الشتات الفلسطيني

مروان عبد العال: المقاومة مصالحة مع الذات ومفتاح الوحدة الوطنية والحريّة لا تقدر بثمن ولا بزمن

16:34 – 04 أكتوبر, 2015

قناة المنار الفضائية –

أكد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسئولها في لبنان مروان عبد العال أنّ تحدي المواجهة الشعبية هي بشارة لمرحلة جديدة، مشيداً بالعمليّات النوعيّة في الضفة والقدس، واصفاً إياها بالنوعية والجريئة والمحترفة.

وقال عبد العال خلال مقابلة متلفزة على فضائية المنار في برنامج ” مع الحدث” ” كنا أمام مرحلة أسميتها بتعبير بسيط “رصاصات الشوق الفلسطيني” لأننا جميعاً أُصبنا بعطش لمثل هذا العمل، وخاصةً في الضّفّة الغربيّة تحديداً. ونحن ندرك تماماً بوجود جرائم إسرائيلية وجرائم المستوطنين التي تمارس يوميّاً بشكل فظيع حتى وصلت إلى درجة لا يمكن تشبيهها إلّا بممارسات عنصرية من حرق عائلات ومن قتل متعمّد والتي ذكرتني بقصّة الهنود الحمر، وفكرة سلخ جلدة رأسه، أي كان قتلاً متعمّداً بالحرق كما حصل لمحمد أبوخضير ودوابشي، وكما يحصل الآن في المسجد الأقصى المبارك الذي يدنّس يوميّاً، وبالتالي كنّا جميعنا نصرخ قبل أن نستنجد بالعالم، وننتظر إشراقة الرجال الحقيقيّين، وأعتقد أنّ هذا هو الأمل الذي ننشده في تلك اللّحظة”.

وقد استهل الرفيق عبد العال المقابلة بتوجيه تحيّة لرجال جبل النّار الذين قاموا بالفعل المقاوم، الذي يستحق كلّ التقدير، والذي رفع رؤوس كل أبناء الشعب الفلسطيني، وكل أبناء المقاومة أينما كانوا، مشيراً أن هذا الاحتلال بكلّ هذه الغطرسة والعنجهيّة والصلف يستحق الرد وكل السياسية تظل خطاباً بلا ممارسة فعلية.

وأضاف عبد العال ” بالأمس مارس “نتنياهو” التهريج على منصة الأمم المتّحدة في حلقة من حلقات تزيّيف الحقيقة، لكن رصاصات الحقيقة كانت خير رد، تلك الطلقات التي سمعنا جميعاً صداها المبارك في مستوطنة “إيتمار” ضد هدف استخباراتي، وبالتالي نحن نعتبر أن هذه العمليّة النوعيّة من طراز رفيع لا تستحق إلّا أن نشدّ على أيدي هؤلاء المقاومين وأن نطلب المزيد، لأن هذا هو الطريق الذي يجبر العدو الصهيوني أن يفكر بمعنى استمرار الاحتلال وكلفته، ولا يمكن أن ينسحب بالاستجداء ولا بالتنسيق الامني ولا بالتبعية الاقتصادية ومجنون من يعتقد أن المفاوضات ستجلب الحق الفلسطيني، نحن ندرك أن هذا العالم يتأثر بالوجع وقد يصغى للصوت الفلسطيني، لكن ليس أكثر من رصاصات الحقيقة التي تصل أسرع من الصوت وأصدق من الكلمات”.

وأكد عبد العال أنه بالمعنى الرمزي والمعنوي بالنسبة لنا وخارج السياسة نعتبر أنّ هذا العلم الذي رفع أمام الأمم المتحدة هو أعلى بكثير من مبنى الأمم المتحدة، باعتبار أن من قام برفعه هو الطفل الفلسطيني الذي استشهد على الشريط الشائك للمستوطنة، وكان الأطفال يحملونه في انتفاضة الحجارة، وكان مجرّد حمل العلم تكّلف حياة أو السجن”.

وأضاف أن هذا العلم كان يرتفع وهو ملوّن ومعطّر بدماء الشهداء، وبالتالي هذا كان تعبيراً كبيراً عن الهويّة الوطنيّة الفلسطينية التي نضجت وكبرت، وتصاعدت كحقيقة فلسطينيّة لا تموت، وأن يكون الآن في الأمم المتّحدة فهو إقرار من العالم، هذا الإقرار الذي تأخّر والذي حاول الاحتلال أن ينفيه وهذا الشعب وهذه الحقيقة.

وتابع قائلاً: ” هذه الشخصيّة الوطنية التي تتكامل باستمرار النضال حتى تنزرع في ترابها، والاحتلال قام على قاعدة نفي الشعب الفلسطيني، كانوا يحلمون أن يروه غارقاً في البحر، وكانوا يقولون إن هذه “أرض بلا شعب”، فكيف لهذا الشعب أن يكون له مكانة بين الأمم، هذه مسألة في غاية الأهمّية، وأعتبر أنه إعادة إنتاج للهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة، والوحدة الوطنية ولكن الأهم السيادة الوطنية كتعبير عن تجسيّد فعلي بجعل العلم الفلسطيني يرفرف في سماء الدولة الفلسطينيّة المحررة والموجودة في وجدان شعبها ولكن في التاريخ والجغرافيا أيضاً”.

ولفت عبد العال أنه عندما تكون فلسطين نقيض للغياب ونقيض للاحتلال ونفي معنوي لدولة العنصريّة الموجودة على أرض فلسطين، والآن إذا كان العالم يرى ويعرف فعليه واجب أن يعترف، بأن بين الأمم والشعوب والدّول دولة اسمها “فلسطين”، وعلى العالم أن يقر بحقها في الانتقال من حيّز السياسة إلى حيّز الجغرافيا، حيث الوطن الفلسطيني، أن يعترف بحق الشعب الفلسطيني بتحقيق هذا الاعتراف لرفع علم فلسطين وبكل الوسائل بما فيها المقاومة من أجل الوصول إلى مثل هذا الهدف.

