اخبار دولية وعالمية

العلاقات التركية مع أوروبا تزداد تأزما واتهام الالمان بدعم الإرهاب آخر حلقاته

العلاقات التركية مع أوروبا تزداد تأزما واتهام الالمان بدعم الإرهاب آخر حلقاته.. والنموذج التركي القائم على الإسلام المعتدل والديمقراطية والنمو الاقتصادي الذي اصبح قدوة للكثيرين يواجه تحديات صعبة ومستقبل غامض

ربما يكون من السهل علينا معرفة أعداء تركيا هذه الأيام، ولكن الحال ليس كذلك عندما نحاول رصد اصدقائها، لانهم يتقلصون بسرعة ويغيرون مواقفهم اتجاهها، فالسياسات والمواقف الرسمية التركية تغيرت بشكل متسارع في الأعوام الخمسة الماضية.

اليوم خرج علينا وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو بتصريح لافت عندما اتهم المانيا بانها البلد الأكثر دعما للإرهابيين المنحدريين من أصول تركية، وقال “ان انصار الداعية التركي فتح الله غولن يتم استقبالهم في المانيا بأذرع مفتوحة، وانصار حزب العمال الكردستاني يستطيعون ممارسة نشاطهم هناك دون أي عوائق.

هناك اكثر من ثلاثة ملايين الماني من أصول تركية، وتتنوع ولاءات هؤلاء السياسية، فبعض الالمان الاكراد يدعمون حزب العمال الكردستاني المطالب بدولة او حكم ذاتي كردي في جنوب شرق تركيا، والبعض الآخر يدعمون الداعية فتح الله غولن المتهم بالوقوف خلف الانقلاب الأخير، والبعض الثالث يساند حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب اردوغان.

الحكومة التركية تستطيع اغلاق الصحف، واعتقال الصحافيين، وحجب وسائل التواصل الاجتماعي، وقمع الحريات في داخل تركيا، ولكنها لا تستطيع فعل الشي نفسه، في المانيا او أمريكا او بريطانيا او أي دولة غربية أخرى، لان حرية التعبير مكفولة، علاوة على كونها ليست جريمة يعاقب عليها القانون.

عندما كانت تركيا تتبع سياسة “صفر مشاكل” مع جيرانها، وتقدم مصلحة تركيا وشعبها على أي مصالح شخصية ذاتية، كانت قائمة اصدقائها الأطول، ولا تضاهيها أي دولة أخرى في “الشرق الأوسط” او حتى العالم الغربي، وحققت نموا اقتصاديا واستقرارا امنيا كانا مضرب المثل، وقدوة لمعظم شعوب العالم الثالث، ومن بينهم الشعوب العربية والإسلامية، ولكن بعض الاعراب المرتبطين بأجندات غربية هدفها تفكيك الدول القطرية (بضم القاف)، واضعاف جيوشها، واغراقها في حروب استنزافية، نجحوا في جر تركيا الى تدخلات عسكرية في دول جوارها، وحروب طائفية، أدت الى نسف كل علاقاتها المتميزة، وانجازاتها الاقتصادية، وزعزعة استقرارها، ولا نستبعد ان يصلها فيروس التفكك الطائفي والعرقي، وبما يهدد وحدتيها الجغرافية والديمغرافية.

بعد ابعاد السيد احمد داوود اوغلو، صاحب نظرية سياسة “صفر مشاكل” مع الجيران، من رئاسة الحزب ورئاسة الوزراء، وحلول السيد بن علي يلدريم مكانه في المنصبين، صرح الأخير بأنه سيعود الى السياسة نفسها، ويعيد علاقات بلاده مع سورية ومصر، ويوثقها اقتصاديا وسياسيا مع ايران والعراق، الامر الذي دفع الكثيرين ونحن منهم، الى الاستبشار بالخير، لتركيا والجيران معا، وبدء صفحة جديدة من دفن الخلافات التي أدت الى تدخلات القوى العظمة في المنطقة، والعودة الى جسور الوئام والتعاون، ولكن هذا التفاؤل لم يدم طويلا، وشاهدنا القوات التركية تتوغل في الأراضي السورية، وتستعد لاقامة منطقة عازلة أخرى في الأراضي العراقية، وهما توغلان قد يؤديا الى تورطها في حرب إقليمية ربما تطول.

حزب العدالة والتنمية وصل الى السلطة لانه حقق أربعة نجاحات: الديمقراطية، والنمو الاقتصادي، والإسلام المعتدل، والحفاظ على الدولة التركية العلمانية.

الإرهاب الذي بدأ يضرب العمق التركي نسف الاستقرار، وقلص معدلات النمو الاقتصادي الى ادنى مستوياتها، والاعتقالات التي شملت اكثر من 35 الف شخص، بما في ذلك اكثر من 12 نائبا منتخبا، وزعماء أحزاب (حزب الشعوب الديمقراطي)، هزت صورة الديمقراطية التركية، واغلاق الصحف ومحطات التلفزة، واعتقال الصحافيين، وضع تركيا في خانة الدول القمعية التي تصادر الحريات.

نشعر بالحزن والالم، ونحن نرى في هذه الصحيفة “راي اليوم”، النموذج التركي المتميز وغير المسبوق في العالمين العربي والإسلامي يواجه مستقبلا ملبدا بغيوم الحروب، وعدم الاستقرار، واحتمالات التفكك الداخلي والتراجع الاقتصادي، وغياب أي مؤشر على وجود احتمالات، او حتى محاولات الإنقاذ ووقف التدهور، او تقليصه.

“راي اليوم”

مقالات ذات صلة