الشتات الفلسطيني

ياسين من الجبهة الشعبية الى أمير داعش

خلال برهة من الزمن، بات الفلسطيني عماد ياسين في قبضة مخابرات الجيش اللبناني، في انجاز نوعي بالنظر الى عنصر المباغتة والسرعة في العملية التي كان مسرحها حي الطوارئ في مخيم عين الحلوة في الثاني والعشرين من شهر ايلول العام الماضي.

أقرّ الرجل وهو المصنّف بـ «الارهابي الخطير« الذي يحوز لقب»امير« لتنظيم داعش بالسيناريوهات الأمنية التي كان بصدد التخطيط لها مع افراد التنظيم الارهابي الذي انشأه باسم»عصبة المهاجرين والانصار في بلاد الشام» المرتبط بتنظيم داعش في الرقة.

وضع ياسين مخططا دقيقا لاستهداف مخازن الجيش اللبناني ومراكزه ووحداته لدى اندلاع أي معركة مع التنظيم ، كما أقدم على تقسيم مخيم عين الحلوة إلى قطاعات عسكرية، وتعيين أمراء ومجلس شورى لذلك، ووضع لائحة بأهداف سياحية واقتصادية في لبنان شملت: محطة النفط في الزهراني، محطة توليد الطاقة الكهربائية في الجية، مبنى تلفزيون الجديد، سوق الإثنين في مدينة النبطية، مطعم الـ KFC في جونية، وكازينو لبنان، بالإضافة إلى التحضير لعملية اغتيال شخصية سياسية بارزة.

وللرجل سجّل حافل من جرائم القتل ومحاولات القتل وعمليات تفجير داخل المخيم. وهو اعترف بقتل اربعة اشخاص والمشاركة في قتل اربعة آخرين فضلا عن خمس عمليات تفجير داخل المخيم.

وفي «ذاكرة» ياسين معلومات عن جرائم حصلت لعل ابرزها جريمة اغتيال القضاة الاربعة في صيدا في حزيران العام 1999 .»لا علاقة لي بها» –يقول ياسين في التحقيق الاولي معه – لكنه يعلم ان احمد عبد الكريم السعدي الملقب بـ«ابو محجن»، هو من اعطى الامر بتنفيذها، وقد كلّف الفلسطيني حسان الشهابي وشخصا فلسطينيا سوريا وثالثا اردنيا ملقبا بـ«ابو همام»، وعلم ان «ابو محجن» اراد من ذلك «ضرب هيبة الدولة».

يواجه ياسين جملة ملفات امام المجلس العدلي والمحكمة العسكرية، وفي سجلّه 43 قضية بجرائم مختلفة ابرزها تأليف مجموعات ارهابية مسلحة والقيام باعمال ارهابية واستخدام المتفجرات والقتل ومحاولة القتل والتزوير والسرقة والاتجار بالاسلحة والاعتداء على الجيش والقوى الامنية .

كان عماد ياسين ، مع تأسيس تنظيم داعش، من ابرز مَن تواصل معه قادة هذا التنظيم ، فأسس مع قريبه يحيى محمد المنصور تنظيما مرتبطا بداعش في عين الحلوة بهدف العمل امنيا وعسكريا لصالح داعش على الاراضي اللبنانية. ولهذه الغاية ارسل في نهاية العام 2014 الفلسطيني زياد كعوش الى الرقة للقاء قياديين من التنظيم والتقى بكل من ابو تراب العراقي وابو محمد العدناني وتم تنسيق عمل التنظيم في لبنان للبدء بالتحضير للقيام بعمليات امنية .

يروي ياسين في التحقيق الذي اُخضع له في وزارة الدفاع،»سيرته الذاتية» وكيف تنقل بين التنظيمات داخل المخيم وهو الآتي من صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليقّر بعد ذلك بالجرائم التي ارتكبها.

لم يكن ياسين من الملتزمين دينيا، بل كانت القضية الفلسطينية واسترجاع القدس غايته، الى ان بدّلت «لعبة كرم القدم»، مساره، كان ذلك في مخيم المية المية الذي نشأ فيه ياسين، عندما كان الاخير يلعب كرة القدم مع عدد من الشبان حين اتاهم عامر مشعل ودعاهم الى حضور درس ديني في منزل شقيقه عبد. في ذلك المنزل تعرف ياسين إلى هشام الشريدي الذي اعطى درسا دينيا عن «فكرة الوجود والخلق»، ولان الدرس استغرق حوالى الساعتين تسرّب الملل الى نفوس الحاضرين وقرروا عدم تكرار الدعوة.