وقال عبد العال “إنّ السؤال الأهم بعيداً أم قريب المنال، لكنّه سيتحقق مهما طال الزمان، مهما كانت المسافة بعيدة، والأهم أن لا يسقط هذا الحلم، أن لا نقتل الأمل، فنحن لا نريد أن نبني وهمّاً، ولا أعتبر أن هذه المسألة مرتبطة بالوهم، لأنه إذا كان هذا الشعب الاستثنائي يستحق الحرية، ودائما كانت الظروف مجافيّة وظالمة، النكبة ولدت ما بين الحروب العالمية، وبالتالي أيضاً انهيار الاتحاد السوفياتي، وكل هذه التطوّرات التي حصلت الآن ما يجري في العالم العربي بأجمعه الاحتلال يصطاد الحق الفلسطيني في زمن الفتنة العربيّة، وبالرغم من كل هذا الوجود إن الحقيقة الفلسطينيّة قائمة وموجودة، وهذا سيترك أملاً كبيراً لدى الشعب الفلسطيني، وعندما يسود اليأس اقول علينا إعادة تجديد الأمل، وهو قوّة روحيّة للمقاومة بأن تستمرّ من أجل الوصول لهذا الحلم، سواء كان طريقنا طويلاً، ونحن نعرف أن طريقنا طويلاً، وليس بسيطاً، فنحن لا نقاتل كياناً طارئاً، واستراتيجيّة الوهم عندما يتم الدخول بالمفاوضات على أساس وعد وضمانة أنه بعد خمس سنوات الدولة الفلسطينيّة قائمة، وفي كل المراحل السابقة كنّا نوزّع التفاؤل المفرط، وأنا لا أريد أن أوزّع التفاؤل لكي لا ينصدم الناس عندما أقول أن هذا قريب ويكتشفون أنّه بعيد، هذا العمل شاق يحتاج إلى المزيد من الكفاح من أجل أن يتجسّد على الأرض، فشعبنا لديه القدرة الهائلة على العطاء، لأنّ الحريّة لا تقدر بثمن ولا بزمن، وهي لا تباع و تشترى”.

وأوضح عبدالعال أن عملية نابلس البطولية هي جزء من التكتيك الميداني، خاصةً للذين يمتلكون خبرة كبيرة في منطقة “كالضّفّة الغربيّة” التي يوجد داخلها تداخلات وتنسيق أمني كما سبق ورأينا عمليّات لها طابع الخليّة الواحدة ذاتها، التي مارست عمليّة الطعن أو الدهس، لافتاً أن هذه العمليات كانت لا تسير ضمن هرم تنظيمي كما قيل، وهذا جزء من الإيجابيّة في هذا المجال، مذكراً بعمليّة “دير ياسين” للبطلين الشهيدين “أبو جمل” التي حصلت في القدس وهي ضرب بالسكّاكين لأكثر من شخص، وهذه كانت جزءاً من هذا التخطيط، والإشارة للجهات التنظيميّة أعتبر أن هذه محاولة للعب على التناقضات الداخليّة الفلسطينيّة، وعمل الطعن الجديد بورك من الفصائل كلها بما فيها “حركة فتح” و “كتائب الأقصى”، وهذا الأمر يرعب الصهاينة ومهمّ جدّاً، وعليه إجماع كامل، وله غطاء سياسي وشعبي فلسطيني كامل، المقاومة قدر شعبنا ومن يتقاعس يسير عكس التيار.

واعتبر عبد العال أن المقاومة هي المصالحة مع الذات وهي مفتاح الوحدة الوطنية وليست السلطة ، التي خلقت تلك الديناميات المقيتة من نزعة الاختلاف الضار والمدمر بالمنافسة على المراكز والمناصب والمغريات والمصالح الفئوية والذاتية، ولا نريد الدخول في تفاصيل هذا المجال، سيئات تطال ممارسات سلطوية مشينة ولكن العمل الكفاحي فيه كلفة عالية وغالية وتضحية باهظة.

وأكد عبد العال على الحاجة لعمل مقاوم جدي ونوعي وعلمي يفتخر فيه الجميع، بعيدا عن فئوية تعطي للعدو سلاح التركيز على فئة واحدة، أو نعطيه نقاط ضعف محدّدة يعمل على أساسها، وربما يجد تربة خصبة في ظل هذه التناقضات للوصول إلى ما يريد.

كما دعا لاختيار أهداف محدّدة، لافتاً أن هناك عاملين في الاستخبارات الذين ارتكبوا مجازر ضدّ الشعب الفلسطيني، فهم ليسوا أبرياء، وليسوا فقط مستوطنين أو مدنيين في هذا الحدود لأنهم ليسوا مستوطنين إلّا فعلاً أيضاً من أفعال الإسرائيليين. مشيراً أيضاً أن المسألة الأهم أنّهم انتصروا أخلاقيا على العدو ولم يعتدوا مثله على الأطفال، والأهم أنّهم استطاعوا أن يتواروا عن الأنظار، أن تكون هذه هي الاستراتيجية المتّبعة أي أن يكون هناك نجاح في مثل هذه العمليّة.

