الشتات الفلسطيني

تقرير يرصد محاولات حثيثة لتصفية قضية اللاجئين

وكالة القدس للأنباء

عين اللاجئ والوطن

تعيد وكالة القدس للأنباء نشر تقرير أعدته صحيفة “القدس العربي”، يتمحور حول تعريف اللاجئ الفلسطيني، استناداً لخطة كيري وتحركاته لإنهاء قضية اللاجئين وتصفيتها.. فيما يلي نص التقرير:

يتجاوز رئيس الوزراء الأردني المحنك الدكتور عبدالله النسور إحتمالات ‘التسرع′ أو الخطأ في التقدير السياسي وهو يثير عشية إنشغال المنطقة بمشروع خطة وزير الخارجية الامريكي جون كيري مسألة في غاية الأهمية ويتوقع أن تثير مزيدا من الجدل من طراز تعريف هوية ‘اللاجىء الفلسطيني’.

وغرقت عمان سياسيا ونخبويا بعد ساعات فقط من إستقبال الرئيس محمود عباس في الجدال والنقاش العاصف حول السؤال الذي قفز فجأة على سطح الأحداث بعنوان ‘من هو من الناحية القانونية اللاجىء الفلسطيني الذي سيتم التفاوض على حقوقه في العودة والتعويض؟’.

هذه المسألة لا تشغل فقط العاصمة الأردنية بل أيضا مكاتب الرئاسة في رام الله حيث كلّف الرئيس محمود عباس فريقا من الخبراء بإعداد ملفات بيانات متكاملة فيما طلبت الحكومة اللبنانية من القيادي البارز في حركة فتح والمقرب من عباس عزام الأحمد الذي زار بيروت مؤخرا تشكيل ‘لجنة ثنائية’ تتولى البحث في حقوق اللاجئين واوضاع المخيمات.

بالتوازي صدرت مراسلات بين الحكومة السورية وبين قياديين فلسطينيين بالخصوص تمأسست على الفكرة التي استند لها القيادي الفتحاوي البارز عباس زكي عندما التقى الرئيس بشار الأسد ومحورها وقف هجرة اللاجئين من مخيمات سوريا لإحصائهم ولمنع حراك ديمغرافي يؤثر على حقوقهم.

طبعا بروز هذا السؤال مؤثر جدا ومتوقع على هامش هجمة السلام التي يقودها كيري. وهي هجمة يرى مقرّبون من الرئيس عباس بأنها ‘حماسية’ وتمثله شخصيا كما ألمح الأحمد فيما يرى آخرون بينهم وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بأنها مبرمجة وتمثل الرئيس باراك أوباما.

النسور لم يكن يخطط حسب مقربين جدا منه للقفز على الأحداث أو للتسرع في الإستنتاج عندما جدد سقفا زمنيا لتعريف اللاجىء الفلسطيني بين عامي 1946 و1949 بقدر ما تقصد إبلاغ الرأي العام مسبقا وتحديدا في فلسطين والأردن بقواعد اللعبة التفاوضية كما يتوقعها ليس فقط صانع القرار الأردني ولكن أيضا كما يبرمجها أصحاب القرار الدولي.

النسور شخصيا اوضح لـ’القدس العربي’ في وقت سابق بأن الأردن ليس بالتأكيد الطرف الذي سيحسم أو يملك أن يحسم كيفية التفاوض على حق مقدس مثل العودة لكن عمان مهتمة دوما كما اوضح لـ’القدس العربي’ الناطق بإسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني بإسناد ودعم الحق التاريخي للشعب الفلسطيني.

مؤسسات الشرعية الفلسطينية حسب الدكتور المومني هي المعنية بتمثيل الشعب الفلسطيني والتفاوض على حقوقه كاملة وهي التي تحدد آلية التعويض والعودة عندما يتعلق الأمر بهذا الحق المقدس والثابت وما يهمنا في الأردن بصورة مكثفة هو ضمان إطار عادل يشمل حقوق اللاجئين بالأردن وأن تبقى حقوقهم بالعودة والتعويض ‘مصانة’.

لكن التحديد الزمني الذي طرحه النسور وفاجأ جميع الأوساط أثار شهية التساؤل عن وجود تصورات أو معلومات مسبقة لدى صانع القرار الأردني حول الآلية التي تقترحها غرف القرار الدولي المؤثرة والتي تخضع بطبيعة الحال لمقدار التنازل الإسرائيلي المحتمل عند الجلوس للتفاوض على المسألة الأكثر تعقيدا وهي حق العودة.

