أرشيف المنتدى

الواقع الصحي في المخيمات الفلسطينية يدق ناقوس الخطر

الواقع الصحي في المخيمات والتجمعات الفلسطينية

في لبنان يدق ناقوس الخطر

1_1462209814.webp

وصل الواقع الصحي في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، حدا ينذر بعواقب وخيمة، ما دفع العديد من المؤسسات والهيئات الإنسانية وأبناء المخيمات إلى دق ناقوس الخطر، فهذه المخيمات والتجمعات تشهد حالة من الإهمال والتقصير في المجالين الصحي والبيئي، تدعو الى التحرك السريع من قبل الأونروا، والهلال الأحمر الفلسطيني، والمؤسسات الصحية اللبنانية، ولأهمية هذا الموضوع وحساسيته الإنسانية، أعدت مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان دراسة حول هذا الواقع، تناولت فيها ظروف ومعاناة الفلسطينيين في لبنان صحيا، وقد أظهرت ان المؤشرات مقلقة للغاية، وبنيت ان المخيمات تعيش مشاكل هائلة، سواء على صعيد عدم تأهيل وترميم البنية التحتية، أو على صعيد تراجع خدمات الأونروا الصحية، وتقلص خدمات ودور الهلال الأحمر الفلسطيني. أو على صعيد نقص الأدوية في الصيدليات التابعة للأونروا، وأكدت الدراسة أن المخيمات تزود بمياه غير صالحة للشرب، واعتبرت أن الأمراض المنتشرة في المخيمات ترتبط بالوضع الصعب الذي يعاني منه اللاجئون، حيث الأزقة ضيقة، والبيوت متلاصقة، ما يؤدي إلى انتشار الرطوبة، كما أن أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، اضافة الى الأمراض النفسية، هي من الأمراض الأكثر شيوعا في التجمعات الفلسطينية، وكل ذلك يتعارض مع النصوص القانونية المحلية والدولية المتعلقة بحق الإنسان في صحة سليمة، وأوصت الدراسة بضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في هذا الاتجاه، لأن ما يحصل ناتج عن النكبة ونزوح الفلسطينيين، وناشدت الحكومة اللبنانية بتوفير الفرصة الكافية للفلسطينيين كي يعيشوا بكرامة ودعت الى دعم مؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني، والضغط على الأونروا لتحسين خدماتها الصحية.

وفي ما يلي ملخص تنفيذي لأبرز ما جاء في هذه الدراسة:

يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان منذ بداية السبعينيات من أوضاع معيشية غاية في الصعوبة والحرمان، تتعارض مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، كالعمل والتملك والطبابة والاستشفاء. وفي معرض دفاعها عن حقوق الإنسان وتوصيف الواقع الإنساني للفلسطينيين في لبنان، أجرت مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان في الفترة الممتدة ما بين ديسمبر 2008 وفبراير 2009 دراسة شاملة تهدف الى التعرف على حقيقة واقع اللاجئين الصحي في لبنان، والوقوف عن قرب على انعكاسات الحرمان الصحي والاستشفائي الذي تتعرض له شريحة اللاجئين بمختلف أطيافها في لبنان وقد شملت الدراسة عينة عشوائية من 967 شخصا توزعت على 12 مخيمًا وتجمعًا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إضافة الى استطلاع الرأي فإن الدراسة شملت أيضًا إعداد البطاقة الصحية لكل مخيم فلسطيني وتحوي المعلومات الأساسية عن الواقع الصحي في المخيم مثل الأمراض المنتشرة، المؤسسات الصحية، الصحة البيئية، الصحة النفسية.. كما شملت الدراسة لقاءات مكثفة ضمن مجموعات تركيز أعطت وصفا دقيقا للواقع الصحي في المخيمات ككل، بالإضافة الى ذلك فقد شملت الدراسة معلومات وأرقاما من الأونروا حول واقع مؤسساتها الصحية. كل هذه الأمور أكدت ما جاءت به نتائج استطلاع الرأي.