وأضاف عبد العال ” بأن التعليق الإسرائيلي واضح تماماً، فقد اعتبر أن أبا مازن ألقى قنبلة، ولكن من دون صاعق، وأنّ الصاعق، صاعق القنبلة بقي في جيبه ولن يفيد، وكما قال أبو مازن لصحيفة القدس إنّه سيقوم بإلقاء قنبلة في الأمم المتّحدة، أي تلك هي المفاجأة وقيل كثيراً حول هذه القنبلة ولكن ظهرت الدبلوماسيّة بظلها الثقيل في الأمم المتّحدة فترك الباب موارباً، أي لم يأخذ الخطوات التي يجب أن تكون قنبلة فعلية وتترك بصمة قويّة في التاريخ، إن مسألة حل السلطة الفلسطينية على يد السلطة الفلسطينية فيه جانب غير مستحب سياسياً، قيل عنّه تصرّف غير مهني، يجب أن تأخذ كل الإجراءات التي تجعل عدوك “إسرائيل” هي أن تقوم بحلّ السلطة، السلطة ليس بإعطاء المفتاح بل بأن تحوّلها إلى فعل مقاومة.

وحول الاستراتيجية البديلة، وملأ الفراغ، أكد عبد العال على ضرورة استعادة استعادة منظمة التحرير، وإعادة الوحدة الفلسطينية وإنشاء قيادة وطنيّة موحّدة، وترجمة الخطاب بإصدار مرسوم رئاسي يلغي التنسيق الامني ويحرم الصلة مع الاحتلال، وترجمة ما قيل في الخطاب “نحن لا نريد الالتزام بالاتفاقات التي لا تريد أن تلتزم فيها إسرائيل”، وعدم ابقاء الأمر مسألة معلّقة، وهذا يتطلّب أخذ الإجراءات، ولا يكفي أن يكون كلاماً، أحد الإسرائيليّين هزئ من هذا الكلام، قائلاً : “إذا لم أتناول العشاء هذه الليلة، سأفعل كما فعل أبي.” بعد ما جلبوا له العشاء قالوا: “ماذا فعل أبوك؟” قال: “ذهب ونام.” أي انه عندما تهدد عليك امتلاك كل أوراق قوة تستطيع اللعب بها.

وقال عبد العال ” الآن الرئيس أبومازن كما القضية الفلسطينية على مفترق طرق حقيقي، تضمن خطابه مواقف إن لم تترجم ستظل مجرد انفعال وغضب مثل طلب حماية دولية، وأن الاتفاقات التي كان الإلتزام بها شرطاً لأي طرف قد انتهت مدّتّها القانونية والشرعية والسياسية وكأنّ هناك تلويحاً بإعلان دفنها”.

وفي إجابة له عن سر قيام أبومازن بترك الباب موارباً؟ أكد عبد العال أنه تركه موارباً لأن هناك مبادرة فرنسيّة، موجهاً سؤالاً لأبي مازن ” فإذا كنت تريد الخروج من أوسلو لأنه سيء وسبب الكارثة، ليس بالذهاب إلى مبادرة فرنسيّة لانها أوسلو آخر، هذا يعني تجديد لأوسلو وليس انهاء العمل فيه، هل هذا الباب الموارب هو محاولة لامتصاص غضب ما؟ هل هو نتيجة ضغوطات؟ لأنّ هناك إرباك لا شكّ في ذلك، وهناك بعض المتناقضات داخله، أنت تعتبر أن كل هذه التجارب لم تجبر إسرائيل، أميركا لم تجبر “إسرائيل”، هل ستجبرها فرنسا؟ أو التأكيد بالقول “نحن سوف نلجأ للوسائل السلميّة والقانونيّة”، كنا نود أن يقول أننا نستطيع استخدام كل عناصر القوّة والجميع يتحمّل مسؤوليّاته، والذي يجري الآن في الضّفّة لتتحمّل إسرائيل مسؤوليّاتها أي ليصير الشعب الفلسطيني مباشرة أمام الاحتلال من دون أي حاجز أو أي حجاب مانع أو عازل “.

وقال عبد العال ” أعتبر أنّ هذه هي أحد عناصر الضغط الهائلة والكبيرة، لقد ذكر الرئيس المبادرة الفرنسيّة لسبب أنها خط رجعة وتحدّد 2017 سقف زمني لقيام الدّولة الفلسطينيّة، ولكن الواقع الذي خلقه الاحتلال تجاوز زمن التسوية وأسقطها، حتى صارت فكرة قيام دولتيّن ميؤوساً منها، هل من الممكن قيام دولتيّن لشعبين؟ إذا كان هناك شخص يقسّم مسجد الأقصى بهذه الطريقة، ويريد هدمه وقيام هيكل، هل هذا قادر على قيام دولتين لشعبين؟ أعتبر أن هذا جزءاً من بناء الوهمّ، ومحاولة تحميل مسؤولية من يريد أن يخرج أوّلاً من السلام، ولكن لا يوجد سلام أي أنّ إسرائيل مستمرّة في الاحتلال في توطيد هذا الاحتلال على الأراضي الفلسطينيّة بالاستيطان والجدار والحواجز وكل شيء، و بالتالي هي تستخدم هذه كيافطة، وتريد أن تحمّل الفلسطينيين بعد كل ذلك، كل تهديد فيه إيجابيات وان لم ينفذ سيتحول لسلبيات، لأنه يفقد مصداقيتها في الامتحان، ولا أقول سلبيّاً لجانب العاطفي، ولكّنّه جانب ضروري، لأن الرواية الفلسطينيّة لها وجه انساني ومضمون سياسي ومسألة توصيف الظلم وتوصيف قهر الاحتلال يمكن أن تستخدم لتثوير المشاعر، ويمكن أن تكون إشارة للعجز والمسكنة وأننا ليس بمقدورنا فعل شيء يؤثّر في واقع الاحتلال أو في هذا العالم الذي لا يسمع”.

وتساءل عبد العال ” كيف أحقق هذه المسألة الميدانيّة على الأرض؟ قال أحد الأصدقاء أمنية مفيدة مفادها: ليت أحدهم نصح الرئيس أبا مازن بأن يرفع صور عائلة دوابشي أمام الأمم المتّحدة.”

