بوابة مخيم البداوي الأهلية

مخيم البداوي || بين اللجوء والمعاناة

مخيم البداوي || بين اللجوء والمعاناة

مخيم البداوي || بين اللجوء والمعاناة

اسم الباحثة: ميسون جمال مصطفى

2007

مقدمة:
يعاني اللاجئون الفلسطنيون في مخيمات شمال لبنان، أوضاعا مأساوية غاية في الحرمان والمعاناة على كافة الصعد، في ظل غياب التشريعات والقوانين التي تكفل حمايتهم. فالفلسطيني مضى على وجوده في لبنان أكثر من نصف قرن، إلاّ أنه إلى الآن لم يحصّل أي من حقوقه التي يتمتع بها اللاجئون في العالم في إطار اتفاقية جينيف والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

وبالعودة إلى تاريخ 1969، وهو تاريخ عقد “اتفاق القاهرة” بين الحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، والذي أقرت بموجبه حقوق اللاجئين الفلسطنين الإنسانية ، نرى أن هذا الإتفاق قد تم الغاؤه من قبل الحكومة اللبنانية إبان رحيل منظمة التحرير من لبنان، ثم ألغته من طرفها رسميا سنة 1987.

لم تتوقف الحكومة اللبنانية عند هذا الحد، بل قامت بإجراءات أخرى، كان لها الأثر السلبي على اللاجئين في لبنان، مما زاد حياتهم صعوبة وقسوة. فتحت شعار” رفض التوطين، وتأييدا لحق العودة( قرار 194) الذي صدر عن هيئة الأمم المتحدة سنة 1948، قامت الدولة اللبنانية بإصدار قوانين جديدة تضيق على الفلسطينين وتمنعهم من الإندماج في المجتمع اللبناني، ولعل من أبرزها قانوني العمل والتملك، وسيكون لنا وقفة عندهما في الواقع الاقتصادي والاجتماعي.

وبالعودة إلى حياة اللاجئ في مخيم البداوي، نرى أن المخيم يضيق على سكانه، كما تضيق عليه الظروف الإقتصادية الصعبة، فكم من أناس يعانون أدنى درجات المعيشة، فالفقر يتفشى في حارات المخيم كتفشي الطاعون أو الكوليرا بين الناس في أزمنة الحرب!!

كما أنه من غير المسموح للاجئين بالتوسع خارج حدود المخيم المعترف بها من قبل الحكومة اللبنانية، مما يؤدي إلى البناء العامودي.

عانى اللاجئ الفلسطيني في المخيم وما يزال من الأوضاع المعيشة المتردية منذ نكبة 1948، فقد رافقته هذه الظروف منذ وصوله إلى لبنان وسكنه الخيام بدلا من المسكن الذي جهد لبنائه، وضاقت عليه الحارة وهو الذي كان يسرح في أرض قريته حرا، فتبدلت حياته وتغير نظامها وجهد إلى تأمين لقمة عيش تسد رمق صغاره متحديا الظروف القاهرة التي تحيط به، فمن الخيام انتقل إلى بيوت من طوب مسقوفة بالزينكو والأترنيك، حر في الصيف وأمطار في الشتاء، بيوت غير لائقة انسانيا، كما أنها تفتقر إلى مقومات الحياة من كهرباء وماء ….الخ، وكان كل شيىء مشترك كالمراحيض وغيرها، وتشير لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن المسكن ليس “مجرد وجود سقف فوق رأس المرء … بل ينبغي النظر إليه على أنه الحق في العيش في مكان ما بأمن وسلام وكرامة” 1 .

قبل أن اتحدث عن مخيم البداوي، أود أن أنقل لكم تعريف الأونروا لكلمة المخيم وللأراضي التي بني عليها” المخيم حسب تعريف الأونروا، عبارة عن رقعة أرض خصصتها السلطات المضيفة للأونروا من أجل توفير الإقامة للاجئي فلسطين وإقامة المرافق التي تلبي احتياجاتهم”2

أما تعريفها للأراضي التي بنيت عليها المخيمات فهي” الرقع الأرضية التي أقيمت عليها المخيمات هي أرض حكومية أو في أغلب الحالات أرض تؤجرها الحكومة المضيفة من المالكين المحليين. وهذا يعني أن اللاجئين في المخيمات لا “يمتلكون” الأرض التي بنيت عليها منازلهم، بل يحق لهم “استخدامها” للسكنى. تقتصر مسئولية الأونروا في المخيمات على توفير الخدمات وإدارة المرافق. ولا تمتلك الأونروا المخيمات أو تديرها أو تحرسها حيث تقع هذه المسؤوليات جميعها على عاتق السلطات المضيفة. ولدى الأونروا مكتب خدمات لكل مخيم يتردد عليه السكان لتحديث سجلاتهم أو طرح قضايا تتعلق بخدمات الوكالة مع مسئول خدمات المخيم الذي يحيل بدوره شواغل اللاجئين والتماساتهم إلى إدارة الأونروا في المنطقة التي يقع فيها المخيم”3

اللاجئون بحسب تعريف الأونروا” لابد أن تكون فلسطين قد كانت مقرا لإقامتهم بين شهري يونيو/حزيران 1946 ومايو/أيار 1948، وأن يكونوا قد فقدوا مساكنهم ومصادر رزقهم نتيجة للحرب العربية الإسرائيلية عام 1948″4

هذا اللاجئ الذي فقد أرضه بسبب نكبة1948، فقد معها كل ما يملك حتى الحقوق المدنية في لبنان، لأن الدولة اللبنانية تخلط ما بينها وما بين حق العودة رفضا للتوطين.


الموقع والمساحة:

“هو المخيم الثاني في شمال لبنان، يقع على مرتفع يطل على مدينة طرابلس، له مدخلان رئيسان: الجنوبي من جهة طرابلس القبة، والشمالي على طريق البداوي الجبل المطل على مدينة البداوي.

يحيط بالمخيم تلة المنكوبين وتلال جبل تربل، ويبعد عن وسط مدينة طرابلس 3 كيلو مترا، ويرتفع حوالي 150 مترا عن سطح البحر.

يحاذي المخيم شركة تكرير النفط ipc وبلدة المنكوبين ووداي النحلة، ودير عمّار حيث توجد فيها أكبر محطة كهرباء في شمال لبنان.

كما يقع بالقرب من المخيم ثكنة بهجت غانم التابعة للجيش اللبناني والجامعة اللبنانية والمستشفى الحكومي ويبعدون عنه حوالي 1000 مترا.

يوجد حول المخيم انشاءات حديثة هي امتداد لمدينة البداوي.

مساحة المخيم 1 كلم2 = مليون م2=100 هكتار= 1000 دونما، وتعود ملكية أراضيه إلى بلدية البداوي”5.

يقسّم المخيم إلى أربعة قطاعات( أ، ب، ج، د ) يتوزع عليها السكان، الذين يبلغ عددهم حوالي 18 الف نسمة.

يوجد في المخيم أربع مقابر من ضمنها مقبرة الشهداء، وعدد من المساجد: مسجد القدس- مسجد عمر بن الخطاب- مسجد زمزم- مسجد الأمام علي بن أبي طالب وقد هدم منذ حوالي شهرين وما يزال قيد البناء- مسجد السنة على أطراف المخيم ومصلى الأمين.

لمحة تاريخية حول بناء المخيم:

لا بد لأي باحث في شؤون مخيم البداوي من التوجه إلى اللجنة الشعبية، لأنها تملك المعلومات الكافية الوافية عنه، فتوجهت إلى أعضائها بالسؤال عن الظروف المحيطة التي دفعت إلى بناء المخيم.

أجابني السيد أبو رياض شتلة نائب سر أمين اللجنة: كان هناك توجها من الإدارة الأمريكية ببناء مخيمات لأبناء شعبنا في الشمال، بدأت الفكرة سنة 1952، وأنشئ المخيم سنة 1953، فلم يقبل أحد السكن فيه، خوفا من التوطين، وعلى إثر فيضان نهر” أبو علي” اضطر الأهالي للإستسلام للأمر الواقع.

ويعلق أبو محمد سويد (مسؤول التنسيق بين المؤسسات): بني المخيم سنة 1953، ولكن الناس رفضت السكن فيه خوفا من التوطين ومن مشروع” كلاب الأمريكي”، ووصل الأمر بمجموعة من مخيم نهر البارد إلى احراق خيمها لأنها تريد العودة إلى فلسطين. وما دفع الناس إلى سكن المخيم هو فيضان نهر أبو علي الذي الحق ضررا بمراكز تجمع الفلسطينين في منطقة خان العسكر.

وعن أول من سكن المخيم فيجيب: هم أهل المدن من عكا ويافا وحيفا وصفد لأنهم كانوا في منطقة الخان، وسكنوا فيما يطلق عليها حاليا منطقة قطاع (ج) أو المخيم العتيق أو التحتاني، ولم يكن في المخيم أي مرفق صحي ولا كهرباء، وكانت الحمامات وصنابير المياه وغيرها مشترك، أما الإنارة فكانت في الطرقات فقط ، كما كان السكان يجلبون الماء من البداوي.

تم اسكانهم في منازل بحسب أفراد العائلة تحمل أرقاما وضعتها الأونروا، مبنية من الاترنيك ولم تكن قد اكتملت البناء من كافة النواحي.

أما الدفعة الثانية فكانت من بعلبك من أهالي منطقة شفاعمرو حيث سكنوا في المنطقة العليا من المخيم، ثم قدمت الدفعة الثالثة وكانت من بعض الفلاحين من البوذية والجش والصفصاف وسحماتا الذين كانوا في قصب ودكاكين الميناء وبالفراغين.

لم تنته حركة السكن في المخيم في عام 1958، بل تبعتها حركة لجوء من مناطق الجنوب وبيروت ، إثر الاجتياح الصهيوني للبنان سنة 1982، حيث سكن قسم منهم في ما يعرف ببنايات أبو نعيم والقسم الأخر تم بناء مساكن مؤقتة لهم، وما يزالون في المساكن المؤقتة التي تم تشيدها عام 83 يرزحون في بيوت لا تحمل أي معان للإنسانية تحت الزينكو، والقسم الأخر في بنايات أبو نعيم أيضا يعانون ظروفا مأساوية، حيث تتسرب المياه إلى البيوت صيفا شتاء، فالأسقف تظهر أسلاكها الحديدية، وبعض البيوت يتساقط عليهم من باطون السقف، كما أن فيها نسبة رطوبة عالية جدا تسبب أمراض الربو وضيق التنفس.

