أرشيف المنتدى

أين يكمن الخلل الفلسطيني !

أين يكمن الخلل الفلسطيني !

من الواضح أن القضية الفلسطينية ممثلة بقياداتها، تمر بأزمة ثقة مع الذات قبل فقدان الثقة مع الشارع الفلسطيني. فمنذ ما يقرب العقدين من الزمن وهذه القيادات إمّا غارقة في صراعاتها الداخلية، وإمّا يعلو على سطح ممارساتها وقع تخبّط خطواتها السياسية. وإذا ما حصل وتنفست الصعداء للحظات من ذلك الغرق والتخبّط، تراها تنزلق بلا توافق حتى وأبجديات حماية الوطن الفلسطيني إلى تحالفات عربية وإقليمية لا تخدم القضية بشيء بل وتُلحق الضرر المباشر بها وبركائزها العربية والإقليمية.

لم نشهد مثل هذا السقوط السياسي الفلسطيني الذي نراه اليوم، صحيح أن الماضي لم يخلو من بعض الإهتزازات السياسية على يد من حملوا لواء النضال الفلسطيني، لكنه لم يصل بهم وبنا الحال إلى هذا المستوى من التخبّط والضياع على كل الصُعد.. حتى بات الوطن بكافة شرائحه يئن من وقع خطواتهم التي أثقلها ضياع الأفق وسوء التخطيط. مع القناعة بأن سلبية حركة الشارع الفلسطيني قد ساهمت بوضوح في خلق ذلك الإسفاف السياسي الواقع!

وإذا ما قمنا بتصنيف الشارع الفلسطيني نراه على الشكل التالي:

– قسم (معارض) لكنه غير قادر على إحداث التغيير..

– وقسم (منتفع) ويمتهن التطبيل والتزمير ولا تعنيه مسألة المحاسبة أو التغيير..

– وقسم (لا يبالى) لأنه كما يُقال، العرس بدار جيرانهم..

– والقسم الأكبر أرهقه الإنتظار والأمل فلاذ (صامتاً) مكتفياً بعشقه لفلسطين!

يقول المهاتما غاندي في فلسفته لإيجابية العمل والعطاء ” الطريقة الأفضل لتجد نفسك هي أن تضيْع في خدمة الآخرين”.

نحن للأسف نملك قيادة سياسية وحاشية لا تجد نفسها إلا حين تُضيِّع الآخرين، وأمامهم شعب لا يقدر أو لا يريد (النتيجة واحدة) محاسبة هذه القيادات الفاسدة وحاشيتها المنتفعة!

ليس صحيحاً أن الضغوطات العربية والإقليمية أقوى من أن يقف بوجهها الشعب الفلسطيني وقياداته، فكما قيل في عِلم الصمود ” أولاً يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يقاتلونك، وبعد ذلك تفوز”.

المُعضلة تكمن في البيت الفلسطيني وليس خارجه. سموم أدخلناها بملئ إرادتنا إلى نهج ثقافتنا الفلسطينية ولا سبيل غير الوقوف في وجه إستمرار تدفق هذه السموم. إن أولى هذه السموم كان إتفاق أسلو الذي قزّم الحق الفلسطيني حتى بدى أشبه بمقبرة يُدفن فيها الحق على دُفعات. وإن أول المساهمين في دفن الحق الفلسطيني هي تلك العقول المُتبلدة التي تُصِّر على أن هذه الإتفاقية لا تزال تتنفس الهواء وتبض بالحياة لمصلحة القضية والوطن!.

وثاني السموم التي لا تزال تسري في الوريد الفلسطيني، هو ذلك الإقتتال الدموي الفلسطيني الفلسطيني الذي وقع في صيف 2007م، إنه الوجه البشع الذي كشف عن زيف هذه القيادات ورغبتها القاتلة في الوصول للسلطة، متناسين بعلم أو بجهالة، بإن النصر الذي يُحققه العنف هو بمثابة هزيمة، لأنه مؤقت. ومن يسعى لتبرير تلك الفعلة السوداء من تاريخنا تحت أية ذريعة ولا يعمل صادقاً على إصلاحها هو قاتل مأجور وفاقد للأهلية الوطنية التي تسمح بالسير في مسيرة إسترجاع الحق الفلسطيني.

إن ضياع القرار الفلسطيني عند مُجمل (القيادة والشارع الفلسطيني) ليس وهماً بل واقعاً نعيشه، وواقعه يتمثل في تلك الصورة الفكرية التي نقرأها هذه الأيام وهي في إنسياق أغلب الأقلام والأصوات الفلسطينية إلى الحديث عن (الزعيم) الفلسطيني المنتظر خلفاً (للزعيم) الفلسطيني المغادر.. غارقين بين زورايب حارات العرّافات والمنجمين باحثين عبثاً بين الكلمات.. عن (رئيس) لن يَرسم مُواصفاته غير (غاصبٌ) محتل (وأخٌ) فقد بصيرته!

إن لم يُدرك عموم الشارع الفلسطيني مسؤوليته الكبيرة في تصويب قراره السياسي ومحاسبة كل من تسول له نفسه المساس بالحق الفلسطيني بدأً من الرئيس وصولا إلى أصغرهم وظيفةً، فلن يطول بنا الأمر حتى يأتي اليوم الذي نجد فيه أنفنسنا وقد جلسنا جميعاً نبحث عن فلسطين بلا أثرٍ، تماماً كمن يبحث عن رآس إبرة كُسِرت فغارت بين أطنان من القش!

ولنا لقاء..

أبورياض