واعتبر عبد العال أن المسألة مرتبطة بتغيير موازين القوّى، وهذه المسألة في غاية الأهمّية، ما يعني أن هناك إعادة حشد الواقع الفلسطيني، ولكن في صورة مختلفة، لافتاً أن فكرة السلطة ليست تعبيراً أو حتى تنظيمات بل الحقيقة تقول ان السلطة تستمد حضورها من قاعدة اجتماعية مستفيدة منها، وبالتالي هي تلعب دوراً مدمراً في هدر إمكانيّات وطاقات الشعب الفلسطيني، والقضيّة الفلسطينيّة نفسها خسرت كثيراً في واقع الانقسام الذي عشنا فيه على مدى واقع هذه السلطة، ففي الانتفاضات السابقة ورغم الملاحظات لكنها خلقت ديناميات ميدانية أدارت فيه كل الخدمات وبكل المستويات حتى وجدت حواضن اجتماعية وسياسية ومدنية وعسكرية وشعبية وحتى اقتصادية التي أخذت شكل التكافل الأسري بين كل مكونات الشعب الفلسطيني واستثمرت أشكال الدعم الخارجي ووضعت كل التحالفات أمام مسؤولية مدها وإسنادها.

ودعا عبد العال لضرورة صوغ استراتيجية شاملة تناقش فكرة وجود السلطة وتغيير وظيفتها واسترداد القرار السياسي ومعرفة من هو الممول الرئيسي لها وماذا يريد؟ المعروف أن الدّول التي تمدها اليوم هي تلك التي تؤثّر أساساً في قرارها، وأعني الدّول المانحة، وبالتالي صار هناك قرار سياسي مصادر، فكيف سنأتي بعدها بالحرّيّة؟

وقال عبد العال ” كنّا نقول دوماً بأننا لسنا مع الفراغ ولسنا مع خلق فوضى جديدة، وكان لدينا خوف من انعقاد مجلس وطني ناقص بطريقة المعجل الذي يؤجل كل شيء من المراجعة إلى المصالحة، ولا يأخذ بعين الاعتبار دلالات المكان، لم نوافق عليه لأننا رأينا أنه لن يسهم بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، بل يسهم بإعادة انتاج الانقسام والفوضى والخراب، و خاصةً في أهم مؤسسة، وهي منظمة التحرير الفلسطينيّة والتي هي المظلة وحتى البديل للسلطة، منظمة التحرير لم تنته، منظمة التحرير الفلسطينية حامل لقضية اللاجئين وهي جدارنا الأخير، بديلنا إعادة بناء الجبهة الوطنيّة الفلسطينيّة التي تضم كل طاقات الشعب الفلسطيني في الضّفّة والقدس، وغزّة وفي 48 وفي الشتات القريب والشتات البعيد، ومن ثمّ نذهب إلى العالم ونقدّم خطابنا”.

ودعا عبد العال لضرورة المحافظة على القرار الوطني الفلسطيني المستقلّ، ولا نريد لأي قرارات وضغوطات عربيّة ودوليّة أن تصنع القرار السياسي الفلسطيني، هذه واحدة من المآسي التي وصلنا إليها، مشيرا ً أنها فرصة تاريخيّة لإعادة إنتاج المشروع الوطني الفلسطيني والهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة.

وحول التطبيع، أكد عبد العال أنه خطأ يجري، وخاصّةً عند بعض المسؤولين، معتبراً أن هذا يجري على حساب فلسطين وحساب القدس وعلى حساب الأقصى، فإذا كان الكل معني بالقدس والأقصى وليس فقط الشعب الفلسطيني، فهل هذه اللقاءات توقف “إسرائيل” عن التمادي في اعتداءاتها أم أنّها تعطي غطاء للاعتداءات على هذه المقدّسات؟ معتبراً أنّها تعطي غطاء.

وحول الوطن العربي قال:” لقد استهدفت سوريا لإسقاط دورها واستنزفت كي تنهك المقاومة وعندما ذهب نتنياهو إلى موسكو لينال تعهداً بأن السلاح لا يصل إلى يد المقاومة، إسرائيل تريد أن تكون هي اللاعب الرئيسي، وفي حديث نتنياهو في خطابه وكأنّه ضامن وحامي المنطقة، وبالتالي هناك لاعب جديد دخل على الخط هذا، اللاعب الجديد يقول: صحيح أقاتل في سوريا، ولكنّي أدافع عن روسيا ومساحتي من الممكن أن تكون العراق، وليس فقط سوريا، لأن هذا هو وجه الشرق، وبالتالي أحافظ عليه، وهو مع حل سياسي”.

وأضاف عبد العال ” لذلك لا يمكن أن يكون لأي أحد يريد أن يضع حدّاً لما يجري حاليّاً في سوريا. يجب إيجاد حل سياسي للوضع في سوريا، وبالتالي هل هذا التوازن الذي خلقه الروس يمكن أن يساهم في ذلك؟ نعم، لأن خط الإدارة الأمريكية واضح تماماً، قدم واحدة في سوريا، والقدم الأخرى عند داعش. تمارس استراتيجيّة مزدوجة وغير واضحة، أي إذا نجح الروس سيعتبرون أنهم جزء من هذا النجاح، وإن فشلوا سيطالبونها بدفع الثمن”.

وفي الختام قال عبد العال: ” فلسطين كانت دوماً تذكّر كل الأمّة بحضورها، وتنبه بدم شعبها إذا لم تنعم فلسطين بالسلام والحرّيّة والتحرير، فكل مستقبل المنطقة عليه علامة استفهام كبيرة، وحقّ فلسطين التي انتظرت كثيراً أن ينقذها أحد، أن تعيد كما الأسطورة شعبها ينهض من تحت الرماد، لترمم الروح ويستعيد الأمل ويحقق الحلم ولينقذ كل الأمّة”.

