أرشيف المنتدى

فلسطينيةٌ كانت وستبقى..

ضاق صدري ألمًا وأنا أقرأُ عن التراث الفلسطيني الأصيل،اذدادت حيرتي وأنا أجمع أسماء المدن المدمرة،وعائلاتها الفلسطينية المُهجّرة،تبعثرت آمالي بين الزجل والمواويل والأهازيج والحكايات الشعبية العريقة،تنقلتُ بين أريج الماضي وذكرى الأجداد،أحسستُ بعمقِ الإنتماء،ولأول مرة شعرتُ بلوعةِ البعد عن الجيّة وبيت دراس واللد والرملة….الخ ،لأول مرة تعزف دمعتي أنشودة الحنين لبلدتي المدمرة؛التي طالما حدثتني عنها جدتي الراحلة عن الحياة،يوم كنتُ أعيش معها وأتقاسم وإياها شظف العيش ومرارته وقسوته في معسكر الشاطئ بغزة،حيث مصاريف المجاري المكشوفة للعيان والتي اختلطت بمياه البحر الطاهرة…!

ها أنا اليوم حبيسة الهمِ،أقارن بين الأمسِ واليوم،وفي كل يوم أتذكر كلمات جدتي الحبيبة”بكينا عايشين ويا ما أحلانا …نزرع ونحصد …ونوكل ..خير الله كان كثير يا بنتي …”،فلا أملك إلا أن أواسي نفسي وأخاطب روح الراحلة عن الحياة بمقطعٍ من تراثنا الغالي يجسد حب العودة في قلوب زهرات وشابات فلسطين” يارب يا عالي عليك الاتكال ….برجع ع أرضي وبنبسط مع هالعيال…بنعيش ع كسرة خبز وهذا كفى…أجمل علي من القصور والدلال…

حقًا جدتي ـ الجيّة ـ أجمل من القصور وأعذب من كل الدلال..وأيُّ دلالٍ هذا الذي يكون بعيدًا عن موطن الحبِ والجمال؟!!

يا جدتي ….لا تلوميني إن عرفتُ حديثكِ الآن…لا تلوميني إن استوعبتُ قصدكِ هذه الأيام…كلماتكُ لا زالت ترنُ في أذني…وهذه الأبيات الشعبية لشاعر فلسطين الشعبي ـ موسى حافظ موسى ـ تثير دمعي،وكيف لا وكل حفيدةٍ في بلدي تحلم بالعودةِ مع أجدادها الذين عاشوا الماضي وبنوه لنا،فماذا أفعل إذا شاءت الأقدار أن ترحلي قبل أن ترنّ أجراس العودة؟!!…

يـا دار ويـن أحـبابنا iiطلّوا

ضـاعـوا بْـهالدنيا iiوْسابونا

يـا دار وين الأهِل iiوالجيران

يـا دار هـالأحـبابْ iiسابونا

يـا بـيـتـنا اْل كُنِتْ بالعالي

أصبحت مهدوم وصرت أطلالِ

يـا دار عـادوا أحبابك iiعادوا

دعـيـت ألـلـه تْعود كلمتنا

يـا دار عـنـا احبابنا iiتخلّوا

وْبِـضـياعهم ضاع العُمُر iiكلّو

يـا دار وين الصَّحِبْ iiوالخلاّن

وضاع الوطن والعزّ iiوالسلطان

مـزيـون بـالجنبين ع iiقبالي

مـا دْريـتْ يا هالبيت iiبحالي

والـوطن دمع الفخر ع iiاخْدادو

ويـعود كل غايب على iiبْلادو

آه متى سنعود…اقترب يوم التراث العالمي …اقترب الثامن عشر من إبريل…أيعقل أن يُحي الفلسطينيون كل عام تراثهم بعيدًا عن موطنهم ونشأتهم؟!أيعقلُ أن نذرف في كل معرضٍ نقيمه وفي كل احتفالٍ تراثي دمعاتِ الألم والحنين والشوق…

“لعلكم مثلي أحياء…لعلكم مثلي أموات…لعلكم مثلي بلا عنوان..ما قيمة الإنسان بلا أرضٍ بلا علمٍ ودونما عنوان…ما قيمة الإنسان” مقطعٌ من قصيدة ـ رسالة من المنفى ـ للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش،تخاطب أحاسيس الإنسان المغترب عن بلده ووطنه،في مقابلها أقول”مافائدة الإنسان…دونما تراثٍ يحفظه من النسيان؟!ما قيمة الإنسان دونما تاريخٍ يجسد البطولةَ ويمحو الهوان…؟!!

جدتي …رحلتِ وضمكِ الثرى….فدعيني أخاطب روحكِ الطاهرة وأقولُ لك التالي”في بلدي استلم الحكم أناسٌ أشداء على الأعداء رحماء على أنفسهم،أقسموا بالله العلي العظيم أن يحفظوا حق العودة لي ولكِ ولعموم عائلات الجيّة والرملة وبيت دراس وكل فلسطين التاريخية…

جدتي …لاتقلقي …سنعود …وأنا على عهدي ووعدي سأحفظ تراث الأجداد..سأحفظ كل ذكرياتهم …سأقصها على كل من أعرف ومن لا أعرف…عهدًا أكتبه بإحساسي…بدمي …بقلبي …بروحي …قبل دمي…أن لا أبيع أرضي…,عهدًا بأن أحفظ تراثي …وأن أصون عرضي…عهدًا جدتي …لا ولن أستكين…أُبشركِ “سأسجل قريبًا من خلال جمعية الشابات المسلمات الحاضنة لأكبر معرض تراثي في قطاع غزة،صيحةً كبيرةً تقول”لااااالضياع التراث …لااااالطمسه لاااااالتهويده…وسجل يا تاريخ”الثامن عشر من إبريل تراثُ فلسطين في عيون الشابات المسلمات ..الإنطلاقةُ كبيرة…ورسالتها أكبر ـ فلسطينيةٌ كانت وستبقى…فلسطينيةٌ كانت وستبقى..رغمًا عن أنفِ الحاقدين المتخاذلين الراكعين لأمريكا وأعوانها…