الاحتلال

دراسة صهيونية || زعزعة النظام السعودي .. سيناريوهات واحتمالات

قالت دراسة جديدة لـ”مركز الأمن القومي” الصهيوني أنه إذا كانت المملكة السعودية قد صمدت خلال السبع سنوات الأخيرة من الاضطرابات في المنطقة، فإن هذا لايعني قدرتها على الصمود على المدى البعيد، وقالت الدراسة أن مرد ذلك ليس فقط لمخاطر العنف السياسي القائمة، التي لم تنتهي بعد ولكنه مرتبط أيضا بمجموعة من الظروف والعوامل تجعل الخطر أكبر مما هو عليه، ودليل ذلك أن السنوات الأخيرة شهدت زعزعة وسقوط أنظمة كانت تبدو مستقرة ظاهريا وبدون أي علامات إنذار مبكر. وتهدف هذه المادة التي كتبها عاموس يادلين ويويل غوزانسكي الباحث في المعهد، إلى مراجعة التحديات الرئيسية للمملكة من وجهة نظر المعهد الصهيوني، وتقديم التوجيهات الأولية للتفكر في حالة تطوير العمليات والتي بلغت ذروتها في زعزعة الاستقرار، بما في ذلك السيناريوهات المختلفة من الأزمات في المملكة، وتداعياتها والاحتمالات والمخاطر المرتبطة بهذه السيناريوهات التي يمكن أن تقوض استقرار المملكة. وموقف الكيان الصهيوني من هذا وكيف سيؤثر عليه سواء سياسيا بخسارة الكيان لحليف يساعد في إخضاع الفلسطينيين، ويشكل رأس حربة الحلف “السني ” ضد إيران أو عسكريات بوصول السلاح الغربي المتقدم إلى أيد معادية للكيان.

وتقدم الهدف فيما يلي ترجمتها للتقرير الذي استند على مصادر سعودية وغربية، ويقول أنه في وقت كتابته لم تكن المملكة تواجه مخاطر جدية متواترة، ومع ذلك بسبب جملة التحديات فإن الموضوع جدير بالمتابعة. وزعم التقرير أن المملكة تمر بعملية تاريخية من التغيير المتسارع، إذا نجحت، ستمكن الوريث محمد بن سلمان من القبض بقوة على المملكة كزعيم بلا منازع .

التحديات الداخلية

يرى البحث أن هذه الخطوة “الثورية” التي يقوم بها ابن سلمان للتكيف مع القرن الواحد والعشرين، والتي تأتي من أعلى إلى أسفل، يمكن أن تنتهي أيضا بزعزعة استقرار المملكة،. وتزعم هذه المادة أنها لا تحدد أن زعزعة استقرار المملكة العربية السعودية هو أمر وشيك أو حتمي، ولكن أهمية السعودية في المجال الاقتصادي والديني والاجتماعي والسياسي يجعل هذا التحليل ذا أهمية. بالإضافة إلى التحديات الداخلية الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.

تشير التقديرات إلى أن فورة ارتفاع أسعار النفط التي حصلت عام 2014 لن تتكرر قريبا مرة أخرى، ولذلك فإن المملكة التاي كانت الدافع الأكبر لوضعية الأسعار الحالية، تسعى الآن للتوصل إلى اتفاقات تخفض الانتاج وترفع السعر من جديد، ويرتبط هذا جليا برغبة السعودية في رفع مستوى الرفاه الداخلي كون الاستقرار السياسي في المملكة يرتبط –كقاعدة عامة- ارتباطا مباشرا بمستوى المعيشة المرتفع لمواطنيها.

ويترافق هذا كما يبدو مع إدراك الأسرة المالكة للحاجة إلى إصلاح شامل، ومن المفارقات، إن الإصلاحات الضرورية في حد ذاتها يمكن أن تؤدي إلى زعزعة استقرار المملكة. وقد سبق لصندوق النقد الدولي أن حذر السعودية من الاصلاحات السريعة ةوالتدابير التقشفية المفاجئة. ويعتبر البحث أن مسألة خفض هذه التدابير ارتباطا بالمخاطر أعلاه تصبح مسألة سياسية وليس فقط اقتصادية.

بالإضافة إلى ذلك، تزايدت الشكوك في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بالقدرة على تنفيذ الإصلاح في أرباح النفط. لدرجة أن محمد بن سلمان أعلن عن تغييرات هامة في بعض أهداف البرنامج. مع تزايد إحباط الجمهور من تراجع وفرة النفط، ما انعكس في انخفاض المرتبات وازدياد تكلفة المعيشة وأزمات البطالة والسكن مع انخفاض الدعم. ما جعل أصواتا على مواقع التواصل ترتفع داعية للاحتجاج.

