اخبار الوطن العربي

الجبهة الشعبية في م. ت. ف. والمصلحة الوطنية

على أبواب انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني, ظهرت كتابات ومقالات تفتئت على مواقف الفصيل الأول في المعارضة الفلسطينية, وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين,التي أشّرت بوصلتها دوماً إلى تحريركل الأرض الفلسطينية, وإلى مصالح شعبنا في الوطن والشتات. انطلاقاً من هذه القاعدة أكتب لتصويب بعض الآراء المكتوبة , وهي ليست ردّاً على أحد. بدايةً فإن منظمة التحرير الفلسطينية هي منجز وطني جماهيري فلسطيني, وهي ليست مُلكاً لقيادتها في أية مرحلة كانت, مع التأكيد على أن قيادتها المتنفذة التي استولت عليها وعلى مؤسساتها على قاعدة الحصة الظالمة  “النصف + واحد” , هي المتخكمة في قرارات بعض هيئاتها! ولكن هل يجوز ترك المنظمة وهيئاتها مطيّة للمتنفذين فيها؟ إن اتّباع هذه السياسة هو هروب من مواجهة تتوجب أن تكون في كل الهيئات القيادية  للمنظمة,  فصيل المعارضة الأول مارس المواحهة بكل ما تعنيه , طارحاً استراتيجيته النضالية ووجهة نظره في كل المنعطفات  التي واجهتها ثورتنا الفلسطينية, بدءً من برنامج النقاط العشر, مرورا باتفاقيات أوسلو الكارثية ,وصولاً إلى الأوضاع الحالية حيث تقوم فئة من القيادة المتنفذة بتسهيل بيع الأراضي الفلسطينية للبطريرك الأرثوذوكسي ثيوفيلوس ليقوم بدوره ببيعها للصهاينة , وحيث يراهن البعض على سراب “تسوية سلمية” أو “عملية سياسية” سوف لن ينقطع عنها! في الوقت الذي يقوم فيه العدو الصهيوني بفرض حقائقه على الأرض, وسنّ قوانينه وأولها ضم الضفة الغربية إلى كيانه العنصري, بالشكل الذي ينسف فيه أية أسس مادية لتسوية ما يسمى بـ “حل الدولتين”!.

د. فايز رشيد

نعم, تعاملت الجبهة الشعبية مع الفصائل الفلسطينية عموما, ومع الفصائل المنضوية في إطار م. ت. على قاعدة جدلية عنوانها: وحدة, صراع, وحدة ,انطلاقا من رؤية أهمية تشكيل جبهة وطنية عريضة على أسس الثوابت والحقوق الفلسطينية كاملة غير منقوصة, وهذه إحدى أسس متطلبات مرحلة التحرر الوطني. في بعض المراحل, قامت الجبهة الشعبية بتعليق عضويتها في اللجنة التنفيذية, وفضّلت عدم المشاركة في بعض اجتماعات الهيئات, لكنها لم تنسحب من المنظمة وظلت تشارك في كل الهيئات والاتحادات التابعة لها. للعلم, لو أراد فصيل المعارضة الفلسجطيني الأول انتهاز الفرص ,لاستغل الانشقاق الذي حدث في حركة فتح, والدعوات المحمومة من فصائل متعددة لتشكيل م. ت. جديدة! لكنه وقف بالمرصاد, ونعم, أفشل كل المخططات التي استهدفت تعميق الانشقاق في الساحة الفلسطينية, بإيجاد بديل للمنظمة.

يخطىء البعض التصور والقول حينما يعتقد بأن “المنظمة لا تمثّل إلا قيادتها” وأنها “تشكيل فقد شرعيته تماما” ..الخ. نقول ذلك للأسباب التالية:أولاً, صحيح أن قيادة متنفذة  هي المتحكمة في قرارات اللجنة التنفيذية, وربما في المجلس المركزي والمجلس الوطني , لكن يجب التفريق بين القيادة باعتبارها ليست ولن تكون مخلّدة في قيادتها بالطبع, وبين المنظمة كتشكيل ومنجز شعبي فلسطيني. ثانيا, إن الهيئات والاتحادات التابعة للمنظمة :طلاب, مرأة , عمال…الخ غالبا ما تكون قراراتها مخالفة تماما لتوجهات القيادة المتنفذة في المنظمة. ثالثاً, الثوريون هم الذين لا ينصاعون لواقع فرض نفسه  ويفرض نفسه حالياً! الثوريون هم من يناضلون لتغيير عناصر هذا الواقع بحيث يخدم مصالحهم الوطنية, التي هي في الأساس انعكاس لمصالح وحقوق شعبهم الوطنية.الثوريون لا ولن يكلّوا أو يملّوا . رابعاً, ربما لحسن حظ قضيتنا, أن العدو الصهيوني ممعن في تنفيذ  مشروعه الصهيوني, حتى لو قامت فئات فلسطينية وعربية “بالحج إلى الكنيست” وهو ما سيفقد هذه الفئات تصوراتها وسيسقط استراتيجيتها التفاوضية تلقائياً. نقول ذلك, لأن من يقرأ دولة الكيان الصهيوني من داخلها , لن يشك للحظة واحدة في أن سقف المشروع الصهيوني للتسوية, هو حكم ذاتي للفلسطينيين على القضايا الحياتية والإدارية ,لكنه سيظل منزوع السيادة والصلاحيات, طالما بقيت دولة الكيان موجودة.

ربما من المفيد التذكير أيضاً: أولا ,بأن الصراعات داخل الكيان الصهيوني تتفاقم رغم ما يقارب السبعين عاما على إنشائه, صراعات,إثنية ,اجتماعية.. الخ , وهي مرشحة للتفاقم ولن تنتهي . ثانياً, إن العنصرية هي مكون رئيسي من مكونات  وجود هذا العدو, كما فاشيته وعدوانيته, ونحن ندرك مصائر كل الأنظمة الشبيهة له في التاريخ. ثالثاً, إن الدليل على صحة ما نقول, أن نتنياهو نفسه غير متيقن على مرور الذكرى المئوية لإقامة دولته. أما صراعنا كفلسطينيين مع العدو الصهيوني فهو غير منفصل ولن ينفصل بالمعنى الاستراتيجي عن نضال الجماهير العربية ضد هذا العدو, التي تطالها عدوانيته, وحتما فإن الظروف العربية متغيرة. يبقى الأساس هو شعبنا الفلسطيني , الذي أشّرت بوصلته دوما كما ممارسته ,إلى  الكفاح المسلح كطريق رئيسي لتحرره وتحرير أرضه. يبقى القول: أن الجبهة الشعبية صاحبة التضحيات الكبيرة , وذات المواقف الصلبة والصادقة في كل المنعطفات ,جبهة قادها جورج حبش, واستشهد أمينها العام الثاني أبو علي مصطفى في الوطن المحتل, وأمينها العام الحالي أحمد سعدات معتقل لدى العدو الصهيوني, جبهة بهذه المواصفات, لن تضل الطريق أهدافاً وتكتيكاً سياسياً, ولا تحالفاً في صيغ وطنية فلسطينية فهي الأقرب إلى نبض ومواقف شعبنا وأمتنا وأصدقاء ثورتنا على الصعيد العالمي.

د. فايز رشيد ( الأحد ) 14/1/2018 م …

مقالات ذات صلة