المقالات

عقد المجلس الوطني دون اتفاق.. مضرّ

 ”.. في عام 1998 تم دعوة المجلس الوطني, في غزة, وبحضور الرئيس الأميركي بيل كلينتون للاجتماع وقد جرى تخصيصه لإلغاء الميثاق الوطني… لم يتمكن عديدون من قادة وفصائل المنظمة من الحضور, وقد كان “همروجة” و”فوضى”

دكتور فايز رشيد
دكتور فايز رشيد

وحضره المرافقون والسائقون وأعضاء الأجهزة الأمنية وغيرهم (ومع الاحترام الكبير لكل هؤلاء.. لكنهم لم يكونوا أعضاء في المجلس) واعتُبرت القرارات صحيحة, ليس بالعدّ وإنما بالتصفيق وهذه مسألة مخالفة لقانون المجلس!”على ما يبدو, أن الأمور تتجه لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني في رام الله, خلال أيلول/سبتمبر القادم على أبعد تقدير, وبمن حضر! الاجتماع سيحضره كالعادة, أعضاء المجلس الوطني المتواجدون في الضفة الغربية (وهم بالكاد خُمس أعضاء المجلس), وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح, ووجوه وطنية يختارها الرئيس الفلسطيني. يحصل ذلك دون اتفاق مع الفصائل الفلسطينيية الأخرى, والتي لها وجهة نظر معترضة على عقده في رام الله تحت حراب الاحتلال. بالطبع, بداية, فإن الأسئلة التي تطرح نفسها بعنف, حول الهدف من هذه الدعوة وسرعتها… يقولون من أجل تثبيت الشرعية الفلسطينية! ثم ما الذي استجد من متغيرات سياسية تستدعي عقد المجلس؟ وغير ذلك من الأسئلة الممكنة والكثيرة.

حول دورة المجلس المنوي عقدها, لا بد من التوضيح: أنها ستكون الدورة الأولى في تاريخ المجلس التي يتم عقدها دون توافق وطني فلسطيني, حتى مع تلك المنضوية في إطار منظمة التحرير! هذا أولا. ثانيا أن عقد الدورة الجديدة للمجلس الوطني يأتي في ظل واقع فلسطيني قاسٍ ومؤلم وحزين, وفي أسوأ حالاته: انقسام سياسي وجغرافي, انسداد الآفاق بشكل كامل أمام الشعب الفلسطيني من خلال تعنت العدو ورفضه لحقوقه الوطنية, كما نهج التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض (ولا شيء غيره!) الذي اختارته قيادة السلطة, كنهج استراتيجي لها في التعامل مع الصراع مع العدو, وتداعياته في فتح شهية العدو الصهيوني للمزيد من التنازلات الفلسطينية, ومن خلال (على ما يبدو) أنه طلاق نهائي بين سلطتي رام الله وغزة (المُحتلتين كلاهما عمليا), كما أن سلطة غزة ماضية في حركتها السياسية بالاتفاق مع جماعة دحلان, في ظل هدنة طويلة مع العدو, وبمعزل تماما عن الضفة الغربية … لا سيّما أن الصهاينة يودون, إما أن يبتلع البحر غزة, أو أن يتخلصوا منها ومن كثافتها السكانية الكبيرة, وأهلها (المزعجين لهم), بفصلها نهائيا عن الضفة الغربية.