وسكن المخيم البعض من فاقدي الهوية والغير شرعيين بنظر الحكومة اللبنانية، وأغلبيتهم قدموا مع الثورة الفلسطينية وبعد مجازر ايلول الأسود، من مناطق الضفة الغربية وغزة والأردن ومصر والعراق…الخ.

توزع السكان في المخيم على أربعة قطاعات سكنية وهي على النحو الأتي:

  • 1 – قطاع أ: ويشكل 30% من سكان المخيم ، أغلبية سكانه من قضاء صفد-شفاعمرو- نحف- صفورية- يافا- عرب حيفا- الغابسية- الجش- الصفصاف.
  • 2 – قطاع ب: ويشكل 20% من سكان المخيم، أغلبية سكانه من قضاء صفد – سحماتا- البروة- حيفا- الصفصاف- البوزية- جاحولا- الناعمة.
  • 3 – قطاع ج: ويشكل 30% من سكان المخيم ، اغلبية سكانه من قضاء حيفا- يافا- صفورية- قضاء صفد- البوزية.
  • 4 – قطاع د: ويشكل 20% من سكان المخيم يتوزعون على ثلاث مناطق:
      ·أرض منظمة التحرير: مساكن مؤقتة.
    1. ·أرض المدارس: وتم بناء بيوت جديدة لهم.
    1. ·بنايات أبو نعيم: بيوت احتلال.

شهد مخيم البداوي كغيره من المخيمات الفلسطينية هجرة إلى أوروبا ومنها ألمانيا، الدانمرك، السويد، النروج…الخ.

كما شهد أيضا حركة سكن من قبل الأكراد والسوريين الذين يعملون في لبنان ولبنانين من الجوار، وهذا الأمر أثّر بشكل سلبي جدا على المخيم وبخاصة في طريقة صرف الكهرباء والمياه التي تهدر من قبلهم وتتسبب في انقطاع مستمر للكهرباء.


الواقع التربوي

1 ) المرحلة الابتدائية، المتوسطة، الثانوية :

يوجد في مخيم البداوي 7 مدارس تديريها وتشرف عليها الأونروا وهي على النحو التي:

مدراس مخيم البداوي

ملاحظة: تستقبل مدرسة الناصرة الطلاب من مخيمي البداوي والبارد، ومن التجمعات الفلسطينية في الشمال.

كما أن طلاب مدرسة المجدل الفرنسية ليس لهم ثانوية، وتتكفل بهم السفارة الفرنسية.

تعمل هذه المدراس بنظام الفترتين: صباحية ومسائية ما عدا ثانوية الناصرة، وهذا الأمر يؤثر سلبا على الطلاب وقد حدثني بعضهم عن مدى معاناتهم في هذا الخصوص تجدونه تحت عنوان( طفل ومعاناة).

يبلغ عدد الطلاب في الصف ما بين 40- 45، في مساحة( الطول 7,30م والعرض6,30م ) يعرقل هذا العدد الكبير العملية التعليمية/التعلمية ، فإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة، وافترضنا أن عدد الطلاب 40 طالبا فقط، وقسمناهم على 40 دقيقة وهو مدة الحصة التعليمية، نجد أن لكل طالب دقيقة واحدة فقط. هذا إذا سلّمنا أن مستوى الإستعاب والذكاء متساو عند كل الطلاب. أما لو نظرنا نظرة سريعة إلى واقع الطلاب في المدارس وجدنا الكثير من الفوارق الفردية يعانون صعوبات تعلمية تؤدي إلى تسربهم المبكر من المدرسة، حيث يلعب الترفيع الآلي دوره في هذه النقطة، إذ تعتمده الأونروا لصفوف الأول- الثاني- الثالث الأساسي، وهذه الصفوف تحتاج إلى تأسيس كي تستطيع أن تواصل مسيرتها التعلمية، ولكن الأمر الحاصل هو وصول التلميذ إلي الرابع الإبتدائي وهو لا يعرف قراءة الحروف ولا حتى تركيب كلمة.

يعاني الكثير من الطلاب في المرحلة الإبتدائية صعوبات تعلمية وبطىء في الإستعاب، وهذا الأمر يستدعي انشاء صفوف تربية مختصة كي تساعد الطلاب على تخطي المرحلة الإبتدائية بدلا من تسربهم.

كما أن المتسربين في المرحلة الإبتدائية، لا يجدون عملا يعملونه لأن معظم المهن تتطلب أن يعرف العامل القراءة والكتابة، فتجد هؤلاء الطلاب وقد أصبحوا أصدقاء للشوارع، أو يستغلون من قبل أرباب العمل، وهنا تظهر بوضوح عمالة الأطفال.

تقوم الأونروا بطرد الطالب الراسب مرتين خلال مسيرته التعلمية دون الرجوع إلى الأسباب التي دفعت به إلى الرسوب ومحاولة معالجتها، وبخاصة وأن نسبة المتسربين قد زادت كثيرا بالأونة الأخيرة.

تتبع الأونروا سياسية تقليص خدماتها تدريجيا من طبابة وإعاشة …الخ، وهذا الأمر شمل القسم التربوي أيضا، حيث كان الطالب يحصل على الكتب والدفاتر والقرطاسية كاملة. أما الآن فإن الطالب لا يحصل إلّا على الكتب، وتصل في غالبية الأحيان متأخرة، وعلاوة على ذلك يدفع ذوي الطلاب مبالغ مالية عند بداية كل عام دراسي، كما أن الطلاب في المرحلة الثانوية(الناصرة) يدفعون مبلغا من المال وقدره 25 الف ل.ل، ومبلغ 50 الف ل.ل بدل تأمين للكتب يستردونه عند انتهاء دراستهم في الثانوية ، فهل يقدر الأهالي على تحمل هذه النفقات؟!

كما أن هناك نظاما في الثانوية يمنع الطالب من إعادة صفه في حال رسوبه إذا لم يحصل على معدل(40% )حتى ولو لم يكن قد رسب سابقا ولا في أي مرحلة تعليمية، وهذا منهج أخر لتجهيل الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقه في التعلم.

يعاني طلاب الأول ثانوي في ثانوية الناصرة، الموزعون على سبعة صفوف من مشكلة الترحيل القسري من صفوفهم، بسبب عدم وجود صفوف كافية تستوعب الطلاب، إذ يحتم عليهم مداورة الدراسة كل اسبوعين في المكتبة( مركز المصادر) الموجودة في ساحة المدرسة، وغالبية الأحيان يصل الأستاذ متأخرا إلى الصف. المكتبة بطبيعتها كبيرة المساحة، واللوح صغير جدا وبعيد عن مقاعد الطلاب المتعبة والتي من غير خلفية(ظهر المقعد) مما يتعب الطلاب طوال الشرح، في هذه المكتبة يضيع صوت الأستاذ بسبب بعد الطلاب عنه وكبر القاعة، كما يضيع وقت الطالب التعليمي.

أخر ما توصلت إليه الأونروا من قرارات، هو قرار منع الضرب في المدراس ، وقامت بتعليق صور، كتب عليها ممنوع الضرب، وأي استاذ سيضرب طالبا سيتعرض لفقدان وظيفته. هذه الطريقة الاستفزازية في عرض الصور تمس أول الأمر بمشاعر وكرامة الأستاذ وتدفع بالطلاب إلى عدم احترامه، وإلى إهمال دروسهم ما دام لن يجدوا من يعاقبهم، وهذه سياسة مدروسة لتجهيل الشعب الفلسطيني.

مبادؤنا لا تتعارض وحرمة حقوق الطفل فنتفهم أن يمنع الضرب في المدارس، لما له من تأثيرات نفسانية سلبية على الطلاب ولكن ليس بهذه الطريقة المسيئة للمعلم. ومنعت الأونروا أيضا التوبيخ وعدم انقاص علامات للطلاب، فكيف ستعامل المدرس مع كل هذه العقبات! ألا ينبغي أن تتحمل الأونروا بعض المسؤولية وتجد عقابا مناسبا يخفف عن كاهل المعلم ولا يعرضه للمساءلة، وإلا فعلى المعلم العلم السلام.

تغيب مادتا تاريخ وجغرافية فلسطين عن مناهج الأنروا التعليمية غيابا كليا، وهو تغيب متعمد من قبل إدارة الأونروا، وذلك كي تبعد الطالب الفلسطيني عن وطنه، إلّا أن بعض المدرسين يعلمون هذه المادة على عاتقهم، كما تغيب البرامج الثقافية والتوعوية المتعلقة بفلسطين.

تمنع الأونروا تعليق شعارات أو أي شيىء ضد الحركة الصهيونية، وتعاقب من يقوم بذلك، وكأنها المدافع الرسمي عن الصهيونية بحجة التسامح والتكاتف وحق العيش المشترك.

يقضي الطالب ست ساعات في الدراسة، دون ساحة أو ملعب يقضي بهما الاستراحة، فالساحة تضيق على الطالب وكأنها “مرطبان كبيس”، كما أن حصص الرياضة تخلو من مشرفين رياضيين بل يعهد القيام بهذه المهمة إلى معلمي الموادّ الأخرى.

يوجد في مدراس الأونروا السبعة مكتبة واحدة، ولكن لا تفتح كل الأيام، ولو فتحت كل يوم لن تقدر ان تستوعب طلاب كافة المدارس، كما ويوجد في مدارس الأنروا أجهزة كمبيوتر إلا أنها لا تستوفي عدد الطلاب، وتفتقر أيضا إلى المختبرات المجهزة تجهيزا حديثا.

كما يلاحظ غياب الأنشطة اللاصفية والترفيهية عن برامج الأونروا، وهذه البرامج لها الفاعلية الكبرى في تغيير الأجواء عند الطلاب ونقلهم من مرحلة إلى أخرى، كما أنها تنشطهم وتدفعهم إلى الاجتهاد أكثر من السابق.

أما برنامج الإرشاد والتوجيه فيلاحظ أن الأونروا لم تعين فيه أصحاب الاختصاص من علم الاجتماع وعلم النفس، بل اختارت مجموعة من اساتذتها أخضعتهم لدورات لا تعتبر كافية أبدا.

