اخبار دولية وعالمية

إسرائيل تُلاحق المتضامنين مع الفلسطينيين || إنهم يروون الحقيقة!

فشلت إسرائيل في الحيلولة دون إثارة حادثة منع الناشط والمتضامن السويدي بنيامين لادرا، السبت الماضي، من دخول الضفة المحتلة للتضامن مع الفلسطينيين ضد الإحتلال، بسبب تفاعل اعلامي فلسطيني ودولي وحتى إسرائيلي، لاسيما أنها الحادثة الثانية من نوعها خلال اسبوع، والعديدة لمئات المتضامنين في السنوات الأخيرة. إذ أرادت تل ابيب أن تحجب الحقيقة من خلال منع لادرا، إلّا أن إجراءها هذا – حتماً- لم يكن هادئاً في مواقع التواصل الإجتماعي.

ما أن جاء قرار المنع الإسرائيلي بعد 6 ساعات من التحقيق معه على جسر اللنبي، حتى نشر لادرا صورة له وبيده ورقة المنع، لتغزو الصورة وخبرها مواقع التواصل الإجتماعي (فايسبوك وتويتر) من قبل فلسطينيين وعرب وأوروبيين، معبرين عن تعاطفهم وتضامنهم مع لادرا الذي جاء هو أصلاً ليعبرعن هذا التضامن مع الفلسطينيين؛ لكن الحالة انعكست تماماً!

وعمّت التصريحات الفلسطينية الرسمية والحقوقية التي تعبر عن شكرها واحترامها للقيم الإنسانية التي يملكها بنيامين لادرا (السويدي من أصل يهودي)، والتي عبّر عنها برحلة الخمسة آلاف كيلومتر سيراً على الأقدام، قادماً إلى فلسطين. فبالإضافة إلى موقف الحكومة الفلسطينية الشاكر للمتضامن السويدي، اعتبرت عضو اللجنة التنفيذية لـمنظمة التحرير حنان عشراوي، أنه يمثل ضمير الإنسانية.

اما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فقد سارع إلى منح لادرا الجنسية الفلسطينية، ووسام الإستحقاق والتميز.

وذهب مغردون وناشطون إلى اعتبار المنع متوقعاً من الاحتلال وليس غريباً، بغية حجب الحقيقة، بالتزامن مع عمليات التهجير القسري بحق سكان الخان الاحمر، قبل خروج قرار المحكمة العليا الاسرائيلية ليوقف مؤقتاً عملية الهدم على وقع الضغط الأوروبي والدولي.

في المقابل، خلت الصفحات الرسمية الإسرائيلية في فايسبوك من أي تعليق على منع الناشط السويدي، في الوقت الذي كانت فيه متابعة الإعلام الإسرائيلي للحدث متواضعة وغير بارزة، لكن بعضه ركز مع ذلك، على جملة غير عادية لبنيامين لادرا قالها للإعلام العبري خلال عملية منعه من المرور إلى الضفة الغربية: أتيت لاطلق صرخة الشعب الفلسطيني ليس ضد اسرائيل، وانما لشعبها، فهل تريدون انتم السلام؟.

والواقع أن إسرائيل لم تنظر إلى الناشط لادرا كحالة فردية، وإنما كجزء من سياسة دولة اعتاد موقفها الناقد لسياساتها الإحتلالية أن يغضب اليمين الحاكم بإستمرار. فالسويد أكثر دولة متقدمة تعتبر دائماً أن السياسة الإسرائيلية لا تتلاءم مع روح العقلية الأوروبية التي تزعم تل أبيب دوماً أنها تنتمي إليها. ناهيك عن أن السويد من أوائل الدول التي تشدد على اعترافها بدولة فلسطين والقدس الشرقية عاصمة لها، فدورها طليعي في مخالفة السياسة الإسرائيلية.

ورصدت المدن تفاعلاً ايضاً لسويديين وأجانب في مواقع التواصل الإجتماعي، مع الناشط لادرا، فكان ابرزها منشور لناشطة من ستوكهولم تُدعى ليزا بندسجون، فتكتب: إسرائيل تمنع سويدي الجنسية من دخول فلسطين المحتلة.. فقط لأنه سيثير الحقيقة هناك.