كقاعدة عامة، يعتبر مواطنو المملكة الفوائد والترتيبات المستمدة من أرباح النفط، أساس النظام الاجتماعي الذي يثبت ولائهم للأسرة المالكة. ووفقا للمعادلة فإن التآكل في رفاههم قد يقوض ولائهم أو يقودهم للمطالبة بالمشاركة في الحياة السياسية في المملكة. وقد تتصاعد الاضطرابات الاجتماعية إذا وجد الجمهور أن الأمراء لم يهتموا ويشاركوهم حياتهم، ويتذكر الناس أنه في العام 2016، ورغم التدابير التقشفية، وعندما كان محمد بن سلمان يطالب الشعب بشد الأحزمة اشترى هو شخصيا اليخت الفاخر الذي كلف أكثر من 500 مليون دولار ولوحة بمبلغ مماثل وقصرا بثلاثمئة مليونا.

في تشرين الثاني / نوفمبر 2017، أنشئت لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة محمد بن سلمان، وأصبح لديه سلطة الاعتقال والتحقيق وترحيل المشتبه بهم وتجميد أصولهم و بالإضافة إلى الحرب المزعومة على الفساد، كانت وظيفة هذه اللجنة جلب المال إلى خزينة الدولة المفتقرة والتخلص من المعارضين بالقوة.

وتسارعت عملية التغيير السياسي، والصراعات داخل القصر الحاكم، حيث بدأت لجنة مكافحة الفساد التي تأسست في الرابع من تشرين ثاني/ نوفمبر بموجة اعتقالات يوم تأسيسها، وكانت حملة غير مسبوقة استهدفت القبض على نحو 200 من كبار المسؤولين، بمن فيهم 11 من أمراء الأسرة الحاكمة، وأربعة وزراء خدميين ورجال أعمال سابقين. وأطلق سراح معظم المحتجزين في حين تم الاستيلاء على جزء من ممتلكاتهم وترتيب تسويات جلبت الكثير من المال للخزينة.

وقد نظر إلى خطوات محمد بن سلمان بأنها تستهدف أساسا تحسين موقفه وتحصينه حيث سيطر على الحرس الوطني عبر التخلص من ابن عمه متعب ، نجل الملك السابق، وهذه القوات هي الأفضل تدريبا ومجهزة ومدربة على أساس الولاء القبلي ومهمتها الأصلية الحفاظ على استقرار النظام وتأمين الأسرة المالكة وقصورها، وتحقيق التوازن مع قوة الجيش النظامي، ويبلغ تعدادها مائتي ألف جندي، وكانت بدأت أصلا بمائة ألف، مجهزين بمروحيات أباتشي وبلاك هوك، وزعم أنها تساعد في حرب اليمن وتم نشرها أيضا في الرياض ومكة والمدينة واجتاحت البحرين عام 2011.

بدأ سعي محمد بن سلمان للتغيير السياسي والتوازن في السلطة منذ 2015، عندما تم تعيينه نائبا لولي العهد ووزيرا للدفاع ورئيسا للمجلس الاقتصادي والتنمية، ثم تم تصعيده لمنصب ولي العهد في حزيران/يونيو 2017، وواصل تحصين موقعه بدعم من والده الملك.

قد يكون الصراع بين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان عاملا في إلحاح الأخير لتسريع تمرير التاج له حتى قبل وفاة والده، حيث نتيجة لممارسته ضد ولي العهد والأمراء الأساسيين الآخرين برز هؤلاء في دعوة عامة للتغيير معربين عن عدم ثقتهم بالأمير الشاب ووالده الملك المريض.

ولطالما اعتبرت وحدة الأمراء السعوديين مصدرا للاستقرار في المملكة، ولم يكن هناك أبدا في السابق صراع على اسللطة بين أبناء عبد العزيز من أمهات مختلفات، وإن وجدت فإن هذه الصراعات جرت وراء أبواب مغلقة، ومرجع التوازن أن الملك كان في السابق يعمل “كأول بين متساوين” وكان واضحا لجميع الأمراء أن سلطتهم تكمن في وحدتهم.

