المقالات

طيور السلام الحزينة

رفرفت فوق قباك المهدمة طيور حزينة، وجثت على صلبان الكنائس مكسورة ذليلة…

قام المؤذن يدعو الناس لصلاة العصر، وشرع الشماس ضرباً بالنواقيسا.

تباكت على سقوف بيوتك الهرمة ثكالى وأرامل وكثير من شيوخ المدينة العتيقة.

فرح الاطفال بعودتهم لحاراتهم لكنهم لم يجدوا لألعابهم من كرة أو لحكاياتهم من مراتع مريحة.

تجاذب شبان الحارة اطراف حديث، ولم يكن لمحو الخراب من معينا. غابت شيم الرجال واختفى من كان بالامس صارخاً فزيعا. وتذكروا من قال: لا يوجع الألم إلا صاحبه، ولا كان هناك من معتصم سمع استصراخ الإمرأة الأسيرة.

لقد اهتزت في مدينة الموصل هوية انتماء أهلها لها، وغاب فيها من بكلماته يجمع محبيها، وضاق بها الزمن حتى لم يعد للانسان فيها من وقت لاستحضار وندب ماضيها. وتتعالى بين الحين والحين، آهة يزفرها من فقد أخاً له أو أضاع خلانه فيها. فهذا زيد قد قتل، وذاك عمر قد هجر، وتلك علياء قد انكفأت على أحزان أمها العليلة. فلا أبوها على فعل شيء يقدر، ولا يجد أخوها لهم عملاً كريما.

وترى الآخرين من المسرفين يتبختروا، صارفين الدراهم شمالاً ويمينا.

حملنا منارة الحدباء رمزاً وشعارا، لكنا فرحنا، يا للأسف، باعادة هامتها بعون أموال أغراب لكي يبنوها.

استبشر الناس عدالة في الحكومة وصلاحاً في رئاسة الدولة ومحمد لبرلمانها رئيسا. فلا حكومة عدلت، ولا صالح سار مستقيما ولا محمد كان في حكمه وقضائه رشيدا.

د. نزار محمود

برلين، ٦/١/٢٠١٩

مقالات ذات صلة