مروان عبد العال: المقاومة هي المصالحة مع الذات وهي مفتاح الوحدة الوطنية والحريّة لا تقدر بثمن ولا بزمن

أكد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسئولها في لبنان مروان عبد العال أنّ تحدي المواجهة الشعبية هي بشارة لمرحلة جديدة، مشيداً بالعمليّات النوعيّة في الضفة والقدس، واصفاً إياها بالنوعية والجريئة والمحترفة.

وقال عبد العال خلال مقابلة متلفزة في برنامج ” مع الحدث” ” كنا أمام مرحلة أسميتها بتعبير بسيط “رصاصات الشوق الفلسطيني” لأننا جميعاً أُصبنا بعطش لمثل هذا العمل، وخاصةً في الضّفّة الغربيّة تحديداً. ونحن ندرك تماماً بوجود جرائم إسرائيلية وجرائم المستوطنين التي تمارس يوميّاً بشكل فظيع حتى وصلت إلى درجة لا يمكن تشبيهها إلّا بممارسات عنصرية من حرق عائلات ومن قتل متعمّد والتي ذكرتني بقصّة الهنود الحمر، وفكرة سلخ جلدة رأسه، أي كان قتلاً متعمّداً بالحرق كما حصل لمحمد أبوخضير ودوابشي، وكما يحصل الآن في المسجد الأقصى المبارك الذي يدنّس يوميّاً، وبالتالي كنّا جميعنا نصرخ قبل أن نستنجد بالعالم، وننتظر إشراقة الرجال الحقيقيّين، وأعتقد أنّ هذا هو الأمل الذي ننشده في تلك اللّحظة”.

وقد استهل الرفيق عبد العال المقابلة بتوجيه تحيّة لرجال جبل النّار الذين قاموا بالفعل المقاوم، الذي يستحق كلّ التقدير، والذي رفع رؤوس كل أبناء الشعب الفلسطيني، وكل أبناء المقاومة أينما كانوا، مشيراً أن هذا الاحتلال بكلّ هذه الغطرسة والعنجهيّة والصلف يستحق الرد وكل السياسية تظل خطاباً بلا ممارسة فعلية.

وأضاف عبد العال ” بالأمس مارس “نتنياهو” التهريج على منصة الأمم المتّحدة في حلقة من حلقات تزيّيف الحقيقة، لكن رصاصات الحقيقة كانت خير رد، تلك الطلقات التي سمعنا جميعاً صداها المبارك في مستوطنة “إيتمار” ضد هدف استخباراتي، وبالتالي نحن نعتبر أن هذه العمليّة النوعيّة من طراز رفيع لا تستحق إلّا أن نشدّ على أيدي هؤلاء المقاومين وأن نطلب المزيد، لأن هذا هو الطريق الذي يجبر العدو الصهيوني أن يفكر بمعنى استمرار الاحتلال وكلفته، ولا يمكن أن ينسحب بالاستجداء ولا بالتنسيق الامني ولا بالتبعية الاقتصادية ومجنون من يعتقد أن المفاوضات ستجلب الحق الفلسطيني، نحن ندرك أن هذا العالم يتأثر بالوجع وقد يصغى للصوت الفلسطيني، لكن ليس أكثر من رصاصات الحقيقة التي تصل أسرع من الصوت وأصدق من الكلمات”.

وأكد عبد العال أنه بالمعنى الرمزي والمعنوي بالنسبة لنا وخارج السياسة نعتبر أنّ هذا العلم الذي رفع أمام الأمم المتحدة هو أعلى بكثير من مبنى الأمم المتحدة، باعتبار أن من قام برفعه هو الطفل الفلسطيني الذي استشهد على الشريط الشائك للمستوطنة، وكان الأطفال يحملونه في انتفاضة الحجارة، وكان مجرّد حمل العلم تكّلف حياة أو السجن”.

وأضاف أن هذا العلم كان يرتفع وهو ملوّن ومعطّر بدماء الشهداء، وبالتالي هذا كان تعبيراً كبيراً عن الهويّة الوطنيّة الفلسطينية التي نضجت وكبرت، وتصاعدت كحقيقة فلسطينيّة لا تموت، وأن يكون الآن في الأمم المتّحدة فهو إقرار من العالم، هذا الإقرار الذي تأخّر والذي حاول الاحتلال أن ينفيه وهذا الشعب وهذه الحقيقة.

وتابع قائلاً: ” هذه الشخصيّة الوطنية التي تتكامل باستمرار النضال حتى تنزرع في ترابها، والاحتلال قام على قاعدة نفي الشعب الفلسطيني، كانوا يحلمون أن يروه غارقاً في البحر، وكانوا يقولون إن هذه “أرض بلا شعب”، فكيف لهذا الشعب أن يكون له مكانة بين الأمم، هذه مسألة في غاية الأهمّية، وأعتبر أنه إعادة إنتاج للهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة، والوحدة الوطنية ولكن الأهم السيادة الوطنية كتعبير عن تجسيّد فعلي بجعل العلم الفلسطيني يرفرف في سماء الدولة الفلسطينيّة المحررة والموجودة في وجدان شعبها ولكن في التاريخ والجغرافيا أيضاً”.

ولفت عبد العال أنه عندما تكون فلسطين نقيض للغياب ونقيض للاحتلال ونفي معنوي لدولة العنصريّة الموجودة على أرض فلسطين، والآن إذا كان العالم يرى ويعرف فعليه واجب أن يعترف، بأن بين الأمم والشعوب والدّول دولة اسمها “فلسطين”، وعلى العالم أن يقر بحقها في الانتقال من حيّز السياسة إلى حيّز الجغرافيا، حيث الوطن الفلسطيني، أن يعترف بحق الشعب الفلسطيني بتحقيق هذا الاعتراف لرفع علم فلسطين وبكل الوسائل بما فيها المقاومة من أجل الوصول إلى مثل هذا الهدف.