وعلى مر السنين، ومن أجل الحفاظ على التوازن بين فروع الأسرة، قسم الملوك المناصب العليا بين المعسكرات القبلية والولائية، بما في ذلك السيطرة على قوات الأمن، أما الآن وفي انقلاب على التقاليد القديمة فإن محمد بن سلمان يسيطر على المراكز الرئيسية الثلاثة لقوات الأمن: الجيش وقوات الأمن الداخلي والحرس الوطني في عرض رجل واحد، وهو إن كان حقق انجازات إلا أنها تصب في تعزيز موقعه شخصيا، وفي سعيه لإجراء التغييرات اللازمة في جميع جوانب الحياة في المملكة، وإن كان بطريقة متسارعة، انفصل ابن سلمان عن إرث صنع القرار الجماعي، ودخل في مواجهات مع عناصر مختلفة مثل المؤسسة الدينية التي أجبرها على التنازل عن بعض سلطاتها، وكذلك مع النخب الاجتماعية والاقنصادية وليس من الواضح أنها ستقبل سلطته.

ونظرا لأن هذه العملية تحمل العديد من المخاطر، فقد كان للولايات المتحدة رأي، حيث عبرت عبر دبلوماسييها عن قلق متزايد إزاء ما وصف بأنه”السلوك المتهور لمحمد بن سلمان” الذي من شأنه أيضا أن يعرض المصالح الأمريكية للخطر بسبب الضغوط المتزايدة مع إيران حيث أن التحديات الخارجية التي تواجهها المملكة هي ذات صلة بصراعها مع إيران التي “تهدد التوازن الإقليمي” وتشكل خطرا في عين المملكة.

وردا على ما زعمت أنه تهديد متوقع من إيراتن اتخذت المملكة موقفا عدوانيا ما أثار القلق بين أجهزة المخابرات الغربية، بسبب المخاطر المترتبة عليه، بما فيها الخطر على استقرار المملكة بحد ذاتها، حيث أن محمد بن سلمان انقلب على الطريقة التي قامت عليها السياسة السعودية في الماضي، والقائمة على ضبط النفس، حتى أن ابن سلمان ذهب بعيدا في تهديد إيران بأن السعودية سوف تنقل المعركة إلى داخلها، في الميح لرغبة ابن سلمان في المساهمة في تغيير النظام الإيراني، وكذلك حرب اليمن وتكثيف المواجهة مع إيران وحزب الله في لبنان والحصار الدبلوماسي – الاقتصادي على قطر، كلها مثلت خطا مثيرا للجدل.

بالنظر إلى حرب اليمن على سبيل المثال، فقد وعد ابن سلمان بتحقيق انتصار كاسح منذ آذار/مارس 2015، ولكن السعودية اكتشفت أن لقدرتها وسلطتها حدودا لايمكن تجاوزها وكانت العملية باهظة الثمن قد وصلت إلى طريق مسدود، على الرغم أن في حوزة السعودية أكثر الأسلحة تقدما في العالم، و ميزانية الدفاع هي الرابعة بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا, ويقدر أن ثلاث سنوات من القتال في اليمن كلفت السعوديين خمسة مليارات دولار شهريا، وبالتالي الانطباع بأن المملكة، على الرغم من كل شيء ليست أكثر من “نمر ورقي” وقد أصبحت العملية العسكرية عبئا على الخزينة العامة في ظل تزايد العجز عن التصدي لصواريخ أرض – أرض التي يطلقها الحوثيون، كل هذا إلى جانب الانتقادات الدولية ضد السعودية (تفاقم الوضع الإنساني في اليمن والضرر الواسع النطاق للمدنيين)، وكذلك انتقادات داخلية حول الحرب.

وفي موضوع الأزمة مع قطر، المندلعة منذ حزيران / يونيو 2017، حيث تقود المملكة مقاطعة دبلوماسية واقتصادية ضد قطر، وتقدم سقفا عاليا من المطالب، بما في ذلك خفض مستوى العلاقات مع إيران، وإغلاق شبكة الجزيرة وطرد القوات التركية وغيرها كإنهاء دعم الإخوان المسلمين. صحيح أن قطر تدفع ثمنا كبيرا،اقتصادي أساسا بسبب المقاطعة، غير أن الثمن المدفوع سعوديا آخذ في الارتفاع، مع مرور الوقت على السقف الزمني الذي حددته للانجاز.

سلطة السعودية وصورتها تضررت كثيرا بسبب عجزها عن اخضاع دولة صغيرة كقطر، وهي متوترة بسبب حياد حلفائها المسلمين الرئيسيين كالمغرب والباكستان تجاه الأزمة، بينما قطر من جانبها تحسن علاقاتها مع إيران وتركيا منذ بداية الأزمة، وكلاهما يساعد على التغلب على المقاطعة.

