أرشيف المنتدى

مساوئ جنون العظمة عند السيد أردوغان!

مساوئ جنون العظمة عند السيد أردوغان!

هل يمكن إطلاق مُصطلح “الثورة الشعبية” على ما تشهده تركيا من مظاهرات بدأت في إسطنبول وإمتدت إلى باقي المدن التركية! والتي إزدادت حصيلة ضحاياها إلى أكثر من 8 قتلى ومئات الجرحى. وهل حقا ً إقتلاع الأشجار من الحديقة التي أسسها كمال أتاتورك على أنقاض قلعة عثمانية وأطلق عليها إسم (حديقة العاشقين) من أجل إقامة مركز تجاري قد أغضب العلمانيين!؟ وهل تقنين بيع الخمر الذي أقره حزب العدالة والتنمية فجعل الشراء والبيع فيه محكوم من الساعة 10 ليلا وإلى السادسة صباحاً قد أخرج ملايين الأتراك إلى الشوارع!؟

قد يحلو لكتاب “الربيع العربي” أن يقفوا عند تلك الأسباب لتبرير عدم تأييدهم للحراك الشعبي التركي الذي فاق المليونية في بعض المدن كإسطنبول وأنطاكيا، وأن القضية من وجهة نظر أحد هؤلاء الكتاب، تكمن في أصابع المعارضة العلمانية التي عزفت على تلك الأسباب لأسقاط حزب العدالة وزعيمه أردوغان. وهي أفكار وكتابات تعيدنا إلى حكاية البوزيدي التونسي الذي أحرق نفسه فسوّقته قيادات (الربيع العربي) على أنه مفجّر ثورتهم! هكذا ببساطة أرادوا إقناعنا بأن هروب زين العابدين بن علي( العسكري الأنتماء وإبن الغرب المُدلل) بهذه السرعة المذهلة، والذي يحسده عليها شيبوب إبن عم عنترة بن شداد.. كان سببه ثورة إنتحار البوزيدي! وأن الرئيس حسني مبارك إبن المؤسسة العسكرية والتي ( بقدرة قادر ) تخلت عنه ولم تعد تنصاع لأوامره نتيجة لإنتحار المسكين البوزيدي! وحتى حلف الناتو جاء من أقاصي الأرض فدمر ليبيا فوق رؤوس أهلها وقتل القذافي وبشّع بجثته غضبا ً وإنتصاراً للبوزيدي! وربما التيه والفوضى المُميتة الذي حصلت لليمن السعيد سببها هي الأخرى إنتحار الشقي البوزيدي! ولم تسلم سوريا من خرافة البوزيدي.. فجاءت كل مساجين الأرض وأصحاب الأحكام المؤبّدة والعاطلين عن العمل.. والشيشانيين والأفغانيين والمأجورين وقطاع الطرق وقاطعي الرؤوس وآكلي اللحوم.. ومغتصبي النساء.. والطامعي بحوريات الجنة، وجبهة النصرى والقاعدة وشيوخها وأمرائها من أجل عيون البوزيدي! ومن يدري.. ربما فتوة جهاد المناكحة قد خرجت إكراماً ( للإنتحار العبقري ) الذي قام به السيد البوزيدي!

نعم هناك من لا يزال يتاجر بكل هذا، وحتى لا يقع كتاب “الربيع العربي” في خطأ التناقض في مواقفهم، كان لا بد من تبرير موقفهم العدائي لمظاهرات الشعب التركي ! فمن أيّد مبدأ ( حق تظاهر الشعب ضد الحاكم )، كيف سيقف ضد حق التظاهر للشعب التركي ضد رمز ثورتهم الربيعية السيد أردوغان!؟ لذلك جاءت كتاباتهم متناغمة مع تصريحات السيد أردوغان بأن هناك مؤامرة خارجية.. رغم أن السيد أردوغان سامحه الله.. لم يُخبرنا من هم أصحاب المؤامرة!