مؤشرات مقلقة

وأظهرت الدراسة عدة مؤشرات مقلقة فيما يتعلق بالوضع الصحي للاجئين الفلسطينيين على مختلف الصعد، وبينت أن المخيمات الفلسطينية تعاني من مشاكل صحية هائلة وأن البنية التحتية المختلفة تحتاج الى تأهيل وترميم، كما أظهرت الدراسة أن الظروف الصحية للفلسطينيين في لبنان لم تحظ بالتغطية الإعلامية الكافية ولم تلق الاهتمام المطلوب من كل الجهات المعنية وأظهرت الدراسة أن الظروف الصحية تعتبر هاجسًا حقيقيًا يلاحق الفلسطينيين، كيف لا وهو يتعلق بحياتهم!

أبرز ما أظهرته الدراسة هو التراجع في خدمات الأونروا الصحية، وعلى الرغم من أن الأونروا هي الملاذ الأول والمقصد الأكبر للمرضى الفلسطينيين، وذلك بصفتها الجهة المسؤولة بشكل رئيسي عن تقديم الخدمات الصحية حيث أفاد 60% من أفراد العينة أنهم يترددون بشكل دائم إلى عياداتها المنتشرة في المخيمات إلا أنهم غير راضين عن نوعية الخدمات فيها. فقد قيم 5,38% من المستطلعين خدمات الأونروا بالوسط في حين اعتبرها 1 ,18% جيدة.

فالرعاية التي يحصل عليها المريض غير كافية على الإطلاق، حيث يتوافد أكثر من مائة مريض الى العيادة يوميًا، وهذا العدد يرتفع في كثير من العيادات ليصل الى أكثر من 150 ، كما هو الحال في عيادات مخيمي عين الحلوة والبداوي، وإذا ما علمنا بأن دوام العمل في العيادة يبدأ من الساعة 15 ,7 صباحًا وينتهي عند الساعة 45,2 من بعد الظهر، لوجدنا أن كل مريض لا يقابل الطبيب إلا لثلاث دقائق وإذا ما اختزلنا من الوقت الذي يعاين فيه الطبيب المرضى ساعة عند بداية الدوام وساعة قبل انتهائه، لأصبحت مدة المعاينة أقل من ذلك، وبالتالي نسأل: هل تكفي دقيقتان أو ثلاث لسؤال المريض عن تاريخه المرضي ومن ثم فحصه وتشخيص مرضه ووصف العلاج المناسب له؟

وبالتالي هل يتم علاج المريض فعلا أم تعالج العوارض المرضية أم يوصف له الدواء غير المناسب؟ ولذلك فإن الإهمال في معالجة المرضى من بداياته قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، وقد أفاد 7,42% أنهم أجروا عمليات جراحية نتيجة الإهمال في معالجة المرض منذ اكتشافه وعلى الرغم من أن الأونروا تقدم الأدوية المتوفرة لديها مجانًا، إلا أن هناك الكثير من الأصناف غير متوفرة يضطر المريض لشرائها ناهيك عن أن الكثير من الأصناف الموجودة غير فعالة في علاج الأمراض. ولعل هذا يبرر نسبة الـ 4,59% من المستطلعين الذين يشترون الدواء على نفقتهم الخاصة في مقابل 41,0% يحصلون على الدواء من الأونروا بشكل دائم، علمًا بأن الأونروا توفر الدواء غير الموجود لديها لسكان مخيم نهر البارد فقط وذلك من خلال تعاقدهم مع صيدلية الريان في مخيم البداوي.