في سياق متصل، فإن الطريقة التي أديرت بها العلاقات الخارجية أدت إلى انتقادات متزايدة داخل المملكة، وإن لم تكن كبيرة، وهكذا بدأت في أيلول/ سبتمر 2017 موجة اعتقالات استهدفت هذه المرة كبار رجال الدين بمن فيهم سلمان العودة أحد كبار المنتقدين للأسرة المالكة، والذي لديه 14 مليون متابع على تويتر، وكذلك شملت الموجة أكاديميين وصحفيين بسبب النقد الذي تفاقم في ظل انقسام مجلس التعاون الخليجي وعدم الوصول إلى أي تغيير جوهري في موقف قطر.

السيناريوهات المحتملة

قد يصعب التنبؤ بالصدمات السياسية و السيناريوهات المستقبلية التي يمكن أن تتحرك في قوس واسع من الاحتمالات: انقلاب هادئ في القصر من قبل فرع منافس في عشيرة سعود، انقلاب عسكري، الاستيلاء على السلطة من قبل منظمة إسلامية معادية للغرب، الاضطرابات المدنية التي تكتسب زخما أو مزيج من هذه السيناريوهات.

ويمكن أن تتراوح نتائج هذه الصدمات من “لهب منخفض” متواصل إلى أزمة متمادية تحت السطح مع مرور الوقت، من خلال صراع على السلطة بين اثنين أو ثلاثة معسكرات تتبلور وتؤدي لفقدان سيطرة الدولة والفوضى المطلقة. وكل شخص لديه فرصة وقد تؤدي هذه العوامل المختلفة إلى عواقب سياسية واستراتيجية مختلفة، وتقديم مجموعة متنوعة من التحديات مع كثافة مختلفة.

انقلاب عسكري وصراع داخل القصر

أولا، لاتبدو الجدوى مرتفعة من النظر في احتمال لانقلاب عسكري في السعودية . في الوقت الحاضر، على الرغم من أنها ليست منخفضة كما كان عليه الحال سابقا، وآخر محاولة انقلاب حدثت عام 1969 ومنذ ذلك الحين لم تبذل محاولات مماثلة.

أحد أسباب صعوبة الانقلاب أن الجيش والقوات المسلحة لم توضع أبدا تحت قيادة واحدة، ولكنها كانت مقسمة بالولاء لعناصر مختلفة من الأسرة المالكة، و الآن تتركز جميع مراكز السلطة في المملكة من قبل محمد بن سلمان، بما في ذلك الحرس الوطني، وهي قوات الأمن الداخلي والجيش النظامي. هذا التركيز في الواقع يقلل من فرصة الصراع العسكري بين مراكز السلطة، ولكن من الجدير بالذكر أيضا أن الأمراء والموالين الذين طردوا كانوا أيضا يعملون على كسب الولاء والنفوذ في هذه الأجهزة ما يجعل مشاعر الغضب والانتقام تحيلهم إلى محاولة الإطاحة بابن سلمان.

و ربما كان خوف محمد بن سلمان من الانتقاد، أوحتى ثورة، هو ما قاده إلى أمر باعتقال 16 من كبار الضباط (المتقاعدين) من رتب وزارة الدفاع والحرس الوطني بتهم الفساد، كما ورد في كانون ثاني/نوفمبر 2017 وهناك تهديد آخر محتمل هو هو تمرد فرع آخر من عائلة آل سعود.

وترى الدراسة، أن الحفاظ على الاستقرار سيكون ممكنا مع مرور الوقت فقط إذا تم التوصل إلى تواصل واسع في الآراء بين كبار الأمراء فيما يتعلق بهوية الملك المستقبلي، كما كان عاديا حتى تعيين محمد بن سلمان . وهذا التوافق قد يمنع استيلاء “الإسلام المتطرف” على السلطة، حيث ورغم وجود داعش والقاعدة في المملكة لكنه ليس خطرا وإن كام مؤلما، ولكن يمكن تقدير أن شباب المملكة العربية السعودية الذين يتوقون إلى التغيير لن يعتمدوا القيم الديمقراطية الليبرالية في أوقات الأزمات. وفي حالة حدوث أزمة سياسية، يمكن أن يجتاح المتطرفون الاسلام الليبرالي وهكذا سيكون استيلاءهم على السلطة بالترافق مع معاداتهم للغرب خطيرا، لأنهم قد يستخدمون موارد المملكة العديدة بطريقة عكسية ضد المصالح الغربية.

