أرشيف المنتدى

التيه العربي منذ عهد السادات وصولاً إلى عهد السيسي!.

التيه العربي منذ عهد السادات وصولاً إلى عهد السيسي!.

من المؤكد، أن ليس هناك من ثوابت في سياسات دولنا العربية، فالحليف اليوم قد يصبح عدوا غداً.

من كان يتصور مثلاً، أن ينقلب الحِلف القطري السعودي إلى عداوة، ومن كان يخطر على باله أن تقف السودان في مواجهة مصر، ومن كان يتخيل أن تعتقل السعودية رئيس الوزاء اللبناني الشيخ سعد الحريري وتتبخبر معه ما كنا نعتقده دستوراً في القراءات السياسية.

حقيقة، هناك حالة من إنعدام التوازن العربي ينذر بشؤم لم نعهده من قبل!. فالجزائر لا يأمن ما تبيته لها المغرب، وتونس تتوجس الشر القادم من ليبيا، والسودان يتحالف مع تركيا وقطر لإرباك مصر، ومصر تفاضل بين تاريخها القيادي في العالمين العربي والإسلامي وبين الإغراءات السعودية الإماراتية الأميركية، والسعودية تتخبط في الداخل والخارج ولا تدري أين أخطأت وأين أصابت، وغول الطائفية وضع العراق على حافة الضياع، وسورية تدرك فداحة الحرب وصعوبة لملمة جراحها.. والأمثلة كثيرة ومؤلمة، لكن الأكثر غرابة أن الجميع يحاول إقناك بأنه على صواب!.

ما دفعني لكتابة هذا، هو ما تناقلته وسائل الإعلام المصرية في اليومين الماضيين، من أن الرئيس السيسي أكد وهو يستقبل السيد مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي على متانة العلاقات اللمصرية الكويتية، وأن ارتباط أمن الخليج بالأمن القومي المصري من المسلمات في السياسة المصرية.

طبعا لسنا ضد فحوى مقاصدها الوطنية منذ نشأتها في عهد الزعيم عبد الناصر وإلى يومنا هذا. ولسنا ضد أن يقال ذلك أمام الكويت التي نشهد لها سعيها الإيجابي لرأب الصدع بين الأشقاء العرب. لكننا نتساءل عن حجم ومساحة الأمن القومي المصري اليوم في قاموس الرئيس السيسي!. وليعذرنا الرئيس المصري إذا قلنا بأننا لم نعد مقتنعين بعبارة الأمن القومي المصري، وبأنها بالنسبة للمواطن العربي وحتى المصري مجرد كلمات فضفاضة فاقدة لمعانيها الوطنية. ولكي لا نتهم بتزييف الواقع نتساءل:

هل جزيرتي تيران وصنافير اللتان (وبأمر من قِبلكم) أصبحتا تحت السيادة السعودية، هما خارج نطاق الأمن القومي المصري؟!.

وهل حصار غزة له علاقة بالأمن القومي المصري، لذلك نرى حرصكم الشديد على متابعة ذلك!.

وهل إتفاقية كامب ديفيد هي الأخرى ضمن مبادئ الأمن القومي المصري، لذلك لا يجوز المساس بها!.

وهل إرسال الجيش المصري للقتال في اليمن إرضاءً للسعودية هو واجب فرضته فلسفة الأمن القومي المصري، أو كما فعل سلفكم حسني مبارك حين تحالف بجيشه مع عاصفة الصحراء الأميركية ضد العراق!.

وهل سياسة النأي بالنفس بالنسبة للحرب التي تقام على سورية هو إجراء يصب في خانة حماية الأمن القومي المصري؟!.

من المؤسف أن نرى أن هذه العبارة الكبيرة في معانيها الوطنية، تصبح سلعة سياسية مطاطية قابلة للمساومة على طاولة المستثمرين!.

في الماضي القريب كلنا يذكر، كيف احتفل العسكر المصري بمشاركتهم في الحرب العالمية الأولى التي كانوا فيها في خدمة الإنجليز، فقاتلوا العثمانيين في القناة والسودانيين في دارفور والليبيين في الصحراء الغربية، وكان المتحدث العسكري المصري فخورًا بأن بعض المصريين نال وسام الملكة فيكتوريا، وقال، كان هذا دفاعا عن “الحضارة الإنسانية”. وهنا نحن نشهد مرة أخرى إعادة رسم الأدوار، وبدل “إنكلترا” أصبحت “أميركا” وبدل “الحضارة الإنسانية” كان “الأمن القومي المصري”!.

ويبقى في الختام القول:

إنها مسيرة من التيه العربي بدأها الرئيس المصري أنور السادات عندما وافق بطيبة خاطر على تحييد دور مصر القيادي في العالمين العربي والإسلامي من خلال إتفاقية كامب ديفيد، لتكون المدخل الأساس من أجل تفتيت العالم العربي تمهيداً لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد بما يتوافق والأطماع الإسرائيليية الغربية!.

ولنا لقاء..

أبورياض