وقال عبد العال “إنّ السؤال الأهم بعيداً أم قريب المنال، لكنّه سيتحقق مهما طال الزمان، مهما كانت المسافة بعيدة، والأهم أن لا يسقط هذا الحلم، أن لا نقتل الأمل، فنحن لا نريد أن نبني وهمّاً، ولا أعتبر أن هذه المسألة مرتبطة بالوهم، لأنه إذا كان هذا الشعب الاستثنائي يستحق الحرية، ودائما كانت الظروف مجافيّة وظالمة، النكبة ولدت ما بين الحروب العالمية، وبالتالي أيضاً انهيار الاتحاد السوفياتي، وكل هذه التطوّرات التي حصلت الآن ما يجري في العالم العربي بأجمعه الاحتلال يصطاد الحق الفلسطيني في زمن الفتنة العربيّة، وبالرغم من كل هذا الوجود إن الحقيقة الفلسطينيّة قائمة وموجودة، وهذا سيترك أملاً كبيراً لدى الشعب الفلسطيني، وعندما يسود اليأس اقول علينا إعادة تجديد الأمل، وهو قوّة روحيّة للمقاومة بأن تستمرّ من أجل الوصول لهذا الحلم، سواء كان طريقنا طويلاً، ونحن نعرف أن طريقنا طويلاً، وليس بسيطاً، فنحن لا نقاتل كياناً طارئاً، واستراتيجيّة الوهم عندما يتم الدخول بالمفاوضات على أساس وعد وضمانة أنه بعد خمس سنوات الدولة الفلسطينيّة قائمة، وفي كل المراحل السابقة كنّا نوزّع التفاؤل المفرط، وأنا لا أريد أن أوزّع التفاؤل لكي لا ينصدم الناس عندما أقول أن هذا قريب ويكتشفون أنّه بعيد، هذا العمل شاق يحتاج إلى المزيد من الكفاح من أجل أن يتجسّد على الأرض، فشعبنا لديه القدرة الهائلة على العطاء، لأنّ الحريّة لا تقدر بثمن ولا بزمن، وهي لا تباع و تشترى”.

وأوضح عبدالعال أن عملية نابلس البطولية هي جزء من التكتيك الميداني، خاصةً للذين يمتلكون خبرة كبيرة في منطقة “كالضّفّة الغربيّة” التي يوجد داخلها تداخلات وتنسيق أمني كما سبق ورأينا عمليّات لها طابع الخليّة الواحدة ذاتها، التي مارست عمليّة الطعن أو الدهس، لافتاً أن هذه العمليات كانت لا تسير ضمن هرم تنظيمي كما قيل، وهذا جزء من الإيجابيّة في هذا المجال، مذكراً بعمليّة “دير ياسين” للبطلين الشهيدين “أبو جمل” التي حصلت في القدس وهي ضرب بالسكّاكين لأكثر من شخص، وهذه كانت جزءاً من هذا التخطيط، والإشارة للجهات التنظيميّة أعتبر أن هذه محاولة للعب على التناقضات الداخليّة الفلسطينيّة، وعمل الطعن الجديد بورك من الفصائل كلها بما فيها “حركة فتح” و “كتائب الأقصى”، وهذا الأمر يرعب الصهاينة ومهمّ جدّاً، وعليه إجماع كامل، وله غطاء سياسي وشعبي فلسطيني كامل، المقاومة قدر شعبنا ومن يتقاعس يسير عكس التيار.

واعتبر عبد العال أن المقاومة هي المصالحة مع الذات وهي مفتاح الوحدة الوطنية وليست السلطة ، التي خلقت تلك الديناميات المقيتة من نزعة الاختلاف الضار والمدمر بالمنافسة على المراكز والمناصب والمغريات والمصالح الفئوية والذاتية، ولا نريد الدخول في تفاصيل هذا المجال، سيئات تطال ممارسات سلطوية مشينة ولكن العمل الكفاحي فيه كلفة عالية وغالية وتضحية باهظة.

وأكد عبد العال على الحاجة لعمل مقاوم جدي ونوعي وعلمي يفتخر فيه الجميع، بعيدا عن فئوية تعطي للعدو سلاح التركيز على فئة واحدة، أو نعطيه نقاط ضعف محدّدة يعمل على أساسها، وربما يجد تربة خصبة في ظل هذه التناقضات للوصول إلى ما يريد.

كما دعا لاختيار أهداف محدّدة، لافتاً أن هناك عاملين في الاستخبارات الذين ارتكبوا مجازر ضدّ الشعب الفلسطيني، فهم ليسوا أبرياء، وليسوا فقط مستوطنين أو مدنيين في هذا الحدود لأنهم ليسوا مستوطنين إلّا فعلاً أيضاً من أفعال الإسرائيليين. مشيراً أيضاً أن المسألة الأهم أنّهم انتصروا أخلاقيا على العدو ولم يعتدوا مثله على الأطفال، والأهم أنّهم استطاعوا أن يتواروا عن الأنظار، أن تكون هذه هي الاستراتيجية المتّبعة أي أن يكون هناك نجاح في مثل هذه العمليّة.