أما بالنسبة إلى الرعاية الصحية في المدارس فهي مفقودة تقريبا، ولا يوجد من يقوم بالإسعافات الأولية الطارئة، بل تعتمد على بعض الأساتذة من ذوي الخبرة التعليمية لا الصحية، فهم يقومون دائما بتفتيش الشعر والأظافر، ويهملون نظافة المراحيض التي تخلو من مواد التنظيف لاستعمالها بعد دخول المرحاض، ومياه الشفة لا تخضع لأدنى شروط الراقبة الصحية كما لا تستوعب عدد الطلاب أثناء الاستراحة !!!!

تفتقر مدارس الأونروا إلى وجود أجهزة للتدفئة، والبرادي التي تحمي الصفوف من أشعة الشمس، كما تخلو ملاعبها من السقف الذي يستوعب الطلاب ويحميهم من الشتاء الغزير.

شهد العام 2004 دخول التعليم الشرعي إلى مخيم البداوي، وتمثل بـ” مدرسة فلسطين للعلوم الشرعية” لطلاب المرحلة الإعدادية والثانوية. تلاقي المدرسة إقبالا من الطلاب الذين تركوا الدراسة، وهي خطوة جديدة.

2 ) التدريب المهني:

شهدت الآونة الأخيرة توجه الطلاب نحو التعليم والتدريب المهني، ولكن الأونروا لا تدير إلا مركزا مهنيا واحدا وهو “مركز سبلين للتدريب المهني والفني STC “ الموجود في منطقة اقليم الخروب/ جبل لبنان الجنوبي. وهذا المركز لا يستوعب جميع الطلاب المتقدمين له من كافة مخيمات اللجوء في لبنان، كما أن الطلبات المقدمة للالتحاق بسبلين يفوق عدد المقاعد بعدة مرات. وهذا الأمر يحرم الكثيرين من الالتحاق بهذا المركز، علما أن معظم الأهالي غير قادرين على تعليم أولادهم في معاهد خاصة، بسبب كلفتها المرتفعة ووجودها خارج المخيم في منطقة طرابلس.

يوجد في منطقة الشمال مركزين للتدريب المهني أولهما ” مركز التدريب المهني” في مخيم البارد ،والآخر” مركز الجمعية الوطنية” الكائن في مخيم البداوي، وكلاهما غير قادر على استيعاب عدد كبير من الطلاب، ولا توجد فيه كافة الاختصاصات المطلوبة.

كما وتقيم جمعية النجدة الاجتماعية عدة دورات، ويشاطرها في الأمر مركز الأنشطة النسائية الذي بدأ منذ العام الماضي بالقيام بدورات تدريبية تحت اسم “البيت الحاضن” الذي وعد المتدربين بالبحث عن فرص عمل بعد تخرجهم وما يزال؟!

ويبقى مجال التدريب المهني في مخيم البداوي ضيقا ومقتصرا على بعض الاختصاصات، كما لا توجد معاهد متخصصة بالمتسربين من المدارس الذين ظلمتهم الظروف ودفعتهم لترك الدراسة وهم في سن صغيرة جدا، مما يدفع بهم إلى تعلم مهن كالمكانيك عند أشخاص، ولكن أصحاب هذه المهنة يستغلون الأطفال، ولا يعلموهم ويتعاملون معهم وكأنهم فقط للخدمة في المحل.


3 ) التعليم الجامعي:

يعتبر التعليم الجامعي ضروروة ملحة لأبناء المخيم، علما أن وكالة الغوث لا تمد يد العون إلا لفئة محدودة من المتفوقين أو من يعرف بالمحسوبيات إذا احسنا التعبير، وتشترط أن يحصّل الطالب تقديرا جيدا كل سنة وإلا سيفقد المنحة الدراسية ، وهذه المرحلة تعد من أكثر المراحل تكلفة، من حيث الكتب، والأقساط، والمواصلات…الخ، لذلك يحرم الطالب الذي لم يحرز درجة الجيد من دراسة الفرع الذي يريد وبخاصة إذ كان من الإختصاصات العلمية، لأنه غير قادر على تحمل تكاليف الدراسة الجامعية.

4 ) رياض الأطفال:

يوجد في مخيم البداوي ثمان رياض تابعة للمجتمع المحلي، وواحدة لمدرسة المجدل الفرنسية التابعة للأونروا، وهي على النحو الأتي:

عدد الأطفال في هذا الجدول للعام الدراسي 2006-2007.

رياض الأطفال

ويفتقر الكادر التعليم لبعض هذه الرياض إلى التدريب المختص” التربية المختصة”، وكذلك إلى وسائل الإيضاح والألعاب الداخلية والخارجية، والسبب يعود إلى ضعف في الإمكانيات المادية.

الواقع الصحي والبيئي والمعوقين:

* الواقع الصحي

الوضع الصحي في مخيم البداوي كغيره في بقية المخيمات الفلسطينية الإثني عشر الموجودة في لبنان، ولكن يبقى لكل مخيم خصوصيته، فالواقع الصحي في المخيم في حالة سيئة جدا، والأمراض في ازدياد وأكثرها أمراض القلب والسرطان…الخ، والأونروا لا تساهم في تغطية إلا القليل كأدوية الضغط والمساهمة في بعض عمليات القلب المفتوح، وأيام معدودة لمرضى السرطان للعلاج الكميائي.

تتبع الأونروا سياسة تقليص خدماتها في لبنان،بذريعة عدم تغطية الدول المانحة لكافة التكاليف، مدعين عدم وجود أسباب مقنعة أو خطط مدروسة لاستمرارها بالدعم،علما بأن الواقع الصحي داخل المخيمات يعلمه القاصي والداني، مما يزيد الامر سوء ويدفع باللاجئ الفلسطيني إلى الهاوية، وهي سياسية قديمة جديدة للضغط على الفلسطيني لنسيان أرضه.

يعاني اللاجئ في مخيم البداوي عدة أمراض:

– أمراض القلب- الضغط- السكري- والجلطات الدماغية.
– أمراض السرطان.
– التلاسيميا.
– القصور الكلوي.
– الربو، السل، والأمراض الجلدية.
– أمراض المفاصل والرومتيزم.
– ترقق العظام عند النساء.
– سوء التغذية عند الأطفال.
– الأمراض النفسانية والعصبية.

معظم هذه الأمراض تعود إلى ظروف البيئة المحيطة، والضغط النفساني والجسدي والاجتماعي والاقتصادي.

تقدم الأونروا خدماتها الصحية من خلال عيادة واحدة، حيث يعمل فيها:

* ثلاثة أطباء صحة عامة من بينهم طبيبة تحضر للعيادة فقط ثلاثة أيام( الثلاثاء- الخميس- السبت).
* طبيب قلب: يحضر للعيادة يوم الإثنين فقط.
* طبيب نسائي: يحضر للعيادة يومي الثلاثاء والخميس.
* طبيب عيون: يحضر يوم الإربعاء فقط، وفي حال الطوارئ تحول الأونروا المرضى إلى عيادته.
* طبيبا اسنان: طبيب كل الأيام، وطبيب لطلاب المدراس( الابتدائية والمتوسطة) يوم واحد فقط.
* عناية بالمرأة الحامل وبالجنين: يوجد في العيادة قابلاتان.
* ممرضون وممرضات: ممرضة للضغط والسكري، ممرضة خاصة لطبيب الأسنان، ممرضتان لوزن الأطفال، ممرض للطوارئ والغيارات.
* مختبر: يوجد فيه اختصاصيان.
* صيدلية: يوجد فيها اختصاصيان.

نلاحظ أن أطباء الصحة العامة عددهم قليل بالنسبة لعدد سكان مخيم البداوي البالغ عددهم 18 الف نسمة، فمنظمة الصحة العالمية(WHO) تنص بضرورة تأمين طبيب واحد لكل الف نسمة كحد أدنى. معدل المرضى الذين يحضرون العيادة يوميا حوالي 125 مريضا للطبيب الواحد تقريبا، إذا قسمنا دوام الطبيب على عدد المرضى اليومي يكون لكل مريض ما يقارب ثلاث دقائق ونصف، يكون على الطبيب فيها إجراء الفحص السريري وتشخيص المرض ووصف العلاج. كما أن الأطباء الاختصاصيين يحضرون العيادة ولأيام محدودة غير كافية، والاختصاصات أيضا قليلة جدا( قلب، نسائي، اسنان، عيون)، والعيادة تفتقر إلى الحد الأدنى من التجهيزات اللازمة للفحص، أما بالنسبة للأدوية فهي قليلة جدا، ويضطر المريض في أغلبية الأوقات إلى شراء الأدوية على نفقته الخاصة، أما أدوية الأعصاب والحالات النفسانية فإن الأونروا تصرفها بنسبة ضئيلة جدا جدا

أما أطباء الأعصاب والاختصاصيون النفسانيون فلا وجود لهم في عيادة الأونروا، ويقتصر الأمر على الاختصاصيين الموجودين في مؤسسة بيت أطفال الصمود في مركز الإرشاد، وهذا المركز يغطي مخيمي البداوي ونهر البارد وبشكل رمزي(3000ل.ل عن الشهر)، كما ويحاول تأمين أدوية الأعصاب بشكل مجاني. أما الاختصاصيون فهم:

1 – طبيب عقلي نفساني.
2 – اختصاصية نفسانية.
3 – اختصاصية نطق

الحالات التي تعالج في مركز الإرشاد هي: الإحباط- التسرب المدرسي- سوء معاملة- عنف منزلي- انهيار عصبي- فصام شخصية- تحرش جنسي- تبول ليلي- الإكتئاب- العدوانية- الحركة الزائدة.

كما يوجد في مركز الجمعية الوطنية( زهرة المدائن) طبيب مختص بالحالات العصبية والنفسانية، أكثر الحالات التي يعالجها: أمراض الظهر عند النساء- التوتر- وذوي الاحتياجات الخاصة…الخ، كما يصرف أدوية مجانية بحسب وجودها، أما الكشفية فهي 10 الف ل.ل.

تقتصرالتحاليل المخبرية على التحاليل الروتينية والأساسية، أما التحاليل التي تتطلب الزرع، وتحاليل الهرمونات والغدد..الخ، فهي غير موجدودة أبدا وتكلفتها غالية جدا، تساهم الأونروا بنسبة 50% في بعض الفحوصات والصور، ولكن حسب الحالة وصعوبتها، كما أن هذه التحاليل فتجرى في مستشفى رحال في عكار، ومستشفى زغرتا، وفي بيروت، وفي كل الحالات مكان التصوير أو التحليل بعيد عن مكان إقامة المريض.