وبخصوص مختبرات عيادات الأونروا فهي تجري التحاليل الروتينية أما التحاليل المتخصصة فإن هذه المختبرات لا تملك التقنية اللازمة لإجرائها. ومرة أخرى يضطر المريض لإجرائها في مختبرات خاصة مع ما يترتب على ذلك من تكلفة مادية باهظة. وتفتقر معظم عيادات الأونروا لقسم الأشعة التشخيصية فعلى سبيل المثال، لا يوجد في منطقة صور إلا قسم واحد في عيادة مخيم البص وبالتالي فالمرضى الذين يحتاجون لهذا النوع من الأشعة من المخيمات الأخرى (مخيم الرشيدية ومخيم برج الشمالي والتجمعات الفلسطينية الأخرى) عليهم التوجه إلى عيادة مخيم البص وهذا ما لا يتناسب مع الحالات في حين أن (x-RAY) الطارئة علمًا بأن قسم الأشعة هذا لا تتوفر فيه إلا صور غير المتواجدة فيه، علاوة على ذلك، فإن عيادات (CT، MRI، ultrasound) أجهزة الأونروا لا يعمل فيها أطباء مختصون إلا في اختصاصات محدودة (نساء- توليد – عيون – قلب وشرايين ) وهؤلاء لا يحضرون للعيادة إلا لمرة واحدة في الأسبوع على الأكثر وكأن على المريض أن يختار نوع مرضه وتوقيت إصابته بهذا المرض. وماذا يفعل إذًا من يصاب بأمراض الرئتين أو الكبد أو المسالك البولية أو الأعصاب؟

أما التحويلات التي تعطى للمرضى الذين يحتاجون لعلاج في المستشفيات، فعددها قليل ولا يتناسب مع العدد الكبير للمرضى، فالأونروا تتعاقد مع بعض المستشفيات على عدد ليالٍ سريرية محدد لكل شهر وغالبًا ما تنتهي قبل منتصف الشهر. كما أن الأونروا تتعاقد مع المستشفيات على مبلغ محدد للَّيلة السريرية الواحدة، وهذا يعني أن المريض يتلقى العلاج الذي يتناسب مع المبلغ المرصود له وبالتالي إذا كانت تكلفة العلاج أكبر من المبلغ المرصود له فإنه إما أن يحرم المريض من جزء من العلاج أو يضطر إلى دفع المبالغ الإضافية على نفقته الخاصة. وقد جاءت نتائج الاستطلاع لتؤكد هذا الأمر فقد أظهرت أن 39% من أفراد العينة فقط دفعت لهم الأونروا تكلفة العملية الجراحية في حين أن 26% أجروها على نفقتهم الخاصة بالإضافة الى ذلك فإن بعض المستشفيات التي تتعاقد معها الأونروا بعيدة عن المخيمات ويتطلب الوصول إليها مشقة ووقتًا طويلا لا كما هي الحال عند مرضى مخيم الجليل في بعلبك الذين يحتاجون لأكثر من ساعة للوصول الى مستشفى الناصرة في بر الياس، بعض المرضى يحتاجون أن ينقلوا بسيارة اسعاف نظرًا لحالتهم الصحية الصعبة وهذه السيارات غير متوفرة لدى الأونروا في أي من المخيمات.

تراجع خدمات الهلال

أما الهلال الأحمر الفلسطيني، فقد تراجعت خدماته وتقلص دوره هو الآخر عما كان عليه في السابق وبشكل دراماتيكي، مما أدى إلى فقدان الثقة به من قبل المرضى حيث أفاد 8,35% فقط من أفراد العينة المستطلعة أنهم يترددون عند مرضهم وذلك على الرغم من تواجده في المخيمات و38% منهم قيموا خدماته بالمتوسطة.

وقد تراجع دور الكثير من مستشفيات الهلال في كثير من المخيمات وذلك لصالح مستشفيات الهلال الرئيسية الخمسة وهي (مستشفى الهمشري في صيدا- ومستشفى بلسم في مخيم الرشيدية – ومستشفى الناصرة في بر الياس – ومستشفى صفد في مخيم البداوي – ومستشفى حيفا في مخيم برج البراجنة). وأدى ذلك الى تحول المستوصفات في المخيمات الأخرى الى عيادات تقدم خدمات الطوارئ والإسعافات الأولية وأصبح الكثير من هذه المستوصفات لا تمتلك التمويل الكافي وتنقصها الكثير من المواد الطبية ولا تتوافر فيها سيارات إسعاف لنقل المرضى ناهيك عن أن معاشات العاملين في الهلال الأحمر الفلسطيني أصبحت متدنية جدًا دون الحد الأدنى لسلم المرتبات في لبنان كدولة مضيفة.

هذا النقص والخلل في خدمات الأونروا والهلال أوجد الحاجة لمؤسسات أخرى مثل: المستوصفات والعيادات الخاصة لتقوم بالدور المكمل في رعاية اللاجئين صحيًا.

