أرشيف المنتدى

المصالحة الفلسطينية الفلسطينية الغير مطلوبة!

المصالحة الفلسطينية الفلسطينية الغير مطلوبة!

داهمني سؤال لمجرّد أن فكرت بكتابة مقالي هذا وهو، هل حقا نحن كشعب فلسطيني ( قيادة قبل الشعب ) نملك ديمقراطية سياسية وحرية في الرأي والتعبير.. وهل ما نعيشه داخل مساحة معيّنة من الديمقراطية والحرية، هو مجرّد ظاهرة نتيجة لتخبّط القضية الفلسطينية في كثير من وحول السياسات العربية والدولية، أم هي ثقافة راسخة ترتكز في أسسها على الحياة الفلسطينية التي تمتلك داخل شرائحها نسب عالية من الثقافة الأكاديمية! ولكي لا يُبعدنا هذا التساؤل عن ما أردناه من مقال أقول بإختصار: أعتقدها خليط من الصفتين حتى نكاد لا نرى الفارق بينهما.. وللحديث في هذا التساؤل بقية.

أما سبب التساؤل فلأننا كقضية وكشعب فلسطيني، عانينا ولازلنا نعاني من دجل هذا التصالح وماراثون مباحثاته التي لا تنتهي مدّعين (كقيادات) بأننا أهل للديمقراطية وفرسانها! حتى باتت هذه القيادات كما الراعي الذي أؤتمن على غنمات قريته فإدّعى مراراً مهاجمة الذئب له.. وعندما إتضح أنها كذبة يرددها دائما.. لم يعد يصدّقه أهل قريته إلى أتى اليوم الذي هاجمه الذئب فيه وقتله وأكل ما شاء من غنماته! وها نحن بتنا لا نصدق رسائل الحب في الديمقراطية بين فتح وحماس.. حتى أصبحت اللامبالا رفيقة الرؤية لتلك المصالحة المرتقبة منذ سنين! وعندما تسأل أحدهم ( القيادات الفلسطينية) عن السبب الرئيس في عدم إتمام تلك المعجزة التصالحية، تراه يرتفع بشفافية إلى مستوى الأنبياء في عدم وقوعه وتنظيمه في الخطأ.. وأن المشكلة هناك في شياطين الأنس والجن التي تكمن في زواريب ودروب التنظيم الآخر..! ولأننا ( رغم ما ندّعيه من ثقافة ) هوائيّي التفكير والأنتماء والعاطفة .. ترانا وبكل أسف نصدقه ونصادقه ونضرب بسيفه ونتأبط شرّ فلسفته!!

لهذا صار لزاما علينا أن نتساءل بصوت مسموع، هل حقا هناك معضلة حقيقية تمنع إتمام المصالحة الفلسطينية الفلسطينية.. وهل هي أزمة في مفهوم الديمقراطية من قبلنا.. أم هي إمتداد لأزمة التوهان التي يعيشها مُجمل عالمنا العربي..أم أن لها خيوط مرتبطة بدائرة الصراعات الدولية لا نملك على حلحلتها!

سنحاول قدر المُستطاع قراءة تلك المعضلة التصالحية من وجهات نظر عدة :

القراءة الأولى: وهي تتبع لبعض الخبثاء الذين يُصرّون على أن المسألة هي مجرد كذبة سوداء بعد أن كانت بيضاء إبتدعتها الشخصيات الوصولية داخل حركة فتح وحركة حماس، فبدل أن كنا نطالب بدولة.. أصبح لنا دولتان وبدل الرئيس أصبح لنا رئيسان.. ومن كثرة النواب والوزراء لدى الدولتين وضعت إسرائيل قسما منهم في سجونها.. ناهيك عن أن لكل دولة مصادرها الخاصة في الأقتصاد والمال والسلاح والتعليم والثقافة والعلاقات والتحالفات والحدود والأنفاق.. ويضيف الخبثاء، قيادتنا الفلسطينية قيادات محظوظة إلى أبعد الحدود ومن المستحيل أن تتخلي عن مكتسبات الدولتين، فهي تنفرد عن كل قيادات العالم في تنوع مصادر المال والحدود والثقافة لكل دولة على حدى، وهم فوق ذلك.. دولة غربية وديمقراطية متى شاؤوا.. وثورة وثوار متى شاؤوا.. وهم مرّة أهل للسياسية والدبلوماسية عند بعض الدول.. ومرة أخرى إرهابيين وقتلة عند البعض الآخر.. إنها ميزات قلّ أن يكررها التاريخ ولا سبيل للتفريط بها!! أضف إلى ذلك أن روسيا والصين وإيران على إستعداد لدعمهما بلا تردد، بالمقابل أميركا وبريطانية والسعودية لا يقصرون في تقديم الدعم المالي والمشورة.. وحتى إسرائيل جاهزة للدعم الذي تعتقده مناسبا لتلك الدولتين!