في واقع الأمر وبعيدا عن تلك الخزعبلات، هناك مظاهرات حاشدة في المدن التركية ضد سياسة أردوغان الداخلية تشابكت مع سوء السياسة الخارجية التي سلكها حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان وخصوصا في أحداث العالم العربي. وإذا كانت أحداث تونس وليبيا ومصر قد منحت الدور التركي صفة المرشد كنظام إسلامي قابل للأخذ به كنموذج حُكم من قبل قيادات الربيع العربي، فإن المسألة السورية خلطت أوراق حساباتهم وأخذت طابعا مأساويا إنعكس على تركيا وحزبها الحاكم على نحوٍ سيء سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا. فالبُعد الجغرافي لدول تونس ومصر وليبيا عن تركيا.. أراح اللاعب التركي في أحداث تلك الدول حتى بدى للكثيرين بأن “تركيا أردوغان” هي القائد إلى بر الآمان لهذه الثورات! وهذا ما شجع السيد أردوغان لتكرار الدور على أرض جارته سورية ممنيا ً النفس بتسارع الأحداث على ألأرض السورية لأسقاط النظام فيها كما حدث في تونس ومصر.. وإذا إستدعى الأمر فالتجربة الليبية حاضرة لتنفيذها! فقامر بصحبة قطر والسعودية بكل ما يملك من رصيد شعبي داخلي وخارجي وبكل ما يملك من نمو إقتصادي تركي يُشهد له، حتى أنه قامر بما كان يردده على مدي الخمس سنوات الماضية بأن تركيا تمتلك ( صفر شاكل) في ظل حكم حزب العدالة والتنمية! ونتيجة لذلك وقع السيد أردوغان في خطأ حسابات التحالفات الدولية وأهيمة المصالح الدولية لتلك التحالفات. وهي أخطاء نود ذكرها على النحو التالي:

1) لم يتوقف طويلا السيد أردوغان عند إستعمال حق النقض( الفيتو) الذي إستخدمته روسيا والصين بلا تردد لصالح سوريا!

2) لم يتوقف طويلا السيد أردوغان عند مسألة أن روسيا إستخدمت في قضايا الشرق الأوسط الفيتو ثلاث مرات في تاريخها، وكانت تلك المرّات الثلاث لصالح سورية!

3) لم يتوقف السيد أردوغان طويلا عند الفوارق الواضحة بين ضعف التحالفات الخارجية والداخلية للأنظمة السابقة في كل من تونس ومصر وليبيا وبين قوة ومتانة التحالفات الداخلية والخارجية للنظام السوري!

4) لم يتوقف السيد أردوغان طويلا عند مسألة دعم التطرف والأرهاب داخل سورية الجارة والسماح للأراضي التركية بأن تكون مقرا ً وممراً لهم هو بمثابة فتح باب الفوضى الخلاقة على مصرعيها داخل المجتمع التركي الذي يرفض أن تكون تركيا مكانا لأستنساخ الفوضى وتفريخ الجريمة!

5) لم يتوقف طويلا السيد أردوغان عند مسألة أن تغذية الأقتتال الطائفي داخل الجارة سورية، مسألة قد تعصف بتماسك النسيج الأجتماعي التركي الذي يتكون من عدة طوائف وملل فينقلب السحر على الساحر وخصوصا أن عدد المسلمين من الأخوة الشيعة والعلويين نسبة تقارب 20% من تعداد سكان تركيا!

6) لم يتوقف طويلا السيد أردوغان عند الحليف الأيراني لسورية، وأن أيران تعتبر أن المسألة السورية مسألة مُرتبطة بأمن وإستقرار إيران، وأن المساس بأمن سورية هو بمثابة إعلان حرب على الدولتين!

7) وأخيرا.. لو قرأ السيد أردوغان بتمعّن مسألة التحالفات بين الدول.. وخصوصا تحالفات الحرب الأيرانية العراقية التي إستمرت 8 سنوات والتي دُعِم فيها العراق من قبل الغرب والدول العربية.. وما كان موقف سوريا يوم ذاك.. لما خاض مغامرته ضد سورية!

وإذا ما أضفنا لهذه المواقف الخاطئة.. القضية الكردية وما تشكله من نزيف دموي وعدم إستقرار أمني لتركيا، وتفرّد السيد أردوغان في إتخاذ القرارت، ندرك لماذا إهتز عرش الأستقرار داخل المجتمع التركي الذي ضاق درعا بكل هذه الأخطاء والتجاوزات الأردوغانية.. !

الشعب التركي لم ينزل إلى الشارع إلا بعد أن أدرك أن أردوغان لا تعنيه مصالح تركيا القومية.. بقدر ما تعنيه بناء بهرجانات السلطان العثماني وجنون عظمته! لذلك ملأ الشعب التركي شوارع المدن التركية.. ولن يعود إلا بعودة أردوغان عن غِيّه وخطأه.. أو كما قال أحد المتظاهرين الأتراك ” تركيا ليست مزرعة لك تفعل بها ما تشاء.. نحن من أوصلك إلى سدة الحُكم ونحن من نسقطك من عليه”

ولنا لقاء

أبورياض