التخريب الخارجي والاضطرابات الشيعية

قد يكون هناك السيناريو فعالا عندما تكون المملكة مشلولة بسبب صراعاتها الداخلية، خيث يزعم البحث أن إيران من الممكن أن تستغل غياب الاستقرار لإثارة التمرد فعال في المنطقة الشيعية. وفي الوقت نفسه، فإن إيران لديها القدرة على تحريض العناصر الشيعية من سكان المملكة ضد العائلة المالكة، ولكن من المشكوك فيه للغاية ما إذا كان ذلك يمكن أن يحقق مباشرة الإطاحة بالأسرة المالكة السعودية. الأهم من ذلك، أن معظم الشيعة السعوديون، الذين يشكلون حوالي 15 في المئة من السكان بعيدون أيديولوجيا عن المؤسسة الدينية وعلى مر السنين لم يشكلوا تهديدا كبيرا للاستقرار المملكة العربية السعودية. غير أنه في سيناريو متطرف قد يكون هناك تخمير طويل الأمد يدفع للتغيير يؤدي إلى الفوضى والتفكك وتنقسم المملكة إلى مناطق منفصلة، ​​أهمها نجد حيث االعاصمة والمؤسسات الحكومية، والحجاز حيث الأماكن االمقدسة ثم المنطقة الشرقية موطن الشيعة حيث معظم احتياطات النفط.

المعاني والمخاطر:الأزمة في أسواق النفط

ومن المرجح أن تؤدي الأزمة الداخلية الشديدة إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط. ومع ذلك، يمكن التخفيف من هذه الزيادة، خاصة إذا استمر الاتجاه في أسواق النفط مع العرض الزائد والأسعار المنخفضة نسبيا، ويرجع ذلك إلى قدرة الموردين الآخرين برئاسة الولايات المتحدة، لاستكمال الثغرات. ولكن وقفا كاملا للإنتاج سيؤثر بشكل رئيسي (ولكن ليس فقط) على اقتصادات شرق آسيا وخاصة الصين المستورد الرئيسي للنفط السعودي. ومن ناحية أخرى، فإن مثل هذا التطور سوف يفيد بالتأكيد اقتصادات النفط الإيرانية وروسيا – منافسي المملكة في سوق النفط. وأيضا يمكن أن تساعد أسعار النفط على زيادة تطوير صناعة النفط الصخري، وعلى المدى الطويل لمساعدة العالم على تحرير نفسه من الاعتماد على النفط في الشرق الأوسط.

إذا كان النفط يسيطر عليه سعودي واحد، فإن نفس العامل قد يكسب ميزة هامة لمنافسيه. ولكن إذا كانت عدة عوامل تتحكم في حقول النفط، فإنها قد تستفيد، الأهم من ذلك، الموردين السعوديين للنفط سوف يتنافسون على أسواقهم فيما بينهم، ومع ذلك، كما هو الحال في ليبيا، قد يؤدي التنافس بين مختلف مجموعات السلطة في البلاد إلى شل الإنتاج والصادرات. وعلى أية حال، من الواضح أن فقدان حقول النفط سيكون ضربة قاسية العائلة المالكة السعودية أو أي شخص آخر يحل محلها، نظرا للمركزية الكبيرة من هذا القطاع في الاقتصاد السعودي.

تعزيز إيران

ومن المتوقع ان تعزز ايران موقفها الاستراتيجى فى كل من من السيناريوهات، واستغلال الصدمات المحتملة في المملكة لتوسيع مركزها الإقليمي. وفي في حال وجدت المملكة نفسها في أزمة سياسية كبيرة، خصومها سينتصرون في اليمن، وإيران سوف تواجه مقاومة أقل للحفاظ على تفوقها في سوريا، لبنان والعراق. وإيران سوف تعمل بالقوة للمساعدة في تحقيق الاستقلال الشيعي في المنطقة الشرقية من المملكة، ومحاولة زعزعة استقرار البحرين.

ومن النتائج الواضحة للحرب الأهلية التي طال أمدها، في العراق وسوريا، سيكون هناك انتهاك لقدرة السعودية على السيطرة على حدودها ومن يدخلون ويخرجون ، وعلى هذا النحو، لا بد من أن نسأل ليس فقط عن العوامل الداخلية التي ستشارك فيها في المراحل الأولى من القتال، ولكن أيضا ما العوامل الخارجية قد تعمل في المراحل الأكثر تقدما من الحرب الأهلية.

