا ابنتين، وفي عام 1961 وقع الانفصال، وانفك عقد الوحدة بين مصر وسوريا، فقامت المظاهرات والتحركات الجماهيريّة المطالبة بإعادة الوحدة، وإسقاط الانفصال، ولعبت الحركة دوراً في تحريك الشارع العربي، وبشكل خاص في سوريا، في هذه الفترة تم اعتقال جورج حبش ثم أفرج عنه.

عام 1963، حصل انقلاب جاسم علوان في دمشق، والذي كان يستهدف إعادة الوحدة الفوريّة مع مصر، وكان جورج حبش أحد المتهمين بالتخطيط لهذا الانقلاب.

اختفى جورج حبش لمدة تسعة شهور، غادر بعدها إلى لبنان لقيادة عمل حركة القوميين العرب.

بداية عام 1964، غادر جورج حبش إلى القاهرة، لمقابلة الرئيس عبد الناصر، وتكونت بينهما علاقات صداقة ومودة، وطرح جورج حبش على الرئيس عبد الناصر، موضوع الكفاح المسلح في جنوب اليمن، والكفاح المسلح في فلسطين، ودار نقاش طويل حول الموضوعين كانت نتيجته بدء الكفاح المسلح في جنوب اليمن الذي انتهى بطرد القوات البريطانيّة، وكذلك الاتفاق على بدء الإعداد للكفاح المسلح الفلسطيني على أن تتم عمليّة التنفيذ في اللحظة المناسبة.

بعد خروجه من الأردن ركز جهوده نحو القضيّة الفلسطينيّة، ولعب دوراً في تبني الثورة الفلسطينيّة للفكر الماركسي اللينيني.

الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين

في ديسمبر من العام 1967 أسس الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين مع وديع حداد وأبو علي مصطفى وآخرون، حيث شغل منصب أمينها العام، وقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على تبني المبادئ اللينينيّة، بعد استغناء جمال عبد الناصر عنها وإعادة برمجة دعمه لياسر عرفات.

روج حبش في إطار قيادته للجبهة الشعبيّة للأعمال المثيرة والتي أخذ بعضها شكل عمليات اختطاف طائرات “إسرائيلية” وتفجير لبعض خطوط النفط والغاز وهجمات على السفارات الصهيونيّة في عدة عواصم غربيّة، وكان أبرز العمليات خطف طائرات في الأردن عام 1970، إبان حرب أيلول الأسود بين الفدائيين والجيش الأردني.

بعد أحداث أيلول الأسود، انتقل حبش إلى لبنان كغيره من الشخصيات الفلسطينيّة في العمل النضالي في تلك الفترة، وخرج منها عام 1982 ليستقر في دمشق.

ظل حبش في موقعه أميناً عاماً للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين حتى العام 2000، حيث ترك موقعه طوعاً وخلفه في هذا الموقع أبو علي مصطفى والذي قامت قوات الاحتلال “الإسرائيلي” باغتياله في 27 آب 2001.

تخلى حبش عن منصبه كأمين عام للجبهة في العام 2000، وقال عن سبب تخليه للسلطة إنه جاء من منطلق الديمقراطية “ايماناً مني بإفساح المجال لقادة غرسوا في النضال، وقناعة مني بأن الجبهة الشعبيّة لديها القدرة على خلق القيادات”.

موقفه من أوسلو

يعد حبش من ألد المعارضين للاتفاقيّات المبرمة بين الفلسطينيين و”إسرائيل” فيما يعرف بإتفاق أوسلو، وكان حبش يرى أن الحلول المنفردة للأطراف المتنازعة مع “إسرائيل” شيء مرفوض، ورأى أن نتائج أوسلو رجحت لمصلحة “إسرائيل” بشكل حاسم، وظل حبش رافضاً لتقديم طلب إلى الاحتلال للعودة إلى الضفة المحتلة وقطاع غزة حتى وفاته.

السنوات الأخيرة

منذ العام 2003 إتخذ حبش من الأردن مكاناً لإقامته وذلك بعد مشاكل صحيّة عانى منها، وفي 26 يناير 2008 توفي في العاصمة الأردنية عمّان بسبب جلطة قلبيّة، وذكرت تقارير أخرى أنه توفي بسرطان البروستات، ولكن السفير الفلسطيني في الأردن عطا الله خيري أكد أن سبب الوفاة كان “جلطة”، وكان حبش قد أدخل مستشفى الأردن بالعاصمة الأردنية أسبوعاً قبل وفاته عقب تدهور صحته، ودفن في عمان.

“إسرائيل”: لماذا لم يغتله الموساد؟

تناولت الصحف العبريّة وفاة جورج حبش من زاوية فشل الموساد “الإسرائيلي” في تقدير حالته الصحيّة وتوقع وفاته، رغم أنه كان هدفاً لهذا الجهاز الاستخباري على مدى سنوات.

وتساءلت الصحافة عن دور الموساد في تعقب حبش، ولماذا لم يعجل بوصوله إلى “الجحيم”.

وقال موقع “معاريف” الإلكتروني إن الدكتور حبش الذي توفي عن عمر ناهز (82) عاماً نفذ خلالها أكثر العمليّات العسكريّة فعاليّة على غرار ما شهده مطار بن غوريون عام 1972 واغتيال وزير السياحة رحبعام زئيفي، وحاول الموساد عام 1973 اختطاف حبش حين اعترضت مقاتلات “إسرائيلية” طائرة مدنيّة عراقيّة وأجبرتها على الهبوط في مطار بن غوريون، ومن ثم سمحت لها بالإقلاع والمغادرة بعد أن تبين خطأ المعلومات الإستخباريّة، وان الدكتور حبش لم يكن على متنها، واعتبرت “معاريف” أن الموساد فقد أيام مجده، وضربت مثلاً على ذلك وفاة القائد جورج حبش طبيعياً.

مقالات ذات صلة