وإذ تقوم هذه المؤسسات الصحية بجهد محمود إلا أنها هي الأخرى تعاني من نقص في معداتها وتخصصاتها وتمويلها لتبقى الحاجات الصحية للاجئين كبيرة وبعيدة عن أن تكون قد تحققت بالشكل الصحيح خاصة في الليل حيث تغلق هذه المؤسسات أبوابها.

أما الصيدليات في المخيمات فقد ظهرت نتيجة لنقص الأدوية التي تقدمها الأونروا، ولكن معظم الصيدليات لا يعمل بها أصحاب الإختصاص – الصيادلة، بل إنهم من الممرضين وخريجي المعاهد وقد لا تكون هذه المشكلة وحدها، لو كانت المسألة إعطاء المريض الدواء الذي وُصف له من قبل الطبيب، ولكنها تصبح كذلك إذا علمنا بأن الكثير من المرضى يلجأون الى الصيدلية لشراء الأدوية دون استشارة الطبيب وحينها يقوم صاحب الصيدلية بدور الطبيب في وصف العلاج المناسب!! إضافة لذلك فإن هذه الصيدليات غير خاضعة للرقابة وتنقصها الكثير من الأدوية.

كما ظهرت في المخيمات المختبرات الطبية الخاصة وهي في معظمها لا تجري إلا الفحوصات الروتينية ولكنها تتعاقد مع مختبرات خاصة لإجراء التحاليل وبتكلفة أقل.

الواقع البيئي

وإذا انتقلنا إلى الواقع البيئي، فإنه لا يختلف في سوءه عما سبق ذكره، فمياه الشرب والتي أفاد 3,58% من أفراد العينة أن مصدرها بالنسبة إليهم هو من خزان الماء في المخيم والتي تديره الأونروا وتقوم بدورها في تعقيم المياه وفحصها دوريًا إلا أنها تبقى في كثير من المخيمات غير صالحة للشرب وقد يكون ذلك نتيجة قدم التمديدات أو تداخل شبكات الصرف الصحي معها. وعلى الرغم من تجديدها في معظم المخيمات، إلا أنها دائمًا ما تتعرض للانسداد نتيجة إلقاء النفايات الصلبة فيها مع ما يندرج عن ذلك من خروج مياه الصرف الصحي من أقنيتها ومجاريها الى الشوارع والبيوت، كما أن بعض المخيمات مازالت شبكات الصرف الصحي فيها مكشوفة حتى الآن.

وبخصوص النفايات، يقوم عمال التنظيفات بجمعها كل صباح من أمام المنازل، إلا أن عدم تعاون الأهالي، وعدم تقيدهم بمواعيد جمعها، واكتظاظ المخيمات بالسكان، يؤدي إلى تراكمها بين الأزقة وفي الطرقات حيث تنبعث منها الروائح الكريهة، وتعبث بها القطط والجرذان، وتجتمع عندها القوارض والحشرات، ما يجعلها مصدرًا للأمراض كما أن بعض حاويات النفايات تتواجد بالقرب من مرافق هامة كما هو الحال في مخيم الرشيدية بالقرب من المدارس أو مخيم البرج الشمالي مقابل عيادة الأونروا.

وبالحديث عن الأمراض المنتشرة في المخيمات فكثير منها يرتبط بالوضع الصعب الذي يعاني منه اللاجئون، حيث الأزقة الضيقة، والبيوت المتلاصقة، وانتشار الرطوبة، وغياب المساحات الخضراء، فتكثر أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأمراض النفسية كما تنتشر في بعض المخيمات أمراض وراثية مثل التلاسيميا، علمًا بأن الأونروا تتنصل من مسؤوليتها من علاج مرض التلاسيميا.

كما تنتشر بين أوساط اللاجئين آفات خطيرة كالتدخين الذي وصلت نسبته الى 33% من العينة المستطلعة، إضافة الى العنف اللفظي والجسدي لدى الأطفال.