بإختصار العالم بأسره يتسابق إلى دعمهم وطلب ودّهم والحفاظ على إنقسامهم .. إذن فلما العجلة.. يسأل أحد الخبثاء! خصوصا وأن شعبنا الفلسطيني يساهم ببقاء هذا التشرذم من خلال مناصرته لتنظيم ضد الآخر مما يساهم في عدم إتمام هذه المصالحة!!

القراءة الثانية:

وهي قراءة تعتبر وقوع المصالحة الفلسطيية الفلسطينية مرتبط بوضح إلى ما ستنتهي إلية أحداث ما يسمى “الربيع العربي” وكيف ستسوّى أوراق الأزمة السورية بالتحديد، لذلك الجميع ينتظر بما فيهم الفلسطينيون على أبواب دمشق من أن إجل إعلان معالم المرحلة القادمة لمجمل العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية! فما يحدث في سورية ليس صراعا سوريا سوريا.. بل هو صراع دولي بين مصالح الدول النافذة في العالم، ولقد أدركت القوى الدول الكبرى المتصارعة هناك عقم الحل العسكري فبدأت تعكف منذ مطلع ال 2013م لوضع الحلول لكثير من القضايا الساخنة في العالم توازيا مع الحلول المطروحة لأنهاء الصراع المسلح داخل سورية . ومن الطبيعي في هذا السياق أن لا تحدث المصالحة الفلسطينية الفلسطينية الآن وتفشل المحاولات في إنتظار الحل الشامل للجميع .. خصوصا وأن القضية الفلسطينية كانت قد تبلورت من خلال من خطط لأحداث الربيع العربي لتصبح من أهم صفقات هذا الربيع.. هذا إذا لم تكن هي الأهم على الأطلاق (وإن لم تتضح هذه الرؤية للبعض بعد) .

القراءة الثالثة:

يعتقد أصحاب هذه القراءة أن إسرائيل سيدة القرار في هذا الشأن.. فإن أرادت تصالحوا.. وإن أبت تقاتلوا وأصبحوا الأخوة الأعداء! ودليلهم في ذلك، هو مواقف حماس في الفترة الأخيرة من تخفيف لهجة العداء لأسرائيل وإبتعادها عن الحضن الأيراني السوري.. حيث سمح هذا للسيد مشعل ومن معه بأن يزور غزة ويُستقبل فيها إستقبال الأبطال، وتفتح له أبواب وقصور عواصم عربية كانت عصية عليه وعلى تنظيمه.. وهو ما دفع بالسيد مشعل للحديث عن المصالحة وكأنها أصبحت حقيقة واقعة متناسيا أن أسرائيل لم تقتنع بعد بما قدمته حماس من تنازلات، وأن إبتعادها عن سورية وإيران وحزب الله لا يكفي بالشروط لتحقيق ذلك ، وأنها لا تزال في بداية مشوار التنازلات السياسية والعسكرية والثقافية، وكلما تقدمت أكثر في هذا الأتجاه.. كلما عبّدت إسرائيل لها ولحركة فتح طريق المصالحة بينها.. ولهذه الأسباب لم يُسمح للسيد رمضان شلح الأمين العام للجهاد الأسلامي بزيارة غزة! وهناك مسألة أخرى بهذا الخصوص وهي حصار قطاع غزة . فهو حصار مرتبط بشكل مباشر بالمصالحة.. وفي إعتقاد أصحاب هذه القراءة أن مصر والدول العربية والفلسطينيين يعلمون أن المعابر لن تُفتح إلا بموافقة إسرائيلية وأن هذه الموافقة الأسرائيلية مرهونة بإتمام مصالحة مشروطة مستندة إلى موافقة حماس على الشروط الأسرائيلية تماما كما فعلت مع حركة فتح عندما سمحت لها بإنشاء (السلطة الفلسطينية) بعد توقيع إتفاقية أوسلو..!

ويبقى أن نتساءل مرة أخرى ، هل يمكن لحركة حماس وحركة فتح ومعهما باقي التنظيمات الفلسطينية أن يتخطوا ( إن أرادوا ) كل ما ذكر من موانع وعقبات وأن يعقدوا مصالحة حقيقية بينهما ؟

هذا ما سأحاول أن أتناوله في المقال القادم إنشاءالله ..

ولنا لقاء

أبورياض