أرشيف المنتدى

هل يصمد القرار الفلسطيني ويُحقق المصالحة!

هل يصمد القرار الفلسطيني ويُحقق المصالحة!

نشهد جميعاً هذه الأيام إشتداد نغمة المصالحة الفلسطينية الفلسطينية في دوائر كل من حكومة رام الله وحكومة غزة. وفودٌ تذهب من غزة.. ووفود تذهب إلى غزة!

الجميع يرغب في مصالحة باتت كالأم الحنون التي يُلجأ لها كلما حان وقت الضغوطات الخارجية والمُماحكات الدولية!

التجارب السابقة أوضحت، أن كل من حكومة غزة وحكومة رام الله تذهبان دوما للمصالحة هرباً من خطب جلل يدفعهم بإتجاه (الأم الحنون)، علّها ترفع عنهم أعباء هذا الشر القادم! وبقليل من الجهد في قراءة تجارب المصالحات الفلسطينية السابقة، والتي لم يُكتب لجميعها النجاح، نلحظ أن فشل تلك المصالحات يعود لكونها لم تكن الهدف، بل ملاذ آمنٍ وهروب من الفشل الذي تتخبّط فيه السياسات الفلسطينية! وما على المرء سوى العودة وقراءة رغبات المصالحات السابقة، ثم كيفية دفن تلك الرغبات قبل أن ترى النور أمام أول ضغط قادم من الخارج، أضف إلى ذلك التغليب المستمر للمصالح الضيقة لكل تنظيم على حساب القضية الفلسطينية المركزية! أدى دائماً كل ذلك لإعادة ملف المصالحة من جديد داخل الأدراج!

وكالعادة يا بو شحادة، ها نحن نشهد من جديد، الرغبة القوية عند كل من حكومة رام الله وحكومة غزة في إحياء ماراثون المصالحة. ولا نتجنّى إن قلنا أن فشل سلطة حماس في علاقاتها مع الدول العربية.. وفشل سلطة رام الله في تحقيق الهدف من التفاوض الا متناهي مع إسرائيل، هو الذي دفع بهم للهروب بإتجاه الأم الحنون (المصالحة)!.

فالكل متفق بما فيهم (أصحاب الشأن) أن عموم المواقف السياسية لكل من حركة فتح وحركة حماس تجاه جميع القضايا الفلسطينية والعربية والدولية منذ الإنقسام المشؤوم وإلى يومنا هذا، كانت ولاتزال ولم تتغير. وهو مؤشر لإنتفاء دافع الرغبة الداخلية لهذه المصالحة، بل هو وجود ضغوطات خارجية لتقزيم الموقف الفلسطيني أفرزتها فشل السياسات الفلسطينية، إستدعت هذا الإنزلاق الفتحاوي الحماساوي المفاجئ بإتجاه المصالحة؟! والتي نرجوا من القلب أن يُكتب له النجاح رغم الكم التشاؤمي الهائل الذي يعترينا!

فمنذ أفشلت الضغوطات رغبة المصالحة الأخيرة في آب من السنة الماضية، إستغنت سلطة رام الله عن المصالحة فإنشغلت ومعها الناس والعائلات هناك في توزيع الحقائب الوزارية الجديدة لحكومة الدكتور رامي الحمد الله المُكلف بتشكيلها من قبل الرئيس عباس! من جهتها إنشغلت حكومة حماس هي الأخرى بما يجري في مصر وتحديدا لحلفائها الإخوان المسلمين الذين تم إقصاؤهم عن الحكم ووضع زعمائهم في السجون والمعتقلات المصرية، فغابت عن أجندتها كما السلطة في رام الله كل المصطلحات التصالحية وتورايخها! ومنذ ذلك التاريخ وملف المصالحة ينتظر من يُعيد وضعه على طاولة البحث.

وها هي اليوم نفس الأيادي السابقة تضع ملف المصالحة على طاولة البحث! فهل تصدق النوايا أم هي كسابقاتها من التجارب ستنهار عند أول ضغط خارجي؟!

الضغوط التي أفشلت المصالحات الفلسطينية الفلسطينية السابقة، كانت تأتي من قبل إسرائيل والعرب ومن الشرق والغرب على حدٍ سواء. الآن يبدو أن “مصائب قوم عند قوم فوائد”، ينطبق على ما يحدث من تفاهمات فلسطينية فلسطينية قد تودي (إن خَلُصت النوايا) لمصالحة حقيقية.. من يدري!.

المتفائلون بنجاح المصالحة يستندون إلى أن الضغوطات لم تعد كالسابق، فالدول العربية لم تعد تُعطي الإهتمام المطلوب للقضية الفلسطينية، حتى أخرجتها من أولويات سياساتها، نتيجة تورط معظم الدول العربية بأحداث “ربيعهم العربي” وما جرّ عليهم من ويلات أغرقتهم في دوامة لا تنتهي من القتل والدمار.. وضياع في إتخاذ القرار! أما الشرق والغرب فالأزمة السورية ومعها الأزمة الأوكرانية القادمة، قد قللت فيهم الإهتمام بالقضية الفلسطينية، وأوقعتهم في صراعات لا يمكن التنبؤ بخطورة أبعادها. لذلك.. (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ…).

فالفرصة لدى القيادات الفلسطينية قوية وصائبة للتخلص من الضغوطات ولإثبات مصداقيتهم أمام شعبهم في إتخاذ القرار الصائب تجاه مستقبل فلسطين القضية.

وحدها إسرائيل القادرة على الضغط والمماحكة وتعطيل الرغبة الفلسطينية. إنها الوحيدة التي لا تعاني من سيء الذكر الربيع العربي. وهي الوحيدة (رغم ما يُقال عن قضية المفاعل النووي الإيراني)، البعيدة عن كل ضغوطات أزمة الشرق الأوسط. لذلك فإسرائيل تُعلن بوضوح عبر تصريحات مسؤوليها أنها الخاسر الأوحد من أية مصالحة فلسطينية فلسطينية وعربية عربية. من هنا جاء الإنفلات الجنوني في التصريحات الإسرائيلية المتكررة تجاه أيّ إتفاق مُصالحة أقدم أو يُقدم عليه الفلسطينيون.

فهل سترضخ القيادة الفلسطينية للضغط السياسي والإقتصادي وربما العسكري الذي قد تمارسه إسرائيل لإفشال الرغبة الفلسطينية في المصالحة؟؟

ختاما، لابد من القول بأنه. سيتوقف على صمود القرار الفلسطيني أمام الضغوط الإسرائيلية وأمام المصالح الفلسطينية الذاتية القزمية من أجل تحقيق المصالحة.. الكثير من المعاني لمفهوم الرؤية المستقبلية للقضية الفلسطينية.

ولنا في القادم من الأيام الخبر اليقين..

أبورياض