الشتات الفلسطيني

مخيم الرشيدية معاناة وحرمان

هو من أقدم المخيمات الفلسطينية للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من فلسطين إلى لبنان عام 1948 ليجدوا فيه ملاذاً آمناً، فمنذ 50 عاماً وهم يعيشون في هذا المخيم الأقرب جغرافياً إلى فلسطين.

يقع المخيم على مسافة 5 كيلو متر جنوبي مدينة صور ويبعد عن فلسطين 23 كيلو مترا، أنشأ هذا المخيم عام 1963 لإيواء اللاجئين الأرمن وفي عام 1963 لجأ إليه الفلسطينيون، وينقسم مخيم الرشيدية إلى قسمين المخيم القديم والمخيم الجديد، وتبلغ مساحته 2.5 كيلو متر تقريباً منذ نشأته وحتى يومنا هذا، ويبلغ عدد سكانه المسجلين نحو 28 ألف نسمة، ما زالو يعيشون في هذه المساحة الضيقة، رغم تزايد نسبة العائلات والإقتظاظ السكاني الذي سبب أزمة إجتماعية كبيرة.

وللإطلاع عن كثب على معاناة أهل المخيم، جال مراسل “وكالة القدس للأنباء” فيه وتحدث مع فعاليات وقيادات من الفصائل ومن أهالي المخيم، حيث وافانا بالتحقيق التالي:

بطالة وقلَة عمل

بدوره يقول أحد شبان المخيم (27 عاما) لـ”وكالة القدس للأنباء” رفض الإفصاح عن إسمه، “أنهيت دراستي الجامعية في مجال الهندسة، ومنذ ذلك الوقت كنت أبحث عن عمل في اختصاصي، لكن دون جدوى في ظل قلة فرص العمل، الأمر الذي دفعني إلى حد اليأس، سيما أننا في ظروف إقتصادية وإجتماعية صعبة وقاسية لا أمل ولا مستقبل لإنسان متعلم في أن يحصل على فرصة عمل، فكيف يكون حال من لا إختصاص له ولا شهادة يعمل بها”.

سبعة أنفار يعيشون في غرفتين

يقول صاحب هذه الأسرة الذي رفض الإفصاح عن إسمه أيضا لـ”وكالة القدس للأنباء”: “أقطن أنا وعائلتي المؤلفة من سبعة أشخاص في هذا المنزل الضيق، الذي لا يصلح للسكن لمثل هذا العدد، ولا أجد مكاناً لكي أبني عليه بيتاً، كي يكون لي متسع في معيشتي في منزل شرعي على الحد الأدنى لي ولعائلتي، لذا أطالب كل من هو معني بشوؤن الشعب الفلسطيني، خاصة إدارة الأونروا أن ينظروا إلى حجم هذه المعاناة لشعبنا، وأن يضعوا أنفسهم في المكان نفسه، وكفانا حرماناً من أبسط الحقوق التي ينبغي لنا أن نعيشها ونتمتع بها كباقي البشر على أرض الله”.

اللجنة الشعبية

يقول أمين سر اللجنة الشعبية الحاج أبو كامل سليمان لـ”وكالة القدس للأنباء” حول المعاناة التي يعيشها المخيم “إنه على المؤسسات المعنية تحمل مسؤولياتها، ففي مطلع التسعينيات كان هناك مطلب من اللجان الشعبية لدى قيادة حركة أمل بخصوص التوسع في البناء على أطراف المخيم، ولكن لم يكن هناك أي خطوة تسمح بالتوسع الأفقي، بل إذن بالتوسع العامودي، وهذه مشكلة لدى أبناء المخيم، خاصة الشباب المقبل على الزواج ، والذي لا يملك منزلاً أو مكاناً يبني فيه منزلاً، ففي هذه الحالة يضطر إلى الإيجار، ورغم كل هذه المعاناة التي يعاني منها أبناء المخيم وباقي المخيمات، هناك مشاكل كثيرة منها، عدم إدخال مواد البناء إلا بتصريح من الدولة، والمشكلة الأكبر حركة النزوح من مخيمات سوريا إلى مخيمات لبنان، والتي ساهمت بدورها في تفاقم الأزمة السكنية والإقتظاظ السكاني في المخيم، وهذا لا بد من إيجاد حلول لهذه الأزمة من قبل الدولة وإدارة الأونروا، وبالتالي اللجان الشعبية أو الفصائل لا تملك إذناً لأحد بترخيص بناء في مكان خارج إطار المخيم، لأنه سيتعرض إلى ملاحقة قانونية، ولكن أنا أسأل وأقول إلى متى سيبقى هذا الأمر هكذا؟، لماذا لا يكون هناك مساع إلى العمل لحل هذه الأزمة؟”.

الجهاد الإسلامي

ويقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الحاج أبو العبد لـ”وكالة القدس للأنباء”: “إن شعبنا الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية في لبنان يعيش ظروفاً صعبة على كل المستويات، لا سيما من حيث تفاقم عدد السكان عبر السنين، ناهيك عن المعاناة في مجال الصحة والطبابة والإنارة والمياه والتعليم وقلة فرص العمل والأجور المتدنية في حال توفر العمل، وما زاد الطين بلَة وتعقيدا، هو الضغط والكثافة السكانية في بقعة جغرافية صغيرة جداً، عبر نزوح أهلنا من سوريا، إذ أنه قبل النزوح كنا نعاني من عدم وجود منازل للإيجار وعدم إمكانية الإعمار في ظل منع دخول مواد البناء إلى المخيم وعدم توفر إماكن للإعمار فيها.

ويتابع أبو العبد بالقول: “بعد نزوح أهلنا من مخيمات سوريا كبر الهم وتفاقمت المشكلة وأصبحنا أمام تحد كبير ولم يكن أمام الفصائل واللجان الشعبية والأهلية وقوى المجتمع المدني والمؤسسات سوى العمل بقوة وفعالية لتخفيف المعاناة وهذا العبء”. وأضاف: ” أدعوا الجميع لأن يكونوا مع الشعب الفلسطيني لرفع المعاناة عنه من حياة البؤس والحرمان في المخيمات”.

واقع مرير يعيشه أهالي مخيم الرشيدية، ومعاناة تفاقمت ولا تزال تتفاقم في ظل النزوح الذي يشهده المخيم على كافة الأصعدة، الأمر الذي يؤدي إلى مشاكل إجتماعية وإقتصادية جمَة، ليس بمقدور المخيم تحملها.

وكالة القدس للأنباء

عين اللاجئ والوطن

بيروت – لبنان

مقالات ذات صلة