وأظهر الاستطلاع أن 7 ,87% من اللاجئين ليس لديهم تأمين صحي وكذلك 7,34% من أفراد العينة لا يعرفون كيفية التعامل مع الجروح وغالبيتهم لا يحسنون التصرف في حال الإصابة بالحروق ( 7 ,54%) أو الكسور ( 6 ,80 ) و( 7 ,81 ) لا يملكون حقيبة إسعافات أولية في منازلهم ما يظهر غياب الوعي والتعامل مع الطوارئ وغياب دور الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني بما أنهما المسؤولان عن الصحة العامة وعن توعية اللاجئين وتوجيههم بشكل جيد ليتعرفوا على كيفية التعامل مع الحوادث الطارئة.

التعارض مع القانون

يتعارض هذا الواقع مع نصوص قانونية دولية ومحلية عديدة ذات صلة بحق الإنسان في صحة سليمة. فالفقرة الأولى من المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أنه «لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته».

كما يتعارض مع المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تدعو الى أن يتمتع كل إنسان بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، والعمل على الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها، كذلك تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.

إن الواقع الصحي للفلسطينيين في لبنان يتعارض كذلك مع الأسباب التي من أجلها أنشئت 1948 ، بموجب قرار رقم 302 صادر عن الجمعية العامة للأمم /12/ الأونروا في 8 المتحدة، حيث كان يتوقع الكثير من المراقبين ألا تمتد ولاية الأونروا كثيرا. لكن سنين المعاناة استمرت لعقود واستمرت معها الأونروا. إن الأونروا مسؤولة بشكل مباشر عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها قسرا عام 1948 ، وكذلك عام 1967 ، وهي تمثل المجتمع الدولي بشكل مباشر.

إن مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان وإذ تصدر هذه الدراسة فإنها تقرع أجراس الخطر بقوة وتضع كل الجهات المسؤولة عند مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، كي لا يصبح الإنسان الفلسطيني فريسة للأمراض والأوبئة، وكي لا يكون عرضة للتسول من الجمعيات وأمام المساجد، وكي لا تصبح المطالب الإنسانية المتزايدة هاجسا وحيدا يصرفه عن قضيته الكبرى وهي قضية حق العودة.

توصيات

وبناء على كل ما سبق فإن مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان توصي بالأمور التالية:

1- إن معاناة الفلسطينيين في لبنان هي نتاج مباشر للنكبة، ويتحمل المجتمع الدولي المسؤولية السياسية والإنسانية تجاههم. فهو ظل عاجزا طوال 62 عاما عن إرغام إسرائيل على تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بحق العودة. كما أنه تراجع بشكل دراماتيكي عن الوفاء بالحاجات الإنسانية المتزايدة لمجتمع اللاجئين. فالأونروا تتذرع دائما بأن تراجعها يعود إلى العجز في الموازنة. إن المؤسسات الصحية التابعة للأنروا تحتاج الى دعم أكبر كما تحتاج الى مراقبة ومتابعة بما يتلاءم مع المعايير الصحية المعروفة. كما أن المخيمات الفلسطينية لم تعد صالحة للسكن، وهي تحتاج الى مساحات أكبر تتناسب مع الزيادة السكانية المطردة.

2- إن الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم توفر الفرصة الكافية للإنسان الفلسطيني كي يعيش بكرامة. وقد ترك ذلك آثارا إنسانية بالغة السوء. إن المؤسسات الحكومية الصحية لا تقدم الخدمات الصحية للفلسطينيين في لبنان أسوة بإخوتهم اللبنانيين. كما أن الحكومة اللبنانية مطالبة بأن تسمح بتوسيع مساحة المخيمات بالتنسيق مع وكالة الأونروا والفصائل الفلسطينية والمجتمع المدني الفلسطيني، وان تصدر القرارات الكفيلة بتحسين حياة الإنسان الفلسطيني.

3- إن مؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني الصحية تحتاج الى دعم حقيقي بما يمكنها من القيام بالواجبات الإنسانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وبما يحقق لها الريادة الكاملة في التصدي للتحديات الصحية المتفاقمة. لقد باتت هذه المؤسسات مترهلة تحتاج الى الشفافية والمراقبة والمتابعة، كما تحتاج الى أن تولي منظمة التحرير الفلسطينية هذه القطاع الصحي الإهتمام الكافي أسوة بمؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

التوصيات النهائية للدراسة الصحية

أولا: عيادات الأونروا

1- زيادة عدد الأطباء العاملين في العيادات بما يتناسب مع عدد المرضى الكبير.