فقدان السيطرة على أنظمة الأسلحة المتقدمة وتوزيعها

الخطر الآخر هو السيطرة على أنظمة الأسلحة الغربية المتقدمة التي تملكها السعودية، عن طريق زعزعة الاستقرار ووقوع هذه الأنظمة في “الأيدي الخطأ”، كما حدث لأنظمة الأسلحة الأقل تطورا في ليبيا واليمن وسوريا والعراق. غير أن المنظمات الإرهابية ستواجه صعوبة في استخدام الأسلحة المتقدمة والأنظمة “الثقيلة”. وقد تكون هناك أيضا خطط للطوارئ لتحييد أو السيطرة على النظم الحيوية في أوقات الأزمات.

المشاركة الخارجية وأمن الأماكن المقدسة للإسلام

ليس من الواضح ما إذا كانت القوى العظمى سوف تعمل على استعادة استقرار المملكة في حال تدهوره، ولكن قد تقلل من المخاطر الكامنة في السيناريوهات المعروضة أعلاه. ومع ذلك، من المشكوك فيه جدا ما إذا كان أي من القوى العظمى لديها الدافع و / أو القدرة على الانخراط بشكل أعمق في الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مشاركة القوى العظمى، إن وجدت، قد تكون كذلك سببا لتفاقم الأزمة، على غرار ما حدث في سوريا وليبيا واليمن والعراق. وتعتمد المشاركة الخارجية على عدد من الأسئلة الثانوية: كيف يتوقع تقسيم السلطة بين المتصارعين في المملكة العربية السعودية. ما هو توجههم السياسي وأين أراضيهم، وكيف تتوازن القوى فيما بينهم، وهل من الممكن لطرف تحقيق الهيمنة على الآخرين؟

ويجب أيضا أن تؤخذ في الاعتبار الإجراءات التي يتخذها اللاعبون الإقليميون والدوليون و العوامل التي ستدعمهم. هل ستخدمهم المملكة المنفصلة بشكل أفضل؟ في حالة الفوضى العامة في المملكة، قد تستخدم إيران ذريعة المدن المقدسة أو ذريعة الدفاع عن السكان الشيعة. وقد يقدم طرف سني كبير كالباكستان -دون عقد آمال كبيرة -على التدخل بذريعة حماية السنة والأماكن المقدسة أيضا وبقائها في أيد سنية.

السياق الإسرائيلي

قد تبرد صعوبات الرياض الطموحات الإسرائيلية لدور إقليمي “تحالف” تكون فيه السعودية رأس المحور السني في التنافس مع إيران إلى جانب “إسرائيل”. أو حتى دورها كعامل في تحقيق انفراجة في مسار العملية السياسية مع الفلسطينيين، وفي جميع السيناريوهات سيكون تقويض النظام السعودي، سلبي بالنسبة لـ “إسرائيل” بسبب إمكانية أن تصبح المملكة دولة فاشلة، أو تحت سيطرة نظام معاد، وإمكان وصول السلاح المتقدم إلى عناصر معادية توجهه إلى “إسرائيل”، في جميع الأحوال فإن الضرر المحتمل وفي ظل محدودية التعاون الإسرائيلي – السعودي، قد يثير صدمة لأن “إسرائيل” لديها مصلحة في الاستقرار، وخاصة الأردن ومصر.

وبما أن المملكة معرضة للخطر داخليا، فإن قدرتها على الحفاظ على التعاون “إسرائيل” ستتراجع حتى لو كان بسبب رغبتها في استرضاء مختلف القطاعات التي قد تتحدى استقرارها، وتنتقد علاقاتها مع “إسرائيل” وتستخدمه في سيناريو الانقلاب الداخلي في البيت الملكي، ولكن على افتراض أن المملكة لا تزال لديها نظام فمن المعقول نفترض أن الاهتمام الموضوعي بالتعاون مع إسرائيل سيبقى موجها أساسا ضد المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي منطقة الخليج على وجه الخصوص. لذلك، يجب على “إسرائيل” والدول الغربية تتساءل عما يمكن القيام لمساعدة البيت الملكي في البقاء على قيد الحياة، وماذا سوف تفعل في اليوم التالي لضعف المملكة العربية السعودية وانخفاض أهميتها في معسكر مواجهة إيران.

26 كانون ثاني / يناير 2018

بوابة الهدف/ترجمة وتحرير: أحمد.م .جابر

مقالات ذات صلة