ثالثا, يدرك الرئيس عباس تماما: أن عقد مجلس وطني دون التشاور مع فصائل منظمة التحرير وعلى رأسها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التنظيم الثاني في الساحة الفلسطينية من فصائل منظمة التحرير, والتي ناضلت ضد اتفاقيات أوسلو وتداعياتها, والتي طالبت في كل ما صدر عنها, بإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ولمؤسساتها كافة, وهي التي أول من رأى خطأ التصور من قبل من وقعوا أوسلو: بأن السلطة الفلسطينية في عرف قادتها, هي البديل للمنظمة والغريب: أن “إعادة الاعتبار للمنظمة” هو أحد أهداف الرئيس! كما أن عدم التشاور مع الإخوة في حركتي حماس والجهاد الإسلامي, سيكرّس الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني! رابعا, يدرك الرئيس: أن التشاور والتوافق بين الفصائل الفلسطينية, في هذا الواقع الفلسطني والعربي المُحبط, هو قضية إيجابية بحد ذاته .. فما بال لو جرى التوافق أيضا على عاصمة عربية لعقد الدورة على أرضها, فسلطات الكيان لا تسمح لأربعة أخماس أعضاء المجلس الوطني بالدخول لوطنهم, وحتى لو سمحت بدخول بعضهم, فهي خطة لاستدراجهم .. إما لاعتقالهم أو تفجيرهم … وهذه هي تجربة القائد الفلسطيني الكبير أبو علي مصطفى, الذي تأتي ذكرى اغتياله بتفجير مكتبه بثلاثة صواريخ, نهاية الشهر الحالي آب/أغسطس.

خامسا, نود التساؤل: ولماذا يقتصر الحضور على قيادة فتح فقط, لماذا أيضا ليس كل قيادات التنظيمات الأخرى!

سادسا: وهذه النقطة مرتبطة بالسابقة وفحواها: لا يجوز ضرب دستور المجلس الوطني, ولا تعليق قوانين حضوره على الرف! فمن الخطأ والخطر التصور بأن المجلس في تقديره لظروف الانعقاد! من المُفترض أن ينعقد المجلس االوطني مرة كل 4 سنوات! فلماذا لم يُحترم هذا الأمر!؟ الدورة الأخيرة للمجلس كانت في عام 1996. وفي عام1998 تم دعوة المجلس الوطني, في غزة, وبحضور الرئيس الأميركي بيل كلينتون للاجتماع وقد جرى تخصيصه لإلغاء الميثاق الوطني… لم يتمكن عديدون من قادة وفصائل المنظمة من الحضور, وقد كان “همروجة” و”فوضى” وحضره المرافقون والسائقون وأعضاء الأجهزة الأمنية وغيرهم (ومع الاحترام الكبير لكل هؤلاء.. لكنهم لم يكونوا أعضاء في المجلس) واعتُبرت القرارات صحيحة, ليس بالعدّ وإنما بالتصفيق وهذه مسألة مخالفة لقانون المجلس!

ثم لا تنسوا: أن الرئيس عرفات الذي وقع اتفاقيات أوسلو وملحقاتها, حوصر في المقاطعة 3 سنوات! وأن قرار علاجه قبل وفاته رحمه الله, كان مرهونا بالموافقة الإسرائيلية!.. هذا يقود إلى تساؤل: هل يعرف الرئيس عباس ومؤيدوه حقيقة الكيان؟

ثامنا, لن يستقيل الرئيس ولن يقوم بحل السلطة, وأسبابي كثيرة كتبتُ عنها في مقالات سابقة في العزيزة “الوطن”. تتجه النية ومثلما يقولون لانتخاب 8 من أعضاء اللجنة التنفيذية بدلا من المتوفين, ولربما يجري انتخاب هيئة رئاسية جديدة للمجلس… كل هذا ممكن, غير أن المؤكد: أن هناك خطوة سياسية جديدة, ربما تكون أحد المسامير الأخيرة في نعش المشروع الوطني الفلسطيني… الذي لن يموت بالتأكيد, وسيظل شعبنا يحمله نبراسا, وشعلة مضيئة في ظلام الليل الحالك الحالي! لم يُقدّم شعبنا شهداءه وكل تضحياته, على مدى قرن زمني وما يزيد… من أجل حق منقوص! لن نقبل إلا بحقوقنا في أرضنا من النهر إلى البحر… يوما ما, ستتم هزيمة المشروع الصهيوني, وسينكفئ كل المستوطنين الذين جلبهم من مختلف أنحاء العالم لاحتلال أرضنا! لا أقول شعرا… ولا أحلم … رغم أن الحُلم مشروع تماما! فالهدف الكبير يبدأ بحلم, وخطوة ثم خطوة ثم خطوة… ويتحقق.

مقالات ذات صلة