أرشيف المنتدى

فتح لم تعد "الغلاّبة" !

فتح لم تعد “الغلاّبة” !

رغم أني لم أكن يوماً متصالحاً مع عموم النهج السياسي لحركة فتح. ولكن لابد من الإقرار بأن حركة التحرير الفلسطيني فتح، كانت الأكثر قدرة على قيادة القرار الفلسطيني في ماضيه وحاضره. لكن كل المؤشرات تشير إلى أن التنظيم أو الشخص القادر مستقبلاً على تحمّل مسؤولية القرار الفلسطيني هو إمّا الفراغ أو الفوضى!. إنها مسألة حسابية قاعدتها سياسة عباس المتواصلة منذ ال 2005م.

لا يختلف هناك عاقلٌ على أن مرحلة _ فتح _ ( ابوعمار، أبوعلي إياد، أبو جهاد الوزير) تختلف عن مرحلة _ فتح _ (ياسر عرفات، محمود عباس، أحمد قريع) وهي بالتأكيد تختلف عن مرحلة _ فتح _ (محمود عباس، صائب عريقات، عزام الأحمد). وبالتالي، لا يُمكننا الإدعاء بأننا أمام حركة نضالية واحدة تحمل نفس الثوابت والقناعات النضالية.

إن رفض الإقرار من قبل بعض الأصوات الفتحاوية، بأن _ فتح _ العاصفة هي ليست _ فتح _ أوسلو، وهي بالتأكيد ليست _ فتح _ سلطة رام الله الفلسطينية هو أمر يدعوا للأسف على تردي الحال السياسية التي وصلنا إليها!

إنه الإختلاف في مناهل الفلسفة العسكرية والسياسية والثقافية تَبعاً لإختلاف رموزها. إنه إختلاف أوقع الحركة في الكثير من التخبطات السياسية وسوء إتخاذ القرار الذي إنعكس سلباً على مجمل القضية الفلسطينية!. ولست بحاجة للتذكير بالخلاف العمودي الحاد الذي كان قائماَ بين رموز تلك المراحل والحقبات التي سبقت وإلى يومنا هذا!.

أحد الأخوة في حركة فتح قال لي يوماً رداً على بعض إنتقاداتي للحركة: أن تعمل يا صديقي وتُخطئ خير من أن لا تعمل ولا تُخطئ!.

طبعاً لست مع هكذا ثقافة تبريرية لا تزيدنا إلا ضبابية في المفاهيم، وطبعاً لست في وارد الدفاع عن من لا يعملون.. فهؤلاء هم خارج حسابات الوطن ومعادلاته التي ننشدها. بل موقفي نابعٌ من السعي للوقوف عند حجم ونوع الخطأ الذي يُسمح به عندما يتعلق الخطأ بحق ثورة ونضال ووطن مُغتصب.. وما مدى تأثير ذلك الخطأ على عموم النضال الفلسطيني!.

هناك من داخل حركة فتح من لا يزال غير قادر أو هو لا يريد أن يُقر بأن فتح لم تعد ( غلاّبة )، إنما هي شركة سياحية عقارية إجتماعية يحكمها شخص نافذ ويساعده منتفعون كثر من داخل القرار الفلسطيني وخارجه!.

البعض لا يُريدك أن تستعمل كلمات مثل ( الخيانة أو العمالة) عندما تنتقد من هم داخل سلطة القرار الفلسطيني. ولهؤلاء نسألهم: ما الذي يُمكن أن نسميه هذا الذي يحدث على الساحة الفلسطينية برعاية الرئيس الفلسطيني ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والقائد العام حركة فتح السيد محمود عباس.. عندما يقول رئيس مخابراته الفلسطينية العامّة “ماجد فرج” بأنهم (أي السلطة) يعملون ليل نهار من أجل إحباط العمليات الفدائية ضد إسرائيل ومصادرة سلاح المقاومة؟!. ثم ما الذي يُمكن أن يقوله ابو علي إياد وأبو جهاد وسعد صايل لو سعموا هذه الأقوال التي جاءت على لسان السيد الرئيس محمود عباس;

– ” كل من يحمل صاروخ اقتلوه .. طخوه .. منيح هيك”,

– ” أتعهد بإنهاء عسكرة الانتفاضة ونزع الأسلحة من الفلسطينيين باعتبارها غير شرعية ما دامت خارج يد السلطة الفلسطينية”.

– ” الإنتفاضة دمرت كل ما بنيناه في أوسلو وكل ما بني قبل ذلك”.

– ” أنا ضد المقاومة الفلسطينية والكفاح المسلح الفلسطيني المواجه للاحتلال، وضد الإنتفاضة المسلحة، وضد إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، وضد العمليات الإستشهادية الفلسطينية والتي يصفها بالانتحارية بخلاف المسلمين والفلسطينيين الذين يصفونها بالاستشهادية.

كيف لنا أن نصدّق بأن فتح لا تزال ” غلاَّبة ” ؟!.

بالقلم العريض فتح لم تعد غلاَّبة. فتح هي مغلوبة على أمرها بعد أن كبّلتها إتفاقيات مدريد وأسلوا، وبعد أن إستباحتها الثقافة العباسية!.

إن تبرير الخضوع للغاصب المحتل والتنسيق معه تحت أيّ ذريعةٍ كانت.. هو فساد أخلاقي وتخبّط وطني لم يسبقنا أحد إليه، خاصة وأننا أمام غاصب لا يستحي من أن يعلن ليل نهار عن نيّته في شطب إسم فلسطين وشعبها من الوجود، ثم يأتيك من يُبرر خضوع أفعال سلطة عباس لمشيئته هذا الغاصب؟!.

كلمة في نهاية السطر. إن مصارحة الرئيس عباس، بأن مغادرة سياسته مركز القرار الفلسطيني هو مطلب غير مأسوف عليه من قبل الشارع الفلسطيني. وما على الذي لم يقتنع بعد بقرءاتنا، فليتجرأ ويذهب لشعبه ويطلب الإستفتاءً العام حول مُجمل القضايا الوطنية!

ولنا لقاء

أبورياض