التصوير: لا يتوفر التصوير الشعاعي في عيادة البداوي، وعلى المريض الذهاب إلى مخيم نهر البارد لإجرائه، مع العلم أن التصوير في عيادة مخيم البارد يقتصر فقط على X-Ray، أما التصوير الصوتي Echo وتصوير الرنين المغناطيسي MRI وCT SCAN …الخ، غير موجودة في الأنروا.

التخطيط( قلب- دماغ): تفتقر مراكز الأونروا إلى هذه النوعية من التخطيط، مما يدفع بالمريض إلى إجرائها على نفقته الخاصة، وهي مكلفة وغالية جدا.

كما أن الأونروا لا تغطي تكاليف غسل الكلى، ولا تساهم بتبديل الدم لمرضى التلاسيميا، ولا تغطي أي مبلغ من تكلفة زرع القرنية سوى نفقات الليلة السريرية.

تستلزم عمليات القلب المفتوح وغيرها من العمليات الملكفة الموافقة من المكتب الرئيس في بيروت، ويقتصر مساهمته فيها بحسب تكلفة العملية، وعلى الأهالي دفع نفقات الاستشفاء، علما أن عمليات القلب المفتوح لا تقل كلفتها عن 5000$.

تساهم “لجنة القلب المفتوح” في عمليات القلب المفتوح بمبلغ 250$ للحالات المتوسطة و500$ للحالات المعدومة. كانت اللجنة سابقا تدفع تكاليف العملية كاملة، لكن بعد انتفاضة الأقصى لم يعد يصلها الدعم الكافي من الخارج، فقلت مواردها، فصارت تساهم بالمبلغين السابقين فقط. اللجنة مؤلفة من أربعين شخصا( معلمون- اساتذة- مهندسون- أطباء….الخ)، تعتمد اللجنة الان في مواردها على تبرعات أهل الخير، وحملات تبرعات في المدارس واشتراكات الأعضاء.

لا يستطيع الأهالي تأمين تكلفة العمليات الغالية، وما تقدمه الأونروا ولجنة القلب المفتوح، وما تساهم به لجنة الرعاية الصحية( تساهم بـ10% من المبلغ) لا يغطون إلا القليل من العملية، لذلك يلجأ الأهالي إلى فاعلي الخير وإلى الجوامع لتأمين المبلغ المتبقى، فهل هذا حلا؟!

أما بالنسبة للولادة فإن الأونروا لا تغطي تكاليف الولادة إلا للحمل الأول، ولا تساهم في حالات الولادة المبكرة والتي تستدعي وضع الطفل في” البيت الحاضن”.

كما وتلزم الأونروا المرضى إجراء العمليات في المستشفيات المتعاقدة معها ( مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني” صفد”- مستشفى رحال- مستشفى زغرتا للحالات الحرجة جدا).

يعتبرالهلال الأحمر الفلسطيني( مستشفى صفد)، المستشفى الوحيد الذي يستطيع أن يصل إليه اللاجئ في المخيم بحالة الطوارئ، ولكنه غير قادر على استقبال الحالات المستعصية، والتي يلزمها مستشفى أحدث ومجهز للحالات الحرجة.

تعاقدت الأونروا مع مستشفى رحال في عكار، وهو بعيد جدا عن المستشفى ويصل إليه الإنسان- الغير مريض- بشق الأنفس، فكيف إذا كان مريضا وفي حالة حرجة !!! هناك مقولة طريفة وتعبر عن الحال يطلقها أهالي المخيم عن المستشفى إذا يقولون” اسمو رحال اللي بروح عليه بيرحل”.

كانت الأونروا متعاقدة مع مستشفى الإسلامي في طرابلس وهو أقرب للمخيم من منطقة عكار، لكنها ألغت تعاقدها معه لأنها تريد الأرخص كلفة، وكأن النفس الفلسطينية رخيصة إلى حد وصول المريض إلى عكار شبه ميت، كما أن أجرة الطريق إلى عكار مكلفة جدا بالنسبة للأهالي الذين يحتاجون لزيارة مرضاهم يوميا.

لا تعتبر كافة الاختصاصات الطبية في مستشفى صفد متوفرة نسبيا، إذ لا تزيد الاختصاصات فيه عن العشرة. يضطر الأهالي إلى استدعاء الأطباء المختصيين على نفقتهم الخاصة في حالة الطوارئ، ولا دور لوكالة الغوث في تغطية تكاليف الاستدعاء.

تساعد مؤسسة الشؤون الاجتماعية ورعاية أسر الشهداء والجرحى في تغطية تكاليف الكشفيات والتصوير وغيرها في مستشفى صفد.

كما يحاول مستوصف الشفاء حل أزمة الاختصاصيين بتحويل المرضى إلى أطباء كان قد تعاقد معهم في طرابلس بكلفة رمزية لا تتجاوز مبلغ 15 الف ل.ل.

تكثر الصيدليات في مخيم البداوي فتتعدى العشرة، والسبب يعود إلى أن الطبيب الفلسطيني غير قادر على العمل خارج المخيم، وغير قادر أيضا على فتح عيادة دون صيدلية بسبب تدني الدخل الشهري. فبعض الممرضين يمتهنون الصيدلة!!!

الصيدليات: صيدلية الرعاية- صيدلية الّريان- صيدلية القسّام- صيدلية الكرامة- صيدلية الربيع- صيدلية حيفا- صيدلية القدس- صيدلية الهلال- صيدلية الكرمل( فتح)- صيدلية عياش.

الإسعاف: لا يوجد إسعاف في عيادة الأنروا للحالات الطارئة التي تستدعي النقل السريع، ويتقصر الأمر على اسعاف مستشفى الهلال، كما تتطوع جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية بنقل أي شخص عند الحاجة بالإسعاف التي منحتها إياها دولة الإمارات .

ويبقى الواقع الصحي في المخيم متدن جدا، والأمر يعود إلى الأزمة الإقتصادية الخانقة، مما يدفع بالبعض إلى تحمل ألامهم والعض على جراحهم، وعدم الذهاب إلى الطبيب، إذ لا يحق في لبنان للاجئين الاستفادة من خدمات القطاع الحكومي خلافا لما يناله اللاجئ الفلسطيني من حقوق مدنية في الأردن وسوريا.


* المعوقون

تعد نسبة المعوقين في مخيم البداوي حوالي 2% من مجموع السكان، وهذه الفئة من الناس تعيش ظروفا مأساوية، مع الأخذ بعين الإعتبار بأن الأونروا قد أهملت كليا هذا الجانب الإنساني، فلم تقد م له الخدمات اللازمة مما جعله يعيش في عزلة قصرية داخل مجتمعه.

يوجد في مخيم البداوي مركزا للتأهيل المجتمعي(cbr) ، لكنه غير قادر على تغطية شريحة المعوقين، كما أنه غير مجهز بالأجهزة اللازمة للإعاقات، والتي يحتاجها المعوق باستمرار.

ومركز أخر للجمعية الوطنية، عبارة عن مدرسة يومية تختص بتعليم المعوقين، ومركز الحنين للصم والبكم، مع وجود صف للتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسة بيت أطفال الصمود.

بالرغم من وجود هذه المراكز إلا أن ظروف المعوقين تبقى صعبة، حيث لا يوجد مركز تدريب مهني مختص للحؤول دون بقائهم عالة على مجتمعهم.

كما أن مدارس الأونروا بخاصة والمؤسسات الفلسطينية المحلية بعامة غير مؤهلة لاستقبال المعوقين، إضافة إلى ما تعانيه البنية التحتية داخل المخيم من إهمال لحاجات المعوقين( طرقات المخيم).

تحتاج أكثرية الإعاقات الجسدية إلى علاج فيزيائي دائما، إلا أن المركز المختص الوحيد في المخيم، وهو قسم العلاج الفزيائي في مستشفى الهلال، غير قادر على استيعاب كل هذه الإعاقات.

تعاني نوال عبد الحليم ياسين : البالغة من العمر 51 عاما من مشاكل صحية كثيرة، ومن ترقق في العظام أفقدها القدرة على المشي. تروي لي حكايتها مع المرض عندما بدأت بترقق عظامها ومشيها على العكازة، فقرر الطبيب لها عملية جراحية كلفتها 1500$، لم يكن معها من المبلغ شي فساعدتها الأونروا بمبلغ 200$ فقط ، وجمعية الرعاية الصحية 200$ ، وحركة فتح 400$، أما المبلغ المتبقي فتم جمعه من الجوامع ومن فاعلي الخير.

تعيش نوال الأرملة مع أختها وهي أرملة أيضا ووالدها البالغ من العمر حوالي 85 سنة. قدمت نوال مساعدة عن طريق شؤون الأونروا كي تشتري غسالة وكانت عبارة عن 200$، استبدلتها بسرير لها كي تنام عليه لأنها لا تستطيع النوم على الأرض.

لا تستطيع نوال الجلوس ولا الحركة، ومعرضة بأي لحظة إلى كسر، وتحتاج إلى أدوية شهرية وحفاضات ولكن الأونروا لا تساعدها بأي شيىء. تعيش نوال واختها ووالدها على مساعدة فاعلي الخير، فمن يساعدها لتأمين حاجاتها؟ وما هو دور قسم المعوقين في الأونروا؟

* الواقع البيئي

يوجد في مكتب الصحة في مخيم البداوي 21 موظفا، 18 عامل صحة ونظافة، 1 مراقب محطة المياه، 2 مراقب صحي( أحدهما ثابت والأخر يومي)، وهذا عدد قليل بالنسبة لعدد سكان المخيم.

يقوم المكتب الصحي بعدة خدمات منها مراقبة شبكة الصرف الصحي يوميا- تصليح التالف من الشبكة- مكافحة الحشرات في مواسمها والقوارض في كل المواسم- فحوصات جرثومية للمياه وهذه الأخيرة غير متوفرة في الشمال وعليهم إرسال الفحص إلى بيروت.

أما مراقبة المياه فتتم بشكل يومي عن طريق جهاز معالجة خاص يضخ الكلور،ويقوم بالوقت ذاته بفحص كميته في المياه.

وضعت الأونروا حاويات للنفايات غير قادرة على تلبية حاجة المخيم، وشوارع المخيم غالبا ما تكون مليئة بالنفايات المترامية هنا وهناك مما يساعد على انتشار الأمراض والقوارض والحشرات كالبرغش مع أيام الصيف، و المصارف الصحية في الشوارع دائما ما تكون مليئة بالأوساخ مما يأخر تسرب المياه إليها أيام المطر.

يوجد في مخيم البداوي 7 خزانات مياه موزعة على القطاعات الأربعة، أحدها يعطي المخيم ومنطقة الأيتام وهو بئر جديد، وواحد غير صالح لأنه ملوث بمواد كميائية ولم يستعمل، وهذا البئر قامت بحفره مؤسسة سنابل.

شبكة المياه القديمة غير مأمونة، ويمكن أن تختلط معها مياه الصرف الصحي، فتتسبب بعدة أمراض.

– الكهرباء: يوجد في المخيم 6 محطات كهربائية تابعة لشركة قاديشا، لكنها غير كافية لحاجة المخيم، فالحكومة اللبنانية لا تراعي ازدياد السكان ، فترى الكهرباء في انقطاع متواصل بسبب الضغط على الشبكة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تلف الترنسات.

تتدلى اشرطة الكهرباء أمام أبواب المنازل وفوقها بشكل خطير جدا، وفي كثير من الأحيان ما تشتعل أو تسقط في الشارع.

هناك مخطط من قبل الأونروا لتسليم إدارة المياه والكهرباء إلى المجتمع المحلي، الغير قادر على تحمل النفقات المالية لصيانة الكهرباء والماء.

هل يحتاج الأهالي في مخيم البداوي إلى تحمل نفقات مالية أكثر!!! ولماذا تريد الأونروا رمي هذا الحمل على عاتق هذا الشعب المسكين؟؟

* الواقع الثقافي

تسير عجلة الحركة الثقافية في مخيم البدواي بشكل متوسط، ولكنها تحاول أن تفعل شيئا. فالاونروا عمدت منذ فترة طويلة إلى الغاء مادتي تاريخ وجغرافية فلسطين من منهاجها، وذلك لتجهيل الشعب الفلسطيني، وبالرغم من ذلك تقوم مؤسسات المجتمع المحلي العاملة مع الأطفال والشباب على ترسيخ هذه المعلومات في أنفس الطلاب من خلال المسابقات الثقافية والأنشطة التي تقوم بها على مدار السنة.

تكثر الأنشطة الثقافية خلال شهر رمضان المبارك، حيث يقوم النادي الثقافي الفلسطيني العربي بعرض برنامجه الرمضاني السنوي “المتفوقون” وهو عبارة عن مسابقة ثقافية وطنية تدور بين طلاب مدارس الاونروا في شمال لبنان طيلة أيام الشهر، كل حلقة عبارة عن مباراة بين مدرستين. يمر البرنامج بعدة مراحل الدورالأول- الدور الثاني- النصف نهائي- النهائي، ليتوج فارسا للبرنامج كل سنة، يتم عرضه في صالة الوردة البيضاء، وينقل مباشرة عبر شبكة ريناوي سات srs ، حيث تتخذ المسابقة ثلاثة أقسام: اسئلة المتسابقين الجمهور في القاعة المشاهدين في البيوت عبر تلقي الاتصالات. يلاقي البرنامج حضورا واقبالا كثيفا من طلاب المدارس والأهالي، وهو مستمر منذ عشرة أعوام. النادي الثقافي ناد مستقل قائم على اشتراكات الأعضاء ويلزمه الكثير من الدعم.

كما يعرض أيضا برنامج “عالأقصى شدوا الرحال” الذي تعده الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين، وهو عبارة عن مسابقة ثقافية وطنية ودينية، يبث من خلال قناة الريناوي srs ويتلقى الاتصالات الهاتفية عبر الهواء.

وتقوم الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين بالتعاون مع شبكة ريناوي ساتsrs بتقديم برنامج خاص مع طلاب ومعلمين من المخيم بعد صدور نتائج الامتحانات الرسمية، لمعرفة مدى التقدم والتراجع في مستواهم التحصيلي، مع تقديم نصائح للأهل والطلاب حول العملية التعلمية.

وتوزع جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية، وكشافة جنين مسابقة مطبوعة على طلاب المدارس تحتوي اسئلة عن تاريخ وجغرافية فلسطين واسئلة عامة ودينية وأخرى عن الحركة الكشفية.

وكذلك مؤسسات المجتمع المحلي مثل جمعية النجدة الاجتماعية- بيت أطفال الصمود- مؤسسة غسان كنفاني،أطفال لاجئي العالم، مركز الصداقة الفرنسية…الخ.

هذه البرامج ما تزال نبض المجتمع الفلسطيني في نشر التوعية والعلم والثقافة، وبث روح الوطنية في قلوب وأنفس الطلاب الفلسطينين داخل مخيمات وتجمعات اللاجئين في شمال لبنان. هذه البرامج حملت على عاتقها اعداد جيل واع وقادر على تحمل المسؤولية تجاه فلسطين، فهي تغطي شريحة كبيرة من سكان مخيم البداوي.

تحتفل بعض المؤسسات بتكريم الناجحين في الشهادات الرسمية، وذلك لتشجيع الطلاب على الدراسة والمثابرة أكثر، وهم: النادي الثقافي، الرابطة الإسلامية، المكتب الطلابي الحركي، اتحاد الشباب الديمقراطي، كما تكرم رابطة الضاهرية مؤسسة بيت أطفال الصمود طلابها فقط.

تحت شعار “كشاف دوما مستعد” تقوم مؤسسات وجمعيات المجتمع المحلي على نشر التوعية والثقافة الوطنية والكشفية بين أطفال وشباب المخيم

أما المؤسسات التي تعني بالكشافة فهي:

1. مجموعة كشافة جنين( فتح/أبو عمار).
2. كشافة الإسراء( حماس).
3. كشافة الأنوار( جمعية المشاريع).
4. كشافة بيت أطفال الصمود(مستقل).
5. جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية( منظمة التحرير).
6. كشافة بيت المقدس(حركة الجهاد الإسلامي).

تقوم بعض الأندية الثقافية والروابط الطلابية والاجتماعية بنفس الدور من خلال برامجها التي ذكرناها سابقا ( المتفوقون- عالأقصى شدوا الرحال..الخ)، وهي:

1. النادي الثقافي الفلسطيني العربي( مستقل).
2. الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين( حماس).
3. اتحاد الشبابي الديمقراطي( الجبهة الديمقراطية).
4. مركز الشباب الفلسطيني( اليونيسف/ اللجنة الشعبية).
5. المكتب الطلابي الحركي( حركة فتح/ أبو عمار).
6. رابطة أهالي الضاهرية: تقوم بأمسيات شعرية واحتفالات بالناجحين وحفلات فنية وطنية.

والجدير بالذكر أن بعض هذه المراكز فقط حبر على ورق، ولا تقوم بدورها كما هو مطلوب.

تكثر في مخيم البداوي عملية التنسيق بين المؤسسات والقيام بأعمال مشتركة، نتج عنها “لجنة مهرجان حق العودة” التي تقوم بإحياء المناسبات الوطنية والاجتماعية، كما تم تأسيس لجنة العمل التنموي في مخيم البدواي بعد تدريب أعضاء من المؤسسات على الإدارة الرشيدة ، وستباشر عملها في شهر نيسان.

يتبادر إلى ذهننا عند التحدث عن الواقع الثقافي في مخيم البداوي، أن كافة مكتباته لا تكل ولا تمل من استقبال الزوار، إلا أن الواقع يخالف ما توحيه الحقيقة، فكم من مكتبة اشتاقت كتبها للمسات أنامل القراء، وهذا دليل واضح على تقاعس شبابنا المثقف وتبدل اهتماماته نحو أمور أكثر فائدة يستطيع من خلالها تلبية حاجاته اليومية فصفحات الكتب لا تسمن برأيهم ولا تغني من جوع . قديما قيل:” وخير جليس في الأنام كتاب” وواقع حال مثقفي مخيم البداوي يقول: ” انجعل من صفحات الكتاب رداء لأطفالنا؟!”

لا يوجد في المخيم مكتبة عامة يستفيد منها الطلاب في أبحاثهم ، وتبقى مكتباته تعاني الفقر في مادتها، وهذه المكتبات لا تفتح في أوقات يستفيد منها القارئ والباحث والطالب، أما المكتبات فهي :

1. مكتبة اللجنة الشعبية.
2. مكتبة النادي الثقافي الفلسطيني العربي.
3 .مكتبة المكتب الحركي الطلابي.
4. مكتبة غسان كنفاني.
5. مكتبة بيت أطفال الصمود.
6. مكتبة CBR.
7. مكتبة الأنروا.


اللجنة الشعبية الفلسطينية:
تأسست سنة 1978، وهي إحدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، مؤلفة من مندوبي التنظيمات والاتحادات، وبعض الفعاليات الشخصية. تقوم بالتنسيق مع المؤسسات والمدارس….الخ، وتعمل في الاطار الاجتماعي والسياسي… الخ، ويتفرع منها عدة لجان منها لجنة رعاية المساجد والشؤون الدينية، لجنة الأحياء وغيرها.

هذه اللجنة يلزمها دم جديد أكثر حيوية، يقوم على مساعدة الأعضاء القدامى الذين أرهقهم العمل الوطني والاجتماعي.

الواقع الرياضي:
“العقل السليم في الجسم السليم” شعار تحمله الأندية الرياضية في مخيم البدواي، هذه الأندية التي تضم عددا لا بأس به من الشبيبة الفلسطينية وتحاول قدر الإمكان تهذيبهم جسديا في حدود قدراتها المادية والبشرية.

يعتبر ملعب فلسطين الملعب الوحيد في المخيم ( أرض منظمة التحرير)، وينقصه الكثير كي يصبح ملعبا مثل بقية الملاعب، فأرضه ما تزال رملية ولا يوجد فيه مرما، كما أنه صغير المساحة، وذلك يعود إلى ضعف الإمكانيات المادية للأندية.

كما يوجد ملعب عمر كمال وهو ملعب خاص، وتدفع الفرق للعب فيه مبلغ رمزي(5000ل.ل).

دائما ما تقام بطولات دورية في المخيم لكرة القدم، الشطرنج، والبنع بونغ، أما الألعاب الأخرى كالتنس والكاراتية وغيرها فلا وجود لها في البطولات، مع أن بعض الأندية تقوم على تدريب الكاراتية وكمال الأجسام…الخ.

الأندية في المخيم:

1. نادي الهلال الرياضي: تأسس سنة 1969.
2. نادي الأشبال الرياضي: تأسس سنة 1975.
3. نادي النضال: تأسس سنة 1975.
4. نادي الخليل لكمال الأجسام.
5. نادي القدس: تأسس سنة 1975.
6. نادي الشبيبة: تأسس سنة 1971.

تقوم مؤسسة “الحق في اللعب Right to play” على تدريب كوادر المؤسسات على ألعاب تربوية جسدية…

الواقع الرياضي في مخيم البداوي ينقصه الكثير من الدعم المادي، مع أن أكثرية أعضاء الأندية لاعبون محترفون ومنهم من يلعب في أندية خارج المخيم وخارج لبنان، ويمثل الوجه الحسن والمشرق للشعب الفلسطيني، كما يكتفي بدعم خارجي يقوم به بعض المنسبين القدامى للنواد، ولكنه قليل نسبيا لا يلبي كامل احتياجاته .

الواقع الاجتماعي والاقتصادي:

ووفقاً لتقرير أصدرته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، “فإن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هم من ضمن الأكثر حرماناً. ولا يحصلون إلا على قدر محدود من الخدمات الحكومية ويضطرون إلى الاعتماد بصورة شبه كلية على الوكالة للحصول خدمات أساسية في مجالات التعليم والصحة والإغاثة والشؤون الاجتماعية… ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من أوضاع معيشية وسكنية رديئة ومن ارتفاع معدلات البطالة. ويهدف القانون الجديد إلى منع اللاجئين من شراء ممتلكات غير منقولة ويحرمهم من حقوق الميراث.”6

يعاني اللاجئ في مخيم البداوي من البطالة التي سببها القوانين اللبنانية الجائرة والتي تمنعه من ممارسة أكثر من 70 مهنة، والذي يعود إلى قانون العمل الصادر في 1964:

“في عام 1995 أدخلت على القانون اللبناني المنظم لعمل الأجانب والصادر عام 1964، تعديلات وأحكام تضمنت تضييقات إزاء الأجانب بهدف حماية مصالح السكان اللبنانيين. هذه الأحكام شملت أكثر من 70 مهنة لا يحق لغير المواطنين اللبنانيين ممارستها، كما تعين على الأجانب الحصول على رخصة عمل من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لممارسة أي مهنة.

لم تستثن هذه الأحكام الوضع الخاص للاجئين الفلسطينيين الذين ليس لهم في واقع الأمر دولة يمكن في إطارها تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل معها، وعلى ذلك فقد وجد اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم بعد أكثر من 50 عاما من الاغتراب مضطرين للتنافس في سوق العمل المكدس بالعديد من المغتربين الذين لا يحتاجون إلى ترخيص مسبق وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل المطبق مع بلدانهم في هذا المجال.

ويكفي أن نعطي مثالا واحدا يبين حجم المشكلة التي يعانيها الفلسطينيون في سوق العمل، فمنذ عام 1992 وحتى عام 2000 لم يزد عدد التراخيص الممنوحة لهم عن 500 ترخيص من أصل 50 ألف ترخيص ممنوح للأجانب في نفس الفترة.

وقد أفادت إحصاءات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأنروا) أن 60% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت عتبة الفقر، وأن 36% منهم لا يتمكنون من الحصول على أي مورد رزق” 7

وكأن الحكومة اللبنانية تريد بطريقة غير مباشرة الضغط على الفلسطيني كي يستسلم ويسلم أخر ما يملك لديه من حبة كرامة، وذلك بشغله عن قضيته بالبحث عن لقمة عيش تقي أطفاله الجوع من جراء قانون العمل.

البطالة في مخيم البداوي ” مهنة من لا مهنة له” حيث ترى الشباب على الطرقات، وهذا الأمر خطير جدا ويسبب مشاكل اجتماعية كثيرة وبخاصة عند مغادرة الطالبات من المدارس أو مرورهن في الشارع، مما يشكل هذا الأمر حرجا كبيرا لهن. عدا عن ذلك يؤدي هذا الواقع بدفع بعض الشباب إلى الانحرافات السلوكية كالسرقة والإدمان على الكحول والعقاقير وغيرها هربا من واقعهم، وكذلك يؤثر على حالاتهم النفسانية فيصابون ببعض الأمراض مثل الاكتئاب والإحباط…الخ، كما يحدو ببعض الطلاب إلى ترك دراستهم يأسا من عدم إيجاد عمل لهم في المستقبل، فكم من شهادة عليا لاقت مكانها في الأدراج وعلى جدران المنازل!

تحاول بعض المؤسسات التي تقدم القروض لفتح مشاريع انتاجية من تخفيف حدة الضائقة الإقتصادية، ولكن هل تصلح القروض ما أفسدته القيود اللبنانية؟!

المؤسسات التي تعطي القروض:

1 .ايغاس.
2. مركز الأنشطة النسائية.
3. جمعية النجدة.
4. الجمعية اللبنانية للتنمية( المجموعة).

ووفقاً لتقرير أصدرته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، “فإن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هم من ضمن الأكثر حرماناً. ولا يحصلون إلا على قدر محدود من الخدمات الحكومية ويضطرون إلى الاعتماد بصورة شبه كلية على الوكالة للحصول خدمات أساسية في مجالات التعليم والصحة والإغاثة والشؤون الاجتماعية… ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من أوضاع معيشية وسكنية رديئة ومن ارتفاع معدلات البطالة. ويهدف القانون الجديد إلى منع اللاجئين من شراء ممتلكات غير منقولة ويحرمهم من حقوق الميراث.”8

الإغاثة والخدمات الاجتماعية:

تقلص الأونروا خدماتها الاجتماعية، كالذي يسحب البساط من تحت قدمك رويدا رويدا، مع وعي كامل من أهالي المخيم بمخطط الأونروا التقليصي الإنهائي لخدماتها ، فهي مسؤوله عنه إلى حين عودته إلى أرضه ولكنها تتهرب بطريقة لبقة، فبعدما كانت تشمل الإعاشة كل اللاجئين في المخيمات، أصبحت تختص بفئة معينة تطلق عليها الأونروا حالات العسر الشديد(SHC)، إلا أن هذه الخدمة يشوبها الكثير من الغموض وعدم المصداقية والشفافية، وبالرغم من ذلك تعمد الأونروا إلى تقليص خدماتها لهذه الفئة.

تعمل بعض المؤسسات الاجتماعية في مخيم البداوي مع الأيتام والحالات الاجتماعية الصعبة جدا، وتقدم لهم يد العون ماديا، وتنمي قدرات المجتمع المحلي. تتفاوت هذه المؤسسات من حيث حجمها وطبيعة خدماتها ونوعيتها، هذه المؤسسات والجمعيات لا تجد الحلول بل تعطي المسكنات للتخفيف من أعباء ومعاناة الناس ماديا ومعنويا، وهي:

1 .هيئة الأعمال الخيرية.
2 .بيت أطفال الصمود.
3 .مؤسسة الشؤون الاجتماعية ورعاية أسر الشهداء والجرحى.

كما أن الفلسطيني لا يستفيد من أي من خدمات الدولة اللبنانية على صعيد الضمان الاجتماعي:

“العمال الأجانب العاملين على التراب اللبناني لا يخضعون لنصوص هذا القانون، وبالتالي لا يحق لهم الاستفادة من مزايا أي من وكل أقسام الضمان الاجتماعي، إلا إذا كان بلدهم الأم يمنح المقيمين اللبنانيين المعاملة ذاتها التي يمنحها لمواطنيه بالنسبة للضمان الاجتماعي”9

العلاقات الاجتماعية:

لم تعد العلاقات الاجتماعية في المخيم كالسابق، فهمّ الناس الأول وشغلهم الشاغل هو تأمين قوت يومهم تارة، والحديث عن التجاذبات السياسية داخليا وخارجيا تارة أخرى، فطغت المصالح الشخصية على حياتهم الاجتماعية.

شهد المخيم هجرة واسعة إلى الخارج مع بداية الثمانينات، جاءت نتيجة الوضع الإقتصادي المتردي الذي فرضه الحصار من قبل بعض الأطراف السياسية التي حاولت السيطرة على القضية الفلسطينية وتهميش دورها الفاعل في تحديد المصير انطلاقا من تضييق الخناق عليهم داخل مخيمات الشتات وبخاصة مخيمات الشمال لما لها من تبعية جغرافية وأهمية سياسية مؤثرة للواقع الفلسطيني في لبنان.

وقد أثّرت هذه الهجرة نحو الخارج بشكل أو بآخر على الواقع المعيش داخل المخيمات، سواء سلبا أم ايجابا، لعل أبرز ما عاد به المسافرون ظاهرة ” الفيزا” وهي الفتاة الحاملة للجنسية الأوروبية، والتي يتسابق الشباب لخطبتها كي يهربوا من واقعهم نحو الخارج، فكثيرا ما أصبحنا نسمع بطرق جديدة لطلب يد الفتاة، فهذا ولي أمر شاب يخاطب والد فتاة قائلا:” بدنا نخطب هالبنت بلكي بتسفرلنا هالولد”.

بالحديث عن الزواج من المجنسات يدفعنا الكلام إلى الأعراس التي تغيرت كثيرا، ففي السابق كان أهل العريس يولمون يوم الزفاف لضيوفهم ومعازيمهم، أما الأن فقد تغير الحال فلم يعد أحد باستطاعته تحمل تكاليف الزواج الغالية ومنها الوليمة، والسبب أن الفلسطيني محاربا في لقمة عيشيه.

ومن ايجابيات الهجرة ما يوفره المسافرون من عائدات مادية وبالعملة الصعبة لذويهم في المخيم، حتى أصبحت حاليا المورد الوحيد للكثير من العائلات الفلسطينية المستورة.

بعيدا عن مآسي الحياة وهمومها ، ما يزال الفلسطيني محتفظا بعاداته وتقاليده، ولعل احياءه للزفة الفلسطينية التي تجوب شوارع المخيم خلال حمام العريس من أبرزها .

