أخبار الجاليات العربية

من حملة المقاطعة في لبنان || بدء مهرجان تطبيعيّ في برلين يوم الخميس

يوم الخميس في 29 أيلول (سبتمبر) سيبدأ في برلين مهرجانٌ فنيّ ـ ثقافيّ، برعاية وزير الخارجيّة الألمانيّ، تحت عنوان: “رؤية 2020، سياسة ثقافيّة تتخطّى الحدود، مقاربة عربيّة ـ أوروبيّة”. مناسبة المهرجان، على ما يروَّج له في أوساط الجالية العربيّة بشكلٍ خاصّ، هي وجودُ عشرات آلاف اللاجئين في برلين، ومن “الجنسيّات كافّةً”، وبعضُهم يعمل في المجال الثقافيّ والفنيّ، ما يشكّل فرصةً عظيمةً لـ”الحوار بين الثقافات”. لكنّ نظرةً سريعةً إلى حفل الافتتاح تُظهر لنا أنّ المهرجان منصبّ، أولاً وأساساً، على جمع فنّانين ومثقفين سوريين وإسرائيلين… مع رشّة “بهاراتٍ”عربيّة وأوروبيّة مختلفة.

في جلسة الافتتاح، التي تجري داخل قاعة في متحف الفنّ الإسلاميّ في برلين، سيَعزف رباعيٌّ وتريٌّ مشترك، مؤلّف من عازفيْن إسرائيلييْن وعازفيْن سورييْن، هم: غي براونستاين، وأوحاد بن آري، وروان الكردي، وأثيل حمدان.

وُلد براونستاين في تل ابيب في فلسطين المحتلّة، وأتمّ فترةَ تجنيده العسكريّ، قبل أن يذهب إلى الولايات المتحدة، ومن ثم يستقرّ في برلين. أما أوحاد بن آري فتلقّى تعليمَه في جامعة تل ابيب، ثم توجّه إلى الولايات المتحدة، ومن ثمّ إلى برلين أيضًا، حيث التقى براونستاين، وتشاركا في أعمال عديدة. وأما السوريّ أثيل حمدان فموسيقارٌ معروفٌ في سوريا وفي الخارج، وقد سبق أن شغل منصبَ عميد المعهد العالي للموسيقى في سوريا. وأما روان الكردي فأستاذةُ موسيقى وعازفةُ كمان سوريّة.

بعد الانتهاء من العزف سيحصل “نقاش” يشارك فيه منتجون ومخرجون سينمائيون وصحافيون وناشطون، جميعُهم سوريون: عروة نيربيّة (منتج أفلام ومخرج وممثّل مقيم في برلين)، وروشاك أحمد (مخْرجة)، ويارا بدر (إداريّة في “المركز السوريّ للإعلام وحرية التعبير” الذي يرأسه مازن درويش)، وطلال ديركي (مخرج)، وعمّار البيك (مخرج). إضافةً إلى هؤلاء المشاركين السوريين، هناك مشاركةٌ لغسّان سلامة (رئيس الصندوق العربيّ للثقافة والفنون، ووزير الثقافة اللبنانيّ السابق)، فضلًا عن مدراء متاحف وأكاديميين. وثمّة تمثيلٌ لافتٌ لـ “أكاديميّة سعيد ـ بيرينبويم” (والأخير موسيقار إسرائيليّ شهير يحنّ إلى “المثال” الإسرائيليّ “النقيّ” الأصليّ).

إنّ حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان تعتبر أنّ مشاركة العرب والإسرائيليين في مهرجانٍ مشتركٍ نوعٌ من التطبيع مع سياسات العدو الإجراميّة والاحتلاليّة والعنصريّة. الفنّ، كما فهمه آلافٌ من الفنّانين والموسيقيين والعازفين والمثقفين والأكاديميين العالميين الآخرين، ليس لتعمية الفوارق و”تخطّي الحدود” بين القاتل والضحيّة، بل لتسليط الضوء على الظلم والاضطهاد؛ ولذا أيّدوا دعواتِ مقاطعة إسرائيل على الصعد الفنيّة والثقافيّة والأكاديميّة ما لم تنسحبْ من الأراضي العربيّة المحتلة (وضمنها الجولانُ السوريّ المحتلّ بالتأكيد)، وتذعنْ للقرار الدوليّ رقم 194 بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم التي هُجّروا منها في العام 1948. وأن يشاركَ فنّانون سوريون ووزيرٌ لبنانيّ سابق في جلسة افتتاح المهرجان إلى جانب فنّانين إسرائيليين، فذلك لن يشكّل “مقاربة عربيّة ـ أوروبيّة” لنشوء “سياسة ثقافيّة تتخطّى الحدود” كما يزعم عنوانُ المهرجان، بل هو خرقٌ للمقاطعة العالميّة المتنامية لدولة الاحتلال الإسرائيليّ، وتلميعٌ لصورته الدمويّة بإلباسها ثوبًا قشيبًا من الموسيقى الراقية.

إنّ حملة المقاطعة تطالب د. غسان سلامة، والفنّانين السوريين كافّةً، بالانسحاب من المهرجان، ومن جلسة الافتتاح بشكل خاصّ، التزامًا بنداء المقاطعة الفلسطينيّ الذي صدر صيفَ العام 2005، وانسجامًا مع نضال الشعبين الفلسطينيّ واللبنانيّ المديد في وجه الهمجيّة الإسرائيليّة، وتساوقًا مع نضال الشعب العربيّ السوريّ في الجولان ضدّ المحتل الإسرائيليّ، واحترامًا لرسالة الفنّ والثقافة التي ترفض أن تكون “ورقةَ شوكولا” لمّاعةً لإخفاء القبح والجريمة.

بيروت في 27/9/2016

مقالات ذات صلة