وبشكل مسبق قال الأردنيون علناً، مرة على لسان النسور، وأخرى على لسان رئيس ديوان الملك فايز طراونة بـأن الدولة الأردنية هي التي ستتفاوض عن ‘لاجئيها’ الذين يحملون الجنسية الأردنية مما يعني ضمنيا بأن الكتلة الديمغرافية الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين في العالم ستتولاها عمّان عند التفاوض بناء على قواعد في القانون الدولي ألمح لها النسور عندما اشار إلى ان حق العودة والتعويض من المحتمل أن يسقط في الحالات التي حظيت بجنسية دولة أخرى.

هذا يترك عمليا بقية كتلة اللاجئين في لبنان وسوريا وغزة والشتات بين يدي المفاوض الفلسطيني وهو وضع يقلّص هوامش المناورة امام السلطة الفلسطينية، الأمر الذي يفسر عمليا مستوى الحساسية الذي ظهر مؤخرا بين عمان ورام الله رسميا خصوصا عندما أصر العاهل الأردني على تحديد قواعد اللعبة أردنيا بالإستناد إلى دعم كيري والمفاوضات وفقا للمصالح العليا للأردن.

المصالح العليا الأردنية قد تعني في المحصلة سياسياً تمسّك عمان بحقها في تمثيل مواطنيها اللاجئين وعددهم يقترب من مليوني لاجىء في اللحظة المناسبة التي سيتوافق فيها القوم على ‘آليات’ لعبة التفاوض بملف حق العودة.

وهي آليات ستخصم حسب كل المصادر والمراجع التي تحدثت معها ‘القدس العربي’ القاعدة التي أشار لها النسور وهو يكشف احتمالية سقوط حق العودة والتعويض عن اللاجئين الذين يحملون أو حملوا جنسية أخرى مما يجعل الإصرار الأردني العلني الملموس على تمثيل الحصة المحلية من اللاجئين تفاعلا براغماتياً مع التوصيفات الدولية المتوقعة وعلى قاعدة ان الأردن لن يقبل خروج حصته من اللاجئين بعد 65 عاما قدم خلالها التضحيات فقط لأن ميزان القوى إكتشف اليوم ‘تسوية’ قانونية معدّلة لصالح عملية السلام وإسرائيل.

الفكرة بإختصار يعبر عنها مسؤول بارز في الحكومة الأردنية قال لـ’القدس العربي’: لدينا كدولة حضنت اللاجئين حقوق ولدى مواطنينا حقوق وإذا كان المجتمع الدولي سيعتمد تخريجات قانونية تقول بسقوط حقوق اللاجئين الفردية لأننا منحناهم الجنسية الأردنية سنجلس على الطاولة لنقول: حسنا نحن الجهة التي تمثل هذه الحقوق.

هذا التفسير للأحداث لا يدفع قادة السلطة الفلسطينية للإسترخاء ولا يريح أوساط اللاجئين الفلسطينيين في الساحة الأردنية لكن بالنسبة لعمّان من الواضح ان ‘خطة كيري’ مهما كانت ستصبح مرجعية لعاصفة جديدة تحلّ على المنطقة من الحكمة الإستعداد لها.

لكن الأوساط الرسمية الأردنية لا تكشف السر الحقيقي وراء ‘الإندفاعة’ الأردنية وراء تواريخ اللجوء التي قدمها النسور امام البرلمان الثلاثاء الماضي فقد اكتشف مسؤولون كلفوا منذ عدة أشهر بالتعمق والحفر في ملفات وتعريفات اللجوء وتفاصيلها الأرشيفية ما وصف بأنه ‘مفاجآت كيدية’ لدى المراجع الإسرائيلية يمكن أن تسوّق على نطاق دولي عندما تحين لحظة التفاوض على حقوق العودة والتعويض.

بين هذه المفاجآت إحتمالية مرجحة لسقوط حقوق اللجوء في العودة والتعويض للأفراد وحتى للدول في حال التمتع بجنسية دولة ثالثة. وبينها الغرق في تفاصيل الجنسية المرجعية التي كان يتمتع بها اللاجئون فعلا عندما حصلت الحرب واضطروا للمغادرة قبل عام 1948 حيث أبلغ أحد المسؤولين الأردنيين ‘القدس العربي’ مباشرة بأن بريطانيا باعتبارها سلطة إنتداب في المناطق الفلسطينية قبل نشوء دولة الكيان الإسرائيلي، قد تنجح في ‘اختطاف’ تمثيل اللاجئين في لحظات حرجة، الأمر الذي يتطلب إحتياطات من كل الأوزان والأشكال.

وهي إحتياطات تستبق زيارة كيري المقبلة للمنطقة والتي ينظر لها دبلوماسيا على أساس انها الزيارة الأكثر أهمية بعدما وجه الرجل ‘إنذارات’ للفلسطينيين وتمكن من الحصول على دعم كامل من الأردنيين ونجح في الضغط على السعوديين بعدما طلب منه عباس غطاء عربيا.

وكالة القدس للأنباء – بيروت– لبنان

مقالات ذات صلة