وحده ياسين «لم يملّ»، فحضر درسا ثانيا وثالثا وعاشرا، تعرف خلالها ياسين على شبان من مخيم عين الحلوة ومنه «ابو محجن» امير عصبة الانصار و13 اخرين يحملون جميعا القابا فيما حمل ياسين القابا عديدة منها ابو هشام وابو اسحق وعماد عقل قبل ان «يتوّج» حياته بلقب»امير داعش» في عين الحلوة.

خلال تلك الدروس، تطرق الشريدي الى مشروع انشاء تنظيم اسلامي مسلح يهدف الى مواجهة منظمة التحرير على اعتبار انها تنظيم علماني ، وبالفعل أُنشىء التنظيم عام 1988 واطلق علية تسمية «عصبة الانصار» وكان من اهدافه اقامة الخلافة الاسلامية وما يستتبعه ذلك من تكفير لبقية الفئات والمذاهب غير المؤمنة باقامة الخلافة الاسلامية ومنها الدولة اللبنانية والجيش اللبناني.

بعد انشاء العصبة بدأت التدريبات العسكرية على الاسلحة والمتفجرات والصواعق ، لتشمل بعد ذلك امن الافراد والجماعات والمنشآت.

بعد اغتيال هشام الشريدي امير العصبة الذي كان ياسين مرافقه الشخصي في العام 1991 ، تم اختيار ابو محجن خلفا له والذي قرر تفعيل اجهزة العصبة فاستحدث جهاز الامن والاستطلاع وعيّن ياسين نائبا له ومشرفا على التدريبات العسكرية .

على اثر ذلك اشتدّ عضد العصبة والتف حولها العديد من الشبان، الى ان وقع الخلاف بين ياسين وابو محجن بسبب تقارب الاخير مع «حركة فتح»، وبالتنسيق مع اسامة الشهابي تم تأسيس تنظيم جديد في مخيم عين الحلوة سمي بتنظيم «جند الشام» ، وعيّن يوسف شرقية اميرا له والشهابي اميرا شرعيا وياسين اميرا عسكريا.

بعد شهرين تم حلّ التنظيم لعدم التزام عناصره والتحاق آخرين بعبد الرحمن عوض. واوائل العام 2000 تعرض ياسين لمحاولة اغتيال اعقبها محاولة اخرى اقعدته في المنزل بسبب اصاباته البليغة.

ارتكب ياسين قبل ذلك عددا من الجرائم واشرف على تنفيذ بعضها، وهو شارك مع ابو محجن واخرين بنزع تمثال الكاتب الفلسطيني ناجي العلي من المخيم كونه «من الاصنام«، فوقع الخلاف بين العصبة والجبهة الديمقراطية والمجلس الثوري، اقدم على اثره ابو محجن على قتل الملقب بـ«قنيحة» وهو عم الموقوف نعيم عباس. وشارك ياسين ابو محجن بقتل المسؤول العسكري في الجبهة الديمقراطية ابو غالب في عبرا وبرفقتهما عبد الرحمن عوض، واحمد كايد وقريب له يدعى احمد ايضا فيما كان المستهدف امين كايد.

لم تتوقف «مهمات» ياسين التي اوكلت اليه عند هذا الحد، انما استهدف مع اخرين او بعلمه محلات تسلية وبيع افلام خلاعية في المخيم ومحلا لبيع الخمر ومحاولة اغتيال صابر الشعبي لتناوله الكحول. وقام ياسين منفردا بقتل زياد شرف لمشاركته بقتل هشام الشريدي. ومن»ضحايا العصبة» محمد بدر وعلي سهيل وخليل ورد.

كما شارك ياسين بقتل فتحي زبيدات وعلي عبد خنقا بسبب شربهما الخمر وتحرشهما بالفتيات، وهو كان عالما بقيام صالح قبلاوي وهو مقنع، بقتل عاطف قبلاوي كون صالح قد اخذ منه اي من ياسين قناعا.

اقّر ياسين بمحاولة عناصر من العصبة قتل عنصرين من مخابرات الجيش في صيدا بعد محاولة خطفهما، وكذلك قتل وجيه رمضان وابراهيم عباس لكونهما يبيعان المشروبات الروحية، واغتيال دركيين بسبب تكفيرهما.

عملية اخرى شارك بها ياسين بمحاولة قتل توفيق منصور بعد ورود معلومات انه كان عميلا لمصر وللعدو الاسرائيلي، وقد علم باغتيال سامي مزهود ، ومحاولة اغتيال رئيس الجهاز التنفيذي لحركة فتح جمال الدايخ.

وبالتزامن مع معركة نهر البارد، اقدم ياسين بمشاركة آخرين على اطلاق النار على مراكز الجيش في تعمير عين الحلوة ، واطلاق النار على وحدات الجيش اثناء انتشارها في المنطقة في العام 2011 .

كاتيا توا | المستقبل

2017 – كانون الثاني – 06

مقالات ذات صلة