وأضاف عبد العال ” بأن التعليق الإسرائيلي واضح تماماً، فقد اعتبر أن أبا مازن ألقى قنبلة، ولكن من دون صاعق، وأنّ الصاعق، صاعق القنبلة بقي في جيبه ولن يفيد، وكما قال أبو مازن لصحيفة القدس إنّه سيقوم بإلقاء قنبلة في الأمم المتّحدة، أي تلك هي المفاجأة وقيل كثيراً حول هذه القنبلة ولكن ظهرت الدبلوماسيّة بظلها الثقيل في الأمم المتّحدة فترك الباب موارباً، أي لم يأخذ الخطوات التي يجب أن تكون قنبلة فعلية وتترك بصمة قويّة في التاريخ، إن مسألة حل السلطة الفلسطينية على يد السلطة الفلسطينية فيه جانب غير مستحب سياسياً، قيل عنّه تصرّف غير مهني، يجب أن تأخذ كل الإجراءات التي تجعل عدوك “إسرائيل” هي أن تقوم بحلّ السلطة، السلطة ليس بإعطاء المفتاح بل بأن تحوّلها إلى فعل مقاومة.

وحول الاستراتيجية البديلة، وملأ الفراغ، أكد عبد العال على ضرورة استعادة استعادة منظمة التحرير، وإعادة الوحدة الفلسطينية وإنشاء قيادة وطنيّة موحّدة، وترجمة الخطاب بإصدار مرسوم رئاسي يلغي التنسيق الامني ويحرم الصلة مع الاحتلال، وترجمة ما قيل في الخطاب “نحن لا نريد الالتزام بالاتفاقات التي لا تريد أن تلتزم فيها إسرائيل”، وعدم ابقاء الأمر مسألة معلّقة، وهذا يتطلّب أخذ الإجراءات، ولا يكفي أن يكون كلاماً، أحد الإسرائيليّين هزئ من هذا الكلام، قائلاً : “إذا لم أتناول العشاء هذه الليلة، سأفعل كما فعل أبي.” بعد ما جلبوا له العشاء قالوا: “ماذا فعل أبوك؟” قال: “ذهب ونام.” أي انه عندما تهدد عليك امتلاك كل أوراق قوة تستطيع اللعب بها.

وقال عبد العال ” الآن الرئيس أبومازن كما القضية الفلسطينية على مفترق طرق حقيقي، تضمن خطابه مواقف إن لم تترجم ستظل مجرد انفعال وغضب مثل طلب حماية دولية، وأن الاتفاقات التي كان الإلتزام بها شرطاً لأي طرف قد انتهت مدّتّها القانونية والشرعية والسياسية وكأنّ هناك تلويحاً بإعلان دفنها”.

وفي إجابة له عن سر قيام أبومازن بترك الباب موارباً؟ أكد عبد العال أنه تركه موارباً لأن هناك مبادرة فرنسيّة، موجهاً سؤالاً لأبي مازن ” فإذا كنت تريد الخروج من أوسلو لأنه سيء وسبب الكارثة، ليس بالذهاب إلى مبادرة فرنسيّة لانها أوسلو آخر، هذا يعني تجديد لأوسلو وليس انهاء العمل فيه، هل هذا الباب الموارب هو محاولة لامتصاص غضب ما؟ هل هو نتيجة ضغوطات؟ لأنّ هناك إرباك لا شكّ في ذلك، وهناك بعض المتناقضات داخله، أنت تعتبر أن كل هذه التجارب لم تجبر إسرائيل، أميركا لم تجبر “إسرائيل”، هل ستجبرها فرنسا؟ أو التأكيد بالقول “نحن سوف نلجأ للوسائل السلميّة والقانونيّة”، كنا نود أن يقول أننا نستطيع استخدام كل عناصر القوّة والجميع يتحمّل مسؤوليّاته، والذي يجري الآن في الضّفّة لتتحمّل إسرائيل مسؤوليّاتها أي ليصير الشعب الفلسطيني مباشرة أمام الاحتلال من دون أي حاجز أو أي حجاب مانع أو عازل “.

وقال عبد العال ” أعتبر أنّ هذه هي أحد عناصر الضغط الهائلة والكبيرة، لقد ذكر الرئيس المبادرة الفرنسيّة لسبب أنها خط رجعة وتحدّد 2017 سقف زمني لقيام الدّولة الفلسطينيّة، ولكن الواقع الذي خلقه الاحتلال تجاوز زمن التسوية وأسقطها، حتى صارت فكرة قيام دولتيّن ميؤوساً منها، هل من الممكن قيام دولتيّن لشعبين؟ إذا كان هناك شخص يقسّم مسجد الأقصى بهذه الطريقة، ويريد هدمه وقيام هيكل، هل هذا قادر على قيام دولتين لشعبين؟ أعتبر أن هذا جزءاً من بناء الوهمّ، ومحاولة تحميل مسؤولية من يريد أن يخرج أوّلاً من السلام، ولكن لا يوجد سلام أي أنّ إسرائيل مستمرّة في الاحتلال في توطيد هذا الاحتلال على الأراضي الفلسطينيّة بالاستيطان والجدار والحواجز وكل شيء، و بالتالي هي تستخدم هذه كيافطة، وتريد أن تحمّل الفلسطينيين بعد كل ذلك، كل تهديد فيه إيجابيات وان لم ينفذ سيتحول لسلبيات، لأنه يفقد مصداقيتها في الامتحان، ولا أقول سلبيّاً لجانب العاطفي، ولكّنّه جانب ضروري، لأن الرواية الفلسطينيّة لها وجه انساني ومضمون سياسي ومسألة توصيف الظلم وتوصيف قهر الاحتلال يمكن أن تستخدم لتثوير المشاعر، ويمكن أن تكون إشارة للعجز والمسكنة وأننا ليس بمقدورنا فعل شيء يؤثّر في واقع الاحتلال أو في هذا العالم الذي لا يسمع”.

وتساءل عبد العال ” كيف أحقق هذه المسألة الميدانيّة على الأرض؟ قال أحد الأصدقاء أمنية مفيدة مفادها: ليت أحدهم نصح الرئيس أبا مازن بأن يرفع صور عائلة دوابشي أمام الأمم المتّحدة.”