أما يانس يوسفسن من مدينة اوبسالا السويدية فيقول: اسرائيل منعت دخول الناشط السويدي الذي مشى 11 شهراً للوصول إلى فلسطين، ثم يذيله بهاشتاغ #WalkToPalestine campaign.

وتعيد حادثة منع الناشط السويدي من دخول الأراضي الفلسطينية، إلى الأذهان، عمليات منع مماثلة للعديد من النشطاء في السنوات الأخيرة للحيلولة دون مشاركتهم في التظاهرات الفلسطينية السلمية التي تجري أسبوعياً في كفر قدوم والنبي صالح، وغيرها، بعدما بدأت قبل سنوات في نعلين وبلعين.

وتؤكد هذه الإجراءات بحق الناشطين الأجانب مدى إدراك الحكومة الاسرائيلية بقواها الأمنية والسياسية لخطورة المقاومة الفلسطينية السلمية لانها تستقطب العالم ومعه يساريين اسرائيليين. وغالباً ما كان تعرّض النشطاء الأجانب للضرب على أيدي جنود الإحتلال الإسرائيلي، يثير حنق دولهم، ما يجعل هذه الأحداث مثيرة وبمثابة قضية عالمية، وهو الأمر الذي لا تريده إسرائيل. فعندما يتلقى ناشط دنماركي مثلاً صفعة على وجهه، من شرطي اسرائيلي في تظاهرة سلمية، فإن جل الإعلام الدنماركي يكتب عن ذلك.

ويروي عدد من الصحافيين والناشطين الأجانب لـالمدن -مفضلين عدم ذكر اسمائهم- أنهم كانوا يُسألون من الأمن الإسرائيلي فور وصولهم إلى مطار بن غوريون: لماذا أتيتم؟..هل ستبقون في إسرائيل أم ستذهبون إلى الضفة الغربية؟. بينما أكد عدد آخر أن آلاف الأجانب رفضت اسرائيل منحهم تأشيرة دخول، بسبب الإشتباه بعملهم لصالح منظمة المقاطعة العالمية لإسرائيل BDS، أو أنهم أتوا للمشاركة في التظاهرات الفلسطينية السلمية التي تُنظم كل يوم جمعة في قرى وبلدات محاذية لمستوطنات أو لجدار الفصل العنصري.

اللافت أن الدولة العبرية تجند مخابراتها لتعقب المشاركين في منظمة BDS وكذلك المتضامنين مع الشعب الفلسطيني. وذكرت مصادر أن مخابرات أجنبية تعاونت مع إسرائيل بهذا الجانب وأعطتها قوائم بأسماء الفاعلين في هذه المنظمة التي تدعو لمقاطعة دولة الإحتلال.

ويؤكد ناشطون فلسطينيون لـالمدن أنه بالرغم من مشاركة الأجانب في العديد من التظاهرات في الضفة الغربية وفي معاونة الفلسطينيين لقطف ثمار الزيتون في الأراضي التي تتعرض لإعتداءات المستوطنين، إلا أن أعدادهم باتت اقل مما كانت عليه قبل سنوات؛ بسبب إجراءات الإحتلال المكثفة والتي تعيق دخولهم إلى الضفة. ونستذكر هنا منع الناشطة اليهودية الأميركية البارزة في BDS، قبل نحو أسبوع، من الدخول إلى الضفة، لأنها كانت ستشارك في تظاهرة قرية النبي صالح قرب رام الله.

مع العلم أن فيديوهات سابقة كانت قد أظهرت الناشطة المذكورة وهي تتواجه مع جيش وشرطة الإحتلال في الخليل وتتهمهم بأنهم جنود نظام فصل عنصري قمعي.

وتخشى اسرائيل من ان هؤلاء النشطاء الأجانب، كونهم يوثقون جرائم الاحتلال بكاميراتهم وبلغاتهم، فيروون الحقيقة العابرة للقارات والحدود، وهذا مكمن الرعب الإسرائيلي بامتياز.

جدير بالذكر أن الناشط السويدي، بنيامين لادرا، كان قد تجول قبل نحو ثلاثة أسابيع في المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث تحدث عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها اللاجئ الفلسطيني داخل المخيّمات.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة