أرشيف المنتدى

المصالحة الفلسطينية وخياراتها المتاحة!.

المصالحة الفلسطينية وخياراتها المتاحة!.

لا أعتقد بأن هناك فلسطيني لم يُحدِّث نفسه بالقرار الذي إتخذته حركة حماس، بخصوص حل اللجنة الإدارية فى قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة؛ لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فوراً، والموافقة على إجراء الانتخابات العامة.

الكثير من التحليلات سُكبت فوق ذلك القرار، أسبابه وتوقيته!.

مما لا شك فيه أن القرار قد أحدث الكثير من الذوبان المطلوب داخل جليد الخلافات القائمة بين حركتي حماس وفتح أي سلطة غزة وسلطة رام الله.

ويبقى التساؤل، هل حقاً باتت طريق المصالحة الفلسطينية سالكة للوصول إلى غاياتها؟!.

وللإجابة على ذلك لا بد من الإشارة إلى أن الظروف القاسية التي عاشتها كل من سلطة غزة وسلطة رام الله منذ الإنقسام المشؤوم كانت وراء العديد من محاولات المصالحات الفاشلة، في ظل إنتهاكات إسرائيلية أضعفت سلطة رام الله حتى باتت بلا سلطة تذكر، وحصار عربي إسرائيلي على القطاع أضعف سلطة غزة حتى باتت هي الأخرى بلا سلطة تذكر. وكأن هناك موافقة ضمنية من قبل دول إقليمية ودولية فاعلة على إبقاء تلك المعاناة سواء في غزة أو في رام الله تحت شعار “لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”، فلا هما بلا سلطات ولا هما بسلطات فاعلة!.

ومن الواضح كذلك أن هناك غطاء خارجي (مالي وسياسي) يعمل على إستقرار تلك النظرية التي لا تشكل أيِّ صداع للسياسات الإسرائيلية أو العربية في ظل تواتر الأحداث التي تعصف بالمنطقة.

لكن ضعف الغطاء الخارجي لحركة حماس (تركيا وقطر) قد أصابه الكثير من التصدُّع. فالتركي ( حزب العدالة والتنمية )، وجد نفسه مشغولاً بالعديد من الأحداث والصراعات الداخلية، بالإضافة إلى فشل سياساته الخارجية التي إعتمدها الرئيس أردوغان بخصوص الأزمة السورية وعموم أزمات ما سمي بالربيع العربي مما أضطرَّه إلى إعتماد أولوية إعادة ترتيب أوراق تحالفته الخارجية. أما الجانب القطري فقد وجد نفسه هو الآخر يبحث عمن يقف بجانبه في محنته في مواجهة الحصار الذي فرضته عليه دول السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر. وإذا ما أضفنا إلى ذلك إنهيار الشبه تام لقدرة الأخوان المسلمين على المناورة السياسية والعسكرية التي راهنت عليه حركة حماس منذ بداية التغييرات التي شهدتها المنطقة العربية.. ندرك أهمية القرار الذي إتخذته حماس بإتجاه إعادة صقل رؤية جديدة تُخرجها من عزلتها سواء داخل القطاع أو خارجه.

يبقى الحديث هنا عن الخيارات المُتاحة أمام حركة حماس أثناء مفاوضاتها مع سلطة رام الله بإشراف الراعي المصري الحاصل بالتأكيد على الضوء الأخضر الأميركي الإسرائيلي العربي لرعاية تلك المصالحة؟

في إعتقادي أمام حركة حماس ثلاثة خيارت لا رابع لهما:

1- أن تسلِّم حماس بالأمر الواقع فتُصبح من رعايا السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس وسياساته كما هو حاصل مع بقية التنظيمات الفلسطينية الأخرى المتواجدة داخل كنف سلطة رام الله.. بإنتظار جولة جديدة من الأنتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة وما قد تسفر عنه تلك الإنتخابات من آفاق سياسية جديدة للجميع بما فيها حركة حماس.

2- أن تفشل مفاوضات المصالحة ويبقى الوضع على حاله بإنتظار المراهنة على المتغيرات الحاصلة في عموم الشرق الأوسط والتي يصعب التنبوء بأيِّ الإتجاهات ستذهب.

3- أن تستنسخ حركة حماس اللعبة السياسية اللبنانية التي يعيشها حزب الله في لبنان. أي المحافظة على سلاح المقاومة والإشتراك في السلطة السياسية ضمن حكومة وفاق وطني تحمل وجه سياسي يستطع أن يحاكي المجتمع الدولي التي تهيمن عليه السياسات الغربية، رغم أن نجاح تلك التجربة تحتاج إلى الكثير من المفاوضات الماراثونية الخاصة والبعيدة عن وسائل الإعلام.

الكل يريد المصالحة، لكنها ليست بالبساطة التي يمكن أن يتصورها البعض.

أخيراُ من المفيد القول، أن لا مانع من أن تتخلى كل من حماس وفتح بعضاً من سلطاتهم من أجل مصالحة قد تُكسب فلسطين القضية الكثير!.

ولنا لقاء..

أبورياض