المقالات

رأي في الواقع الفلسطيني …

رأي في الواقع الفلسطيني …

بقلم : عبداللة عيادي

مع تقديري واعتزازي وفخري بعظمة تضحيات شعبنا الفلسطيني، ومساندة ومؤازرة شعوبنا العربية واحرار العالم لكفاحه الوطني التحرري ، هذا الكفاح الذي سال في سبيل تحقيق أهدافه نهر من الدماء الزكية غطت مساحة الوطن الفلسطيني، وقضى المئات لا بل ألآلاف من الشبان والمناضلين الفلسطينيين زهرة شبابهم في اقبية وزنازين الصهيونية الفاشية الجديدة ،هذا الى عذابات مئات الألاف من الجرحى و معاناة شعبنا اليومية مع المحتل من قمع واضطهاد وتنكيل، ومعاناة شعبنا في مخيمات اللجوء القسري في الشتات العربي والعالمي… مع تقديري لكل هذه التضحيات الجسام، التي قدمت في سبيل العودة والتحرير، إلا أنه لم يعد مقبولاً بعد اليوم ، أن نكتفي بمناقشة التداعيات والظواهر الناتجة عن الصراع، بل يجب أن نطرق الباب المكهرب ونقرع الخزان بقوة، لنؤشر وبوضوح عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الفشل الذريع للمشروع الوطني الفلسطيني، و بالتالي أوصلت القضية الوطنية الفلسطينية الى هذا الدرك من التراجع والأنحطاط…

بإعتقادي إن أولى الخطوات المطلوبه، هي مراجعة علمية شاملة و شفافة للمنهج و للتجربة والمسار، و كي تحقق المراجعة مبتغاها لا بد من توفر أهم الشروط المطلوبة وفي مقدمتها الأبتعاد عن الحزبية الضيقة والحسابات السياسية والمصالح الأقتصادية الذاتية الضيقة…

أن أولى الحقائق التي يجب الأستناد لها في المراجعة برأيي هي : إنه بالرغم من حجم التعقيد والتداخل المحلي والأقليمي والدولي للصراع، إلا أن العامل الذاتي الفلسطيني كان مقرراً رئيسيا لخياراته السياسية، التي ساهمت في ايصال الحالة الفلسطينية الى هذا المستوى من التراجع على كافة الصعد والمستويات الوطنية والقومية والأممية..

الحقيقة الثانية : إن فشل المشروع الوطني الفلسطيني من تحقيق اهدافه في التحرير والعودة يحمل في طياته فشل الأدوات والوسائل التي كانت متبعة على مدار أكثر من نصف قرن، ومازال بعضها متبعاً حتى يومنا هذا.

لذا أعتقد ان التغيير الحقيقي يبدأ بالمراجعة قولاً وفعلاً للرؤية والمنهج والأدوات، وبالتالي تحديد المسؤولية الجماعية والفردية و اتخاذ قرارت جريئة بشأنها .. وهذا لم يتم حتى هذه اللحظة، حيث ما زلنا نشاهد في المشهد السياسي والحزبي الفلسطيني قادة ساهموا بشكل أو بأخر بالأزمة البنيوية التي تعصف بالواقع السياسي والحزبي الفلسطيني، وما يزالوا يحتلون مواقع قيادية هامة في الأحزاب الفلسطينية ومنهم امناء عامين عمرهم في الأمانة العامة من عمر أحزابهم.

ان غياب التجديد والمراجعة الحقيقية والجريئة للبرامج والرؤى والأدوات قبل كل شيء شكل عاملاً مساعداً للقوى المتنفذى في الواقع السياسي والأجتماعي والأقتصادي الفلسطيني من ادامة الهيمنة على الكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني ( منظمة التحرير الفلسطينية)، وبالتالي كان من الصعوبة في مكان ان تتحقق الديمقراطية في مؤسسات المنظمة واحداث عملية التغيير في ظل حالة الجمود الفكري والتنظيمي التي كانت تعيشها احزاب ما كانت تعرف تاريخياً بالمعارضة للسياسات المتبعة من قبل القيادة المتنفذة في م.ت.ف..

ان حالة الجمود والتشتت لقوى المعارضة من جهة، والأستعداد الذاتي للقيادة المتنفذة في الأنخراط في مشروع التسوية والرهان على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في المنطقة من جهة ثانية ، وبالأضافة للمتغيرات الدولية الدراماتيكية التي حصلت أنذاك والمتمثلة بالأنهيار الكبير للنموذج الأشتراكي وتفكك المعسكر الأشتراكي ، وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالسياسة الدولية، شكلت جميعها عوامل ساهمت في أنهيار المشروع الوطني الفلسطيني القائم على ركيزتين اساسيتين، العودة والتحرير من حيث الأهداف ، وعلى التعددية السياسية من حيت الأدوات، وكافة اشكال النضال السلمي والعنفي من حيث الأسلوب.

على ضوء ما تقدم وعلى أبواب الذكرى الــ51 لأنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ، و في أجواء الهبة الشعبية الفلسطينية الباسلة، وحفاظاً و وصوناً للدماء الزكية التي تسيل يومياً على مساحة الوطن الفلسطيني، وكي نجعل من هذه الهبة انتفاطة شعبية شاملة في كل المقاييس والأبعاد… أعتقد بأنه قد بات مطلوباً وملحاً الدعوة الى حركة شعبية فلسطينية رافضة ومناهضة لكل اشكال التفاوض مع الأحتلال الصهيوني، حركة تتشكل من أوسع الشرائح الإجتماعية والفكرية من ذوي الإختصاصات المختلفة من داخل الأحزاب و من خارجها و من داخل الوطن ومن خارجه ومن المهتمين بالشأن العام من كتاب ومثقفين ومفكرين وصحفيين وطلبة، للمساهمة في وضع الأسس، للخروج من أزمة المشروع الوطني الفلسطيني،كمقدمة ضرورية لوضع إستراتيجية فلسطينية شاملة، مستندة إلى حقنا التاريخي بفلسطين، استراتيجية تقوم على ثلاث ركائز أساسية، الركيزة الأولى إنجاز عملية التغيير الديمقراطي في الواقع الفسطيني من خلال الضغط الشعبي لإجراء عملية انتخابية واسعة في المؤسسات الفلسطينية على قاعدة التمثيل النسبي لكافة المؤسسات الفلسطينية وصولاً للمجلس الوطني الفلسطيني …و الركيزة الثانية حشد الطاقات الكامنة لدى شعبنا في مشروع سياسي عماده الأساسي مقاومة للأحتلال وبكل الأشكال والوسائل العنفية والسلمية… الركيزة الثالثة والأخيرة بناء أوسع تحالف عربي ودولي في مواجهة المشروع الأمريكي الأمبريالي_ الصهيوني الرجعي المعد للمنطقة.

( بمناسبة إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ،كل عام وشعبنا أقرب الى الحرية والأستقلال والتحرر)

مقالات ذات صلة