التملك:

وللتضيق على اللاجئ الفلسطيني صدق مجلس النواب اللبناني على تعديلات أدخلت على قانون الملكية العقارية في 21 مارس/ آذار 2000. وجاء في نص المادة 296 منه أنه “لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين..”10

وبموجب هذا القانون فقد حرم الفلسطينيون من التملك في لبنان، كما يحرم ورثته من انتقال الملكية إليهم بعد وفاته.

وواقع الحال يدل أن تطبيق هذه المادة أدى إلى انعكاسات سلبية على العديد من العائلات الفلسطينية. وهذا القانون يهدف إلى التضييق على الفلسطيني ودفعه إلى الهجرة القسرية.

متفرقات:

يوجد في مخيم البداوي فرن السعيد وهو فرن الكتروني على الطريقة الحديثة، يوزع الخبز على البيوت عند الطلب.

كما يوجد في المخيم خمسة سنترالات: سنترال الريناوي- سنترال روبي- سنترال الشرق سنترال الخواجة- سنترال أبو نعيم، ومحطتا ستلايت: محطة ريناوي SRS- ومحطة غفورMG2.

وعدد من معامل الشوكولا والبوظة، ومعمل تعقيم مياه.


طفل ومعاناة :

الأطفال الفلسطينيون هم الأمل الذي ينتظره الأهل في المستقبل، وهم السلاح الذي يحاربون به العدو من خلال تربيتهم الصالحة وتعليمهم حب الوطن مع كل حرف، وهذه الحروف تكاد تسرق منهم، فيسرق أخر سلاح لهم في مواجهة المحتل، أطفال مخيم البداوي يعانون، يشعرون، ويألمون كالكبار، وأحيانا أكثر. ولأقف على حقيقة معاناتهم ومشاكلهم ذهبت إليهم في الأماكن التي يتواجدون فيها أثناء لعبهم( الشوارع- الحارات- الجبل…)، ووجهت لهم عدة اسئلة أفردت لها مكانا خاصا في البحث تحت عنوان” طفل ومعاناة“، كانت حوارات مفتوحة بمعنى لم أتحاور مع شخص لمفرده.

– سألتهم في البداية لماذا يلعبون في هذا المكان؟

أجاب طه خضراوي:” لأن بس ألعب بحارتنا في ناس بضلوا يعيطوا علينا، لأنه بدهم يناموا”.

ضحكت خلود زيد وهي تقول” ما في محل نلعب فيه”، وتجيب نرمين ببراءة الأطفال وهي تأكل بعض السكاكر” هون احلى”.

يقول ابراهيم البجيرمي ” عندي مشاكل ما في أمارس حياتي كطفل، بدي أروح ألعب فتبول، بصير يصيح علي الزلمي، هلاء بتكسر أزاز السيارة، هلاء بتكسر الشباك، وبتوقع البضاعة بالمحل”

ويجيب ابراهيم شعبان: “لأن ما في مطرح محل ما احنا ساكنين، وعشان ما نطوش العالم ويصيروا يعيطوا ويسبوا علينا، ويتفق معه في الرأي كل من هشام عبد الدايم وأحمد عليان الذي يكمل” بس ما بنقدر نيجي نلعب هون دايما” ويقصد في الجبل القريب من حي المهجرين.

– لماذا لا تسطيعون اللعب هنا دائما؟

أجاب ابراهيم شعبان: ما بنقدر نيجي نلعب هون دائما أهلنا ما بخلونا نطلع دائما وبضلوا يقولولنا ما تبعدوا عن البيوت كتير، في ملعب فلسطين بعيد، بس هادا أقرب، وهادا جبل بس احنا بنلعب فيه ، مرات بكون شمس ومرات بكون شتا عشان هيك ما بنقدر نلعب فيه”.

أما طه الذي يلعب مع زملاء له بكرة القدم قرب في ساحة اللجنة الشعبية فيقول لي: ” احنا بنجي نلعب هون حد الروضة بنعمل باب الروضة goal” ويقصد روضة أطفال فلسطين.

– لماذا لا يذهبون إلى الملعب؟

قال لي بلال كحيل ” الملعب بعيد حد الحاجز وأمي ما بتخليني أروح”، ويتفق معه في هذا الرأي أبراهيم البجيرمي.

أما خلود زيد فتقول ” أبوي ما بخلينيا لأنه احنا بنات”.

يبتسم محمود عثمان ويقول ” بخاف يصير مشاكل”.

أراد محمود شتلة أن يثبت لي أنه لا يخاف من الذهاب إلى الملعب ” بروح بتمرن مع الأشبال مع أخوي عمره 13 سنة ورفيقه بملعب عمر كمال”

أما عمر خازن فقال ” أنا بلعب بملعب فلسطين حد كشافنا(كشافة جنين)، بس البنات ما الهن، الأولاد بس الهن، ما عنا ملاعب للبنات”ويستهزء وهو يقول”مخيماتنا ما فيها شي”.

فيجيبنا أيمن زيد وكأنه عالم صغير ينبىء بمستقبل زاهر “حتى يكون فش دراسة بنروح مع رفقاتنا، وبناخود رأي أهلنا”.

– ماذا يزعجهم في المخيم؟

بادر علاء خضير بالإجابة ” بنكون عم بنلعب بيجوا بصفوا السيارات، وبقولولنا روحوا عالملعب” أما طه خضراوي يخيفه أن تأتي الطابة بزجاج إحدى السيارات فتكسرها” بس تيجي الطابة بأزاز السيارة يتكسرها”

يتذمرأحمد خضرواي وهو يخبرني ” لما تعلق الطابة ما حدا بطولنا هي، وأنا ما بقدر أطلع من الأرض لفوق، بس يكون في باص بتطلع عليه وبطولها”

تقول هديل سعيد ” ما في مكان نلعب فيه، الأونروا ما مأسسة مكان نلعب فيه، لازم يعملوا مكان الواحد يلعب فيه بالمدرسة أو غير المدرسة، متل ملعب أو ساحة”.

يخلط طه خضير بين حقه وواجبه فيقول ” من حقي اللعب، ومن واجبي أن العب في الملعب بس الملعب بعيد”، أما محمود شتلة فيقول ” من حقي الرعاية والحماية، عشان ما نوقع حالنا، بكون الولد راكض نوقعه، من حقي أن أدرس”

– من المسؤول عن إقامة ملعب لكم؟

يقول محمود خضير ” الأونروا، عشان هي بتساوي كل اشي وبتساوي البيوت”

أما محمود عثمان ” الأونروا هي مسؤولة عنا وهي لجأتنا!!!! لا اسرائيل، الأنروا مسؤولة عنا بس مع اسرائيل”.

فيرد هشام ” بس الأونروا لئيمة، ما بتساوي شي”.

ترى في عيون هبة سويدان البراءة وهي تقول” انه لازم يعملوا ملعب مخصص بالألعاب للأطفال، والمسؤول الأونروا”

تجيب هديل سعيد بتحدي ” احنا اسه هون والأنروا مسؤولية عنا، بس لما نروح فلسطين بتبطل مسؤولة عنا”.

يبدأ ابراهيم البجيرمي بقوله ” لازم إقامة ملاعب، أو يحددولنا منطقة خالية من السيارات نلعب فيها” أما عن المسؤول فيجيب” أكيد الأونروا لأنه أحنا لاجئين من فلسطين، وأنا مش مواطن، المواطن اللبناني بكون معه هوية لبنانية اساسية مش متلنا مكحشينا(طردونا) اليهود. ما عنا حقوق مدنية، مثل حقوق الانسان، حق اللعب، حق المواطنة، حق حب الوطن، حق العمل، حق التعلم وفي كتير حقوق…”

يسرح ابراهيم البجيرمي ويقول” حابب لما أكبر لو بقدر اضبط هالمخيمات كلها، أكون بمركز رئاسة كبير، حابب أصير شي مسؤول “،يتنفس ويسرح من جديد” يا ريت ليه ” ويكمل وكأنه يكلم نفسه “ عشان اضبط الوضع، اتذكر لما كنت طفل، ما يخلونا اعمل شي، وأظبّط الشوارع من المي والوحل، والزفت مخبص فوق بعضه”

– ما هي مشاكلكم في المدرسة؟

ويتسابق الصغار في الرد، فيقول محمود خضير ” في بصفي 38 واحد، كتير ويضايقوا الصف وبصيروا يعجقوا”

يقول أحمد ياسين ” واحنا 36 واحد، وفي بنوك فيها 3 بقعدوا في بنك واحد” (البنك= مقعد).

أما ابراهيم شعبان فيقول ” احنا ونازلين عالدرج بصيروا يدفشونا مستعجلين عشان ينزلوا ويشتروا مناقيش وياكلوا”

يضحك أحمد عليان وهو يروي حادثة حصلت في مدرسته ” مرة واحد وقع عن الدرج أم صفرن، دغري اخدوا عالبيوت”

تلمح في عيون سارة طالب الحزن وهي تقول ” عنا المدرسة إذا بدنا نلعب بلغولنا حصة الرياضة وبحطوا حصة بدالها، عنا ممنوع نعمل شي بالمدرسة، إذا بدنا نطلب طابة ممنوع”

وتجيب هبة سويدان ” عنا اساتذة بس أسألن اشي ما فهمتوا بقولولي متل ما فهمتوا فهمتوا” ويوافقها الرأي محمد حمزة.

تخطف سارة طالب الكلام من هبة ” العدد عنا كتير كبير بالصف 35 بنت”

يتلعثم محمود سرداح(12 سنة) ويقول ” أنا مبطل لأنه كل ما حفظت شي بضربوني وبقولولي ابعت اهلك بالأخر بطلت”

ويقول محمد حمزة بلهجة السخرية ” قبيلة عنا 35 واحد”

أما هبة سويدان في صفها 35 طالبا وفي صف محمود حسن 37 طالب وفي صف عبير خليل 40 طالبا”

يقول ابراهيم البجيرمي ” مشكلة عدم الاستيعاب صفي 34 طالب، واحد بعلق، واحد بحكي، واحد بعجق، والاستاذ كل همه يشرحلنا، واحنا ما عم نفهم، باعتبار زي الزربة، بتخلص الحصة وما عم نفهم شي”

– ما الحل لهذه المشكلة؟

يقول ابراهيم البجيرمي ” إقامة صفوف جديدة بياخدوا اللي ما شاطرين ويجمعوهن مع بعض ويجيبوا استاذ شديد عليهن، ويحطوا الشاطرين سوا ويجيبوا اساتذة مناح”

تعلق هبة سويدان ” لازم ما يغيروا كل الدوام، الصبح مثلا بكون في شباب قاعدين عالشارع”

يتذمرمحمد حمزة وهو يقول ” لمّا يكون دوامنا الضهر بعطونا وظايف لتاني يوم وبكون دوامنا الصبح وما بنلحق نعمل شي”

تقول سارة طالب ” إذا اعطونا دوام الصبح بنقدر نخلص دروسنا وبعدين بصيبنا أمراض حسدية من الدوامين، وما بنخلص إلا بدنا نروح عالمعهد، أنا بدرس 4 مرات باليوم”

هديل سعيد قلبها على الذين يسكونون بعيدا عن المدرسة ” لما الصبح بدنا نفيق في ناس ممكن بيتن بعيد عالجبل ما بلحقوا، بيجوا متأخرين والدوام سبعة الصبح”

أما عمر خازن فيقول ” بنروح عالمدرسة الساعة 7 الصبح وبنكون نعسنين وولاد كتير بناموا بالصف، ودوام الضهر شوب وبنكون زهقانين”.

