الشتات الفلسطيني

فلسطينية على سن ورمُح

في الذكرى الخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، واعتزازاً ووفاءً للمرأة الفلسطينية المناضلة، كرّمت الحملة الأهلية لنصرة فلسطين الأخت المناضلة آمنة جبريل عضو المجلس الثوري لحركة فتح وذلك في دار الندوة–الحمرا ،بيروت، وقد ألقى مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مروان عبد العال كلمة باسم المنظمات الفلسطينية قال فيها:

الكنعانية إمرأة لا تحصى ولا تُعد، لأنها ليست امرأة واحدة ولن تكون، زغرودة مستمرة ومجتمعة في نسق يزدحم بصدى أصوات عُليا، تنبض في سر الحنين المتشعب في أزقة المخيمات، أو تسكن حكاية قديمة يتلوها وطن يتوارى غيلة وراء حواجز الموت وجدرات العزل ومعبر القهر وقوائم الانتظار، وصف غسان كنفاني أم سعد بقوله ” لم تكن أم سعد امرأة واحدة” أجل هي شاهدبالحلم المجرد والحياة المعاشة على شهداء كانوا وبعضهم كأنهم شهداء، لتكون الحقيقة بلا قناع أو تزييف.

الكنعانية ليست واحدة هي حشد من تضحيات وجيش من ذكريات وجحافل من أحلام، تستقر في الروح كما أطياف الوطن في العينين،أعذري ازدحام الكلمات في موسم مل الناس من البعضالذي أدمن الحضور وقرفت العامة من الذي امتهن فن الاستعراض، في قاموسها يكون المديح شكل من وشاية مثخنة بداء الأنانية، تكريم مستحق إلىروح المرأة المتقدة نارها كفاحاً لحرية ذاتها ووطنها، فهي حتماً كنعانية بلا حدود، يظل تكريمها في سحنتها الجليلية الترابية اللون ووسامها كبرياء المرأة المناضلة ودرعها هذا الشال الفلسطيني الأصيل.

هي ابنة المخيم، الآتية من رحم النكبة، فتاة متوجسة من خطر محتمل ربما يقع، ومعاناة تشبه القدر، ودائما “اللهم نجينا من الجايات”، دراما انسانية مترعة بالحزن، تقرأ تفاصيل الحدث باحداثيات ألسنة بسطاء الناس العميقة والرقيقة، تلوم المأساة ولكن لا تستسلم لها، بخطى وئيدة، وبحذر ثوري مريب وجرأة نادرة، تكسر بخفة قيود وذهنيات وتقاليد بالية، لتؤسس لعمل نسائي واجتماعي ونقابي وثم سياسي، تسهم مع من سبقوها في العبور بالمرأة من الأنثى “العورة” إلى “الثورة”.

تمردت على شيخ العشيرة وشيخ القبيلة وعاندت شيخ الطريقة بأنواعها الدينية أو التنظيمية، وتتمرد على كل عقلية تريد اعادة التاريخ إلى الوراء، وفي مجتمع أبوي اعتبر فيه السياسة للرجال فقط استطاعت أن تكون قائداً وفي المجلس الثوري ووسام على صدر فتح في يوبيلها الذهبي، واضافت بحضورها للعمل الوطني في لبنان نكهة مميزة وخاصة، سمَت بمفهوم الفعل الوطني فوق الفصائلي وفلسطين أعلى من الأشخاص.

في البدء كان المخيم، الجدار شاتيلا والحارة شاتيلا والزقاق شاتيلا والبيت والحصار، وشاتيلا علي أبوطوق، والحصار الأول والثاني والمجازر بأحجامها ومقاساتها، الجماعية والنثرية، تحمل الجرح نضالاً يجول على المخيمات شمالاً وجنوباً، همها كيف تصون تشردها ودمها ولقمتها وكرامتها وحلمها بفلسطين، وكلما تمادى الألم وضجت الطرقات بأنين الغربة وزحفت فلذات أكبادنا على رؤوس البلاد، وهبت مواسم النزوح والجروح في ملامسة ملح البحر، كي لا تبتلعنا الأرصفة تصير مهنتها الرسميةتربية الأمل، تضميد الجراح واعالة من فقد اللقمة وحبة الدواء وعندها تنسد سبل المؤسسات فنقول بمزاح، لا يوجد حل إلا عند ” الأم تريزا” ..

نفتخر بتعبك وقلبك وهوية واضحة كالشمس كالتيوزعتيها مطرزات نسائية من المخيم إلى كل العالم، في احتفالك الأسطوري حتى العشق في سبيل تثبيت شرعية البقاء وحقيقة الوطن، في كل زيارة تختلسها إلى هناك يكبر في عيونها الوطن ولكن يتسع جرح المنفى أكثر، هي القتيل الذي يسخر من القاتل، والضحيّة التي تكابد كي لا تتكرر مأساتها ثانية وثالثة، هكذا همسنا سوياً في عودتنا إلى مخيم نهرالبارد بعد أن وضعت الحرب أوزارها، سألنا كم مرة سنشعل الشموع على ركام مخيم جديد.. ؟؟ هل لأن الوطن ضاق ذرعاً من المنفى؟ نفتخر بك اسماً وحلماً وهوية، وأشهد بالتجربة أنك فلسطينية على سن ورمح، وان اللقب الرفيع الذي يليق بك وبل الاسم العربي الصريح والفصيح والأصيل هو: الأخت آمنة جبريل.

المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – بيروت، لبنان

8/1/2015

مقالات ذات صلة