المقالات

خيانة الديمقراطية في العراق

بقلم: د. نزار محمود

الديمقراطية اسلوب تعايش وادارة للحياة يخدم أبناء المجتمع ويحترم إنسانية كل فرد فيه ويصون كرامته وحقوقه، وهي بالتالي تعبير عن رقي وحضارة وسمو للمجتمع الذي تمارس فيه بغض النظر عن تطوره المادي أو التقني. وهكذا نقف في حياة الشعوب، منذ القدم، على صور لتلك الممارسة وتطبيقاتها وبأشكال وألوان مختلفة.

وكان أن تميزت المجتمعات الغربية في العصر الحديث بالأسبقية في حمل لواء الديمقراطية في ادارة شؤونها بعد نضال طويل ضد هياكل حكمها السياسية ومفاهيمها السابقة مع ما صاحبها من تطور علمي واقتصادي وتقني.

ومنذ بعض الوقت، وعلى أثر انهيار منظومة الدول الشيوعية وانتصار دول النظم الرأسمالية وبدء عصر العولمة الثقافية على وجه الخصوص، تعالت الصيحات وحركت وتحركت الشعوب، ومنها العربية، مطالبة بالديمقراطية والحرية، وحصل ما حصل من أمر ثورات الربيع العربي وما آلت اليه تلك الثورات من نهايات سائبة وسلبية، في الغالب، على احوالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث شهدنا مفاهيم مختلفة للديمقراطية وممارسات بدائية مزيفة لتلك الديمقراطية لأسباب كثيرة.

وفي العراق شهد التطبيق المنحرف للديمقراطية ذروته من خلال ممارسات وأساليب وأشكال مختلفة وحتى مبتكرة!

فديمقراطية العراق ابتدأت باجتثاث لا ديمقراطي للبعث والاقصاء الطائفي والمحاصصة العرقية والدينية وما سمي لاحقاً بالمشاركة والتوافقية، لتنتهي تلك الديمقراطية، بديمقراطية راس المال السياسي الذي تباع وتشترى به المناصب من وزارات ومقاعد نيابية وسفارات وادارات عامة وقيادات عسكرية.

ان ما يمارس في العراق لا يمت للديمقراطية، أسساً وشروطاً وأخلاقيات، بأية صلة بتلك التي ساعدت الشعوب الاخرى في تقدمها واحترام شعوبها.

في الختام:

إنها “ديمقراطية” شعب لم تتهيأ له الظروف لممارستها على وجهها الصحيح

إنها “ديمقراطية” عصابات سياسية مافيوية

إنها “ديمقراطية” مكونات طائفية وعرقية ودينية ومناطقية

إنها “ديمقراطية” قبائلية وعشائرية

إنها “ديمقراطية” تجارية قائمة على حسابات الدوائر الاقتصادية للكتل والاحزاب السياسية

إنها “ديمقراطية” اللاديمقرطية!!!

باختصار شديد: لقد خانت الديمقراطية نفسها والشعب في العراق.

برلين، ١٨/١٢/٢٠١٨

مقالات ذات صلة