أرشيف المنتدى

أيار شهر النكبتين – مخيم البارد

أيار شهر النكبتين

أيار شهر النكبتين

عاطف خليل

في 15 أيار 1948 كانت نكبة فلسطين ، شرد ابناء الشعب الفلسطيني من منازلهم وقراهم ومدنهم ، واصبح عمر النكبة 61 سنة ،مات اغلبية من ولدوا في فلسطين ومازال شعبنا الفلسطيني بأكمله يواصل النضال من اجل العودة الى الوطن ، الى الديار والممتلكات التي هجروا منها ، وكثيراً من آبائنا واجدادنا قد اخرجوا معهم من فلسطين مفاتيح بيوتهم واوراق ثبوتية وملكية الاراضي والمنازل في المدن والقرى الفلسطينية ، وفي ايار 2007 حلت نكبة جديدة على هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد الذي طالما كان يعبر عن مكانة اللاجئ لما كان يعانيه اهله وسكانه من بؤس وحرمان .

في ايار النكبتين مازال ابناء مخيم نهر البارد الذين شردوا من منازلهم وممتلكاتهم في فلسطين ليواصلوا نضالهم من نهر البارد ، اصبحوا اليوم نازحين عن هذا المخيم ، واصبح المخيم الذي طالما كان مسالماً آمناً يقصده اخواننا اللبنانيين في الجوارللتسوق وشراء احياجاتهم من المخيم الذي كان يعتبر مركزاً اقتصادياً هاماً لابناء عكار والمخيم .

هذا المخيم الذي دمر واليوم جرفت منازله بانتظار اعماره .

وبعد مرور عاميين على هذه الحرب التي لم يكن لابناء المخيم لا ناقة ولا جمل فيها بل على العكس شارك ابناء المخيم بالانتصار الذي حققه الجيش اللبناني على عصابة فتح الاسلام عبر خروجهم من المخيم .

كل هذا وكل الوعود التي وعدنا فيها لم تتحقق بعد ،عودة جزئية الى مساكن مؤقتة لا تصلح للحياة الآدمية … والى مساكن خاصة منها ما هو مدمر وما تبقى منها يحتاج الى اعمار وترميم … واكثر من ثلاثة آلاف عائلة ما زالت نازحة في مخيم البداوي وعلى امتداد الاراضي اللبنانية … ومعاناة وصعوبات جمة يواجهها ابناء مخيم نهر البارد من جراء الحالة العسكرية المفروضة عليهم ،والتي تعيق الحركة وتقطع اوصال العائلات وتعزلهم عن محيطهم اللبناني .

وحجر اساس وضع قبل اشهر وبقي يتيماً لم تتبعه آلاف الاحجار التي وعدنا بها .

وسؤال يحير ابناء المخيم ما هو مصير الاعمار ؟؟

كثيرة هي الحجج والمبررات التي يتم وضعها اما عملية بدء الاعمار ، يوم يكون المبرر عدم توفر الاموال … ومرة اخرى اجسام غير متفجرة تحتاج الى وقت لازالتها … ومرات ان المخيم مدينة اثرية ، واحياناً قضية استملاك اراضي المخيم .

كل يوم نسمع قضية جديدة . ولكن ما يثير هواجس ومخاوف ابناء المخيم من ان يكون مصير المخيم ما جرى في تل الزعتر الذي لم يعد اليه ابناءه .

كثيرة هي الدراسات التي اجريت في نهر البارد عن موضوع الهجرة والتي كانت نتائجه سلبية بهذه القضية حيث ان نسبة اللذين يوافقون على الهجرة الى أي مكان خارج لبنان وصلت الى اكثر من 65% وهذا مؤشر خطير بالنسبة الى قضية اللاجئين وحق العودة .

ان المطلوب اليوم وباسرع وقت الوفاء بالوعود التي اطلقتها الجهات الرسمية (الحكومة اللبانية على لسان السنيورة ، وممثل سفارة فلسطين عباش زكي في اكثر من مناسبة ، نزوحكم مؤقت ،رجوعكم مؤكد ، والاعمار محتم )

اين اصبحت هذه الوعود بعد مرور عاميين على مأساة ابناء المخيم ؟

ماذا ينتظرون للبدء في اعمار المخيم خاصة وان جزء من اموال الاعمار موجودة في عهدة الاونروا تكفي لاعمار اكثر من 850 وحدة سكنية وبعد الهبة السعودية المقدمة 25 مليون دولار اصبح متوفر ما يقارب ال 100 مليون دولار وهو مبلغ يكفي لاعمار اكثر من 1500 وحدة سكنية في المخيم القديم .

هذا اذا كان سبب التأخير هي الأموال وتوفرها ، اما اذا كان سبب التأخير استملاك الاراضي فعلى الحكومة اللبنانية وبعدإقرار الأمر في مجلس الوزراء حول تعديل قانون الاستملاك قد تم التوافق عليه وأصدر في الجريدة الرسمية وأموال استملاك الاراضي قد تبرعت به دولة عمان قبل شهور ، اما عن ما يحكى عن آثار فقد حضرت إلى المخيم إدارة الآثار الوطنية في لبنان فلم تعثر على آثار ذات اهمية تلغي او تأخر اعمار المخيم .

فإذا لماذا التأخير في الاعمار حتى اليوم ؟؟ هل اعمار المخيم تم ربطه بموضوع التجاذبات اللبنانية والانتخابات الا ان ذلك يبقى دون جدوى اذا لم يقترن بخطوات عمليه في بدء في اعمار الرزمتين الاولى والثانية من المخيم .

اين القيادة الفلسطينية الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية من موضوع الضغط على الحكومة اللبنانية لبدء الاعمار ؟

اين هذه القيادة من نازحي نهر البارد ؟ ام اصبحت في حل من امرهم !

حتى الان ليس هناك أي موعد لبدء الاعمار رغم ان القرار السياسي بالاعمار قد اتخذ عملياً في مجلس الوزراء اللبناني ويبقى الان الجراءات التنفيذية للاعمار مثل رخص الاعمار وغيرها .

مصادر الاونروا تؤكد ان ليس من موعد محدد لبدء الاعمار وتؤكد جهوزيتها للبدء في اعمار الرزمة الاولى والثانية فور انتهاء القضايا التي ما زالت عالقة ( رخص البناء ) وانهاء الجدال القائم مع اللجنة الوطنية للآثار التي تريد ردم المخيم على الاقل متر مربع ( أي عدم الموافقة على الحفر في الارض للمحافظة على الآثار الموجودة ) بينما اللجنة الوطنية لنزع الالغام تطلب من الاونروا حفر 5% من مساحة الرزمة الاولى حتى يتم التاكد من عدم وجود اجسام متفجرة . لكن مصادر الاونروا تقول ان هذا الامر في طريق الحل قريباً ، وان البدء في الاعمار سيكون قريباً ، لكن لا تسطيع الاونروا من تحديد الزمان بسبب عدد من الاجراءات التي يجب تذليلها .

وابناء البارد على احر من الجمر بانتظار ان تبدء الجرافات بالعمل في المخيم وان يبدء اعمار الرزمتين الاولى والثانية .

البارد وابنائه يستصرخون كل الضمائر الحية بأن عجلوا في انهاء هذا الجرح الفلسطيني النازف في نهر البارد .

واخيراً التاريخ يسجل كل شي والشعب لن يرحم من يقصر ويبتعد عن تأمين مصالح ومطالب الشعب الذي يعتبر نفسه راعياً ومسؤولاً عنه .