2- التعاقد مع أطباء في جميع الاختصاصات وزيادة عدد أيام عملهم.

3- استحداث قسم للطوارئ في المخيمات مهمته التعامل مع الحالات الطارئة ويفتح أبوابه كل أيام الأسبوع على مدار الساعة.

4- تطوير المختبرات في العيادات وتزويدها بالآلات التي تتيح لها إجراء كافة الفحوصات المخبرية.

5- إنشاء قسم متطور للأشعة التشخيصية في كل العيادات.

6- تأمين كافة أصناف الأدوية وبكميات كافية.

7- مراقبة عمل الأطباء والممرضين والعاملين في العيادات من قبل لجان تخصصية ومعالجة المشاكل المالية والإدارية.

8- تأمين سيارات إسعاف كاملة التجهيز لكل المخيمات.

ثانيا: مياه الشفة والصرف الصحي والنفايات

1- معالجة مشكلة اختلاط مياه الشفة بمياه الصرف الصحي.

2- تغطية شبكات الصرف الصحي المكشوفة وتحديث الشبكات القديمة.

3- إجراء الفحوصات الدورية لمياه الشفة وتكريرها لتصبح صالحة للشرب.

4- إبعاد حاويات النفايات عن الطرقات والمرافق العامة.

5- زيادة عدد العاملين في هذا القطاع وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.

ثالثا: التعاقدات مع المستشفيات:

1- التعاقد مع مستشفيات جديدة وأكثر كفاءة من المستشفيات التي تتعاقد معها الأونروا حالياً.

2- زيادة عدد الليالي السريرية التي تتعاقد عليها الأونروا مع المستشفيات.

3- زيادة ميزانية هذه التعاقدات لتشمل عددا أكبر من المرضى وتغطي كل الأمراض.

4- تأمين منح دراسية للطلاب الراغبين في دراسة الطب.

5- إقامة دورات توعية صحية.

رابعا: الهلال الأحمر الفلسطيني:

1- التطوير المتوازن لكافة مستشفيات الهلال وعدم تهميش بعضها على حساب البعض الآخر.

2- تحسين المستشفيات وتطوير المختبرات وأقسام الأشعة والصيدليات الموجودة فيها.

3- زيادة رواتب الموظفين وتحسين أوضاعهم المعيشية.

4- المساواة بين جميع اللاجئين دون تمييز فصائلي.

5- معالجة الفساد المالي والإداري.

6- تأمين سيارات إسعاف مجهزة لكل مستوصفات ومستشفيات الهلال.

7- إقامة سلسلة متواصلة من محاضرات التوعية الصحية للاجئين وتعليميهم كيفية التعامل مع الحالات الطارئة.

خامسا: الدولة اللبنانية

1- السماح للطبيب الفلسطيني بمزاولة مهنة الطب والانضمام لنقابة الأطباء.

2- السماح للصيادلة بممارسة مهنتهم بشكل قانوني.

3- السماح للفلسطينيين بالحصول على تأمين صحي من صندوق الضمان الاجتماعي.

4- السماح للفلسطيني بالحصول على العلاج المجاني من المستشفيات الحكومية.

5- زيادة مساحة المخيمات للتخفيف من الكثافة السكانية، وإيجاد مساحات خضراء داخلها.

سادسا: الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية:

1- إيجاد مرجعية فلسطينية موحدة في لبنان، وتوحيد الصف.

2- الضغط على الأونروا والدولة اللبنانية لتحسين خدماتها الصحية ضمن عمل نقابي فلسطيني منظم.

3- بناء المؤسسات الصحية ودعم تلك العاملة في المخيمات.

4- مراقبة عمل محلات تكرير المياه وفق المواصفات الصحية.

5- محاسبة الأهالي الذين يعتدون على المرافق الصحية والعاملين فيها.

جريدة – الوطن