واعتبر عبد العال أن المسألة مرتبطة بتغيير موازين القوّى، وهذه المسألة في غاية الأهمّية، ما يعني أن هناك إعادة حشد الواقع الفلسطيني، ولكن في صورة مختلفة، لافتاً أن فكرة السلطة ليست تعبيراً أو حتى تنظيمات بل الحقيقة تقول ان السلطة تستمد حضورها من قاعدة اجتماعية مستفيدة منها، وبالتالي هي تلعب دوراً مدمراً في هدر إمكانيّات وطاقات الشعب الفلسطيني، والقضيّة الفلسطينيّة نفسها خسرت كثيراً في واقع الانقسام الذي عشنا فيه على مدى واقع هذه السلطة، ففي الانتفاضات السابقة ورغم الملاحظات لكنها خلقت ديناميات ميدانية أدارت فيه كل الخدمات وبكل المستويات حتى وجدت حواضن اجتماعية وسياسية ومدنية وعسكرية وشعبية وحتى اقتصادية التي أخذت شكل التكافل الأسري بين كل مكونات الشعب الفلسطيني واستثمرت أشكال الدعم الخارجي ووضعت كل التحالفات أمام مسؤولية مدها وإسنادها.

ودعا عبد العال لضرورة صوغ استراتيجية شاملة تناقش فكرة وجود السلطة وتغيير وظيفتها واسترداد القرار السياسي ومعرفة من هو الممول الرئيسي لها وماذا يريد؟ المعروف أن الدّول التي تمدها اليوم هي تلك التي تؤثّر أساساً في قرارها، وأعني الدّول المانحة، وبالتالي صار هناك قرار سياسي مصادر، فكيف سنأتي بعدها بالحرّيّة؟

وقال عبد العال ” كنّا نقول دوماً بأننا لسنا مع الفراغ ولسنا مع خلق فوضى جديدة، وكان لدينا خوف من انعقاد مجلس وطني ناقص بطريقة المعجل الذي يؤجل كل شيء من المراجعة إلى المصالحة، ولا يأخذ بعين الاعتبار دلالات المكان، لم نوافق عليه لأننا رأينا أنه لن يسهم بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، بل يسهم بإعادة انتاج الانقسام والفوضى والخراب، و خاصةً في أهم مؤسسة، وهي منظمة التحرير الفلسطينيّة والتي هي المظلة وحتى البديل للسلطة، منظمة التحرير لم تنته، منظمة التحرير الفلسطينية حامل لقضية اللاجئين وهي جدارنا الأخير، بديلنا إعادة بناء الجبهة الوطنيّة الفلسطينيّة التي تضم كل طاقات الشعب الفلسطيني في الضّفّة والقدس، وغزّة وفي 48 وفي الشتات القريب والشتات البعيد، ومن ثمّ نذهب إلى العالم ونقدّم خطابنا”.

ودعا عبد العال لضرورة المحافظة على القرار الوطني الفلسطيني المستقلّ، ولا نريد لأي قرارات وضغوطات عربيّة ودوليّة أن تصنع القرار السياسي الفلسطيني، هذه واحدة من المآسي التي وصلنا إليها، مشيرا ً أنها فرصة تاريخيّة لإعادة إنتاج المشروع الوطني الفلسطيني والهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة.

وحول التطبيع، أكد عبد العال أنه خطأ يجري، وخاصّةً عند بعض المسؤولين، معتبراً أن هذا يجري على حساب فلسطين وحساب القدس وعلى حساب الأقصى، فإذا كان الكل معني بالقدس والأقصى وليس فقط الشعب الفلسطيني، فهل هذه اللقاءات توقف “إسرائيل” عن التمادي في اعتداءاتها أم أنّها تعطي غطاء للاعتداءات على هذه المقدّسات؟ معتبراً أنّها تعطي غطاء.

وحول الوطن العربي قال:” لقد استهدفت سوريا لإسقاط دورها واستنزفت كي تنهك المقاومة وعندما ذهب نتنياهو إلى موسكو لينال تعهداً بأن السلاح لا يصل إلى يد المقاومة، إسرائيل تريد أن تكون هي اللاعب الرئيسي، وفي حديث نتنياهو في خطابه وكأنّه ضامن وحامي المنطقة، وبالتالي هناك لاعب جديد دخل على الخط هذا، اللاعب الجديد يقول: صحيح أقاتل في سوريا، ولكنّي أدافع عن روسيا ومساحتي من الممكن أن تكون العراق، وليس فقط سوريا، لأن هذا هو وجه الشرق، وبالتالي أحافظ عليه، وهو مع حل سياسي”.

وأضاف عبد العال ” لذلك لا يمكن أن يكون لأي أحد يريد أن يضع حدّاً لما يجري حاليّاً في سوريا. يجب إيجاد حل سياسي للوضع في سوريا، وبالتالي هل هذا التوازن الذي خلقه الروس يمكن أن يساهم في ذلك؟ نعم، لأن خط الإدارة الأمريكية واضح تماماً، قدم واحدة في سوريا، والقدم الأخرى عند داعش. تمارس استراتيجيّة مزدوجة وغير واضحة، أي إذا نجح الروس سيعتبرون أنهم جزء من هذا النجاح، وإن فشلوا سيطالبونها بدفع الثمن”.

وفي الختام قال عبد العال: ” فلسطين كانت دوماً تذكّر كل الأمّة بحضورها، وتنبه بدم شعبها إذا لم تنعم فلسطين بالسلام والحرّيّة والتحرير، فكل مستقبل المنطقة عليه علامة استفهام كبيرة، وحقّ فلسطين التي انتظرت كثيراً أن ينقذها أحد، أن تعيد كما الأسطورة شعبها ينهض من تحت الرماد، لترمم الروح ويستعيد الأمل ويحقق الحلم ولينقذ كل الأمّة”.

مقالات ذات صلة