تعلو وتيرة صوت ابراهيم البجيرمي وهو يقول ” احنا بنروح دوامين بنفيق الصبح عالساعة 6 لنلحق ناكول لقمة، بعد الضهر بنروح لنرجع المغرب، وما بنرجع لناكول لقمة أو نصلي بكون صار بدنا ننام”

ويتابع ابراهيم معطيا الحل ” بس لو بصيروا متل المدارس اللبنانية، بروحوا عـ8 وبرجعوا عـ2 الضهر، زي ثانوية الناصرة هيك احسن، هيك بنصير نلحق نفيق وناكول لقمة ونراجع اللي عملناه ونلبس ونروح”.

يعطي هشام عبد الدايم حلا ” حدا يخفف عدد الطلاب ينقصوا منن يصيروا شي عشرين، الأنروا مسؤولة تخفف عدد الطلاب وتعمل ملاعب”

يقول أحمد عليان ” نحن لاجئين ولازم الأنروا تأمنلنا حياتنا، وحاجتنا”

يرد ابراهيم شعبان على صديقه أحمد ” تأمنلنا الحياة اللي احنا فيها، لأنه احنا اخدولنا بلادنا”

– هل يوجد عندكم مشاكل أخرى؟

يحمر وجه أحمد ياسين وهو يخبرني ” في واحد حشر” يريد دخول الحمام” ووجه احمر احمر بده ينزل، الاستاذ قله ممنوع، أما خلا الصبي صار يبكي، أم عملها تحته”

يخجل محمود عثمان وهو يقول ” انا معي حصر بول وما خلاني الاستاذ انزل الحمام”

يشمئز محمد حمزة وهو يخبرني ” مية الأونروا فيها طعمة ومرة نزل منها دوود بالمدرسة”

تتشجع عبير خليل وتقول ” هديك المرة بدي افتح المي أم نزل منها بوزيقة بالمدرسة، المي كتير وسخة وفيها طعمة كلور، عنا بنت أمها معلمة بتعلمنا ما بتخليها تشرب من مية برا بتشربها من مي الإدارة، وتفوت على حمام الإدارة، هيك بفرقوا”

يقول محمد حمزة بثقة كبيرة في النفس ” أنا نائب بالصف، وحكيت عالحمامات والمي والبرادي لأن الشمس بتضرب عالصف، والبنوك الجديدة الواحد بوقع وتوجع وبضل الواحد زي الواقف فيها ولا هني هون” ويتابع” كل ما انزل ما بردوا علي الاساتذة”.

وتعلق هبة سويدان ” الشمس بتزعجنا كتير بالدوام وقت الصبح بنحط كتاب” وتكمل” ريحة الحمامات طالعة عالأخر”

يقول محمد حمزة ” طلبت صابون للحمامات وما قبلوا” ويكمل “السنة الماضية كنت نائب وما رضوش”

فتوجهت إليه بالسؤال: إذا لم يحققوا لك شئيا السنة الماضية لماذا ترشحت السنة؟

لم يجب محمد بل آثر الصمت!!!

هل أصبح حب المقاعد النيابية متفشيا بين الطلاب! محمد اعترف أنه لا يستطيع أن يفعل شئيا، ولكن هل بمقدور المسؤولين عنه الاعتراف بأنهم غير قادرين على فعل أي شيىء له؟!

ويتسأل هشام عبد الدايم عن مدى مصداقية البرلمان الطلابي في المدارس فيقول بسخرية ” والبرنامج الانتخابي قال بقول بدنا نعمل ملاجئ، بنجي بننتخبوا للي عمل هادا البرنامج، وما بعملولنا شي”

وتكمل سارة طالب الحديث عن مشاكلها ” البنت الحلوة والمرتبة بعطوها كتب جديدة وبصيروا يدلولها بالصف ويزيدولها علامات، متل(…) المس (….) زادتلها علامة لأنها هي عارفة بدها علامة لتنجح”.

عبير خليل منزعجة من ثقل الحقيبة المدرسية ” وتقول الكتب كتير، لو نخفف من الكتب المدرسية وعنا 6 مواد بنهار”

وتشاركها سارة طالب الرأي فتقول ” كل كتاب وتمارينه ودفتر كمان” وتكمل” عنا كومة امتحانات تاني يوم بعطونا كومة امتحانات احنا ما بنلحق بعطونا شي عشرين صفحة وكومة وظايف متل اليوم اعطونا من 1- 20 لحل الوظايف”

يقطب محمد محمود حاجبيه ويقول ” إذا بضلن يعطونا شي عشرين صفحة كل يوم والتاني خلص بندخل سبلين، وبنتعلم شي مصلحة احسنلنا”

محمد زيد ” أنا المس خزقتلي الدفتر كله ، لأنه كتبت الموضوع بالرصاص”

أيمن زيد ” هادا ظلم والفقير اللي ما معه يشتري دفتر” ويكمل ” وبياخدوا منا أول السنة 5 الف ل.ل”

تقول خلود زيد ” احنا بياخدوا منا 10 الف ل.ل وأمي ما معها بتعطيني هني الف الف”.

يقول النائب الصغير محمد حمزة ” لازم يزبطوا الشوارع، لما نكون لابسين أبيض ما بنوصل المدرسة إلا بصيروا بني”

– ما هي مشاكلهم في البيوت؟

ترك حسين الرساطمي المدرسة ولكنه يتحدث عن مشكلة تواجه زملاء له في بيوتهم وهي السقف الزينكو الذي يمنعهم من الدراسة بسبب الطقطقة عليه” ما بعرف الواحد يركز منيح من المي على الزينكو”

ويعلق محمد حمزة ” حارتنا كلها زينكو وقت الشتا بنحط طناجر وجطاط ، وما بنعرف ندرس من صوت الشتا عالزينكو”

يعاني محمد محمود أيضا من الزينكو والبيت الصغير، ويطالب أن يكون له غرفة خاصة” لازم نفصل بين البنات والشباب، لازم كل واحد غرفة لحاله، احنا بنام مع بعض، وبيتنا زينكو ولازم يتعمر، ووقت الدراسة بيزعجني الشتا عالزينكو”

يعيش أحمد شمس في بيت من الزينكو يقول وهو خائف على أخيه ” مرة نزلت الطلقة عالبيت حد اخوي وهو عم ياكول”.

يقول سامر حليحل بصوت عال ” لازم الأنروا تعمرلنا”

أحمد ياسين ” اخواتنا الصغار بكون بلعبوا ما بخلونا نعرف ندرس”

طه خضير ” البيوت صغار وما في أوض كتير، احنا اوضتين ومطبخ وحمام واحنا سبعة بالبيت ما بنعرف ندرس”.

قصة مجد الدين زيد مختلفة عن رفاقه فهو قد ترك المدرسة لأنه حسب رأيه” ما نافع”، سألته لماذا لا يدرس، فرد بطريقة فيها استهزاء واضح” شو أنا لحالي ما بدرس في بلاوي زرقة من الفلسطنيين مبطلين”، كم كان عدد الطلاب في صفك، قال وكأنه يسترجع ذاكرته “كان في 35 وإن كترت 40، العدد كبير، ومن أسباب سقوطي، لازم يكون في قليل بالصف عشان نستوعب كتير”

– ماذا تعمل الآن؟

قال ” عم بشتغل مع واحد بالألمنيوم، مهنة منيحة للمستقبل” انخفض صوته ومال إلى الحزن” أنا بشتغل منشان أهلي، وأبوي مريض بضلو يروح الهلال، واحنا ست ولاد، واحد بشتغل والتاني بتعلم تصوير وبده يروح على سبلين كمان يقدم شهادة”.

– أليس العلم أفضل، ألم تندم لأنك تركت الدراسة؟

رد مجد الدين ” اللي بتعلم أفضل، هلاء أنا ما ندمان، بس أكبر بندم، لما الواحد يبطل من المدرسة بكون مبسوط، ولما يكبر بصير وقتها يندم” يشرد قليلا ثم يقول” الحق عالأونروا”.

– هل لكم مطالب أخرى؟

أجاب الأطفال بصوت واحد ابرهيم شعبان- احمد شمس- محمد محمود- أحمد عليان- هشام عبد الدايم ” بدنا نرجع عفلسطين”

هؤلاء أطفال المخيم الذين يمثلون بهمومهم ومشاكلهم كافة المخيمات الفلسطينية، لا يجدون مكانا يلعبون فيه، فيلجؤون إلى الشارع والحارات والجبال وكلها أماكن خطرةعليهم إن كان من السيارت أو الجبل البعيد عن البيوت.

أطفال مخيم البداوي مثقلون بالهموم والمعاناة، ولا يجدون مرفقا عاما، ولا حديقة كي يفرغون فيها كل معاناتهم وهمومهم اليومية، ولكن رغم ذلك يحلمون بالعودة إلى فلسطين، ولم ينسوا للحظة واحدة أنهم لاجئون في لبنان ومن حقهم العودة.

خاتمة

بنظرة سريعة إلى واقع مخيم البداوي نرى أن هناك تشابها واضحا بينه وبين كافة المخيمات الفلسطينية (12 مخيما) في لبنان.

مخيم البداوي يولد من رحم المعاناة ليدخل معاناة يومية تكاد تكسر ظهره نصفين، ولكنه يصارع التيار ويواجه كل محاولات الغائه وقهره.

ميسون جمال مصطفى
مخيم البداوي 2007